أولمرت ... الزرقاوي والظواهري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عبد الله اسكندر
قبل ان يعلن ايهود اولمرت امس في صحيفة بريطانية ان "لا معنى" للاستفتاء الفلسطيني على "وثيقة الاسرى"، وان المطروح للتفاوض مع الفلسطينيين هو خطته الأحادية في الضفة الغربية، قبل ذلك تحدث المحللون الاسرائيليون عن "ورطة سياسية" محتملة ستقع فيها الحكومة الحالية من جراء تمكن الرئيس عباس من الحصول على تفويض شعبي جديد، في مقابل تمسك حكومة "حماس" رفض "الوثيقة". واستند هؤلاء المحللون الى ان الاستفتاء سيوفر لعباس، الى الغطاء الداخلي، اعترافاً جديداً دولياً بأنه الشريك الفلسطيني المطلوب من أجل معاودة العملية السلمية.
ويبدو ان اكثر ما يؤرق اولمرت هو الحديث عن هذا الشريك، لأن مجرد وجوده يعني ان خطته الأحادية لم تعد مبررة. او على على اقل تعديل ستزيد صعوبات تسويقها كثيراً. ولذلك، كان الهاجس الاساسي لرئيس الحكومة الاسرائيلية، في واشنطن والقاهرة وعمان ولاحقاً في لندن وباريس، هو اقناع محاوريه بأن الشريك الفلسطيني غير موجود لأن عباس لا يستطيع تنفيذ التزامات "خريطة الطريق". وكانت ترجمة هذا الهاجس هي افتعال اكبر مقدار من الاضطراب والعنف في الداخل الفلسطيني، بما يعمق الخلافات بين رئاسة السلطة وبين الحكومة و "حماس" والفصائل الاخرى. وخصوصاً دفع "حماس"، وهي في الحكومة، الى اشتباك عسكري مباشر مع اسرائيل، وانهاء فترة "التهدئة" التي كانت ثمرة عمل دؤوب يُحسب لعباس في سعيه الى معاودة المفاوضات.
في هذا المعنى، يمكن النظر الى التصعيد واعمال القتل واستهداف المدنيين التي اقدمت عليها اسرائيل يوم الجمعة الماضي. هذه الممارسات ليست مجانية. انها تهدف الى وضع عباس في موقع حرج امام الفصائل والشعب، اذ لن يكون سهلا عليه بعدها الحديث عن سلام في ظل التمشيط المدفعي الاسرائيلي لسواحل غزة حيث المتنفس الوحيد للعائلات في يوم جمعة. وتقع هذه الممارسات في صلب خطة اولمرت لمنع اي تفاهمات فلسطينية داخلية، ومنع اي توافق على موقف فلسطيني من الحل، سواء عبر الحوار ام عبر الاستفتاء. لان انهاء "التهدئة" مع "حماس" يوفر كل الذرائع لاسرائيل لمزيد من التصعيد والقتل، وصولا الى استهداف شخصيات رسمية فلسطينية، بما ينهي عمليا كل امل لحوار جدي.
والدليل على هذه الخطة هو ان اغتيال جمال ابو سمهدانة، مسؤول "اللجان الشعبية" في غزة والقريب من "حماس"، في غارة جوية ليل الخميس - الجمعة لم يؤد بالحركة الاسلامية الى وقف التهدئة. فكان من الضروري الاقدام على استفزاز كبير، بحجم استهداف مدنيين على الشاطئ في يوم عطلة.
مواجهة مثل هذه الخطة الاسرائيلية التي تستهدف الرئاسة والحكومة الفلسطينيتين، تفرض إعادة النظر في الحسابات والتقديرات، خصوصا من قبل "حماس" التي لم توفر عناصر اطمئنان، داخلي ودولي، يوم المجزرة في غزة. اذ جاءت تعليقات قادة فيها، ردا على مقتل الزرقاوي في العراق واعلان الظواهري معارضته للاستفتاء، لتضع الحركة في اطار يخرج كثيرا عن معاني الحوار الذي تطالب به مع عباس وطبيعته.
جاءت هذه التعليقات، في ذروة مواجهة مع اسرائيل من اجل اثبات الوجود الفلسطيني على الساحتين العربية والدولية، وفي ظل الحاجة الماسة الى فك الحصار المالي والسياسي واستقطاب المساعدات التي تمنعها اسرائيل واميركا، جاءت هذه التعليقات لتعطي تبريرات، وإن كانت غير مستندة الى وقائع ميدانية، لاتهام "حماس" بعلاقة مع شبكات، ثمة اجماع عالمي على نهجها الارهابي ومشروعها المناهض لكل حوار وسلام ولكل ما هو قائم في المنطقة. واذا كانت قيادة "حماس"، في الداخل أي الحكومة أو في الخارج، معنية بحوار جدي مع الرئاسة و "فتح" وصولاً الى موقف موحد لمواجهة الخطة الاسرائيلية ولاستعادة الحقوق الفلسطينية، سيكون مطلوبا منها توضيح الالتباس الذي تركته مثل هذه التعليقات.