بوتفليقة يطلق رصاصة الرحمة على الصداقة الفرنسية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الإثنين: 2006.05.15
رفض مشاركة تتغذى على لحم البشر
رسالة الجزائرـ أشرف العشري، الأهرام
مرة ثانية وبعد أيام قليلة تحسب بالساعات في عمر الزمنrlm;,rlm; عادت حملات الجدل والصخب والسجالات السياسية والاعلامية المتلاحقة بين الجزائر وفرنسا من جديدrlm;,rlm; بعد توقف اعتبره البعض استراحة محارب ومقاربة لالتقاط الأنفاس مجدداrlm;,rlm; وغطت خرجة الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة هذه المرة علي ما عداها من خرجات متعددة ضد باريس منذ صيف العام الماضي وحتي الآنrlm;,rlm; وكل ذلك بسبب خطيئة قانونrlm;23rlm; فبراير لتمجيد الاستعمار ـ القانون الشؤم علي حد تعبير الفرنسيين والذي جلب لهم غلبة ومعركة سياسية لا مبرر لها مع الجزائرrlm;.rlm;
وربما كان ايذانا بنهاية العصر الذهبي لفرنسا في الجزائر بعد أن ولت جزائر هذه الأيام وجهها شطر روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكيةrlm;,rlm; عملا بقول الشاعر العربي لما أبقيه وما أبقي علي في إشارة الي رفض فرنسا الاعتذار عن الجرائم والمجازر التي ارتكبها الاحتلال الفرنسي للجزائر طيلة فترة الاستعمار التي استمرت أكثر منrlm;132rlm; عاماrlm;.rlm;
ويبدو أن عودة الرئيس بوتفليقة الأخيرة من باريس معافي وبعد أن اطمئن علي سلامة حالته الصحيةrlm;,rlm; وأيقن بمشيئة الاقدار انه لم يعد واردا العودة من جديد لفرنسا لإجراء فحوصات طبيةrlm;,rlm; إلا أن مرارة الحملة الفرنسية التي نصبت ضده من قبل اليمين الفرنسي المتطرف خلال فترة علاجه الأخيرة وحالة الروح السياسي ونشر الغسيل الذي لم يكن قذرا علي حد تعبير الساسة الجزائريين بشأن حالة الرئيس قد ألمت ببوتفليقة شخصيا وقرر هدم المعبد هذه المرة علي ساكنيه في الإليزيهrlm;,rlm; عملا بقاعدة علي وعلي أعدائيrlm;, حيث استغل مناسبة ذكري الثامن من مايو لعامrlm;1945rlm; وهي ذكري أليمة وبشعة
وأكثر سوداوية علي الجزائريين وما إن يحين توقيتها كل عام في الجزائر حتي تثير الأحزان والمآسي والنكبات في عقول وقلوب الجزائريين لما اقترفه الاحتلال الفرنسي من قتل وإعدام لأكثر منrlm;45rlm; ألف جزائري وهدم وحرق أكثر من ثمانية آلاف قريةrlm;,rlm; حيث الذاكرة الجزائرية تعمر بفصول ومشاهد ودراما وحشية عالقة بالاذهانrlm;,rlm; حتي هذه الساعةrlm;,rlm; قال عنها بوتفليقة العام الماضي إنها أشد فظاعة من جرائم النازيين في العالمrlm;.rlm;
صداقة تتغذي علي لحم البشر
وبالفعل استغل الرئيس بوتفليقة اليومين الماضيين ذكري تلك الأحداث ليوجه رسالة سياسية مباشرة وقاسية للفرنسيينrlm;,rlm; بعد أن اختزل اليمين المتطرف وكل المناوئين للجزائر في معركة توقيع اتفاقية الصداقة المشتركة في شخص حاكم الإليزيه برفض الجزائر معاهدة الصداقة المقترحة عندما خاطب الجميع في فرنسا بمرارة تبا لصداقة تتغذي علي لحم البشرrlm;,rlm; في إعلان صريح وأخير للجزائر برفض تلك المعاهدةrlm;, وأبلغهم أنكم قمتم بإبادة في الجزائر وعليكم الاعتذارrlm;,rlm; وهو ما ترفضه فرنسا حاليا وتقول انه ضرب من المستحيل وهو ما يفسره البعض في الجزائر بأنه إعلان من قبل بوتفليقة بشروطه تلك لاطلاق رصاصة الرحمة علي الصداقة الفرنسية بشكل نهائيrlm;.rlm;
ويبدو جليا أن بوتفليقة يستغل الالتفافة الجماهيرية الكاسحة من قبل غالبية الشعب الجزائري حوله هذه الأيام في معركته الحالية مع فرنساrlm;,rlm; فعاد ليفتح النار مجددا ضد الأقدام السوداء مؤيدي الاستعمار الفرنسي للجزائر حتي الآنrlm;,rlm; واليمين المتطرف حين أفاض في توجيه الكيل والتهم لهم وليقتص من الذين أزعجوه أخيرا في باريس عندما أبلغهم أن فرنسا الاستعمارية لم يكفها بعد أعمال الابادة الوحشية في النسل الجزائريrlm;,rlm; لجأت الي الإمعان في إبادة الثقافة الجزائرية مسخا وفسخا وتهجينا وتشويهاrlm;.rlm;
وانبري بوتفليقة أيضا في الرد علي مؤيدي قانون تمجيد الاستعمار ليذكرهم بأن الحديث عن فائدة الاستعمار ومزاياهrlm;,rlm; بعد أن تم البت في الحكم عليه بالسلاح وبالقلم منذ ما يقارب نصف القرنrlm;,rlm; يعد من الضلال الذهني في أحسن الحالاتrlm;,rlm; وفي أسوأها احياء في شكل استهام لهذيان سلطوي لا خير يرجي منه للشعبين الجزائري والفرنسيrlm;.rlm;
وعاد ليؤكد في رسالة الي ساسة باريس بشكل غاضب وعنيفrlm;,rlm; حبذا لو ارتفعت أصوات فرنسية مرموقة وتصدت بما هو حق واعترضت علي محاولة الافراج عن الروائح الكريهة وتخليص المستقبل من تلك العفونات المشئومة لماض ولي وادبر بلا رجعةrlm;,rlm; في اشارة الي واضعي قانونrlm;23rlm; فبراير المسمي في الجزائر بقانون العارrlm;.rlm;
ولم يكتف بوتفليقة بذلكrlm;,rlm; بل طال الرئيس شيراك بشكل غير مباشر بالقولrlm;..rlm; كان من الأفضل لمصلحة شعبينا وما يربطهما من علاقات أن ينبري من الفرنسيين من يقول لبني جلدته وبلهجة هادئة وحازمة صحيح ان مغامراتنا الاستعمارية كانت حقا مغامرة إباديةrlm;.rlm;
عتاب وزير الخارجية
وكان لافتا أن مواقف وأقوال الرئيس بوتفليقة هذه لم تكن تروق لوزير الخارجية الفرنسية دوست بلازيrlm;,rlm; الذي كثيرا ما كان يلجأ الي مقاربات وخرجات موازية لمواقف الرئيس بوتفليقة بنفس الردود والحدةrlm;,rlm; حتي إنه فاجأ الجميع في الايام الماضية بالرد بغضب علي الرئيس الجزائري عندما طالبه بضرورة التوقف عن التلاعب بالألفاظ والتذكير دوما بأمجاد الاستعمار الفرنسي في الجزائر وانه كان متناغما مع الحداثةrlm;.rlm;
ولم يتوقف دوست بلازي عند هذا الحدrlm;,rlm; بل زاد باللعب علي وتر فضل الطب الفرنسي علي الحالة الصحية للرئيس بوتفليقةrlm;,rlm; عندما قال إنه لا يفهم كل هذه الحملة الجزائرية علي فرنساrlm;,rlm; والرئيس بوتفليقة نفسه معجب بالطب الفرنسي والاطباء الفرنسيين والمستشفيات الفرنسيةrlm;,rlm; في اشارة تلاسن مباشرة الي رحلة الرئيس الأخيرة لمستشفي فال دوجراس العسكري الفرنسي لاجراء مراقبة صحيةrlm;.rlm;
ويبدو أن تلميحات وزير الخارجية الفرنسية طيلة الأيام الماضية كانت بمثابة القطرة التي أفاضت كأس الغضب مجددا وأعادت السكين الي الجرح عندما رد عليه بوتفليقة برصانة سياسية وبلاغة لغويةrlm;,rlm; أجل الاستعمار لم يكن متناغما مع الحداثة وإنما مع المسخ الحضاريrlm;,rlm; وعاد ليبلغه هو ونيكولاي ساركوزي وزير الداخلية وكل وزراء اليمين في حكومة دوفيلبان كلمته الأخيرةrlm;,rlm; التي كانت بمثابة القول الفصلrlm;,rlm; إنه بينما كان الشعب الجزائري ينتظر من فرنسا الرسمية أن تتحمل بشجاعة وهمة ورصانة واجب الاعتراف بالحقيقةrlm;,rlm; لم يسمع سوي استعراض عشوائي ومخجل ومقرف لمفاخر أو لفوائد الاستعمار ونعمهrlm;.rlm;
في الوقت الذي تعجب فيه سياسيون كثر هذه الأيام في الجزائر من موقف فرنسا باعتماد الجمعية الوطنية الفرنسيةrlm;(rlm; البرلمانrlm;)rlm; من اعداد قانون ضد الاتراك الذين قاموا بمذابح جماعية ضد الأرمن في بداية التسعينيات وطالبوا البرلمان الجزائري باصدار قوانين وتشريعات مماثلة لمحاكمة الفرنسيين الذين ارتكبوا المذابح طيلةrlm;132rlm; عاما عمر الاحتلالrlm;,rlm; باعتبار أن مذابحهم هي الأقوي والأقرب في التاريخ لأنها انتهت عامrlm;1962rlm; خاصة أن هناك شهودا جزائريين معمرين ممن عثروا وتلقوا العذاب في الأفران الفرنسية في ولايات سطيف وجلمة ووهران مازالوا علي قيد الحياة ويجب إعداد قوائم خاصة بهم استعدادا لتلك المحاكمةrlm;,rlm; استنادا الي الحق القانوني للجزائر في أن نوعية تلك الجرائم الاستعمارية لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمنrlm;.rlm;
ولكن يبدو أن الجزائريين نسوا أن الأرشيف الكامل لتسجيل تلك الأحداث وفظاعتها وتوثيقها قد نقل لفرنسا آخر أيام الاحتلالrlm;,rlm; ومازالت تحتفظ به وترفض عودته الي الجزائر برغم المحاولات الماراثونية لاسترجاعه لأكثر من ثلاثين عاماrlm;,rlm; ويبدو أن كل تلك المحاولات ستتحطم علي صخرة الرفض الفرنسيrlm;,rlm; إذ كيف تعيد باريس أرشيفا تاريخيا هو بمثابة دليل الادانة الوحيد علي الجرم الفرنسي في الجزائرrlm;,rlm; وبدونه لن تستطيع الجزائر التوجه للمحاكم الدولية أو حتي الطلب من الامم المتحدة أن تنشيء محاكم خاصة لضحاياهاrlm;,rlm; كما تقولrlm;.rlm; لان فرنسا لن تقبل بأي حال من الأحوال أن تكون كمن يسلم رأسه طواعية لمقصلة الاعدام أو الادانة التاريخيةrlm;.rlm;