«القاعدة».. حكاية نصف مليار ريال !
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
فارس بن حزام
في كل مرة تحدث عملية أو تُضبط أموالٌ في وكر خلية، نسأل: من أين لهم المال؟
صناديق التبرعات وعمليات التسول في الطرق لا توفران ملايين الريالات. الصناديق تجمع الريال الواحد والعشرة، والمتسولون المحسوبون على "القاعدة" لن يكونوا بالكثرة التي تحمل إليهم مئات الآلاف.
يبدو لي أن تحقيقات المباحث قد توصلت إلى معلومات أولية، وليست قطعية، لأن المال مازال يتدفق على مدى 3 أعوام، دون توقف. لننظر قليلاً إلى ميزانية التنظيم في 3 أعوام مضت: نصف مليار !
رقم كبير، قد لا يصدقه القارئ. نظرة سريعة إلى الأسلحة والمتفجرات المضبوطة، ستيسر استيعاب الرقم. علاوة على السلاح، هناك الحياة والمعيشة والنقل والسكن "والذي منه" لمئات المطلوبين؛ سيارات حديثة، منازل في أحياء راقية. أعيد ما في السطر الأول: ".. تُضبط أموالٌ في وكر خلية". هذه الأموال المضبوطة ليست بالآلاف، بل بمئاتها. لعل هذه الصورة تملأ النصف مليار.
الأموال تأتي من الداخل والخارج. من الداخل يتبرع بها بعض "المصلحين"، ومن الخارج تأتي من "...." !
المشكلة مع المال أن المصدر الكبير مازال مجهولاً. هي تصل دائماً إلى رأس هرم التنظيم عبر وسطاء من خارجه. المشكلة أن رؤوس الهرم تنتهي صريعة. العييري والحاج والمقرن والعتيبي والمجاطي والحياري والفراج قتلوا ولم يقبض عليهم، ولذا بمقتلهم يختفي الوسيط والمصدر الكبير.
أكاد أجزم لوأن واحداً، ممن سبق ذكرهم، ضبط حياً؛ لانكشف ما هو مستور، وتوقف نزيف المال الكبير إلى التنظيم.
هناك أموال محدودة تصب بطرق مختلفة، لكنها لا تصل إلى الأرقام الكبيرة. بعض المطلوبين أخذ سلفة من صديق أو قريب قبل أن يختفي. آخرون باعوا سياراتهم، ودخلوا إلى التنظيم بأموالهم، كأنها رسوم تسجيل. وأيضاً، أحد الذين قتلوا مازالت الشكوك في مدينة الدمام بأنه كان بطل حادثة سطو مسلح على مصرفي كان يحمل حقيبة ملأها بنصف مليون ريال، بقصد إيداعها في البنك. الحادثة قبل أكثر من 3 سنوات، وانتهت إلى شكوك حوله.
الأساليب الأخرى في توفير الأموال الصغيرة، كانت كجمع التبرعات لأعمال خيرية خارج السعودية يتولاها "مصلحون" و"دعاة" مزكون. هذه الأموال لا تكون نظيفة دائماً، فغير مرة اتسخت بنقلها "من فلان إلى فلان"، وتورط "الشيخ المصلح" من دون قصد.
أيضاً، التبرع داخل البلاد؛ بناء مسجد ما أو صيانته، مساعدة فقراء ومحتاجين. الناس تدفع والمال لا يذهب إلى المسجد، أو يذهب بعضه، ولكن ليس كله.
وبعض الأموال كانت نتاج محصول التخزين المستمر لسنوات، حيث عمل مؤسس التنظيم في البلاد يوسف العييري بعد خروجه من سجن المباحث عام 1998 على جمع تبرعات مالية لصالح الشيشان، كان يجمع مبالغ جيدة؛ بفضل خطابات التزكية، التي تحصن بها كشهادة قبول لدى "أهل الخير" من الميسورين، ولكن الدلائل تشير إلى أنه لم ينقل الأموال كاملة إلى هناك، أرسل بعضها وحفظ الآخر في خزينة ودائع التنظيم البادئ في تأسيسه، ومثله فعل آخرون.
ما يحصل أن المجتمع السعودي معطاء ومحب للخير وفعله، وهذا ما استوعبه التنظيم واستثمره. الناس تحرص على الصدقات فوق إخراج الزكاة السنوية. يدفعون ويدفعون. المتبرعون يبحثون عن وسطاء الخير. الوسطاء، كمكاتب التخليص الجمركي، يسهلون العمل وينجزون المهام بالإنابة عن صاحب الحاجة. لأن الناس كسالى حتى في تبرعهم؛ فهم يرتاحون لمن يدلهم إلى المحتاج، ويرتاحون أكثر إذا تولى إيصال تبرعهم. الكثير لا يسأل أين تذهب صدقته، وإن سأل لم يتثبت. الثقة ركيزة التعامل بين المتبرع والوسيط، ولذا يحدث التسريب أحياناً.
سحبت الصناديق من البقالات، وأغلقت مؤسسات خيرية، وأعيد تنظيم البقية، وأحكمت الرقابة المالية عليها، والبنوك سنت أسنانها، ومازال المال يتدفق.
كانت "القاعدة" منذ سنوات تجمع المال، وتخزنه في حقائب معها، لا تلجأ إلى المصارف. كانت تحتاط للرقابة والتضييق بعد انكشاف أمرها. جمعها للمال على مدى سنوات، وفر لها مخزوناً جيداً، يعيشها ويدبر أمورها، لكن بعض المداهمات كشفت عن أموال غيرها، أموال بأرقام بنكنوت حديثة، أي صادرة خلال سنوات ملاحقتهم.
الأكثر إثارة في سير تحقيقات المال، العثور على أموال كبيرة من عملة اليورو، وقد عثر عليها مع خالد الحاج، ثاني قادة التنظيم، إلى جوار مبالغ بالريال السعودي والدولار الأميركي. تم التحقق من أرقام البنكنوت لليورو، فكانت النتيجة "...."!
.. سأترك نتيجة اليورو ليعلنها أهل الاختصاص !