هل تفكر في زراعة البطاطا؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الثلاثاء: 2006.02.14
د. خالد القحص
هناك رجل عربي كبير في السن يعيش في منطقة قريبة من مدينة نيويورك، حيث قضى فيها اربعين عاماً. وقرر هذا الرجل ان يزرع البطاطا في حديقة منزله لكي يسلي نفسه، ولكنه كان كبيراً في السن ولن يستطيع حرث الارض، كما انه يعيش وحيداً خاصة بعد ان غادر ابنه احمد الى الدراسة في فرنسا، ولذلك بعث برسالة الى ابنه الوحيد عبر البريد الالكتروني "الايميل" وقال له في الرسالة: ولدي الحبيب انا حزين جداً لانني لن استطيع أن ازرع البطاطا في حديقة منزلي، وانا على يقين انك لو كنت هنا معي لساعدتني في حرث تربة الحديقة، مع السلامة".
فاجابه ابنه احمد برسالة عبر الايميل يقول فيها: والدي العزيز، ارجو ان لا تحرث حديقة منزلنا لانها المكان الذي دفنت فيه ذلك "الشيء"، مع السلامة".
في الساعة الرابعة مساء من نفس اليوم جاء عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالية الامريكية والشرطة المحلية، وحرثوا حديقة منزل ذلك العربي العجوز شبراً شبراً وجعلوا عاليها سافلها، ولكنهم اصيبوا بخيبة امل كبيرة لانهم لم يجدوا ذلك "الشيء"!
في اليوم التالي، بعث الابن احمد برسالة الى والده العجوز يقول فيها: والدي العزيز اتمنى ان تكون تربة حديقة منزلنا قد تم حرثها جيداً، واصبحت جاهزة لك لكي تزرع فيها البطاطا، واعتذر لك لأن هذا اقصى ما استطيع فعله لك من مكاني هنا وانا في باريس.
هذه القصة وردتني عبر الايميل من احد الاصدقاء وهي بالطبع تتهكم على برنامج الرئيس الامريكي للتنصت الذي يواجه بردة فعل عنيفة من قبل الكونغرس والاعلام في الولايات المتحدة.
ولقد قامت وزارة العدل الامريكية برفع وثيقة من 42 صفحة الى الكونغرس دعمت فيها التبريرات القانونية لبرنامج الرئيس جورج بوش المثير للجدل للتنصت على مواطنين امريكيين دون اذن قضائي.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد ذكرت قبل شهرين ان برنامج التنصت على الاتصالات الداخلية الذي امر به بوش عام 2002 طال آلاف المواطنين الامريكيين ما اثار غضباً حتى في صفوف الغالبية الجمهورية في الكونغرس، وقد تعهد رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الامريكي السيناتور ارلين سبكتر، بإجراء تحقيق شامل في برنامج التنصت السري لبوش، وقال في مقابلة مع برنامج "هذا الاسبوع" في محطة (ABC) الامريكية ان مجلس الشيوخ لن يعطي الرئيس بوش "صكاً على بياض" في هذه المسألة.
وهذا بالضبط ما حذر منه المراقبون من أن ادارة بوش تستغل قضية الحرب على الارهاب بطريقة مبالغ فيها الى درجة انها بدأت تخالف الكثير من القواعد الدستورية في الولايات المتحدة بحجة مراقبة الارهابيين. وبدأ الامريكيون يدركون ويذوقون ما تعاني منه الكثير من دول الشرق الاوسط من التضييق الامريكي في كل المجالات في سبيل وهم القضاء على الارهاب.
اصبحت هذه الخطوات تمس حياة الامريكيين العاديين الذين اصبحوا لا يشعرون بالامان وهم يتحدثون عبر الهاتف او من خلال الايميل، وبدأوا يشعرون كأن هناك شخصاً ما يراقبهم ويحصي أنفاسهم.
ان ادارة الرئيس بوش قد ساهمت بشكل مباشر ورئيس في تغذية الارهاب الدولي عبر ممارساتها غير المدروسة وغير المنضبطة في العراق وافغانستان وفي الدول العربية وغوانتنامو وفي السجون الاوروبية السرية! لسنا كلنا نحب زراعة البطاطا، وبالتالي ليست هناك الكثير من الايجابيات او الفوائد في برنامج التنصت الامريكي على الشعب الامريكي وبخاصة ذوو الجذور الاسلامية والعربية. وعالبساطة البساطة، ارسل ايميلا وازرع بطاطا!