من أفغانستان إلى العراق وإيران: أشهر الرعب القادمة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
هدى الحسيني
يبدو اننا مقبلون على صيف دموي، وخريف مخيف وشتاء مرعب. لقد بدأت "حملة الربيع" في افغانستان، في حين تستمر التفجيرات في العراق وهي استقبلت تكليف رئيس الوزراء الجديد جواد المالكي بسلسلة من السيارات المفخخة حصدت العشرات من الابرياء، بعدما كان ابراهيم الجعفري غادر منصبه "بقلب محروق" رغم ان سجله يحمل في صفحاته مقتل ما نسبته 25 عراقياً يومياً.
اما ايران فإنها على ابواب مفاجآت مثيرة ومستقبل غامض. واذا استسلمنا لدعوات اسامة بن لادن، نصدق ان محاولة وقف المجازر في دارفور بعد مقتل 300 الف سوداني/افريقي وتهجير اكثر من مليونين، هي مؤامرة صليبية ـ صهيونية تحتاج الى طرح الصوت. وكأن رسائله الصوتية بالمناسبة تحمل اشارات الى خلايا القاعدة النائمة في سيناء، اذ ما ان اتحفنا بتحليلاته الآتية من كهوف باكستان حتى ساح الموت في منتجع ذهب في سيناء. ومنذ اكثر من سنة ومصر تنفي وجود القاعدة في سيناء رغم ان كل التقارير الأمنية تؤكد عكس ذلك. كما ان بن لادن فسّر قطع مساعدات دول "الكفرة" عن حكومة حماس، ما لم تعترف بالاتفاقيات التي وقعها الفلسطينيون مع اسرائيل، وبسببها بدأت تلك المساعدات، كدليل آخر على الحرب الصليبية ـ الصهيونية ضد المسلمين.
ويبدو ان الشرق الاوسط الكبير سيواجه خضّات دموية كثيرة، فقد شنت مجموعات من مقاتلي طالبان، كل واحدة تضم ما بين 100 و 200 مقاتل هجمات على طول الحدود الباكستانية ـ الافغانية وركزت على مقاطعات نورستان، وغازني، وخوست، وباكتيا وباكتيكا، وحسب معلومات موثوقة فان الهجمات ستستمر يوميا ويشارك فيها عدة مئات من مقاتلي طالبان داخل افغانستان، وستكون معارك كر وفر وايضاً اشباكات مع الجيش الافغاني والقوات البريطانية.
اما استراتيجية طالبان الجديدة فهي نسخة طبق الاصل عن الاستراتيجية التي اعتمدها المجاهدون ضد السوفيات عام 1988، عندما ولاول مرة سيطروا سيطرة كاملة على المناطق على طول الحدود الباكستانية ـ الافغانية وعلى القرى المحيطة بالمدن الكبرى.
وتقول المعلومات ان لدى طالبان في المناطق القبلية في باكستان، اي في شمال وجنوب وزيرستان ما يقرب من 40 الف رجل، اي ما يكفي للقتال سنة كاملة. وكانت اجهزة الاستخبارات الباكستانية قد ذكرت ان ما يزيد عن 500 الف رجل زاروا افغانستان خلال حكم طالبان ما بين عامي 1996و 2001، وان اغلبهم خضع لتدريبات عسكرية، وان 50 الفا من هؤلاء ما زالوا ناشطين في منظمات جهادية متعاطفة كلها مع طالبان.
المصادر المالية لطالبان يغلب عليها الطابع السري، ويسود اعتقاد ان لديهم مداخيل من تجارة الافيون، لكن المراقبين العسكريين يرون ان تمويل هجمات لعدة اشهر لا بد ان تقوم به اكثر من دولة.
هناك حلقة تربط ما بين افغانستان وايران، ويقول مصدر باكستاني قريب من صنّاع القرار في المؤسسة العسكرية في روالبندي، ان اغلبية الدول الاسلامية تتوقع هجوماً عسكرياً اميركياً على ايران في شهر تشرين الاول (اكتوبر) المقبل، وان المسؤولين الايرانيين ليسوا بعيدين عن مثل هذا الاعتقاد، لذلك تحاول طهران استباق الهجوم المحتمل بتحريك شبكة علاقاتها في منطقة جنوب شرق آسيا، فحزبي اسلامي الافغاني الذي يتزعمه قلب الدين حكمتيار هو جزء من الحركة الاسلامية وقريب جداً من ايران، ولن يمضي وقت طويل قبل ان تجد الحركات الاسلامية المرتبطة بطالبان، حلولاً لخلافاتها مع ايران، فتنسق مع طهران بالتعاون مع القاعدة يجمع ما بينها كلها العداء لاميركا.
الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش، لا يأتي في تصريحاته على ذكر الوضع في افغانستان، يشغله العراق، وهو اعتبر "نجاح" الاطراف العراقية بعد مخاض مضن، في تكليف جواد المالكي تشكيل حكومة جديدة، "انتصارا على جبهة الحرب ضد الارهاب"!
ليس معروفاً المدى الذي يسمح الرئيس الاميركي لنفسه باستغباء الرأي العام الاميركي، وعما اذا كان هذا مسموحاً. وليس هناك ما يشير الى ان المالكي سيكون افضل من الجعفري، فهو منذ السنة الماضية يدافع بقوة عن اداء حكومة الجعفري كونه كان الناطق باسمه. والاثنان متحالفان مع مقتدى الصدر، والاثنان من حزب الدعوة الموالي لايران ويريدان اقامة نظام اسلامي في العراق شبيه بالنظام في ايران انما مستقل عنها سياسياً.
شبكة الـ "سي. ان.ان" وصفت المالكي بالرجل الحاسم والقوي، لانه قال انه سيلاحق الارهابيين ويعاقب حتى اهاليهم، اي تماماً كما كان يفعل صدام حسين! على كل، السؤال المطروح هو: هل سينجح المالكي حيث فشل الجعفري، هل سينزع اسلحة الميليشيات الشيعية ـ منظمة بدر وجيش المهدي، هل سينهي التمرد السني الدموي، هل سيحمي السنّة ويوقف عمليات القتل الجماعية، هل سيعين وزيرين للدفاع والداخلية غير شيعيين او من الشيعة العلمانيين، ثم ما الذي يضمن بأن المالكي سينجح في تشكيل حكومة ترضي الاطراف الشيعية، والسنّة والاكراد؟ اذا عجز عن تشكيل حكومة، فإن هناك اسماً آخر يتردد لتسلم هذه المهمة، انه علي الاديب، وهو مثل الجعفري والمالكي من حزب الدعوة وقد شب في ظل عمه صلاح الاديب احد مؤسسي حزب الدعوة في الخمسينيات من القرن الماضي.
لا يعني تكليف شخصيات متعددة تشكيل حكومة عراقية خروج العراق من النفق المظلم المؤدي الى المجهول الاخطر، وامام هذا المجهول الذي زادت في دمويته السياسة العسكرية الاميركية يلتفت العالم نحو ايران، ولن تؤدي تصريحات رئيسها محمود احمدي نجاد الذي يهدف من خلالها تخويف المنطقة الخليجية والاميركيين واظهار ايران بالقوة التي لن تقهر، الى تجنب مصير يمكن ان يطال وحدة اراضيها. وعلمت من مصدر مطلع ان عمليات سرية اميركية بدأت تجري داخل ايران تستهدف زعزعة استقرارها وقلب النظام او التمهيد لهجوم اميركي، وان السلطات الايرانية على علم بها انما لسبب ما تريد التعتيم عليه. ويضيف المصدر ان بعض هذه العمليات يقوم بها ايرانيون تم تجنيدهم في الولايات المتحدة او عبر السفارات الاميركية في الشرق الاوسط الكبير. وكانت ايران اكتفت باتهام منظمة مجاهدين خلق، وهي لم تخطىء في اتهامها، لكن الولايات المتحدة تقوم بتشغيل منظمة مجاهدين خلق ومجموعات اخرى في عمليات صغيرة عبر الحدود لا قيمة استراتيجية لها، اما العمليات السرية الاساسية فتقوم بها مجموعات من القوات الاميركية الخاصة.
وكان سيمون هيرش اشار في تحقيقه الاخير في مجلة "النيويوركر" نقلاً عن مصادره العسكرية الى أن القوات الاميركية داخل ايران تعمل ايضاً مع الاقليات الاخرى مثل الآذريين في الشمال، والبلوش في الجنوب الشرقي والاكراد في الشمال. وكان لوحظ ازدياد القلاقل في تلك المناطق ومنطقة خوزستان. وفي بداية هذا الشهر نقلت صحف ايرانية عن مصدر في وزارة الداخلية ان القوات الايرانية قتلت في خوزستان، زعيم مجموعة جند الله و11 من اتباعه، وقبل اسبوعين قصفت المدفعية الايرانية مواقع يشغلها منذ عام 1999 اكراد ايرانيون داخل كردستان العراق، يطالبون بحكم ذاتي للاكراد في ايران، كما اشارت التقارير اخيراً الى وصول مجموعات منظمة بدر وجيش المهدي الى مدينة كركوك شمال العراق.
تعيش اغلب الاثنيات غير الفارسية في مناطق ايرانية قريبة من الحدود، وفيها كلها مجموعات متطرفة تطالب بالانفصال، والذي يضاعف من الضغوط تقرير اميركي جاء فيه، ان بعض استراتيجيي المحافظين الجدد يرون ان ايران كبيرة جداً بالنسبة للدول التي تجاورها، وانهم يفضلون شرق اوسط مكونا من دول صغيرة، فهذه على المدى البعيد اضمن لحماية أمن اسرائيل الحليف الاساسي لاميركا في المنطقة. الذي يرجح مثل هذا التوجه ان الاميركيين لا يبذلون الجهد الكبير لمنع الصراعات الطائفية في العراق التي قد تؤدي الى تفككه. وكان الكثير من المراقبين رأى ان الاميركيين موجودون في الشرق الاوسط من اجل النفط، وهذا يصبح تأمينه افضل عبر تعاطيهم مع دول صغيرة.
وتنتشر في الدوائر الاوروبية اخبار مفادها ان بعض المخططين الاميركيين يبحثون خطة اقتطاع خوزستان الغنية بالنفط المتاخمة للبصرة، وقطع كل الخطوط الملاحية الايرانية في الخليج، وكانت هذه التجربة حدثت ضد العراق اثناء حربه مع ايران.
ويعبر زميل ايراني عن قلقه على مستقبل بلاده، ويرى ان نقطة الضعف الايرانية التي تجعلها عرضة للانتقادات ان القيادة هناك تهتم بقيم ايديولوجيتها الاسلامية، اكثر من اهتمامها بمصالحها الأمنية القومية، ويضيف، ان ايران ملتزمة بميثاق الامم المتحدة الذي يفرض على الايرانيين احترام وجود دولة اسرائيل، غير ان تصريحات محمود احمدي نجاد النارية اعطت اعداء ايران العذر لقصف مفاعلاتها النووية ولو كانت لاغراض سلمية، واذا ما وقعت المواجهة العسكرية، فإن اميركا لن تقلق من ردة فعل المجموعة الدولية.