جريدة الجرائد

محاكمة صدام حسين: ملهاة عراقية للتندر الإعلامي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الجمعة: 2006.06.02

بغداد : مازن صاحب - الوطن الكويتية

بعد انتهاء الجلسة الحادية والثلاثين بثمانية أشهر، يتندر العراقيون على مسلسل محاكمة رئيس النظام السابق بكونها تجاوزت مسلسلات امريكا الجنوبية المدبلجة.
يجلس ابو طالب في دكانه وهو "يدردم" بلهجته البغدادية حول سير هذه المحاكمة "لماذا لا يعدموه وينتهي الامر، هل كل ما فعله بنا قليل ليحاكم حول موت 148 شخصا فقط في حادثة الدجيل".

وتسود الأوساط القانونية العراقية نبرة مخالفة عن سير الجلسات التي تواصلت في سجالات قانونية من قبل هيئة المحكمة والادعاء العام من جهة، ومساعي المتهمين وهيئة الدفاع لتحويل المحاكمة الى منصة خطابة سياسية.
ويعتقد المحامي "ز.ك" ان المحكمة لم تختلف سواء في الجلسات التي أدارها القاضي رزكار محمد امين او القاضي رشيد محمد رؤوف، الذي اظهر نوعا من الحزم المتشدد مع المتهمين في الجلسات الاولى ليفك ربط محاصرته لفنون الخطابة التي تمارس في هذه الجلسات، وحاول ان يمسك العصا من الوسط في مرات كثيرة.

ان وصف برزان التكريتي، الأخ غير الشقيق للرئيس المخلوع بأنه "ميرابو" هذه المحكمة، في مقاربة مع ابرز خطباء الثورة الفرنسية، ويعتقد محدثي بان القاضي قد اخطأ في دقة الوصف، لان برزان لم يكن اكثر من مجرد متهم مذعور يحاول ان ينفي التهم عن نفسه .
وبرغم تأكيد مصادر قانونية في وزارة العدل بان وزير العدل السابق عبد الحسين شندل، قد انتقد اداء المحكمة بشكل عام وتساهلها في الاجراءات التي أدت الى اطالة عدد جلساتها، فان واقع هذه المحكمة من وجهة نظر هذه المصادر ترتبط بجوانب مهمة في الواقع العراقي الجديد، الواضح في تصريحات القادة العراقيين، بان لا مشكلة للنظام السياسي المنتخب غير خطر التكفيريين وحلفائهم الصداميين، وما يرتبط من أحداث مصاحبة.

تدقيق الشهادات

وردا على سؤال عن الاجراءات الأصولية في تحديد موعد مرجح لصدور قرار الحكم، قالت هذه المصادر بان الوقائع المعروضة على هيئة المحكمة، والتي يصل فيها عدد شهود النفي عن المتهمين السبعة الى حوالي 90 شاهدا، ومقارنة المفاجأت التي ظهرت في اقوال شهود الاثبات باقوال شهود النفي، تتطلب من هيئة المحكمة تدقيق كل هذه الشهادات قبل تحديد موعد جلسة النطق بالحكم بعد الاستماع الى المرافعات النهائية لكل من هيئتي الادعاء العام والدفاع، وبمثل هذا الأسلوب، تضيف هذه المصادر، ربما يتطلب الامر شهرا أو أكثر بمواعيد متقاربة لجلسات المحكمة التي قد تصل الى خمسين جلسة او اكثر.

وعن الجانب الاعلامي في نقل وقائع الجلسات في بث على الهواء، يتقافز في تحليلات خبراء الاعلام نوعان من الآراء، الأول الذي يرى بان المحكمة توفر وسيلة اعلامية مباشرة للمتهمين وابرزهم صدام حسين، فيما يجد اخرون بان على المحكمة ان تكون اكثر شفافية في اظهار صورة المتهم صدام، كعبرة لكل طغاة العصر في القرن الحادي والعشرين.

موقف إعلامي

ويرى اعلامي معروف، فضّل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، بان كل الفضائيات العراقية تنقل وقائع هذه الجلسات، بل حتى بعض الفضائيات العربية التي لها جمهور عراقي، بما يثير موقفا اعلاميا لصالح المتهمين، سيما في المتابعات الحوارية التي تقارن بين الاحوال المعاشية التي تعاني اليوم من حالة انفلات امني وتدهور واضح في الخدمات وبين الأدلة المقدمة في جلسات المحكمة التي لم تصل الى درجة الاقناع الجماعي في تجريم صدام حسين وبقية المتهمين بتهمة لا تصل في الوجدان العراقي الى مستوى الجرائم التي اقترفها هذا النظام بحق العراقيين وجيرانهم في الحرب على ايران وغزو الكويت.

ويؤكد هذا الاعلامي، بأنه ضد عرض جميع جلسات المحكمة علنا لكونها اصبحت دعاية اعلامية لخطابات استعراضية يتلذذ بها المتهم والحالمون بعودته سواء في الداخل او في الخارج، والجميع رأى اخلاقية هؤلاء واستهجانهم بدموع عوائل الضحايا.

خطابات استعراضية

وقال ان الخطابات الاستعراضية والمقاطعة لبعض الجلسات من قبل هيئة الدفاع والمتهمين كلها كانت دليلا واضحا لمدى الحنكة والخبرة القضائية التي يدير فيها القاضي جلسات المحاكمة.

ويخالف البعض هذا الرأي بكون المحكمة قد تجاوزت حدود المعقول لطول المدة الزمنية التي استغرقتها الجلسات ويرى خبراء في القانون الجنائي ان هذا التمادي في التأخير وعدم الاسراع في اصدار القرار هو اجحاف بحق عوائل الضحايا، بل يذهب البعض الى اعتبار ان عوائل الضحايا أصيبت بخيبة أمل واحباط وهي تسمع الخطابات السياسية للمتهمين أمام المحكمة ولن تغفر تلك العوائل للمتهم برزان إهانته لضحاياهم، عندما نعتهم بأسلوب قبيح يبين للجميع اخلاقية هذا المتهم، الذي كان يشرف على اهم جهاز قمعي في البلاد.

مشيرا الى قول المتهم صدام حسين في احدى الجلسات بان العراقيين يقتلون اليوم مثل "الكلاب"، واستدرك بعدها بقوله "حاشاهم" ولكنه عبر في الحقيقة عن مكنون نفسه في نظرته للعراقيين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف