جريدة الجرائد

من قصص التزوير العلمي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الثلاثاء: 2006.03.021

خالص جلبي


أن يزوِّر اللصوص الأوراق النقدية أمر وارد، ولكن أن يكذب العلماء ويزوروا فهو أمر جلل. وحين يفقد الناس الثقة في عُملة ما لا يعودون يتداولونها. فكيف إذا كانت عِلما؟ وخاطب القرآن نساء النبي فقال: من يأتِ منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين. ومن أشهر قصص السرقات العلمية تلك التي سمعنا عنها من الشرق الأقصى، على يد العالم الكوري الجنوبي (هوانج وو سوك)؛ فزعم أنه وضع يده على سر الخلايا الجذعية، من الاستنساخ الجسدي، وهي نبع الشباب، وعلاج جذري لكل مرض من الاهتراء العقلي، والزهايمر، واحتشاء القلب، ومرض السكر وانقطاع النخاع الشوكي.

وكل ما يحتاجه المريض هو زرع خلايا من النسيج المتآكل بخلايا جديدة، فتصبح كما كانت من قبل، ويعود كل عضو إلى وظيفته السابقة يضخ ويفرز ويعمل. وتبين أن كل ما قاله العالم لا يزيد على كذبة كبيرة يتورع عنها فلاح صيني.

وفي تاريخ التزوير والكذب العلمي جعبة مليئة بالقصص المثيرة، أشهرها تلك التي أعلن فيها "جيمس واتسون" و"فرانسيس كريك" عن تركيب الكود الوراثي، حتى علمنا أن التقنية أخذت من عالمة شابة اسمها "روزاليند فرانكلين"، ماتت بسرطان الثدي في عمر الشباب، وربما كانت الأشعة السينية خلفها، لأنها الأداة التي سلطتها على كشف أسرار الكود الوراثي.

أما "أديسون" أبو المخترعات المشهور، فقد سرق جهد العالم الصربي "تيسلا" الذي اكتشف التيار المتناوب، ولم يكن معروفاً وقتها سوى الكهرباء الساكنة. ومعظم من يشتغل بالعلم يعرف "أديسون" ويشيد به، ولعل الندرة من سمع بـ"تيسلا" المسكين الذي سرق جهده وهضم حقه بدراهم قليلة. وملأ الرأسمالي "أديسون" جيبه بالملايين، وترصعت شهرته بسمعة لا ينال منها الزمن.

أما "تروفيم ليسنكو" فقد جنده الرفيق "ستالين" لتدجين العلم لحساب الأيديولوجيا، وتم عزل عالم الإحياء الشهير "أفيلوف" من أجل إسعاد الرفاق الشيوعيين، وإرضاء غرورهم عن صحة العقيدة الشيوعية، التي تقول بأن الإنسان تغيره ظروف الإنتاج المادي، فتبين أن الطبيعة الإنسانية ثابتة في المادة الوراثية، مما يشكل ضربة قاضية للنظرية الماركسية.

أو تلك التي اشتهرت في الأربعينيات من القرن العشرين عن كذبة "بيلت داون" عن كشف الحلقة المفقودة في نظرية دارون، فتم تركيب الفك السفلي لقرد من نوع "أورانج أوتان" على جمجمة إنسان، ليزعم صاحبها أنه وصل إلى الحلقة التي تربط بين القرود والبشر، في حماس أعمى لتأكيد نظرية دارون، التي حمي الوطيس حولها آنذاك، واشتهرت في الصراع الدائر بين "توماس هكسلي" والمتكلم من الكنيسة الأنجليكانية "صامويل ويل بيفورس"، وبقيت الكذبة سارية المفعول ثلاثاً وأربعين سنة قبل إعلان زيفها.

والكذب وارد في كل حقل معرفي طالما كان الإنسان ظلوما جهولا؛ ففي الفن أظهر فيلم (Incognito) كيف تم تزوير لوحة "رامبرانت" فبيعت في المزاد العلني بثلاثين مليون جنيه للمترفين البلهاء.

أو زعم الوصول إلى الطاقة الهيدروجينية بالطريقة الباردة، على يد مجموعة "فلايشمان"، ونحن نعلم أنه لا يمكن دمج ذرات الهيدروجين للوصول إلى الهليوم، إلا بتفجير ثلاث قنابل ذرية حسب معادلة "ستانسيلوف أولام" بمبدأ القبضة الفولاذية الرباعية (FFFF=Fission-Fission-Fission-Fussion) ترفع الحرارة إلى ملايين الدرجات فتنقل الاستعار النووي من باطن الشمس إلى ظهر الأرض. وقد تخرج هوليوود دجلاً من هذا النوع في فيلم "القديس" The Saint عن هذه التركيبة، أما العلم الحقيقي، فقصة مختلفة. وخلاصة القول إن العلم له من الطاقة الأخلاقية الخفية ما يجعله لا يصبر على الانحراف فيصحح نفسه بنفسه. وقديما قال علماؤنا العلم لا يعطيك بعضه إلا بعد أن تعطيه كلك.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف