الصحف البريطانية: صدام حسين ونهاية محتومة لحليف سابق للغرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بي بي سي
لم يكن من المستغرب أن تفرد الصحف البريطانية - أو نشراتها الأسبوعية - الصادرة يوم الأحد عددا كبيرا من صفحاتها وتعليقاتها على إعدام الرئيس العراقي السابق، صدام حُسين.
بعد الصحف خصصت ملفات عن حياة الزعيم العربي الراحل، ركزت في معظمها على مساره السياسي والنضالي منذ أن كان راعي غنم، حتى حبل المشنقة، مرورا بكرسي السلطة، و ما قاده أو تسبب فيه من حروب، وعمليات عسكرية ضد أكراد العراق، وشيعته؛ ومن وحملات تنكيل بمعارضيه.
" ذهب بأسراره إلى القبر"
كانت الإندبندنت أون صنداي ، إلى جانب الأوبزيرفر والصانداي تايمز، الصحيفة التي خصت الحدث بتعليقات ضافية.
ففي تقرير امتد على صفحتين من صفحات الإندبندنت أون صنداي، تحت عنوان:" ذهب بأسراره إلى القبر: تواطؤنا مات بموته"، كتب روبيرت فيسك يقول:" لقد أخرسناه. فبمجرد أن أنزل الجلادون الملثمون كمين المشنقة صباح أمس، كانت أسرار واشنطن في مأمن."
ويضيف فيسك قائلا إن الدعم " الشائن و المخزي والمتستر" الذي قدمته الولايات المتحدة وبريطانيا خلال عشر سنوات قصة فظيعة لا يريد قادتنا أن يتذكرها.
ويمضي فيسك معددا أوجه التعاون العراقي الأمريكي على عهد صدام حسين، ابتداء من "الدعم الشخصي الذي تلقاه من وكالة الاستخبارات المركزية سي آي إيه، للقاضاء على الحزب الشيوعي العراقي" وانتهاء بالمؤازرة التي حظي بها خلال الحرب العراقية الإيرانية.
ويشير فيسك في هذا الصدد، إلى اللقاءات التي جمعت الرئيس العراقي الراحل مع كبار المسؤولين الأمريكيين عشية اندلاع هذه الحرب.
كما يذكر ما توصل إليه من معلومات عن صور لمواقع إيرانية التقطت بالأقمار الاصطناعية، سلمها البنتاغون للعراقيين' بداية حرب الخليج الأولى.
ويلمح الكاتب كذلك إلى الأسلحة الكيماوية التي استخدمها الجيش العراقي ضد الجنود الإيرانيين قبل ست وعشرين سنة.
و يختم فيسك مقاله بالقول:" تنفس العديد في واشنطن ولندن الصعداء ارتياحا بعد أن أُخرس الرجل الشيخ إلى الأبد."
"عدالة المنتصر"
وتتساءل جون سميث في الإندبندنت أيضا عن مدى تقيد هذا الحكم بالمعايير الأخلاقية، فترد في عنوان مقالها التعليقي:" إنه مجرد جريمة قتل مباركة رسميا".
و تستنكر الكاتبة " السلوك الجبان للحكومة البريطاني" في إشارة إلى صمت رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، وإلى التعليقات "المتخاذلة" لحكومة لندن التي تناهض حكم الإعدام.
وتقول إنها صفعة أخلاقيةنظرا لأن السيد توني بلير خاض حرب العراق على أسس أخلاقية، ولإحلال نظام في العراق أفضل من النظام البعثي.
ويرد جون رنتول زميل الكاتبة في نفس الصحيفة معارضا: " هناك مبدأ أعلى هو احترام إرادة الشعب العراقي الذي صوت على دستور وضع أسس النظام القضائي العراقي."
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن بلير محق في رفضه الاعتذار على المساهمة في الإطاحة بـ"الديكتاتور"، ما دام " يعتبر العراقيون أن الاحتلال وما تلاه أمر مقبول ما دام أدى إلى التخلص من صدام."
وتعلق نفس الصحيفة على حدث إعدام صدام حسين، فتعتبر أن محاكمته من قبل هيئة قضائية عراقية كان خطأ؛ وأن :" التعجيل بإعدامه يبث الشك في أن الهدف من وراء ذلك هو تطبيق القانون."
وتُختتم الافتتاحية بتساؤل عن جدوى المحاكمة وتنفيذ حكم الإعدام على المتهم، لتأكيد قوة القانون الدولي. ففي رأي الصحيفة لم تفلح هذه العملية سوى في تكريس نظرة السنة العراقيين، والعالم العربي إلى أن الأمر برمته هو "حكم الغالب"
" فرصة للتغيير"
و تعلق صحيفة الأوبزيرفر على جدوى تنفيذ حكم الإعدام في الرئيس العراقي المخلوع فتقول إن ذلك لن يغير من الوضع الأمني المتدهور شيئا.
" فالمسلحون لا يقاتلون إحياء لذكرى الديكتاتور الراحل، بل سعيا لضمان مستقبلهم."
وتعتبر الصحيفة أن اعتقاد الإدارة الأمريكية أن إعدام صدام خطوة نحو الديموقراطية خطأ، اللهم إذا قرر البيت الأبيض تغيير خطته من أجل العراق.
وتنصح الصحيفة الولايات المتحدة بالدخول في مفاوضات مع النظامين السوري والإيراني على الرغم من أن ذلك سيكون قرار صعبا ومزعجا.
" فسوريا هي القاعدة الخلفية للحركات المسلحة -حسب الصحيفة- و إيران صارت المستفيد الأكبر من غزو العراق." في نفس الصحيفة، يعبر جايسون بورك، عن "ارتياحه لإعدام صدام، من أجل كل الذين قتلهم."
لكن سعيد أبو الريش يرى:" أن تنفيذ حكم الإعدام كان قرار يفتقر إلى الحكمة، وأن العراق هو الذي سيؤدي الثمن."
" بسرعة "
خصصت الصنداي تايمز، كما نظيراتها صفحتها الأولى للحدث، وخصصت تقرير الصدر لآخر لحظات الرئيس العراقي المخلوع.
ويروي جون سيمبسون، الذي يشتغل محررا للشؤون العراقية منذ 25 سنة، شهادته عن صدام حسين فيقول إنه " واجه الموت بجلد وهدوء. لقد كانت نهاية ميلودرامية لحياة من التحدي والمواجهة؛ أداء أخير لكي يصبغ على نفسه طابع الشهادة."
وترى الصحيفة في افتتاحيتها تحت عنوان" الجريمة والعقاب": أن الجدال حول مدى صواب إعدام الرئيس العراقي السابق "جدال في غير محله، لأن موته حادث على هامش العنف و الفوضى في عراق اليوم، وهما منتجين من منتجات نظامه الدموي."
و وفي ختام الافتتاحية تقول الصحيفة: لقد أراد صدام أن يكون جمال عبد الناصر آخر... لكن نتيجة سياساته كانت استقدام قوات غربية إلى العربية السعودية، و تحول العراق إلى ساحة للصراع بين إيران والولايات المتحدة. هذه النتيجة هي حكم في أقصى درجات الإدانة لصدام."