جريدة الجرائد

لماذا أصبح الأوسكار أهم مهرجان سينمائي في العالم؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
السبت: 2006.03.04

يحيى عبد المبدي محمد
في تمام الساعة الخامسة بتوقيت بيفرلي هيلز (ولاية كاليفورنيا) الثامنة بتوقيت العاصمة واشنطن من مساء يوم الأحد 5 مارس 2006 تتجه أنظار الملايين حول العالم إلى عاصمة الفن السابع العالمية هوليود لمتابعة أهم حدث سينمائي في العام، وهو حفل توزيع جوائز أوسكار الـ 78 التي تمنحها أكاديمية لفنون والعلوم السينمائية. كان ولا يزال الحفل الذي عقد للمرة الأولى في قاعة صغيرة في فندق روزفلت بهوليود عام 1929 أهم مناسبة لتجمع أكبر عدد من أشهر وألمع نجوم السينما العالمية ، وأهم مناسبة لاستعراض أحدث خطوط الموضة والحلي والمجوهرات والنيو لوك. تستعد المدينة منذ الصباح الباكر ليوم الأحد بإغلاق الشرطة للطرق المؤدية إلى مقر الحفل وتنظيم استقبال النجوم. وتبسط سجادة استقبال الضيوف الطويلة الحمراء في تمام الساعة الرابعة، وفي تلك الأثناء يستعد كبار مراسلي ومذيعي محطات وشبكات التلفاز والإذاعة والصحافة الأمريكية والعالمية في اتخاذ أماكنهم في الخارج لإجراء المقابلات مع النجوم قبل بدء الحفل. ويسمح للجماهير العادية بالتواجد خلف حواجز لا تعيق قدرة الجماهير على رؤية النجوم عن قرب ومصافحتهم وتوقيعهم لأتوغرافات المعجبين. ورغم وجود مهرجانات سينمائية عالمية ذات جودة وسمعة عالية مثل مهرجان كان الفرنسي ومهرجان برلين الألماني، إلا أن الأوسكار يظل هو الحدث الأهم في تاريخ السينما لاعتبارات تاريخية وفنية واقتصادية وسياسية.طعم مختلف لمسابقة هذا العام
تتميز مسابقة هذا العام بظواهر تجعل هذه الدورة علامة مميزة في تاريخ الاوسكار، ففضلا عن قيام جون ستيوارت أكثر مقدمي البرامج الكوميدية والساخرة في نجاحا في الولايات المتحدة بتقديم فقرات الحفل وما سيضفيه ذالك من متعة على أجواء الحفل، فإن مسابقة هذا العام تتميز بوجود كم كبير من الأفلام المرشحة أثارت جدلا واسعا حينما عرضت في دور السينما سواء كان لمضمونها السياسي أو الاجتماعي:

قضايا العرب حاضرة ... بقوة
من أهمم مميزات مسابقة الأوسكار لهذا العام وجود العديد من الأفلام ذات المضمون السياسي الذي يرتبط بشكل أو بأخر بقضايا العرب والمسلمين مثل فيلم سريانا Syiana الذي يعالج قضايا النفط والإرهاب في الشرق الأوسط. وفيلم ميونيخ Munich للمخرج الشهير ستيفن سبيلبيرغ والمرشح لخمس جوائز أوسكار والذي يعيد قراءة لأحداث اختطاف مجموعة من الفريق الإسرائيلي المشارك في دورة ميونيخ الأولمبية عام 1972 على يد مجموعة فلسطينية مسلحة.
أما الفيلم الفلسطيني الجنة الآن Paradise now للمخرج هاني أبو أسعد فهو مرشح بقوة للفوز بجائزة أحسن فيلم أجنبي، خاصة بعد فوزه مؤخرا بجائزة في مهرجان غولدن غلوب الأمريكي.
مضمون الفيلم أثار جدلا وانتقادا واسعين من قبل فلسطينيين وإسرائيليين على السواء، لكنه في ذات الوقت يجد ترحيبا لدى الكثيرين خاصة في الغرب بوصفه رسالة سلام تعيد تعريف مفاهيم ارتبطت لفترة طويلة بالعنف والقتل مثل النضال ومقاومة الاحتلال. الفيلم يروي قصة شابين هما خالد وسعيد يعملان في ورشة لإصلاح السيارات في الضفة الغربية. وفي ظل ما يعيشانه من ظروف اقتصادية وأمنية والمعيشية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون تحت الاحتلال، يتم التأثير عليهما للقيام بتنفيذ عملية انتحارية في إسرائيل، وفي الوقت الذي يستعد فيه أحد الرفيقين تنفيذ العملية يلتقي بالفتاة التي يحبها والتي تقنعه بعد جدل مضني تغير رأيه وعدم تنفيذ العملية ليزداد إيقاع الفيلم سرعة في محاولة هذا الشاب اللحاق برفيقه الآخر لإقناعه بعد تنفيذ العملية لكنه يصل إلى مكانه بعد فوات الأوان.جبل بروكباك يصدم كثيرا من الأمريكيين
فيلم جبل بروكباك Brokeback Mountain أكثر الأفلام المرشحة للحصول على أكبر عدد من الجوائز (8 ترشيحات) بما فيها أفضل فيلم ، كان من أكثر الأفلام إثارة للجدل هذا العام لدرجة أن أحدى دور العرض في وسط غرب الولايات المتحدة المحافظ ألغت عرض الفيلم. الجدل حول الفيلم لم يكمن في تناوله لقصة حب بين رجلين وإنما في كونهما ينتميان إلى شريحة اجتماعية وتاريخية وهي مجتمع رعاة البقر التي ينظر إليها كثير من الأمريكيين على أنها مصدر فخر واعتزاز ورمزا للثقافة التقليدية المحافظة. ويرى هؤلاء أن هذا الصورة الثقافية المحفورة في أذهان الأمريكيين عن مجتمع وتقاليد رعاة البقر يتم تشويهها من جانب مضمون الفيلم. وعلى الجانب الآخر يبدي كثيرون ممن شاهدوا الفيلم إعجابا كبيرا بالمعالجة الإنسانية التي تناول بها الفيلم قصة هذا الحب. تدور أحداث الفيلم في الستينات من القرن الماضي حول قصة شابين من رعاة البقر تربطهما علاقة صداقة قوية تتحول بمرور الوقت إلى علاقة حب عاطفية وجنسية أثناء قيامهما بالرعي في أحد جبال ولاية وايومنغ في الغرب الأمريكي.
بدء الحفل
في تمام الساعة الخامسة من مساء الأحد يرفع ستار مسرح كوداك الشهير، الذي يتسع لـ3400شخص، عن الإعلامي الكوميدي اللامع جون ستيوارت مقدم حفل هذا العام إيذانا ببدء حفل الأوسكار رسميا، ثم تبدأ فقرات الحفل كما جرت العادة بعرض فيلما وثائقيا عن جانب من تاريخ المهرجان ونجومه، يلي هذه المقدمة فقرات الحفل الرئيسة باختيار الأعمال والنجوم الفائزين باستخدام الترتيب الأبجدي . ويشترك في توزيع جوائز حفل هذا العام نجوم حصلوا على جائزة الأوسكار من قبل مثل كلينيت استوود ونيكول كيدمان وساندرا بولوك وتوم هانكس ومورغان فريمان وجيمس فوكس وهيلاري سوانك. ويتخلل الحفل بعض الفقرات الفنية والاستعراضية مثل أداء أشهر المغنيين أو المغنيات للأغنية الفائزة بجائزة الأوسكار.

تاريخ المسابقة
تأسست الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم السينمائية كشركة لا تهدف إلى الربح في مايو من عام 1927 من 36 عضوا من صناع السينما بهدف تنمية وتقدم فنون وعلوم السينما. وفي مساء يوم الخميس 16 مايو من 1929 احتفلت الأكاديمية بتنظيم أو حفل عشاء لتوزيع جوائز الأكاديمية في أحدى قاعات فندق هوليود روزفلت وكان عدد ضيوف الحفل الأول 270 فردا بينما كانت قيمة تذكرة حضور الحفل تصل إلى خمسة دولارات.
لمدة 15 عاما استمرت نفس طقوس حفل توزيع الجوائز مقتصرا على حفل العشاء ومقاما في أحدى قاعات الفندق ولكن بعد عام 1942 ونظرا للزيادة المطردة في عدد الحضور ولظروف الحرب العالمية الثانية آنذاك، انتقل الحفل للانعقاد في مسارح كبرى مختلفة انتهت إلى مسرح كوداك منذ العام 2003 وحتى الآن.
ظلت ليلة الخميس هي الليلة الرئيسية لتنظيم حفل جوائز الأوسكار منذ عام 1929 وحتى عام 2000 عندما اتفقت الأكاديمية على اختيار ليلة الأحد كموعد ثابت لإقامة الحفل، كما استقر رأي اللجنة المنظمة على اختيار شهر مارس من كل عام بعد أن كان يقام خلال أشهر مختلفة.
ومن شروط وقواعد التقدم والتنافس في برنامج المسابقة أن تكون الأفلام المرشحة قد تم عرضها في صالات السينما في السنة السابقة من موعد حفل توزيع الجوائز من 1 يناير إلى 31 ديسمبر، وألا يكون قد عرض على شاشات التلفزيون. ويجب أن يكون طول الفيلم لا يقل عن 40 دقيقة لكي يتنافس على جائزة الأفلام الطويلة وإلا فسوف يصنف كفيلم قصير ويجب كذلك أن يكون حجم الفيلم الذي صور عليه العمل السينمائي أما 35 مليمتر أو 70 مليمتر.
وأهم الجوائز التي تمنحها مسابقة الأوسكار هي جائزة أفضل فيلم، وجائزة أفضل ممثل، وجائزة أفضل ممثلة، وجائزة أفضل ممثل مساعد، وجائزة أفضل ممثلة مساعدة، وجائزة أفضل فيلم للصور المتحركة، وجائزة أفضل فيلم وثائقي، وجائزة أفضل فيلم أجنبي، وجائزة أفضل تصميم للأزياء، وجائزة أفضل موسيقى تصويرية، وجائزة أفضل ماكياج.
كان الفيلم الصامت وينغز Wings هو أول فيلم يحصل على جائزة الأوسكار عام 1927. تشترك ثلاثة أفلام في الحصول على أكبر عدد من جوائز الأوسكار (11 جائزة) في تاريخ السينما، وهي الفيلم الديني التاريخي بن هر Ben-Hur (1959)، وفيلم تايتنك Titanic (1997)، وفيلم ملك الخواتم The Lord of the Rings: The Return of the King (2003).
يعتبر الممثل سبنسر تراسي Spencer Tracy أكثر ممثل رشح في تاريخ الأوسكار للحصول على جائزة أحسن ممثل (11 مرة ) وفاز بالجائزة مرتين عامي 1937 و1938. يليه لورانس أوليفر Laurence Olivier الذي رشح 9 مرات وفاز بالجائزة مر واحدة عام 1948. ثم جاك نيكلسون Nicholson Jack الذي رشح لجائزة أحسن ممثل 8 مرات وفاز بها 3 مرات أعوام 1973 و1975 و1997. ويعتبر الممثل سيدني بواتيه هو أول ممثل أسود يرشح لنيل جائزة أحسن ممثل (مرتان)، كما أنه أول من فاز بالجائزة عام 1963.
الممثلة كاثرين هوبرن Katharine Hepburn هي أكثر من رشحت لنيل جائزة الأوسكار(12مرة) وحصلت عليها أربع في الفترة ما بين عامي 1933 و1981، يليها كل من بيتي ديفيز وميريل ستريب.
أكثر مخرجي هوليود حصولا على جائزة أحسن مخرج هو جون فورد John Ford الذي رشح للجائزة 5 مرات وحصل عليها 4 مرات في الفترة ما بين عامي 1935 و1952، يليه وليام ويلر William Wyler الذي رشح 13 مرة وفاز بالجائزة 3 مرات ما بين 1936 و1965، ثم المخرج فرانك كبرا Frank Capra الذي رشح 6 مرات وفاز بالجائزة 3 مرات أعوام 1934 و1936
و1938.
تمثال الأوسكار
تمثال الأوسكار الشهير هو عبارة عن تمثال من معدني النحاس والقصدير ومطلي بالذهب لفارس يحمل سيفين. يزن التمثال 3.85 كغم 34 ويبلغ ارتفاعه34 سم، يقف على بكرة فيلم سينمائي تحتوي على خمسة أسهم تشير صناع الفيلم من مخرج وكاتب وممثل ومنتج وفني. صمم التمثال سدريك جيبونس مدير شركة أم جي أم للأعمال الفنية. تم تسمية تمثال المهرجان أكثر من مرة، ولكن في عام 1934 أطلق اسم أوسكار على التمثال وذلك عندما ذكرت مارغريت هاريك أحدى مديرات مكتبة الأفلام في الأكاديمية صدفة أن التمثال يشبه عمها أوسكار. ولكن إطلاق اسم أوسكار على التمثال لم يتم بصورة رسمية إلا عام 1939. وقد تغير شكل الأوسكار ومادته أكثر من مرة في التاريخ.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف