يا رافعا راية الشورى وحارسها!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أنيس منصور
في تليفزيون أجنبي سألوني: من الذي كان ولا يمكن أن يكون مثله بين الرجال؟
قلت: الذي قال فيه شاعرنا حافظ إبراهيم:
يا رافعا راية الشورى وحارسها جزاك ربك خيرا عن محبيها
رأي الجماعة لا تشقى البلاد به رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها
إن جاع في شدة قوم تشاركهم في الجدع أو تنجلي عنهم غواشيها
جوع الخليفة والدنيا بقبضته في الزهد منزلة سبحان موليها
يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها من أين لي ثمن الحلوى فأشريها
ما زاد عن قوتنا فالمسلمون به أولى فقومي لبيت المال رديها
كذاك أخلاقه كانت وما عهدت بعد النبوة أخلاق تحاكيها
هذه أبيات من قصيدة اسمها (العمرية) عن عمر بن الخطاب، فانظر حولك، في بلدك أو البلد الذي يجاور بلدك فلن تجد له نظيرا ولا أمل في أن يكون له نظير.
وإنما يظل مثلا عاليا رفيعا فوق. نراه ونتملاه ونتمناه وبس! وفي الشبكات والميكروفونات والصفحات فضائح الذين فوق، وكيف أنهم تحت وتحت التحت، والانحلال ودوس القانون بالجزمة من جميع المقاسات، هي القاعدة الذهبية في هذا الزمان.
والقاعدة الذهبية إن كنت قد نسيت هي: عندما لا يكون قانون، فالعلاقة الشخصية هي القانون!
وزمان كنا نقول: إن القانون سيف على رقاب العباد، واليوم نقول إن القانون لا هو سيف ولا هو فوق رقاب العباد، إنما القانون يقول للقوي شبيك لبيك عبدك بين إيديك!
ولا تزال القصة الشهيرة في التاريخ الألماني رمزا للعدالة، إنها قصة الإمبراطور والفلاح. يقال إن الإمبراطور الألماني أراد أن يوسع حديقة قصره المسمى (سان سوسي) وهما كلمتان فرنسيتان معناهما: بلا ملل بلا زهق، لكن يعترض حديقة القصر بيت لفلاح غلبان.
وكانت رغبة الإمبراطور أمرا واجب النفاذ، فذهب المهندسون يحيطون بالكوخ وطلبوا من صاحبه أن يرحل لأنهم سوف يهدمون الكوخ، تنفيذا لأمر الإمبراطور.
وذهب الرجل الغلبان إلى المحكمة ووقف القانون كله وراءه، وكذلك القضاء والتاريخ وصدر حكم القاضي ببقاء الكوخ، واحتراما للقانون أحنى الإمبراطور رأسه وأوامره.
وبقي الكوخ في مكانه ودارت أسوار القصر حول الكوخ.
أما بقاء الكوخ فظل دليلا على أن في ألمانيا قضاة وقانونا وعدالة وأن الإمبراطور أصغر من القانون، وأن العدالة معصوبة العينين لا تفرق بين صغير وكبير!
ورحم الله عمر بن الخطاب!