من سيكون المستفيد من إسقاط حكومة حماس؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
السبت: 2006.05.27
د. عبدالعزيز المقالح
أزعم أن سؤالاً كهذا لا يحتاج الرد عليه إلى مزيد من التفكير، وتكاد الإجابة تكون على ألسنة خصوم حماس قبل أنصارها، وهي: أن المستفيد الحقيقي لن يكون إلا الاحتلال ldquo;الإسرائيليrdquo; ومن يساندونه، وأن السلطة وفتح وبقية الفصائل الفلسطينية أول الخاسرين، ليس في مجال مبدأ تداول السلطة سلمياً وعن طريق الانتخابات وحسب، وإنما بسبب الفوضى التي سوف يتركها الفراغ السياسي وما يترتب عليه فلسطينياً وعربياً، وربما دولياً من غياب الثقة واسترجاع ما حدث في الجزائر نتيجة حرمان الإسلاميين من فوز محقق بالحكم، علماً بأن حماس أعقل وأكبر من أن تقع في خطأ بعض الحركات الإسلامية الجزائرية لأن قضيتها أكبر وأعمق من الحكم وما يحققه أو ما لا يحققه.
صحيح أن حكومة حماس منذ ظهرت إلى الوجود وهي في حالة حصار ورأسها مطلوب لا من أعدائها الألداء وحسب، وإنما - للأسف الشديد - من بعض الأهل والأصدقاء، وحين نتساءل لماذا يتم ذلك؟ تكون الإجابة بالنسبة إلى موقف الأعداء من السهولة بمكان، فهم لا يقبلون بحماس ولا بحكومة تنتمي اليها، لكن الإجابة تكون أصعب عندما يتعلق الأمر بالأهل والأصدقاء، حيث لا يبقى سوى تفسير واحد يتمثل في التكالب على السلطة، وهي سر مأساة الوطن العربي وما شهده ويشهده من تطاحن وصراعات لم تستطع الأردية واللبوسات المختلفة أن تخفي هذا المؤثر الذي يشحن العواطف ويعمل على تدني العقول تجاه بريق عابر ومؤقت.
لقد أثبتت التجارب العربية الحديثة أن أخطر مزالق العرب السياسية تأتي من تنافسهم غير الموضوعي على السلطة ومن ضعف الديمقراطية أو غيابها، وهو ما يجعل من يصل إلى السلطة يستأثر بالجاه والمال، ولا رقيب ولا حسيب، ولو قد كانت السلطة العربية ديمقراطية ما كان لها هذا البريق ولعفّ الكثيرون عنها. وحتى يأتي زمن ديمقراطي يجعل من الحكم غرماً لا مغنماً، سوف يشتد التكالب وتشتعل الخلافات بين الأخ وأخيه وسوف تدفع بالبعض إلى الاستعانة بالأجنبي، حتى وإن أصبح هو الحاكم الفعلي والآمر الناهي في الأمور الصغيرة والكبيرة والأدلة كثيرة يكاد يعرفها الصغير قبل الكبير.
لقد وصلت حماس إلى السلطة بانتخابات شهد لها العدو قبل الصديق بأنها كانت نزيهة وصادقة ووفق المعايير الأوروبية والدولية وأن الفلسطينيين تمكنوا من التعبير عن رغبتهم الحقيقية في فتح الباب لتداول السلطة سلمياً وبدأت صفحة جديدة في تاريخ هذا البلد الخاضع لاحتلال استيطاني منقطع النظير في تاريخ الاحتلالات والغزوات. وكنت ومعي كثيرون نرى أن حكماً تحت هذا النوع من الاحتلال لا يستحق كل هذا القدر من المنافسة وأنه لا يجوز تحت أي مبرر أن يكون الحكم سبباً في التحرشات الكلامية والخلافات المؤقتة فضلا عن الاقتتال والتضحية بأرواح الأبرياء من أبناء هذا الشعب الذي تعاظمت مأساته ولن يقبل بالتضحيات المجانية.