عن ميشيل كيلو ورفاقه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الخميس: 2006.06.01
شيء ما
د. حسن مدن
في المؤتمر السنوي لدار ldquo;الخليجrdquo; الذي انعقد منذ أسابيع قليلة في مقر الدار بالشارقة، كنت أجلس بجوار ميشيل كيلو، الكاتب والمفكر السوري، في أكثر من جلسة من جلسات المؤتمر. كان ذلك بمحض المصادفة وحدها، فأنا لا أعرف الرجل إلا من خلال قراءة كتاباته في الصحف والدوريات العربية، وبينها مقالاته في ldquo;الخليجrdquo;. ولعل تلك كانت المرة الأولى التي ألتقيه فيها مباشرة. والصداقة التي تنعقد بيننا وبين كاتب نقرأه، حتى دون أن نراه أو نلتقيه شخصياً، يمكن أن تكون بمتانة الصداقة التي تنعقد عادة بين الأصدقاء، حين يدور الحديث عن كاتب نقرأ في أفكاره أفكارنا، وفي آماله وآلامه نجد أنفسنا، لذا لم يكن صعباً أن أجد في ميشيل كيلو، ونحن نلتقي في ندوة ldquo;الخليجrdquo;، صديقاً أكاد أعرفه حق المعرفة، كأن بيننا صداقة نشأت منذ زمن.
كان مؤتمر ldquo;الخليجrdquo; يناقش معضلات الإصلاح في العالم العربي، وكان ميشيل كيلو يتداخل، بإيجاز وتكثيف، في بعض الجلسات معقباً على ما له صلة بالأمر، لا من واقع التنظير، وإنما من واقع تجربة مَنْ يخوض النضال من أجل الإصلاح ميدانياً، وعلى أرض بلاده. إنه لم يتخذ من أية عاصمة أوروبية ملاذاً له، ليطل على الفضائيات منها شاتماً أو مرشداً أو ناصحاً، على نحو ما يفعل الكثيرون اليوم، وإنما هو بين شعبه وأهله في وطنه، ومن موقع الإخلاص لقضية سوريا الوطنية ودورها العروبي القومي المحوري، يطالب بالإصلاح الذي دفع من أجله سنوات قضاها في السجن، وحين قيض له الخروج من هذا السجن لم ييأس من فكرة النضال، على نحو ما يرغب السجانون دائماً في أن يفعله السجين من أجل قضية أو موقف أو فكرة بعد الإفراج عنه، وإنما واصل النضال بالكلمة الحرة المثابرة، من أجل الديمقراطية، بروح الاعتدال والواقعية السياسية، مميزاً نفسه، كما هي المعارضة الديمقراطية الشريفة داخل سوريا، عن المعارضات المشبوهة، التي تتطلع إلى دبابات أمريكية تحملها إلى السلطة في دمشق.
ولم يخطر في الذهن أبداً أن ميشيل كيلو العائد إلى وطنه، بعد انفضاض أعمال ندوة ldquo;الخليجrdquo; سيجد نفسه، بعد أيام قلائل، معتقلاً، لأنه وقّع مع مجموعة من المثقفين السوريين واللبنانيين على بيان يدعو لصيانة الأخوة السورية اللبنانية من خلال تصحيح العلاقة بين البلدين. بيان كتبه مثقفون سوريون ولبنانيون معروفون بالتزامهم الوطني القومي، وانحيازهم للديمقراطية، فكرة وممارسة، ومن موقع الخوف الشديد على سوريا ولبنان معاً، وتجنيباً للبلدين الشقيقين من مكائد المتربصين بهما، الذين يريدون للبلدين أن يكونا ساحة نفوذ أمريكي صهيوني.
ما كان يليق أن يعامل هؤلاء المخلصون تلك المعاملة المهينة بأن يساقوا للسجن، وأكثر من ذلك يكونوا هدفاً للإساءة والتشهير الإعلامي، والمس بتاريخهم النضالي وولائهم لوطنهم، الذي يريدون أن يروه دائماً: حراً، عربياً، ديمقراطياً.
مازلنا نتطلع لأن تتغلب الحكمة في سوريا، هذا البلد العربي المهم، الذي نكن له كل محبة وتقدير ووفاء، ونحن ندرك حجم ما يتعرض له من ضغوط، ونعلم أنه في دائرة الاستهداف الخارجي، ومن شروط ذلك أن تستقوي سوريا بشعبها ممثلاً في قواه الوطنية والديمقراطية وشخصياته المخلصة الشريفة، من وزن ميشيل كيلو ورفاقه، بالإصغاء إلى نداءاتهم ومطالباتهم، بإشاعة الديمقراطية، وتوسيع مشاركة الفضاء الأهلي والمجتمع المدني في صوغ القرار الوطني، دفاعاً عن الوطن بوجه المخاطر المحدقة. ويتطلع المخلصون من محبي سوريا بأن يجد النداء الصادق الذي وجهه الدكتور سليم الحص رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق وسواه من الشخصيات العربية المخلصة بالإفراج عن كيلو ورفاقه صداه السريع، ليعود هؤلاء إلى مواقعهم النضالية دفاعاً عن سوريا وعن أفق تطورها الديمقراطي.