صرخة صحافية: أي نوع من الكلاب يريدنا بوش..؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الجمعة: 2006.07.07
نيكولاي كريستوف - نيويورك تايمز
يتزعم الرئيس بوش اتهاما ضد صحيفة "نيويورك تايمز" ومقدمة برنامج "الحوار"، الصحافية المحافظة ميلاني مورغان، التي اشارت الى ان رئيس التحرير التنفيذي للصحيفة ربما يواجه الإعدام بسبب الخيانة. ومن هنا فنحن نواجه نزاعا أساسيا حول دور وسائل الاعلام الاخبارية في اميركا. فيما تواجه حملة الادارة لإعادة صياغة العلاقة بين الحكومة والصحافة حالة من الخطر. واحدى الآليات تتمثل في التهديد بمقاضاة المحررين او المخبرين، للمرة الأولى بموجب قانون التجسس لعام 1917. وربما اكثر احتمالا ان يكون محاولة لاستدعاء جيمس رايسن واريك ليتشبلاو، وهما مخبران صحافيان في "نيويورك تايمز"، لإرغامهما على الكشف عن مصادرهما الموثوقة، ومن ثم سجنهما عندما يرفضان. وقد اثارت حالتان من جانب "نيويورك تايمز" غضبا خاصا وهما: تقرير حول قيام وكالة الأمن القومي بالتنصت بدون إذن قضائي، وآخر حول برنامج لمتابعة تمويل الارهاب عبر تدقيق التحويلات المصرفية. ويجتذبني الموضوع الأول باعتباره من أفضل التغطيات الصحافية، ذلك انه كشف عن سلوك يحتمل ان يكون غير مشروع بدون أي خطر جلي على الأمن القومي. فالتنصت كان معروفا للتو، والمعلومة الوحيدة الجديدة انه يدار بدون إذن قضائي. وتلك معلومة مفيدة للمواطنين وليس للإرهابيين، فيما يبدو الكشف أخيرا عن التحويلات المصرفية بالنسبة لي دعوة أصعب. فالبرنامج يبدو مشروعا ومعقولا، وسيكون نكسة في حالة تخلي المصرفيين عن موقفهم، ولو كنت مكانهم ربما اتخذت ذلك القرار على نحو مختلف. ولكن حتى الآن ليس هناك دليل على أن القصة المصرفية ألحقت ضررا بالأمن القومي، وأنا واثق من أن محرري "نيويورك تايمز" و"لوس انجليس تايمز" والـ"وول ستريت جورنال" يتحملون مسؤوليتهم بصورة جدية، ذلك انهم احتفظوا مرارا وتكرارا بمعلومات عندما كان ذلك ضروريا. وعلى النقيض من ذلك فان المهاجمين في الصحافة أقل مصداقية بكثير. خذوا مثلا بات روبرتس الجمهوري من كنساس، الذي يترأس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، فقد انتقد روبرتس "نيويورك تايمز" ولكنه، هو نفسه، مسؤول عن الكشف الفاضح لمعلومات سرية. وكما أفادت "ناشينال جورنال" في ابريل الماضي فإن روبرتس هو الذي صرح عندما بدأت الحرب في العراق بأن الولايات المتحدة لديها "معلومات بشرية تشير الى موقع صدام حسين". وأرعب ذلك التصريح البعض في أوساطنا الاستخباراتية بالكشف عن ان لدينا عميلا قريبا من صدام.
وما من صحيفة مسؤولة يمكن ان تغامر بحياة عميل على هذا النحو. ولم يكن لـ"نيويورك تايمز" ان تكون فارسا في الكشف عن هوية فاليري بليم ويلسون كما كان البيت الأبيض. والحقيقة هي أن الصحافيين يحتفظون على نحو متكرر بالمعلومات لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وقد ابقيت أخيرا معلومات بناء على طلب الأوساط الاستخباراتية حول الاتصالات الارهابية السرية. والشيء الأسوأ في كون الصحافة "خارج السيطرة" هو الصحافة التي تكون تحت السيطرة. ويعرف كل امرئ عاش في دولة شيوعية هذا الأمر. تخيلوا ما الذي يمكن أن يحدث اذا كانت وسائل الاعلام الاخبارية سهلة الانقياد للإدارة شأن "فوكس نيوز" أو صفحة الرأي في "وول ستريت جورنال".
وعندما كنت أغطي الحرب في العراق كنا نحن الصحافيين نشاهد، في بعض الأحيان، محطة "فوكس نيوز" فنصاب بالحيرة عندما تصف كيفية حب العراقيين للأميركيين. ومثل هذه التغطية (المدعومة بالافتتاحيات الصحافية المضللة التي تربك كل من كان في العراق حقا)، تضلل المحافظين بشأن العراق، فلا يصبح الضحايا الحقيقيين لـ"فوكس نيوز" الليبراليون الذين هاجمتهم وانما المحافظون الذين كانوا يصدقونها.
والى ذلك كنا، في حالات تاريخية كثيرة، مذعنين مسايرين تماما، فيما أخفقنا في اداء دور كلاب الحراسة، وجعلنا بلدنا يواجه الاخفاق. ولهذا كونوا حذرين جدا من مسعى بوش لترويض الصحافة. يمكن لكلاب الحراسة ان تكون وضيعة ومغفلة وبغيضة، ولكنه سيكون من الخطر الأعظم بيعها واستبدال كلاب الزينة بها.