ماذا تريد أمريكا من القمة العربية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الأربعاء: 2006.03.08
صلاح الدين حافظ
لم يعد خافيا علي أحد أن الادارة الأمريكيةrlm;,rlm; تمارس علي الدول العربية ضغوطا هائلةrlm;,rlm; في اتجاهات مختلفةrlm;,rlm; ولأسباب متعددةrlm;,rlm; وإن ظهر الأمر في النهايةrlm;,rlm; علي أن هذه الضغوط لاتعبر عن مؤشرات قوة وشراسةrlm;,rlm; كتلك التي كانت قبل سنواتrlm;,rlm; وإنما في اعتقادي تعبر عن ظواهر تراجع وضعفrlm;!rlm;
لم يعد خافيا أيضا أن الدبلوماسية الأمريكيةrlm;,rlm; قد نشطت في الفترة الأخيرةrlm;,rlm; بتحركات عاجلة واتصالات متنوعةrlm;,rlm; استباقا لمناسبة عربية مهمةrlm;,rlm; هي عقد القمة العربية في الخرطوم بنهاية هذا الشهرrlm;,rlm; وهي مناسبة تريد واشنطن استغلالها وتوظيفها لخدمة مصالحها وللمساعدة في تنفيذ مشاريعهاrlm;.rlm;
لم يعد خافيا كذلك أن الولايات المتحدة الأمريكيةrlm;,rlm; القوة العظمي المنفردة بقيادة العالمrlm;,rlm; أصبحت اليوم في حاجة ماسةrlm;,rlm; لغطاء عربي ماrlm;,rlm; يغطي سياساتها المتدهورة وخيباتها المتتابعةrlm;,rlm; منذ أن غرست بأقدامها الثقيلة في غزو واحتلال العراق ابتداء من مارسrlm;2003,rlm; وربما كانت الجولة الأخيرة لكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكيةrlm;,rlm; في أكثر من دولة عربية مهمةrlm;,rlm; قد حملت بصراحة الرغبة في توفير هذا الغطاء العربي المهمrlm;,rlm; ومن ثم ألحت وضغطت وربما هددت بالويل والثبورrlm;,rlm; لأن المآزق الصعبة تتوالي علي الادارة الأمريكيةrlm;,rlm; بدرجة لم تعد تحتمل معها أي تساهلrlm;!!rlm;
وقبل أن ندخل في الضغوط والمطالبات من القمة العربية المنتظرة قربياrlm;,rlm; نقول إن الادارة الأمريكيةrlm;,rlm; برئاسة بوش الابنrlm;,rlm; قد عانت علي مدي العام الماضيrlm;,rlm; مصاعب استراتيجية تكاد تشبه الصدمات القاسيةrlm;,rlm; الأمر الذي زرع قنابل متفجرة في عربة السياسة الأمريكية بالشرق الأوسطrlm;,rlm; وهو أمر ممتد بالضرورة وبكل التداعيات الي العام الحاليrlm;,rlm; الذي لن يكون أفضل من سابقهrlm;..rlm;
نستطيع أن نرصد هنا خمس مفاجآت صادمةrlm;,rlm; أو صدمات مفاجئةrlm;,rlm; أصابت السياسة الأمريكية بارتباك شديد وهيrlm;:rlm;
rlm;(1)rlm; جاءت الصدمة الايرانية في المقدمةrlm;,rlm; إذ أن نجاح الرئيس أحمدي نجادrlm;,rlm; قد قلب المشهد الايراني بقوة في اتجاهين رئيسيينrlm;,rlm; أولهما استعادة طهران لهجة ومنهاج وصوت الثورة الايرانية الخومينية بكل عنفوان خطابها السياسيrlm;,rlm; بما في ذلك العودة الي فكرة تصدير الثورة إلي دول الجوارrlm;,rlm; وثانيهما تسخين الملف النووي الايرانيrlm;,rlm; منتقلا من مرحلة التفاوض الدولي بشأنهrlm;,rlm; في عهد الرئيس السابق والمعتدل محمد خاتميrlm;,rlm; إلي مرحلة المواجهة باقتحام خطوة تخصيب اليورانيوم تجاوزا للتفاوض والتهديد الدوليrlm;,rlm; وفي الحالتين أثارت ايران قلقا شديدا وصخبا عنيفاrlm;,rlm; ليس فقط في دول الجوارrlm;,rlm; ولكن لدي أمريكا وأوروباrlm;,rlm; علي غير ماكان متوقعا من قبلrlm;!rlm;
rlm;(2)rlm; كانت الصدمة أو المفاجأة الثانيةrlm;,rlm; هي بدء الصعود الملحوظ للتيارات الاسلاميةrlm;,rlm; نحو قمة السلطةrlm;,rlm; وجاء فوز حماس بأنظف انتخابات عربية علي حد الوصف الأمريكي نفسهrlm;,rlm; ليصدم السياسة الأمريكية والاسرائيلية بعنفrlm;,rlm; وليخلق أوضاعا سياسية جديدةrlm;,rlm; من ناحيةrlm;,rlm; وليدفع ويشجع تيارات اسلامية أخري في دول عربية عديدة لمحاولة تكرار التجربة الديموقراطية من ناحية ثانيةrlm;,rlm; مما أثار أشد القلق في كل مكانrlm;.rlm;
rlm;(3)rlm; ثم كانت الصدمة أو المفاجأة الثالثةrlm;,rlm; بانقلاب المشهد العراقي رأسا علي عقبrlm;,rlm; وصولا إلي ما يشبه الحرب الأهلية الطائفيةrlm;,rlm; ولم تفلح الانتخابات الديموقراطية في يناير الماضيrlm;,rlm; في توفير غطاء عراقيrlm;,rlm; لانسحاب أمريكي منظم في المرحلة الحالية علي الأقلrlm;,rlm; مما زاد المأزق الأمريكي تعقيداrlm;.rlm;
rlm;(4)rlm; أما الصدمة الرابعةrlm;,rlm; فتمثلت في تباطؤ عربي عام في الاصلاح الديموقراطيrlm;,rlm; برغم كل الضغوط الأمريكية والاغراءات الأوروبيةrlm;,rlm; وبرغم المطالب الداخلية أيضاrlm;..rlm; إذ يبدو أن النظم العربيةrlm;,rlm; اكتشفت أن كل هذه الضغوط والاغراءات ليست إلا لإبراء الذمةrlm;,rlm; وماهي إلا عاصفة مؤقتة سرعان ما تنقشعrlm;,rlm; الأمر الذي أحبط المشروع الاصلاحي الأمريكيrlm;,rlm; الذي كثيرا ما تغني به الرئيس بوش وعصابة المحافظين الجدد من حولهrlm;!.rlm;
rlm;(5)rlm; الصدمة الخامسة هي الأشرس في رد فعلهاrlm;,rlm; وجاءت من الشارع العربي في كل المدن والعواصمrlm;,rlm; تلك الغاضبة المتمردة الرافضةrlm;,rlm; التي زادت درجة الكراهية المعلنة للسياسات الأمريكية في كل اتحاهrlm;,rlm; برغم كل الجهود الأمريكية في تحسين الوجه الأمريكي وتلميعه بما تم استحداثه من أدوات التجميلrlm;,rlm; التي سرعان ما اختفت وتلاشت مع هبوب الرياحrlm;!rlm;
rlm;***rlm;
لقد مثلت هذه المفاجآت والصدماتrlm;,rlm; احباطا شديدا لسياسات الرئيس بوشrlm;,rlm; برغم كل أحاديثه هو وادارتهrlm;,rlm; عن استراتيجيات اقتحام العالم العربي والاسلاميrlm;,rlm; ومحاصرة محور الشر وبؤر الارهابrlm;,rlm; وإعادة ترتيب هذه المنطقة من العالمrlm;,rlm; لتتوافق وتتسق مع الأهداف الحيوية والاستراتيجية الكونية للدولة العظمي الوحيدةrlm;.rlm;
والمؤكد أن هذه الاحباطات والصدماتrlm;,rlm; ستنعكس بالسلب علي الأوضاع الأمريكية الداخلية سياسيا واقتصاديا واجتماعياrlm;,rlm; خصوصا أن الادارة كانت تريد توظيف سياستها الخارجيةrlm;,rlm; كأحد الأسلحة في خوض معركة انتخابات التجديد النصفي للكونجرس هذا العامrlm;,rlm; التي تبغي من ورائها تقوية قبضة الحزب الجمهوري علي مجلسي النواب والشيوخrlm;,rlm; لكن يبدو أن هذه الآمال أصبحت موضع تساؤل عصيبrlm;!rlm;
ومن الواضح أن الادارة الأمريكية تسابق الزمنrlm;,rlm; قبل هذه الانتخابات والاختبارات الداخليةrlm;,rlm; لتحسين أوضاع سياساتها الخارجيةrlm;,rlm; والخروج بها من مستنقع الصدمات والاحباطات العديدةrlm;,rlm; هنا يدخل مؤتمر القمة العربية الذي سينعقد في الخرطومrlm;,rlm; لاعبا مهما في مجال إعادة ترتيب الأوضاع العربية الملتهبةrlm;,rlm; كما تتصور الادارة الأمريكية المأزومةrlm;..rlm;
ولم يعد سرا أن هذه الادارة قاتلتrlm;,rlm; وستظل تقاتل إلي آخر لحظةrlm;,rlm; من أجل عرقلة عقد القمة العربية في الخرطوم بالتحديدrlm;,rlm; لقد مارست الضغوط المختلفة لحرمان السودان من استضافة هذه القمة ومن رئاستها لمدة عام كامل من مارسrlm;2006rlm; إلي مارسrlm;2007,rlm; بما يعطي الحكومة السودانية وضعا مميزا في الاطارين الاقليمي والدوليrlm;,rlm; وقد كانت واشنطن تأمل في تحقيق هذه الخطوةrlm;,rlm; كما سبق لها أن حرمت السودان من رئاسة قمة الاتحاد الأفريقي قبل أسابيعrlm;,rlm; فإن لم تفلح في تحقيق ذلكrlm;,rlm; فعلي الأقل تشوش عليهrlm;.rlm;
وبالمقابل لم يعد سرا أن الادارة الأمريكية تضغط بقوةrlm;,rlm; وهي في طريقها للنجاحrlm;,rlm; لارسال قوات دولية تحت قيادة الأمم المتحدةrlm;,rlm; إلي إقليم دارفور السودانيrlm;,rlm; بديلا للقوات الافريقيةrlm;,rlm; كمرحلة متقدمة من مراحل تدويل أزمة هذا الاقليمrlm;,rlm; المطموع في ثرواته البتروليةrlm;,rlm; والمعدنية والزراعية والرعويةrlm;,rlm; والمطلب الأمريكي المحدد هو تحمل الدول العربية العبء الأكبر من تجهيز هذه القوة الدوليةrlm;,rlm; بالرجال والأموالrlm;,rlm; تحت القيادة الدولية شكلا والأمريكية مضموناrlm;..rlm;
أمريكا تريد غطاء عربيا واضحا في هذا الموضوعrlm;,rlm; علي عكس ارادة السودانrlm;,rlm; ومصر وليبيا مثلاrlm;,rlm; لكنها تضغط من أجل توفيره من خلال موافقة القمة العربيةrlm;,rlm; مثلما تريد علي النقيضrlm;,rlm; رفع الغطاء العربي عن دعم حركة حماس التي فازت بالانتخابات الفلسطينيةrlm;,rlm; الأمرالذي أربك السياسة الأمريكية والاسرائيليةrlm;,rlm; بل وبعض السياسات العربية أيضاrlm;..rlm; وأظن أن جهودا أمريكية هائلة بذلت ومازالت تبذل للضغط علي الحكومات العربيةrlm;,rlm; لوقف الدعم السياسي والمالي لحماسrlm;,rlm; بالموازاة مع وقف المساعدات الأمريكية والأوروبيةrlm;,rlm; حتي تسقط حكومة حماس خلال شهور علي الأكثر كما يتصورونrlm;!!rlm;
والمطالب الأمريكية من القمة العربيةrlm;,rlm; تمتد بالضرورة إلي محاصرة ايران وزيادة بل تركيز وتكثيف الضغوط الأمريكية والأوروبية والعربية عليهاrlm;,rlm; لعرقلة تقدمها العنيد في تخصيب اليورانيوم واستكمال برنامجها النوويrlm;,rlm; وسط حملة سياسية واعلامية هائلة لتخويف الدول العربية من هذا البرنامج الايرانيrlm;,rlm; دون ذكر كلمة واحدة عن السلاح الاسرائيلي بكل ترسانته النووية الرهيبةrlm;,rlm; الذي هو الخطر الحقيقي علي المنطقةrlm;,rlm; بل علي السلام العالميrlm;!!rlm;
rlm;***rlm;
وبرغم مناوشة أمريكا للقمة العربية بالأزمة السورية ـ اللبنانية من ناحيةrlm;,rlm; وبالاصلاح الديموقراطي وضروراته من ناحية أخريrlm;,rlm; فإن همها الأول ومطلبها الرئيسي من القمة العربية الوشيكةrlm;,rlm; هو توفير الغطاء العربيrlm;,rlm; وربما الاسلاميrlm;,rlm; للأوضاع المتطورةrlm;,rlm; والمتدهورة في العراقrlm;,rlm; بعد ثلاث سنوات من الاحتلال بل التورط الأمريكي هناكrlm;..rlm;
والغطاء العربي المطلوب الآن وغداrlm;,rlm; يتمثل في وضع الترتيبات الضروريةrlm;,rlm; لارسال قوات عربية واسلامية إلي العراقrlm;,rlm; لتحل محل القوات الأمريكية من حيث الشكلrlm;,rlm; وخصوصا في المدن والمناطق السكانيةrlm;,rlm; لتتحمل هي عبء المواجهة الدموية مع العراقيينrlm;,rlm; وتتحصن القوات الأمريكيةrlm;,rlm; في قواعدها الرئيسية في مناطق محددةrlm;,rlm; بعدما انتهت من تجهيز أكثر من عشر قواعد منها حتي الآنrlm;.rlm;
وبالطبع تتصور الادارة الأمريكيةrlm;,rlm; أن الغطاء العربي هذاrlm;,rlm; يوفر لها الانسحاب من المستنقع العراقي بما يحفظ الهيبة والكرامةrlm;,rlm; التي تعرضت للمهانة والاستنزاف هناك علي مدي السنوات الماضيةrlm;,rlm; وبما يسمح للاستراتيجية الأمريكية من تحقيق أهدافهاrlm;,rlm; أولا في السيطرة المطلقة علي النفط العراقي الوفيرrlm;,rlm; وعلي الموقع الاستراتيجيrlm;,rlm; وثانيا في زرع شوكة قوية في ظهر ايرانrlm;,rlm; التي كانت قد زرعت شوكة أخريrlm;,rlm; في ظهر الاحتلال الأمريكي للعراق فأدمته بقوة واضحةrlm;,rlm; وتستطيع أن تفعل ماهو أكثر لأسباب معروفة جيداrlm;...rlm;
ربما يري البعض أن هذه المطالب الأمريكيةrlm;,rlm; من القمة العربيةrlm;,rlm; كثيرة وعجيبة وربما مستحيلة وغير معقولةrlm;,rlm; وقد يعتقد البعض الآخر أنها مطالب وهمية مبنية علي تحليلات واستنتاجات من جانبناrlm;,rlm; لكن الحقيقةrlm;,rlm; أن هذه المطالب الأمريكية جزء من قوائم طويلة ومتجددةrlm;,rlm; وهي مطالب حقيقيةrlm;,rlm; مبنية علي معلوماتrlm;,rlm; يفصح عنها في هذه العاصمة العربية أو تلكrlm;,rlm; وقد تظل طي الكتمانrlm;,rlm; حتي تنفجر في وجوه الجميعrlm;,rlm; لحظة سطوع الحقيقةrlm;..rlm;
وسطوع الحقيقةrlm;,rlm; هو أكثر ما يغيظ الضغوط الخفيةrlm;,rlm; ويفضح الابتزازات السريةrlm;,rlm; جنبا إلي جنب مع هواية الاخفاء والتمويه والتعميةrlm;,rlm; التي تقابل بها دولنا مثل هذه الضغوطrlm;,rlm; التي لاتعرف الرحمةrlm;!!rlm;
وبرغم ذلك يبقي السؤالrlm;,rlm; إلي أي مدي تستطيع القمة العربية القادمةrlm;,rlm; الاستجابة للمطالب الأمريكيةrlm;,rlm; أو الهروب منهاrlm;,rlm; وكيف ستتحمل المسئولية التاريخية في الحالتينrlm;!!!rlm;
rlm;***rlm;
rlm;**rlm; خير الكلامrlm;:rlm; يقول ابن سناء الملكrlm;:rlm;
يادهر يامن لا حنو له
أو ما علمت بأنني بشر