جريدة الجرائد

إيران: سيناريو عراقي ... وصيف ساخن!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

جميل الذيابي

كيف تريد إيران اقامة علاقات استراتيجية مبنية على المصداقية والموثوقية مع دول مجلس التعاون الخليجي، وهي تحتل الجزر الإماراتية الثلاث "طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى"، وترفض مجرد مناقشة إحالة الأمر الى هيئة تحكيم دولية، على رغم الوساطات واللجان الخليجية لحل هذه القضية ودياً وسلمياً، بتحويلها إلى محكمة العدل الدولية. وما ظهور مؤشرات تزايد الصلف الإيراني وسمات الانفعال والتوتر على رموز الحكم في طهران، في التعامل مع كل من يقترب من الملف النووي الإيراني، ومع اشتداد الضغوط الدولية عليها، سوى نكسة جديدة في العلاقات "الخليجية - الفارسية".

منذ قدوم احمدي نجاد بدأت مرحلة التحفظات في العلاقات الإيرانية - الخليجية، وأخذت في التأزم، بعكس ما كان عليه الموقف أيام سلفه محمد خاتمي، الذي كان يريد بناء علاقات استراتيجية مستقرة مع دول المنطقة، خصوصاً مع دول الخليج، لدعم موقف بلاده أمام أوروبا وأميركا، وحرصه على إبقاء القادة الخليجيين في الصورة حول مستجدات المفاوضات بشأن الملف النووي وتطوراتها، إلا ان إدارة نجاد جاءت لتبدأ مرحلة التصعيد في كل الاتجاهات، رغبة في خلق حال استنفار دولي ضد الملف النووي الإيراني.

وهو ما يطرح تساؤلاً: هل فعلاً باتت منطقة الخليج في انتظار إطلاق الرصاصة الأولى... ومواجهة "حرب رابعة" تدق طبولها على الأبواب، بعدما بدت إيران عاجزة عن مواجهة الضغوط الدولية، متخذة سياسة "التحدي" احتذاء بمنهج كوريا الشمالية في التعامل مع ملفها النووي؟!

وهل وصلت ازمة ايران إلى "حافة الهاوية"، وأصبح البلد المدرج ثانياً على لائحة "محور الشر" في مواجهة مباشرة مع إدارة الرئيس بوش... ما يعني "اللجوء إلى القوة"؟ خصوصاً أن إيران لم تستجب لقرار وكالة الطاقة الذرية منذ الرابع من شباط (فبراير) الماضي، بشأن عمليات التخصيب والتعاون مع المفتشين الدوليين.

منذ ان اعتلى الرئيس الإيراني المتشدد أحمدي نجاد السلطة في بلاده، وكل الأمور تشير إلى مرحلة من الاضطراب واللا استقرار في المنطقة، خصوصاً انه مغرم من رأسه حتى أخمص قدميه بأفكار آية الله الخميني.

بعد انتهاء الاجتماع الوزاري الخليجي الأخير في الرياض، والبيان الختامي الصادر عنه، الذي أكد حق الإمارات العربية المتحدة في الجزر الثلاث "طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى" التي تحتلها ايران، وصف الناطق باسم الخارجية الإيرانية حميد رضا آصفي بيان وزراء خارجية مجلس التعاون لدول الخليج بشأن الجزر الثلاث، بانه "يفتقد المصداقية والقانونية"، وزعم آصفي أن الجزر الثلاث "جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية"، مشيراً إلى "ان تدخل اطراف ثالثة اثبت عدم فاعليته حتى الآن، ولا يساعد على ازالة سوء الفهم".

أتعجب كثيراً من استمرار الموقف الخليجي في تأكيد حق الامارات في الجزر الثلاث ورفض احتلالها من قبل إيران، لماذا تصمت دول الخليج على الاستفزازت الإيرانية وعلى احتلال جزر دولة ضمن منظومة دول المجلس؟ لماذا لا تتحرك الامانة العامة لدول المجلس في تسويق هذا الملف دولياً، وفتح أوراقه القانونية بلا خجل لحسم الأمر بدلاً من استمرار ايران في ترديد الاتهامات، والتلويح بأن البيانات الخليجية تفتقد المصداقية والقانونية؟ لماذا ايران هي المتحدث ونحن الصامتون، عدا البيانات المكرورة والمتشابهة من دورة خليجية إلى أخرى؟!

هناك بيانات وتحفظات خليجية على المواقف الإيرانية المتصلبة، إلا أنها لم تصل إلى حد الاعتراض المباشر، وإنما تأتي على شكل جمل فضفاضة "خجولة"، وكأنها تحاول التقليل من احتلال الجزر، ومن الطموح النووي للدولة الفارسية. وأخشى مع تزايد الصلف الإيراني أن نشاهد السيناريو الأميركي في العراق يتكرر في ايران، بدءاً بفرض عقوبات اقتصادية وخطة تشبه مشروع "النفط مقابل الغذاء"، وهو ما يعني أننا سنشاهد صيفاً ساخناً، ومخططاً لا تطفئه السياسات المعتدلة والمتشددة في المنطقة وفي العالم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف