جريدة الجرائد

لماذا خذل العرموطي ساجدة الريشاوي؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

قاسم حسين


نشرت "الحياة" الاثنين الماضي تغطية خبرية من العاصمة الأردنية عن محاكمة العراقية ساجدة الريشاوي، المتهمة الرئيسية في جريمة تفجير فنادق عمان الثلاثة قبل ستة أشهر، وذهب ضحيتها 57 شخصاً، أكثرهم أردنيون.

الجريمة أثارت حينها موجة من الغضب العارم في الشارع الأردني، حتى ان زعيم "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" أبومصعب الزرقاوي، الذي أرسلها إلى الأردن، نفى أن تكون التفجيرات استهدفت حفل زفاف للمسلمين. وقال إن أجهزة الأمن الأردنية "كذبت" عندما قالت إن هدف التفجير هو حفلة العرس، لأن الهدف كان اجتماعاً لمسئولي استخبارات اسرائيليين وعملاء للولايات المتحدة و"إسرائيل".
الجديد في الخبر أن نقابة المحامين الأردنيين رفضت الاستجابة للمحكمة بتعيين محام للدفاع عن الريشاوي. والمتهمة العراقية التي فشلت في تفجير الصاعق في الحزام الناسف، ولت هاربة من الفندق مع المذعورين، واستقلت سيارة أجرة إلى منزل أهل زوج شقيقتها، (وهو أردني أصولي من القاعدة قتل في العراق)، فسارع أهله إلى تسليمها إلى الأمن الأردني كما جاء في "الحياة". فالدم "الأردني" غال، ولن يفرط فيه أردني أصيل. لا شعارات الجهاد والمقاومة، ولا النخوة العربية، ولا كونها "امرأة غريبة لجأت إلى بيت عربي"، كلها لن تجدي في التستر على من شارك في قتل أردنيين في حفلة عرس.
مصادر مقربة من التحقيق، وصفت الريشاوي بأنها شخصية غريبة وغير اجتماعية، وأحياناً كثيرة كانت تبدي قدرة عالية على التركيز، وعلى اصطناع الغباء لخداع المحققين. بل انها ذكرت للمحققين انها أحضرت من بغداد إلى عمان من دون أن تدرك هدف السفر، وعندما وصلت إلى الحدود وشاهدت السيارات، "ثارت وبدأت بالعتاب"، كما قالت لمحاميها حسين المصري.
الأردن سرب بعد أيام من اعتقالها ان زواجها من أحد منفذي العملية كان صوريّاً، لتبرير خروجها من منطقتها بغرب العراق، برفقة رجال في مجتمع محافظ ومتدين، بغية القيام بعملية لكي تضرب أميركا ومصالحها، وتثأر لمقتل أخيها وزوج أختها. ولعل المرء يتساءل: كيف تنسى الجنود الأميركان في بلادها وهم بعشرات الآلاف، وتسافر ألفي كيلومتر عبر صحراء وعرة لتستهدف عرساً لمجموعة من الأردنيين المدنيين انتقاما من الأميركان؟،
طريقة تفكير غريبة... أليست كذلك؟ لكن هكذا تجري الأمور، فهذه طريقة تفكير مرسلها الزرقاوي أيضاً، فهو سافر أيضاً في الاتجاه المعاكس، وبدل استهداف جنود الاحتلال الأميركي، راح يرسل السيارات المفخخة تباعاً لقتل المدنيين العراقيين الأبرياء في الأسواق والشوارع والمساجد والمآتم والمطاعم، في خطة شيطانية لتفجير حرب طائفية قذرة بين أبناء العراق.
من المفارقات الأردنية أيضاً، أن نقابة المحامين التي رفضت الدفاع عن الريشاوي، يترأسها صالح العرموطي، وهو من أوائل المتطوعين المتفاخرين بالدفاع عن صدام حسين (قاتل العراقيين)، وقد أكسبه هذا الدفاع محبة عظيمة في قلوب الأردنيين، في الوقت الذي لو دافع عمن شاركت في قتل الأردنيين فسيتحول في لحظة إلى محام شرير. من هنا فإن مصدر الاطمئنان الوحيد للمحامي حسين المصري، الذي استشعر الخطر على حياته من قبل أهالي القتلى في تفجيرات عمان، هو دعم عائلته البالغ تعدادها ما بين 20 و30 ألف نسمة. مفارقات أردنية... أم أزمة ضمير عروبي قبائلي محنط؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف