تاريخ وكالة نوفوستي في العالم العربي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الثلاثاء: 2006.06.13
موسكوـ د. محمد النعماني
فيالرابع والعشرين من شهر يونيو الحالي ستمر الذكرى الـ65لتأسيس مكتب الإعلام السوفيتي - سلف وكالة نوفوستي للصحافة ووكالة أنباء نوفوستي الحالية.
وقد كلف مكتب الإعلام السوفيتي الذي تأسس في اليوم الثالث بعد هجوم ألمانيا النازية على الأراضي السوفيتية في 22 يونيو 1941 بتنفيذ عدة مهمات، منها إعداد ونشر البلاغات العسكرية من جبهات القتال للصحافة السوفيتية، وإعلام الرأي العام العالمي حول ما يجري في الاتحاد السوفيتي، وتنسيق العمل مع الصحفيين الأجانب.وتقول المعلقة السياسية لوكالة نوفوستي ماريانا بيلينكايا إن ذكر كلمات "روسيا ووكالة نوفوستي" يثير لدى الكثيرين في البلدان العربية جملة من الذكريات والعبارات الجميلة. ويعرف العالم العربي وكالة نوفوستي الحالية منذ أن كانت تسمى وكالة نوفوستي للصحافة، أي منذ مطلع الستينات من القرن الماضي على الرغم من أن تاريخها بدأ قبل ذلك الوقت.
وتحول العمل الموجه إلى البلدان الأجنبية بالتدريج إلى اتجاه رئيسي في نشاط مكتب الإعلام السوفيتي. ومن المعروف أن الاتحاد السوفيتي قاتل وتحمل أعباء كبيرة في الحرب العالمية الثانية، وكان بحاجة إلى مساعدة حلفائه ماليا وعسكريا ومعنويا. وقد ساعد الصحفيون الدبلوماسيين والسياسيين على تحقيق هذا الهدف. وفي هذا السياق تمكن مكتب الإعلام السوفيتي من خلال 1171 صحيفة، و523 مجلة، و18 محطة إذاعة في 23 بلدا، والسفارات السوفيتية في الخارج، وجمعيات الصداقة ، ومختلف المنظمات الاجتماعية من تعريف القارئ والمستمع الأجنبي بكفاح الشعب السوفيتي ضد النازية. ولم يتابع موظفو المكتب أحداث الحياة من النافذة بل من الأماكن التي تجري فيها تلك الأحداث.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أصبح مكتب الإعلام السوفيتي مصدر المعلومات الرئيسي عما يجري في البلاد من أحداث وسياستها الخارجية بالنسبة للقارئ الأجنبي. وقد استحوذ الاتحاد السوفيتي وقتذاك على اهتمام الكثيرين، وخاصة في البلدان التي ناضلت من أجل نيل استقلالها. وكان صوت موسكو والأخبار التي ترد من الاتحاد السوفيتي في سنوات الحرب الباردة ضرورية للكثير من البلدان الآسيوية والأفريقية التي تلمست لتوها طريقها الخاص في التنمية.
وفي خمسينات القرن الماضي افتتحت أول ممثليات لمكتب الإعلام السوفيتي في البلدان العربية بدءا بلبنان ومصر وسوريا. وفي عام 1961 أنشأت وكالة نوفوستي للصحافة على أساس مكتب الإعلام السوفيتي. وتوسع نشاط الوكالة منذ ذلك التاريخ حيث افتتحت في الستينات مكاتب في اليمن والعراق ثم في الأردن والسودان وبلدان شمال أفريقيا. وقد أقامت وكالة نوفوستي للصحافة طوال فترة عملها 29 مكتبا في الدول العربية والإفريقية.
وجاء الكسندر كراسنوف للعمل في مكتب الإعلام السوفيتي في أواخر الخمسينات. وفي عام 1959 بدأ عمله في ممثلية هذا المكتب في القاهرة والتي بقي فيها بعد تأسيس وكالة نوفوستي للصحافة. وأصبح هذا الصحفي والمستشرق شاهدا على وصول التعاون السوفيتي المصري حينذاك إلى أعلى مستوياته. ورافق كراسنوف المسؤولين السوفيت في أثناء زياراتهم إلى مصر، بما في ذلك زيارة السكرتير الأول للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي نيكيتا خروشوف إلى القاهرة في عام 1964.
وفي عام 1971 حضر كراسنوف مراسم بدء تشغيل السد العالي وهو يحتفظ في أرشيفه العائلي بقطعة من الشريط الأحمر الذي قصه رئيس هيئة الرئاسة لمجلس السوفيت الأعلى للاتحاد لسوفيتي نيقولاي بودغورني والرئيس المصري أنور السادات.
وقد عاش منتسبو وكالة نوفوستي للصحافة الذين عملوا في البلدان الأجنبية واقع تلك البلدان بكل أفراحه وأتراحه من حروب ونزاعات محلية. وقد لقي مصرعه موظف وكالة نوفوستي فلاديمير ياكوفليف في اليمن في حين نجا منتسبو الوكالة في لبنان من الموت بأعجوبة في سنوات الحرب الأهلية حين تساقطت شظايا القذائف أكثر من مرة على المبنى الذي استأجرته وكالة نوفوستي للصحافة في بيروت.
ولم يعمل في وكالة نوفوستي للصحافة أشخاص ماهرون في فن الكتابة فحسب، بل وكانوا يتمتعون بمعرفة لغة البلدان وأحوال المناطق التي عملوا فيها. وإذا كانت وكالة "تاس" السوفيتية (حاليا "ايتار- تاس") قد تخصصت في نشر الأخبار القصيرة فإن وكالة نوفوستي اهتمت بكتابة ونشر التعليقات والمقالات التحليلية في الصحافة إلى جانب أعمال الطباعة التي أصبحت احد اتجاهات عملها الرئيسية. وأصدرت وكالة نوفوستي في أوائل الستينات أول مطبوعة باللغة العربية، هي "المجلة السوفيتية" التي جرت طباعتها في القاهرة. ويتذكر الكسندر كراسنوف كيف دأب موظفو مكتب نوفوستي على البحث عن إمكانيات لتوسيع انتشار المجلة حيث أشركوا في ذلك النشاط الخبراء السوفيت الذين عملوا في الكثير من مواقع البناء في مصر. وصدرت إلى جانب "المجلة السوفيتية" في مصر صحيفة "الشباب السوفيتي" الأسبوعية.
ومن الجدير بالذكر أن العلاقات السوفيتية المصرية ازدهرت في الستينات حيث شهدت هذه الفترة بناء السد العالي، وتحديث مجمع حلوان للحديد والصلب، ومد خطوط الطاقة الكهربائية، وبناء مراكز إعداد الكوادر. وقد نشرت "المجلة السوفيتية" في وقتها الكثير من التحقيقات والصور التي تتحدث عن التعاون بين الاتحاد السوفيتي ومصر. كما كتب موظفو مكتب وكالة نوفوستي للصحافة مقالات وتحقيقات في الصحف والمجلات المصرية عن تجارب البلدين ومنجزاتهما في مختلف المجالات.
ومع مرور الزمن انتقل المركز الأساسي لنشاط وكالة نوفوستي للصحافة في مجال النشر والطباعة إلى بيروت. وقام مكتب الوكالة هناك بإصدار المطبوعات باللغات العربية (ومنها مجلة "المدار" الشهيرة) والإنجليزية والفرنسية وتوزيعها على البلدان العربية والإفريقية وعدد من الدول الأوروبية.
وجدير بالذكر أن ألكسندر كراسنوف ترأس في الثمانينات ومطلع التسعينات هيئة التحرير الخاصة ببلدان الشرق الأوسط وإفريقيا في وكالة نوفوستي للصحافة وأصبح فيما بعد أحد نواب رئيس مجلس إدارة الوكالة.
وتحولت وكالة نوفوستي للصحافة بعد الإصلاحات التي شهدتها روسيا في السنوات التي أعقبت تفكك الاتحاد السوفيتي إلى وكالة الأنباء الروسية "نوفوستي". وحصلت الوكالة منذ عام 1993 على صفة وكالة إعلامية تحليلية تابعة للدولة. ومنذ أبريل 2004 أصبحت وكالة نوفوستي تحمل اسم الوكالة الروسية للأنباء العالمية "ريا نوفوستي".
وتشغل سفيتلانا ميرونيوك منصب المدير العام للوكالة.
وتتميز وكالة أنباء نوفوستي الحالية عن وكالة نوفوستي للصحافة بتوجه أخبارها وموادها الإعلامية إلى الداخل والخارج، وليس إلى القارئ الأجنبي فقط كما كان في السابق.
ويعتبر صحفيو وكالة نوفوستي الحالية أنفسهم حاملين لتقاليد مكتب الإعلام السوفيتي ووكالة نوفوستي للصحافة حيث يسعون إلى توفير معلومات بلغة مفهومة للقارئ الأجنبي عن الأحداث التي تجري في روسيا المعاصرة سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية وعن سياستها الخارجية ووجهة النظر الروسية حول أهم القضايا الدولية.