جريدة الجرائد

عمار الحكيم: ما يجري في العراق لا يجسد الحرب الطائفية...

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

فلا نعتقد أن السنة يقتلون الشيعة

حاورته جنان حسين

من المشهد الكويتي المتألق في قائمة أصدقاء الشعب العراقي واشقائه الحقيقيين، الى المشهد النازف على أرض العراق، الى الاشارات بأن ما يجري على أرض هذا البلد لا يمكن وصفه أو توصيفه الا انه حرب اهلية، من هذه المشاهد وبينها تحدث الامين العام لمؤسسة شهيد المحراب للتبليغ الاسلامي العراقية السيد عمار الحكيم الى "الرأي العام".
تصريح الرئيس المصري حسني مبارك اصابنا بالاستغراب والاسف، قال الحكيم، مضيفا ان ليس الشيعة مطالبين بالدفاع عن عروبتهم ووطنيهم، لان تضحياتهم تشهد على ذلك، لكنه قرأ في التصريح ما يؤكد القراءة الصحيحة للعراقيين ويعزز حقهم في التحفظ عن بعض المشاريع التي تأتيهم ضمن واجهة العروبة.
وتمنى الحكيم من "كل اعزائنا" ممن يتحدث عن تدخل ايراني ان يعطي شواهد وارقاما عن هذا التدخل، متسائلا "نحن موجودون على الارض، فلم لا نراهم (الايرانيين) على الارض، ومغرقا في التساؤل، أليس من كاميرا لقناة او صحافة تعطي صورة واحدة عن هذا الوجود (الايراني) في هذا العراق الكبير الذي يصول ويجول فيه الجميع؟".
ويؤكد الامين العام لمؤسسة شهيد المحراب على أن ما يجري في العراق لا يجسد الحرب الطائفية "فلا نعتقد ان السنة يقتلون الشيعة، انما هناك اوساط تكفيرية وصدامية تستهدف العراقيين".
واذ لم يوجه الاتهام الى احد، اشار الحكيم الى "تورط انظمة في عالمنا العربي او خطوط في هذه الانظمة باسناد هذه الشبكة من الارهاب التي لا يمكن ان تدار بامكانات محلية، وباعترافات المتهمين", متسائلا "اي مقاومة هذه التي تستهدف الف اميركي و90 الف عراقي؟".
ورأى الحكيم ان معالجة ما يجري في العراق تتطلب جهدا عراقيا واقليميا ودوليا ومن المحيط العربي على وجه التحديد.
وفي ما يلي نص الحديث:
في ظل الاوضاع الدائرة في العراق ومحاولة السعي لما فيه مصلحته طالبت اطراف عدة باستقالة الدكتور ابراهيم الجعفري وحتى من قائمة الائتلاف، فلم لا يقدم الجعفري على هذه الخطوة لاستقرار البلاد؟
- لابد من ايضاح حقيقة مهمة، هي ان الائتلاف كان منقسما على رؤيتين وقراءتين للشخص الانسب للمرحلة المقبلة، ولكن حين افرزت العملية الانتخابية تقدم الدكتور الجعفري ولو بصوت واحد على منافسه، توحد الائتلاف في تبني مرشحه انطلاقا من ايمان جميع القوى المؤتلفة بالعملية الديموقراطية والالتزام بنتائجها، وحين أبدت القوائم الاخرى تحفظاتها تجاه هذا الترشيح على خلفية ان هذا الموقع هو موقع سيادي لكل العراقيين ومن الطبيعي، بحسب تصورهم، ان يكون لهم رأي في هذا الترشيح، كما يحتفظون بحق الائتلاف بابداء وجهات النظر تجاه المرشحين الاخرين، حينذاك حصلت قراءتان للموقف، قراءة تعتقد ان الاصرار على الترشيح يمكن ان يؤدي الى نتيجة، وقراءة أخرى تتحدث عن ان اقناع الاخرين جزء مهم في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، ما يتطلب فتح الحوار الجاد لاقناع الاخرين او اعادة النظر في الترشيح، والحصيلة عدم وجود انقسام في داخل الائتلاف العراقي الموحد، هو ما زال على قوته وتماسكه وفي اي عملية ديموقراطية من الطبيعي ان تتعدد الرؤى والقراءات ومن خلال الحوار لمعالجة تعدد الرؤى تحسم المواقف، وان القلق الذي يشوب البعض احيانا من وجود اصوات متعددة، قد ينتج عن ان التجربة الديموقراطية والتعددية الواقعية التي يعيشها العراق هي حالة جيدة على المنطقة والنظام السياسي العام فيها، اذ تجري مثل هذه المواقف في الدول الغربية التي مارست الديموقراطية لفترة طويلة من دون ان تثير مثل هذه المخاوف او التكهنات.
نادى البعض بأن تكون هناك فيديرالية في مناطق الجنوب، ولكن هناك تخوف من جانب بعض الشعب العراقي تجاه هذا المشروع فما رأيكم؟
- في الحقيقة ان المخاوف التي يعيشها البعض ناجمة عن عدم استيعاب المعنى المقصود من الفيديرالية وكلما ناقشنا شخصا منصفا وبينا له طبيعة الموقف لاحظنا انه تجاوب معنا، الفيديرالية التي نتحدث عنها هي فيديرالية ادارية تعطي الفرصة لابناء المناطق، لان يساهموا في ادارة البلاد وصناعة القرار في القضايا الاجتماعية والثقافية والخدمية في مناطقهم.
ومنذ سقوط النظام اكدنا على عدم اصرارنا على الفيديرالية، انما الاصرار على الفرص المتكافئة بين العراقيين وعدم التمييز بينهم، وقلنا ان هناك خيارين كلاهما مُرضٍ بالنسبة الينا، الحكومة العراقية المركزية، وحكومة الاقاليم الفيديرالية، ولم نطور الموقف الى تبن النظام الفيديرالي في العراق الا بعد ان حصل الاجماع الوطني العراقي من جميع القوى السياسية من دون استثناء على اقليم كردستان، هنا قلنا ان وجود اقليم بصلاحيات كبيرة ومحافظات اخرى بصلاحيات محدودة يخل بالتوازن السياسي في البلاد، ويخل بالتوازن القومي في البلاد ايضا، نحن لا ننظر الى فيديرالية اقليم الوسط والجنوب على انه اقليم شيعي انما ننظر اليه على أنه اقليم عربي يمكن ان يحقق هو وغيره من الاقاليم العربية توازنا مع الاقليم الكردي في البلاد.
واساسا لو اردنا ان نتحدث بالمنطق الطائفي لكان من غير المعقول ان نتبنى اقليم الوسط والجنوب، لان الشيعة لا ينحصر وجودهم في هذه المنطقة وهم اكثرية في العراق، فلا معنى للاكثرية ان تتنازل عن حقها في ادارة كل العراق ضمن حكومة مركزية لتتمسك بجزء من هذا الوطن، وهذا يؤكد على عدم خلفيات طائفية وراء هذه الفكرة وانما الاساس هو تكافؤ الفرص وعدم التمييز بين العراقيين والموازنة بين العرب والكرد في العراق.
ما نظرتكم المستقبلية للوضع السياسي في العراق في ظل المرحلة الحالية؟ وما توقعاتكم بشأن تشكيل الحكومة، ولاسيما وان هناك من يرى ان العراق يعيش حربا اهلية؟
- ننظر بمزيد من التفاؤل للتجربة العراقية وبمعزل عن الضوضاء الاعلامية التي تركز على جزء من الحقيقة ونتجاهل جزءا اكبر، الكتل البرلمانية الفائزة في تجديد وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وايضا المجلس السياسي والبرنامج الحكومي للحكومة المقبلة، وغيرها من اوراق العمل التي وحدت الرؤية وحددت الأولويات لادارة البلاد في المرحلة المقبلة مع ملاحظة التباين الكبير في الشعارات الانتخابية والبرامج المعلنة للقوائم المختلفة, هناك قوائم تختص في الحفاظ على الدستور وتشكيل الاقاليم واجتثاث البعث، وهناك قوائم اخرى تختص بتوحيد البرنامج والاولويات ومع هذا البرنامج هناك انطلاق تفاؤل، كما لا اعتقد ان ما يجري في العـــراق تجــسيد للحرب الطائفية ونعتقد ان السنة يقتلون الشيعة في العراق، انما هناك اوساط تكفيرية وصدامية تعمل على استهداف العراقيين, الصداميون يقومون بذلك لاستعادة الحكم والتكفـــيريون بدوافعـــهم البغــيضة، وهؤلاء اســـتهدفوا شخصيات مهمة معتدلة من اخواننا السنة في مناطق مختلفة من البـــلاد، وان ركزوا على الشيعة بشكل خاص.
واعتقد اننا نبتعد عن تشكيل الحكومة اياما قليلة جدا، ولعل الجزء الاكبر من الوقت الذي مضى كان من حصة المفوضية العليا للانتخابات للمصادقة، ثم كان شوط مهم قطعته القوى السياسية للوصول الى العمل وتوحيد الوجهات للمستقبل، واليوم نحن امام موضوع حسم ترشيح رئاسة الوزراء وبذلك نكون قد اشرفنا على تشكيل الحكومة في غضون ايام قصيرة.
اذا ما يجري في العراق في ظل المساعي لاعلان تشكيل الحكومة، الا يعتبر ما يجري حربا اهلية؟
- كما اشرت، نحن لا نقيم ما يجري في العراق على انه حرب طائفية، بل ان هناك وسطا تكفيريا وصداميا يستهدف الشيعة والسنة مع اختلاف حجم الاستهداف، وانطلاقة من هذه الرؤية فمعالجة هذا الموضوع تتطلب جهدا داخليا عراقيا وتتطلب ايضا جهودا اقليمية ودولية من المحيط العربي على وجه التحديد، لان مع الوضع الجديد فإن هذه المجاميع الارهابية تحظى بدعم سياسي وامني ولوجستي واعلامي من اوساط في العالم العربي لا يستهان بها، ولا نريد ان نتهم هذه الاطراف كلها، بل ان بعض هذا الدعم يأتي على قراءة مشوشة لهم عن الواقع العراقي، هذه المشكلة ليست مشكلة عراقية داخلية بل ظاهرة اصبحنا نعاني منها في العالم العربي والاسلامي، بدأت من خارج العراق وتركزت اليوم في العراق وتظهر تجلياتها في دول اخرى من فترة لاخرى، ما يتطلب تضامنا عربيا واسلاميا ودوليا من اجل كبح جماحها والسيطرة على تداعياتها الخطرة، والتي قد تسيطر على المنطقة برمتها، لا قدر ذلك.
اذا من وراء الارهاب في العراق؟
- حينما نتحدث عن عشرات الالاف من الانتحاريين ممن يقتلون انفسهم ليقتلوا عشرات او مئات من المواطنين الابرياء وحينما نتحدث عن مئات السيارات المفخخة حتى هذه اللحظة، هذه المنظومة الواسعة والشبكة الكبيرة لا يمكن ان تدار وتتحرك بامكانات محلية متواضعة، ما يؤكد وجود شبكات ارهاب منظمة في المنطقة والعالم ترفد وتدعم هذا المسار، ونحن لسنا في موضوع الاتهام لجهات معينة، لكن الاعترافات لمئات الارهابيين الذين تم القاء القبض عليهم جاءت لتؤكد على معلومات خطيرة تشير الى تورط انظمة في عالمنا العربي او خطوط في هذه الانظمة، في اسناد هذه الظاهرة.
هذا غير الاسناد الاعلامي الذي نجده في الماكينة الاعلامية في العالم العربي، حيث يستكثر على الأبرياء العراقيين الذين يقتلون في المساجد والمدارس ان يلقبوا بالشهيد، فيما يطلق هذا العنوان على حالات مماثلة في العالم العربي، وهكذا ابراز الشخصيات التي تدافع عن هذا الخط التكفيري وتسميه بالمقاومة، وتركز على المساحات الضيقة استهداف القوات المتعددة الجنسيات في العراق، وتتجاهل المساحة الواسعة لاستهداف الأبرياء, فأي مقاومة هذه التي تستهدف الف أميركي و90 الف مواطن عراقي؟!
لقد جاءت تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك مشيرة الى وجود حرب أهلية، وان العراقيين لا يقبلون الغريب، لافتا الى ان رسائل من الحكومة وصلت اليه بعدم قبول أي وجود عربي في العراق، فما تعليقكم؟
في الحقيقة تلقينا هذه التصريحات باستغراب وأسف شديدين، ولم نكن نتوقع من سيادة الرئيس المصري حسني مبارك مثل هذا الموقف الذي يرقى الى التشكيك بوطنية طائفة كاملة هم شيعة أهل البيت، ليس في العراق فقط انما في المنطقة برمتها، واتهامهم بالارتباط بجهات أجنبية على حساب أوطانهم، هذا المنطق لا شك انه سيترك اثارا جسيمة في تصعيد حدة الصراع والاحتقان الطائفي في العراق والمنطقة، واختزال العروبة لصالح فئة معينة من العرب دون غيرهم, والشيعة ليسوا في موقع يتطلب منهم الدفاع عن عروبتهم أو وطنيتهم لأن تاريخهم الزاخر وعطاءاتهم الكبيرة وتضحياتهم الجسيمة في الدفاع عن أوطانهم خير دليل وخير شاهد على عدم مصداقية هذا المنطق، وهذا التحليل الذي يصعب على الانسان ان يلتمس له اسبابا غير طائفية، واذا كان العراقيون يشعرون بالتحفظ في بعض المشاريع العربية التي تقدم من قبل الجامعة العربية، فهذا التحفظ ليس ناتجا عن قلة اعتزاز بعروبتهم، وانما هو ناتج عن شعورهم بأن هذه الكيانات لا تصلح ان تكون مظلة لكل العرب، وانمـــا توظف توظيفات سياسية في اطار اختزال العروبة بفئات معيـــنة دون أخرى, ولا بـــد ان نفرق بين العروبة التي نعتز بها كثـــيرا والمشاريع الضيقة التي تسعى لأن توظف هذا البعد المهم لدى العرب باتجـــاهاته السياسية، ولعل هذه التصريحات والمنطق الذي تحـــدث به الرئيس حسني مبارك جاء ليؤكد القـــراءة الصحـــيحة للعراقيين ويعزز حقهم في التحفظ على بعض المشاريع التي تأتي ضمن واجهة العروبة لتصطف في اتجاهات معنية وتزيد في حدة الاحتقـــان والصراع في العراق، لقد كنـــا نتمنى على فخـــامة الرئيـــس ان يتحدث بحديث يزيد في وحدة العراقيين ويعـــزز لحمتهم وليس ان يصب الزيت على النــار، لأن الصراع في العراق وكما أشار مشكورا سوف لن يقف عند حدود العراق، بل يمكن ان يحرق المنطقة برمتها!
بالرغم من حديث الحكومة عن عدم وجود تدخلات خارجية في العراق، الا ان البعض مازال يرى وجودا لهذه التدخلات ولا سيما إيران في منطقة الجنوب، فماذا بشأن وقف هذه التدخلات التي قد تسهم في عدم تحقيق الأمن والاستقرار للعراق؟
نحن دوما طالبنا كل أعزائنا ممن يتحدثون عن تدخل ايراني باعطاء شواهد وأرقام لهذا التدخل، فلماذا لا نرى هؤلاء ونحن حاضرون على الأرض؟!، اذ نسمع أحاديث ونقرأ في بعض وسائل الاعلام بأن من لا يحسن اللغة الفارسية لا يستطيع ان ينجز أعماله الادارية في هذه المحافظة أو تلك من المحافظات الجنوبية، لأن الحاضرين والقائمين هم من الايرانيين، وهنا يصاب الانسان بالدهشة، ألا توجد كاميرا من القنوات الفضائية والصحافيين الموجودين في العراق لتلتقط صورة واحدة لهم في هذا العراق الذي يصول ويجول فيه الجميع؟!
ما تقييمكم لدور وموقف الكويت تجاه العراق في ظل الظروف الحالية؟
- نحن نشعر ان هناك دورا رياديا ومميزا للكويت شعبا ودولة وحكومة في اسناد ودعم الشعب العراقي، سواء في محنته السابقة قبل سقوط نظام صدام أو في محنته الحاضرة وجرحه النازف ولاحظنا البيانات والمواقف الحكيمة التي صدرت من القيادة الكويتية في استنكار الارهاب في مواطن عديدة، ومن خلال لقاءاتنا مع المسؤولين والأوساط الشعبية المختلفة والفعاليات الاجتماعية نشعر ان هناك تفهما كبيرا واهتماما ومواكبة للمشهد العراقي بشكل مميز، ما يجعل الكويت دائما متألقة في قائمة اصدقاء الشعب العراقي واشقائه الحقيقيين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف