معركة اقصاء الرئيس لحود والسيناريوهات المحتملة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
رجا طلب
بعد الحشد الهائل الذي نجحت قوى الرابع عشر من آذار من تجميعه في ساحة الشهداء في يوم الوفاء لرفيق الحريري ( أكثر من مليون إنسان ) ... وجدت هذه القوى نفسها بأنها باتت قادرة على مواصلة معركتها مع الرئيس أميل لحود باعتباره ووفقا لخطابها المعتاد بأنه يمثل البقية الباقية من نظام الوصاية السورية على لبنان وان معركة الاستقلال التي بدأت في الرابع عشر من آذار عام 2005 لا يمكن إنجازها إلا باقصائه، أي أن هذه القوى أرادت توظيف هذا الحشد الجماهيري الهائل توظيفا سياسيا في مواجهة قصر بعبدا، وبيان البريستول حول هذا الموضوع والذي جاء بعد ثلاثة أيام من مسيرة الوفاء للحريري حدد الرابع عشر من آذار القادم موعدا لاقصاء الرئيس لحود عبر الحشد الجماهيري أو عبر الوسائل الدستورية، وأعلن البيان الذي تلاه النائب السابق فارس سعيد أن قوى الرابع عشر من آذار ستقوم بجمع تواقيع نوابها لتحقيق ذلك.. ويفتح هذا الخيار والموعد القريب لهذا الاستحقاق وهو الرابع عشر من آذار باب الاحتمالات على مصراعيه وبخاصة بعد تأكيد الرئيس لحود نيته الاستمرار في ولايته الممدد لها حتى نوفمبر من عام 2007، كما أن خيار الإطاحة بالرئيس لحود يواجه العقبات التالية :
أولا : موقف بكركي الذي مازال يتحفظ على إسقاط موقع الرئاسة من خلال الشارع وان كان لابد من ذلك فعبر الأساليب الدستورية كما صرح البطريرك صفير وبعد تحديد من هو الرئيس القادم.
ثانيا : الموقف داخل مجلس النواب، فقوى الرابع عشر من آذار لديها 77 نائبا بينما تحتاج إلى أغلبية الثلثين أي 86 نائبا وهو ما يعني من الناحية العملية حاجة هذه القوى إلى أصوات نواب التيار الوطني الحر (21 نائبا)، أو نواب أمل وحزب الله (30 نائبا)، وهو أمر يتطلب حالة ما من التوافق السياسي بين أطراف متباعدة جدا، غير أن مبادرة الرئيس برى للحوار بشان العناوين الثلاثة التي طرحها وهي جريمة اغتيال الحريري وتفاعلاتها والقرار 1559 وتفاعلاته والعلاقات اللبنانية السورية لربما تكون قادرة على تجسير الهوة بين قوى الرابع من آذار من جهة والتيار العوني وأمل وحزب الله من جهة ثانية.
إن الحل الممكن في ضوء الحقائق السابقة هو التوصل إلى تفاهمات وتسويات وصفقات بين القوى الثلاث المهيمنة على اللعبة السياسية اللبنانية، وأول الصفقات المحتملة هي بين تيار عون وقوى الرابع عشر من آذار من خلال تصويت نواب عون مع نواب الأغلبية لإقصاء الرئيس لحود مقابل المجئ بالجنرال عون رئيسا جديدا للجمهورية.
أما الصفقة الثانية المحتملة فهي قد تكون اشمل وتنتج عن دعوة الحوار التي وجهها الرئيس بري للقوى الرئيسية المشار إليها، وقد تعالج هذه الصفقة القضيتين الكبيرتين والعالقتين منذ صدور القرار 1559 عام 2004، وهما سلاح حزب الله وملف رئيس الجمهورية ومدى شرعيته بعد الضغط السورى على مجلس النواب اللبناني السابق للتمديد له وتهديد اغلبهم مثلما أعلن خدام والحريري قبل استشهادة وما ورد في تقرير ميليس الأول، والصفقة هنا قد تكون إعادة "شرعنة" قوى الرابع عشر من آذار لسلاح حزب الله والدفاع عنه دوليا وبخاصة لدى واشنطن وباريس مقابل موافقة حزب الله وأمل وعون معا على نزع الشرعية عن الرئيس أميل لحود من خلال التصويت على إلغاء البند المتعلق بالتمديد لرئيس الجمهورية.
إن سيناريو هاتين الصفقتين يواجه عدة معيقات أبرزها رغبة عون بإجراء انتخابات جديدة على قانون انتخابات غير القانون الذي جرت على أساسه الانتخابات السابقة في أيار من عام 2005 والمسمى قانون غازي كنعان لعام 2000، فالعماد عون يعتقد انه قادر بقانون غير القانون الحالي من حشد أغلبية مسيحية مطلقة تعيد الاعتبار لموقع رئيس الجمهورية وتجعله يستعيد جزء من صلاحياته التي "اختطفها" الطائف لصالح رئيس الوزراء السني ورئيس مجلس النواب الشيعي ومبدأ ترويكا الرئاسات الثلاث، وهو طموح قد يثير حفيظة السنة والشيعة معا في هذا الإطار، أما العقبة الثانية أمام سيناريو الصفقتين المشار اليهما هو العامل السوري والتأثير الكبير على حزب الله وأمل لرفض التحالف مع اى قوى ضد الرئيس لحود وهو أمر يشكل اختبارا حقيقيا لحسن نصر الله ولنبيه برى وللتعرف على مدى مساحة الاستقلالية التي يتمتع بها الحزبان في التعاطي مع دمشق وبخاصة في ملف مفصلي كملف رئيس الجمهورية.
... إن اللعبة السياسية اللبنانية متحركة وتحمل دائما المفاجآت، فمن كان يتوقع قبل عام أن يرى عون في اجتماع حميمي مع حسن نصر الله ؟؟ ومن كان يتوقع قبل عام ان يكون الدكتور سمير جعجع في تحالف قوى مع جنبلاط وتيار المستقبل الممثل الناصع للسنة في لبنان؟؟
... فالسياسيون اللبنانيون قادرون على عقد الصفقات و ( تدوير الزوايا ) والتغلب عليها، ولكن سيناريو الفشل هذه المرة يعني أن الأغلبية السياسية في لبنان ماضية نحو معركتها ضد بعبدا والى حد ما ضد سلاح حزب الله وبخاصة جعجع وجنبلاط، وضد جزء من المعسكر المسيحي (التيار العوني) وهو ما يعني أن لبنان مقبل على سيناريوهات قاتمة سيكون المستفيد الأول منها هو القاتل المحترف الذي بدا لعبة القتل والاغتيال والذي ستغريه بكل تأكيد أجواء الاحتراب السياسي هذه على مواصلة جرائمه ضد لبنان واللبنانيين.