جريدة الجرائد

خفايا «الكوكا كولا» الليبي وصراع أبناء القذافي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كشفت مصادر ديبلوماسية غربية أن ليبيا تتجه الى مزيد من التقارب مع الولايات المتحدة بعدما أعطى العقيد معمّر القذافي تعليمات مباشرة الى المسؤولين الليبيين تقضي بعدم التعرض للمصالح الأميركية في أي شكل وتسهيل كل ما من شأنه حماية هذه المصالح, وتوقعت هذه المصادر أن تتوصل ليبيا قريباً الى رفع أسمها عن قائمة الأرهاب الأميركية والى رفع مستوى التمثيل الديبلوماسي بين طرابلس وواشنطن الى مستوى السفراء, ومعروف أن الولايات المتحدة أعادت فتح سفارتها في طرابلس قبل فترة، لكنّها أمتنعت حتى الآن عن إرسال سفير الى العاصمة الليبية.
وأشارت الى أن القذافي بات يتدخّل في التفاصيل الصغيرة من أجل الحصول على رضا الأميركيين عليه, وأوضحت المصادر ذاتها أن الزعيم الليبي تدخّل شخصياً لفض نزاع على النفوذ والمال نشب بين أثنين من أنجاله أواخر العام الماضي بعدما شكت السفارة الأميركية من تصرفاتهما.
وكان الصراع على النفوذ والثروة قام بين أثنين من انجال القذّافي هما محمّد والمعتصم, وقد أدى في حينه الى وقف الإنتاج في معمل "كوكا كولا" في ليبيا لمدّة شهر ونصف الشهر, واضطر القذّافي الى التدخل من أجل إعادة فتح المعمل وايجاد حلّ وسط بين الأخوين يرضي طموحاتهما, وكشفت هذه المصادر أن الانتاج في المعمل الذي تملكه "الشركة العالمية للمشروبات ش,م,ل" معبئة مشروب "كوكا كولا" في ليبيا توقف ستة أسابيع تقريباً ابتداء من منتصف ديسمبر الماضي اثر دخول مسلّحين بثياب عسكرية تابعين للمعتصم القذافي الى المعمل, وأوقف المسلحون بالقوة العمل وتسببوا في تلف المواد الخام وتعطيل الآلات كما احتلوا المخازن وطردوا العمال والموظفين وعددهم نحو ثلاثمئة, ومعروف أن محمّد، وهو من الزوجة الأولى للزعيم الليبي، أخ غير شقيق للمعتصم الذي هو من زوجته الثانية, كذلك معروف أن المعتصم الذي يسيطر عملياً على الشرطة العسكرية على علاقة جيدة بالعقيد عبدالله السنوسي الذي تربطه صلة قرابة بالقذّافي عبر الزوجة الثانية للزعيم الليبي, والسنوسي من الشخصيات المهمة في ليبيا اذ انه مسؤول عن أحد أجهزة المخابرات فيها.
وجاء تعطيل مسلحين للانتاج في المعمل ورفضهم اخلاء المنشآت طوال ما يزيد على ستة أسابيع، على الرغم من أن محمّد القذافي يملك نسبة أربعين في المئة من الأسهم, ولمّا تدخل المسؤولون عن المعمل لدى محمّد أجابهم أنه لا يريد الاصطدام بأخيه، الساعي بدوره وبطريقته الخاصة الى الحصول على حصّة في المعمل، ونصح محمّد باللجوء الى السلطات المختصة, وبالفعل قدّم المسؤولون عن الانتاج بلاغاً الى الشرطة كما قدّموا شكوى الى النائب العام في طرابلس، لكن أحداً لم يتجرّأ في البداية على حمل المسلّحين، الذين كانوا يرفضون كشف هوياتهم، على اخلاء المعمل, كذلك لم تنفع تدخلات المسؤولين عن المعمل لدى السيد شكري غانم رئيس الوزراء وقتذاك (أصبح وزيراً للنفط بعد التعديل الوزاري الأخير), واعتبر غانم القضية أكبر منه نظراً الى أنها صراع بين اثنين من أنجال القذافي يتنافسان على النفوذ والمال, لكن تدخّل السلطات العليا، ممثلة بالزعيم الليبي، أدى في النهاية الى حلّ وسط جعل من "المجلس الوطني للأستثمار" الشريك الليبي في المعمل, وهذا يعني أن كلاّ من نجلي القذافي سيحصل على حصته عبر هذا المجلس المرتبط بذوي النفوذ في ليبيا, ويبدو أن تدخل السفارة الأميركية، التي أطلعتها شركة "كوكاكولا" الأم على ما تتعرض له في الجماهيرية، لعب دوراً مهمّاً في جعل السلطات العليا تتدخل بغية أيجاد حلّ وسط بين الأخوين, وقد استفادت السفارة من معلومات لديها عن مدى حرص القذافي على استرضاء الأميركيين هذه الأيام.
ويذكر أن ليبيا تسعى منذ سنوات الى اجتذاب الأستثمارات الأجنبية وسنّت لهذا الغرض قوانين لحماية المستثمر الأجنبي بينها القانون الرقم خمسة الذي نصّ في المادة الثالثة والعشرين منه على أنه "لا يجوزتأميم المشروع أو نزع ملكيته أو الاستيلاء الجبري عليه أو مصادرته أو فرض الحراسة أو التحفظ أو التجميد أو اخضاعه لاجراءات لها نفس التأثير ألا بقانون أو بحكم قضائي".
وقبل تدخل القذافي لفض النزاع بين نجليه، استغربت المصادر الديبلوماسية الغربية حصول هذا النوع من الحوادث في ليبيا، خصوصاً مع شركة أميركية في الوقت الذي تؤكد السلطات في البلد أن صفحة الماضي طويت وأن ليبيا في صدد الانفتاح على العالم بعد تخليها عن كل ما له علاقة بالارهاب وأسلحة الدمار الشامل, وكشفت المصادر نفسها أن شركة "كوكا كولا" الأم تدخّلت بقوة عبر السفارة الأميركية من أجل دعم المساهمين في المعمل الليبي الذي تعطّل الانتاج فيه طويلاً على الرغم من امتلاك احد أنجال القذافي نسبة أربعين في المئة من أسهمه حصل عليها أصلاً في مقابل تعهده حماية المعمل والعاملين فيه! ويبدو أن تدخل الشركة الأم كان في محلّه وأتى ثماره في ضوء الحرص الذي يبديه القذّافي على العلاقة مع الادارة الأميركية هذه الأيام, وأعربت هذه المصادر عن أملها في أن ينسحب اهتمام القذّافي بابعاد أبنائه عن النفوذ والمال على شركات أخرى غير الشركات الأميركية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف