محللون برسم الفضائيات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الخميس:09. 02. 2006
ناصر الظاهري
آلو.. هنا قناة سرى الليل يا قمرنا الفضائية، إستاذ زكي رستم، هل يمكن أن تحلل لنا الوضع الجاري في العراق؟ ألو.. عبد الفتاح القصري، ما هو رأيك بما يجري في الفلوجة الآن؟ ألو.. نورمندي تو، هل تستطيع أن تصف لنا الحالة النفسية التي يمر بها الشعب العراقي الشقيق؟ خاصة وهو يرى في سمائه كل ليلة الألعاب النارية، الإستاذ رامبو أبو الشوارب، كيف ترى من زاويتك الأزمة الناشبة بين الأطراف المتصارعة في العراق والحكومة من جهة وبين التحالف الأمريكي البريطاني من جهة أخرى؟ وإلى أي مدى ستؤثر مستقبلاً على العلاقات بين زائير وبين الدول المطلة على البحر الأدرياتيكي؟ الإستاذ أبو حمامة هل بمقدورك أن تبشرنا عن موعد للسلام في المنطقة والعالم أجمع؟
محللون، محللون هم إفرازات للحرب الإعلامية الفضائية والتي تنقل الحدث مباشرة، وبصورة مستمرة، لقد تكاثروا، وتناسلوا، وتناسخوا حتى لا نعرف أن نفرق بين أحدهم والآخر، يبدو على وجوههم التعب والسهر وعلى محياهم أثر الجلوس الطويل على الكراسي، ووهج الإضاءة، والفرح بما وعدوهم به من أوراق خضراء وملونة.
محلل سياسي، محلل إستراتيجي، محلل جيو- بولتيك محلل إقتصادي، محلل عسكري، محلل إعلامي، محلل شرعي، محلل على القياس ووفق التفصيل، محلل دائم جاهز، محلل ثوبه في شنطته، محلل تخصص قنوات فضائية فقط، والدفع بالدولار أو باليورو فقط، محلل أرضي بالعملة المحلية الكحيانة، وقابلة للتقسيط، محلل أبو شنطة للبرامج المعادة والقنوات المضروبة، يقبل الشيكات ولو لم تكن مصدقة، سيتصرف هو لوحده، فهو يعرف كيف يأخذ حقه، والقناة غير مسؤولة عن ذلك، المحلل أبو داس والذي كثيراً ما تخطئ القنوات التي تستضيفه، وتطلق عليه أبو رأس، الأمر الذي يضطره قبل كل مقابلة أن يوضح للمشاهدين الكرام وللنظار الأفاضل، عن الفرق بين أبو داس وأبو رأس، المحلل أبو طرفشانه الذي يحل ويطير بين القنوات مثل الفراشة.
محللون.. نحس أنهم أحياناً في غير محلهم، ولا مع تحليلاتهم، وأن الظروف جعلتهم في طريقنا، ومقررين على يومنا، هم أشبه بالرياضي الذي كان يتقن لعب كرة القدم، ويجيد التسديدات بالقدم اليسرى، لكنه في الإستديو الرياضي الذي يحل عليه اليوم ضيفاً غير مرغوب فيه بعد اعتزاله الطويل، لا يجيد استعمال رأسه بطريقة صحيحة، فتصبح تحليلاته عبئاً على مجرى المباراة، وعبئاً على المشاهدين الذين لا يريدون كلاماً كثيراً وطويلاً، حتى المراسلين أصبحوا محللين، فعرفنا المراسل المحلل أبو خوذة وأبو كمامة وأبو قناع وأبو شيطميط هؤلاء لا يتوانون عن استعمال المصطلحات نفسها، معظمهم يتبنون وجهة نظر المحطة التي تستضيفهم، وفي الغالب هم مؤيدون للفكرة، لا ضدها، لكن أحدهم إن غيّر المحطة، وغيّر المكان، ورأى الريح أين ستهبّ، هبّ من مكانه، وتنكر لآرائه السابقة، واستحضر في تلك الساعة المصطلحات الزلقة والملساء والتي لا تستطيع أن تمسكه بها أو تدينه عليها، وقد تستغربون أن أحد الأصدقاء ممن باعدت السنوات الأخيرة بيننا، فجأة ظهر على شاشة أحد التلفزيونات من بلد غربي، معرفاً عن نفسه أنه محلل عسكري، وخبير إستراتيجي في المنطقة، ولو أردتم أن أحلف يميناً غموساً أنه لا يخصه الأمر من قريب أو بعيد، لحلفت في هذه الأيام الغبراء، وأكاد أن أجزم أنه لم يعرف من التحليلات في حياته، إلا ما يخص المسالك البولية، وإنسداد المثانة.