جريدة الجرائد

هل يُصلِح الديمقراطيون فساد الكونغرس؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


سكون إم فولكنر - لوس انجليس تايمز




لقد عُدّ الفساد عاملاً رئيسياً في الخسائر الانتخابية التي مني بها "الحزب الجمهوري" في الانتخابات الأميركية خلال نوفمبر المنصرم. واليوم ها هم "الديمقراطيون" يستعدون لتولي مسؤوليتهم الجديدة داخل مجلس النواب للمرة الأولى منذ عام 1994، ويتوقع منهم أن يحسنوا الأداء في تبني أجندة عمل إصلاحية جديدة، من شأنها إبعاد أغلبيتهم البرلمانية عن التورط في المشكلات الأخلاقية، وتجنيبهم مأزق المحاكمات والسجون في ذات الوقت.

أما إذ جاء أداء الأغلبية "الديمقراطية" الجديدة على قدر من التشابه مع أداء الأغلبية "الجمهورية" السابقة، فسيجد "الديمقراطيون" أنفسهم في مأزق سياسي كبير، سرعان ما يتجاوزهم ليطال البلاد بأسرها. يذكر بهذه المناسبة أن إدارة "الديمقراطيين" للكونجرس، كانت فيما مضى على درجة كبيرة من الكساح والعجز، وقد تورط عدد منهم في فضائح أخلاقية، أكدتها معلومات المصرف والمكتب البريدي التابعين للكونغرس وقتئذ. وفي عام 1994 كانت عمليات المجلس معنية في المقام الأول بتوفير الأموال اللازمة لدعم الأعضاء. وبالنتيجة فقد تم تعويم كثير من الأموال في حسابات كبيرة يتم تدويرها وتشغيلها، بما فيها الأموال الخاصة بخدمات الطباعة والبريد واستيديو التصوير الفوتوغرافي. وعليه فلم يعد من سبيل لمعرفة وتعقب الإنفاق المالي للمجلس حينها. أما الأرقام الرسمية المعلنة لذلك الإنفاق، فلم تكن أكثر من كونها مجرد ظل للأموال الحقيقية التي كانت تنفق على حساب دافع الضريبة الأميركي!

وفي الوقت نفسه، كانت كل الخدمات الشخصية المقدمة للأعضاء؛ مثل صالونات التجميل والحلاقة وتلميع الأحذية ومحلات الهدايا وغيرها، تشهد خسائر متوالية ومتصاعدة في دخولها. وكان في وسع الأعضاء شراء الأثاث المكتبي تلبية لاحتياجاتهم الشخصية المنزلية، مقابل أسعار رمزية زهيدة للغاية؛ مثل أن يدفع الواحد منهم مبلغ دولار واحد وجزءاً من الدولار لشراء كرسي جلدي، أو المبلغ ذاته لشراء طاولة مكتب مصنوعة من خشب "المهوجني" الأصلي. وفي المقابل، فقد فتح المديرون غير المؤهلين لتلك المحال الباب واسعاً على مصراعيه أمام فساد الأعضاء ومحسوبيتهم ومحاباتهم للأهل والأقارب، والتي شملت حتى المحبوبات والعشيقات! بل من فرط فوضى الفساد الضاربة في كل مكان، فقد كان متعذراً حتى توثيق ذلك الإنفاق المفتوح، وفقاً لقواعد المحاسبة المالية ودفاترها المعروفة. والسبب هو أنه يتم تقييد الإنفاق بخط اليد، بينما كان يتعمد ارتكاب الأخطاء في التقييد والتسجيل. أما التفاوض حول الأسعار في المناطق المختلفة، فكان يتم عبر الهاتف فحسب، أو اعتماداً على الحد الأدنى من التدوين والتسجيل المكتوبين. وبالنتيجة فقد كانت الملاحظة التي توصلت إليها أول مراجعة قانونية لحسابات المجلس في عام 1995، هي أنه بالكاد تتوفر معلومات مالية يعول عليها لإجراء المراجعة القانونية لتلك الحسابات.

بيد أن جهداً إصلاحياً ثنائياً حزبياً، بذل في الكونجرس رقم 104 الممتدة دورته بين الأعوام 1995- 1997، تمكن من تصحيح بعض من أسوأ الممارسات والتجاوزات المالية السائدة حتى قبل ذلك التاريخ. وتضمن ذلك الجهد، تعيين عميل استخباراتي سابق بمكتب عمليات المجلس، إلى جانب تعييني شخصياً كمسؤول إداري أول، وأوكلت لي مهمة الإشراف على ما يطرأ من تغييرات إدارية تنفيذية في عمل المجلس. وقد أفضى كل ذلك إلى فتح باب التوظيف لمختلف المواقع الإدارية في المجلس، على أساس الكفاءة والتنافس الحُر بين المتقدمين، بينما حلت قيم النزاهة والتنافس في كافة العمليات المتصلة بالمشتريات، محل المحسوبية والمحاباة السائدة قبل جهود الإصلاح.

وقد آتت تلك الجهود ثمارها بأسرع مما توقع الكثيرون، إذ حصل المجلس لأول مرة في السنوات المذكورة، على مراجعة مالية ومحاسبية "نظيفة" من قبل مؤسسة "برايس ووتر هاوس"، واستطاع أن يحقق موازنة بلغت مدخراتها 148 مليون دولار. وفي الوقت ذاته جرى استثمار ما قيمته 39 مليون دولار إضافية في إنشاء شبكة حاسوبية، قصد بها إدخال المجلس إلى عالم تكنولوجيا القرن وعصر المعلومات. وإلى كل ذلك فقد تم بيع الأثاثات الزائدة عن حاجة المجلس عبر مزاد علني، وجرى إغلاق ذلك المستودع المريب الذي كانت تخزن فيه، ما أدى إلى إبدال خسارة الخدمات والعمليات المسخرة للأعضاء، إلى أرباح ومدخرات.

غير أن حقبة جديدة مر بها المجلس في ظل الأغلبية الجمهورية، شهدت تراجعاً ملحوظاً عن مسار الإصلاحات تلك، مع العلم أن قوامها هو سيادة الشفافية في كافة المعاملات المالية الخاصة بالمجلس.

ولذلك فما أن يتولى النواب "الديمقراطيون" تصريف مسؤولياتهم الجديدة فيه، حتى يتعين عليهم أن يحملوا شعلة الإصلاح مجدداً. وابتداءً فإن عليهم أن ينشروا المعاملات المالية للمجلس عبر شبكة الإنترنت، وتوفير خدمة البحث الكامل فيها لعامة الجمهور والمستخدمين. يذكر بهذه المناسبة أن مكتبي كان قد خطا نحو إنشاء شبكة أولية للأغلبية "الجمهورية" في عام 1996، إلا أن "الجمهوريين" هم من أحالها إلى سلة المهملات الإلكترونية والإجرائية. وكان القصد من وراء إنشاء تلك الشبكة، هو تطوير نموذج قياسي للمعلومات والإيضاحات المالية، بحيث يستطيع الجميع الدخول إليهما وتصفحهما كيفما ووقتما شاء. ولا يزال هذا الواجب في انتظار القيادة "الديمقراطية" الجديدة للمجلس.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف