جريدة الجرائد

موسم الحج إلي البيت الأبيض‏!‏

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الأربعاء: 2006.05.24


صلاح الدين حافظ

بدأ موسم السعي للحج إلي البيت الأبيض الأمريكيrlm;,rlm; في تسابق غريب تتميز به منطقتناrlm;,rlm; ربما بحكم ما تزدحم به من المشكلات والصراعاتrlm;,rlm; وكذلك المصالح الاستراتيجية الأمريكية الحيويةrlm;,rlm; والمزاحمات العربية ـ خصوصا ـ للالتحاق بالولايات المتحدةrlm;,rlm; حليفا وصديقاrlm;,rlm; أو حاميا وضامناrlm;..rlm;

ولقد بات معروفا للعامةrlm;,rlm; أن الهيمنة الأمريكية علي المنطقةrlm;,rlm; أصبحت شاملة كاملةrlm;,rlm; بعد أن دخل الكل بيت الطاعة والانصياع لهذه القوة العظمي الجبارةrlm;,rlm; التي ترفع شعارا وحيداrlm;,rlm; هو من ليس معنا فهو ضدناrlm;,rlm; من ليس حليفنا فهو بالضرورة عدوناrlm;..rlm;

وفي ظل هذه الهيمنة الشاملة الكاملةrlm;,rlm; لم تعد أمريكا هي التي تسعي وتشقي وتبذل كل الجهودrlm;,rlm; لاسترضاء دولناrlm;,rlm; لتكسب صداقتها وتحالفهاrlm;,rlm; ولكن الذي يحدث هو العكسrlm;,rlm; حيث نسعي نحن بقضنا وقضيضناrlm;,rlm; لاسترضاء أمريكاrlm;,rlm; وطلب الرضا الساميrlm;,rlm; والحج موسميا إلي البيت الأبيضrlm;,rlm; بينما ساكنه يترفع ويتعاليrlm;,rlm; يرفض طلب الزيارة ومسعي الحج أحياناrlm;,rlm; ويتمنع ويتباطأ في الموافقة والاستقبال أحيانا أخريrlm;..rlm; وفي الحالين هو صاحب الأمر والنهيrlm;,rlm; المعتلي وحده عرش الاستعلاء والاستغناءrlm;!!!rlm;

الاستثناء الوحيدrlm;,rlm; يتعلق بالضرورة بإسرائيلrlm;,rlm; التي هي في وضع استثنائي بالمنطقة العربية من ناحيةrlm;,rlm; وفي وضع استثنائي عند أمريكا من ناحية أخريrlm;,rlm; لأسباب تاريخية ودينيةrlm;,rlm; وسياسية استراتيجية معروفةrlm;,rlm; ربطت بين الدولتين أمريكا وإسرائيلrlm;,rlm; برباط مقدسrlm;,rlm; برغم تغير الظروف والصراعات والرؤساء والمسئولين هنا وهناكrlm;!rlm;

ولقد صار من التقاليد الأمريكية الإسرائيلية الراسخة والمتوارثةrlm;,rlm; أن يبادر رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد إلي الحج إلي البيت الأبيض الأمريكيrlm;,rlm; مثلما يبادر أي رئيس أمريكي جديد فور انتخابهrlm;,rlm; بتأكيد ما أصبح يعرف في الأدبيات السياسية بالعلاقات الاستراتيجية بين أقوي حليفينrlm;,rlm; أمريكا وإسرائيلrlm;..rlm; لا يستطيع أحد أن يشذ عن القاعدة وإلاrlm;!!rlm;

بالأمسrlm;,rlm; الثلاثاءrlm;,rlm; التقي الرئيس الأمريكي جورج بوش الابنrlm;,rlm; في البيت الأبيض بواشنطنrlm;,rlm; بإيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديدrlm;,rlm; في أول طلعة خارجية لهrlm;,rlm; لأن هذا هو التقليد الراسخrlm;,rlm; واليومrlm;,rlm; الأربعاءrlm;,rlm; يعقد الكونجرس الأمريكيrlm;,rlm; بمجلسيهrlm;,rlm; النواب والشيوخrlm;,rlm; اجتماعا مشتركاrlm;,rlm; لاستقبال أولمرت والترحيب بهrlm;,rlm; والاستماع إلي خطابه السياسي الافتتاحيrlm;,rlm; التالي مباشرة لخطابه في الكنيستrlm;,rlm; بعد تشكيل حكومته الائتلافيةrlm;...rlm; وبالمناسبة فإن مثل هذه الاحتفالية المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ الأمريكيينrlm;,rlm; لا تحدث كثيراrlm;,rlm; إلا لأقرب الأصدقاء والحلفاءrlm;,rlm; من عينة توني بلير وشارون ونتنياهوrlm;,rlm; في حين أننا لا نذكر أن ذلك قد حدث مع أي زعيم عربيrlm;,rlm; مهما علا شأنهrlm;,rlm; ومهما كانت علاقات تحالفه مع الصديق الأمريكيrlm;!rlm;
rlm;
***rlm;
وقد يتصور البعضrlm;,rlm; أن هذه مجرد شكليات بروتوكوليةrlm;,rlm; لكننا نثق بأن ما يجري للقادة الإسرائيليينrlm;,rlm; خصوصاrlm;,rlm; سياسة مقصودة ومتعمدةrlm;,rlm; تدخل في باب الإلحاح الدائم علي التحالف الوثيق بين دولتين متشابهتين من حيث النشأة القائمة علي الهجرةrlm;,rlm; وكذلك من حيث المعتقد الديني المتنامي في الولايات المتحدةrlm;,rlm; بفضل تنامي ما يعرف بمنظمات المسيحيين الصهيونيينrlm;,rlm; الذين يمثلون الآن القاعدة الصلبة للحكم في الولايات المتحدةrlm;!rlm;

وما أن يحج رئيس الوزراء الإسرائيليrlm;,rlm; إلي البيت الأبيضrlm;,rlm; ويلتقي بنواب وشيوخ الكونجرسrlm;,rlm; وقادة اللوبي اليهودي ومنظماته القوية النافذةrlm;,rlm; حتي تنطلق وسائل الإعلام الجبارة في حملة الدعم والمساندةrlm;,rlm; لترسيخ المفهوم المقدسrlm;,rlm; في أعماق الشعب الأمريكيrlm;,rlm; بالتزامه تاريخيا ودينيا وسياسياrlm;,rlm; بأمن إسرائيل وبقائها قوية قادرة علي دحر أعدائها العرب مجتمعينrlm;,rlm; وهو أمر لم يستطع العرب تغييره أو تعديلهrlm;,rlm; برغم بذلهم الغالي والرخيص لاسترضاء أمريكاrlm;!rlm;

وفي حين يسعي قادتنا للحج إلي البيت الأبيضrlm;,rlm; طمعا في الرضا ورغبة في تبادل المصافحات والابتسامات المظهرية مع الرئيس الأمريكيrlm;,rlm; لتنشر صورهم في الصفحات الأوليrlm;,rlm; وتلح في تكرارها شاشات التلفازrlm;,rlm; ربما من باب الاستهلاك المحليrlm;,rlm; فإن قادة إسرائيل حين يحجون إلي البيت الأبيضrlm;,rlm; فإنهم يقبضون الثمن مقدماrlm;,rlm; ويضعون أولوياتهم السياسية والعسكرية والاقتصاديةrlm;,rlm; علي رأس جدول الأعمال المتفق عليه مسبقاrlm;,rlm; ومن ثم يخرجون بنتائج محددةrlm;,rlm; وبإعادة تأكيد الالتزام الأمريكي بالأمن الإسرائيليrlm;!rlm;

وها هو أولمرت في الولايات المتحدةrlm;,rlm; حاملا جدول أعمالهrlm;,rlm; ضامنا مسبقا الموافقة الأمريكيةrlm;,rlm; أو حتي عدم الممانعةrlm;,rlm; علي مشروعه السياسيrlm;,rlm; وخطة عمله خلال السنوات المقبلةrlm;,rlm; خليفة لواحد من أهم وأخطر قادة إسرائيلrlm;,rlm; وهو أرييل شارونrlm;,rlm; المعلقة حياته الآن بين الحياة والموتrlm;,rlm; ربما الأكثر ترددا علي واشنطن خلال سنوات حكمهrlm;,rlm; ليس طلبا لحفلات الاستقبالrlm;,rlm; ولكن اتفاقا علي نوع ومدي المساعدات الأمريكية لإسرائيلrlm;...rlm;

أولمرت في الولايات المتحدة الآنrlm;,rlm; ليكسب الدعم الأمريكي المعهود لمشروعه الاستراتيجيrlm;,rlm; المسمي خطة الانطواءrlm;,rlm; القاضي بترسيم الحدود الجديدة للدولة اليهودية لأول مرة تاريخيا بحلول عامrlm;2008,rlm; والفصل بين إسرائيل والفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربيةrlm;,rlm; بالابقاء علي المستعمرات الاستيطانية اليهودية الكبري في الضفة الغربية والقدس وغور الأردنrlm;,rlm; والتخلي عن تلك المستعمرات الصغيرةrlm;,rlm; المسماه بالعشوائيةrlm;,rlm; نظرا لصعوبة ضمها إلي إسرائيلrlm;,rlm; وعدم القدرة علي حمايتها والدفاع عنهاrlm;,rlm; في مواجهة الهجمات الفلسطينيةrlm;,rlm; أو الكثافة السكانية الفلسطينيةrlm;..rlm;

ولعلنا نذكر أن أولمرت قال في خطابه الافتتاحي بالكنيست قبل أسابيعrlm;,rlm; جملة ذات مغزي وهي إننا نبدأ مع هذه الحكومة الجديدةrlm;,rlm; العام التاسع والخمسين من عمر دولة إسرائيلrlm;,rlm; ومعها نواجه تحديات خطيرة تتعلق بالأوضاع السياسية وبالسلام والأمن لإسرائيلrlm;,rlm; ولذلك فإن التزامنا بتنفيذ خطة الانطواء وفرض الحدود من جانبناrlm;,rlm; هو حبل النجاة لبقاء إسرائيل قوية ولاستمرار الصهيونيةrlm;.rlm;

والحقيقة أن نظرية الانطواءrlm;,rlm; أي فرض إسرائيل للحدود التي تراها هيrlm;,rlm; ومن جانب واحدrlm;,rlm; دون النظر للجانب الفلسطيني وحقوقه المشروعةrlm;,rlm; ودون الاعتبار لالتزامات السلام واتفاقاته من أوسلو إلي خريطة الطريق وتفاهمات شرم الشيخrlm;,rlm; ليست اختراعا جديدا من عبقريات أولمرتrlm;,rlm; لكنها جاءت بالاسم الجديدrlm;,rlm; استكمالا لمشروع أرييل شارون القديمrlm;,rlm; الذي بدأه قبل أربع سنواتrlm;,rlm; حين بدأ في بناء الجدار العازل مفتتا الأرض الفلسطينية إلي شرائح وكانتونات مبعثرةrlm;,rlm; لا تصلح أساسا لقيام دولة فلسطينية مستقرةrlm;..rlm;
rlm;
***rlm;
وطبقا للتصريحات الإسرائيلية الرسميةrlm;,rlm; فإنه تم بناءrlm;42rlm; في المائة من الجدار العازل في الضفة الغربيةrlm;,rlm; حيث انتهي انجاز بناءrlm;336rlm; كيلومتراrlm;,rlm; من مجموع طوله الأصلي والمستهدف البالغrlm;790rlm; كيلومتراrlm;,rlm; وبالتالي تنوي حكومة أولمرت استكمال الجزء الباقي خلال عام علي الأكثرrlm;,rlm; ليصبح هو خط الحدود الجديدة لإسرائيلrlm;,rlm; والتي تضم الكتل الاستعمارية الكبريrlm;,rlm; ومن ثم لا تترك للفلسطينيين إلا نحوrlm;40rlm; في المائة فقط من الضفة الغربيةrlm;,rlm; مقسمة مبعثرة مشتتةrlm;!!rlm;

ويسعي أولمرت خلال زيارته الحالية لواشنطنrlm;,rlm; إلي تحقيق عدة مكاسب وضمانات أمريكية محددةrlm;,rlm; أهمها بالطبع تأكيد التحالف الاستراتيجي التاريخي بين الدولتينrlm;,rlm; ثم الحصول علي الموافقة الأمريكية علي خطة الانطواء ورسم الحدود من جانب واحدrlm;,rlm; بحجة غياب الشريك الفلسطينيrlm;,rlm; خصوصا في ظل وجود حكومة حماس الفلسطينيةrlm;,rlm; وأخيرا وليس آخراrlm;,rlm; التأكيد للقادة الأمريكيين أن مشروعه السياسيrlm;,rlm; هو البديل الحقيقي لكل أوهام التسويات السياسيةrlm;,rlm; بما في ذلك المشروع الأمريكي المعروف باسم خريطة الطريقrlm;!!rlm;

ومثلما يسعي أولمرت لضمان التمويل الأمريكي لخطة الانطواءrlm;,rlm; وإعادة إحياء الجيتو اليهودي التاريخيrlm;,rlm; فإنه يسعي لقطع الطريق علي أي جهود عربيةrlm;,rlm; مطروحة أو يمكن أن تطرحrlm;,rlm; لعرقلة خطته ومشروعه السياسيrlm;,rlm; أو لفك الحصار الحديدي غير الإنساني المفروض علي الفلسطينيين الآنrlm;,rlm; من جانب الجميعrlm;,rlm; ناهيك عن محاولة إحياء التسويات السياسية العادلة والشاملةrlm;,rlm; تلك التي أصبحت من مخلفات الماضي غير المذكورrlm;,rlm; بل المنكورrlm;!rlm;

باختصارrlm;,rlm; أولمرت ذهب لأمريكاrlm;,rlm; وقد سبقته أجندته المحددة ومشروعه وخطتهrlm;,rlm; هادفا إلي تحقيق أفضل المكاسب وأقوي الضماناتrlm;,rlm; وحتما سيحصل علي ما يريدrlm;,rlm; من حجته هذه الأولي للبيت الأبيضrlm;,rlm; وهذا هو الفرق بين سياسي يحج إلي واشنطن ليصيب هدفا ويحصل علي مكسبrlm;,rlm; وآخر يحج لأخذ البركة والتناولrlm;,rlm; أو للاستماع إلي النصائح والتحذيرات وقرص الأذنrlm;!!!rlm;

وأظن أن هذا الفرقrlm;,rlm; هو التحدي الحقيقي المطروح عليناrlm;...rlm; لتغيير أوضاعنا علي الأقل من البداية للنهايةrlm;,rlm; ومن القمة للقاعrlm;...rlm;
rlm;
***rlm;
rlm;**rlm; خير الكلامrlm;:rlm; يقول ابن المقفعrlm;:rlm;
الملك ليس هو الملكrlm;,rlm; البلاط هو الملكrlm;!rlm;

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف