جريدة الجرائد

عاش الـ إف. بي. آي.. تسقط البنتاجون

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الإثنين: 2006.07.010

سعد محيو

اعتقال ldquo;الأمير الأندلسيrdquo; عاصم حمود قبل إقدامه مع سبعة من رفاقه في 6 دول على تفجير أنفاق المترو في منطقة نيويورك نيوجيرسي وإغراق الحي المالي في ldquo;وول ستريتrdquo; بالمياه. أليس هذا إنجازاً هائلاً يمكن لإدارة الرئيس بوش أن تعتز به، باعتباره دليلاً على نجاح حربها العالمية على الإرهاب؟

كلا!

فكشف هذا الهجوم الجديد، حتى قبل وضعه على الورق، ليس نصراً لبوش بل هو في الواقع هزيمة له ولكل الأسس التي قامت عليها استراتيجيته حول حرب الإرهاب. وهذه بعض الأسباب:

من حقق هذا النصر لم يكن البنتاجون وال ldquo;سي. آي. إيهrdquo; اللتين تقاتلان ldquo;الإرهابيينrdquo; في جبال أفغانستان وسهوب العراق وأدغال الغرب الإفريقي وجنوب شرق آسيا، بل شرطة ال ldquo;إف. بي. آيrdquo;، أي مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي يعمل داخل الوطن الأمريكي. وهذا يعني أن الإرهاب في الواقع معركة أمنية يمكن أن تخاض وتربح بقوات الشرطة، لا حرباً عسكرية يجب تجريد الجيوش الجرارة من أجلها.

لو أن هذا الهجوم الجديد على نيويورك حدث بالفعل، لكان التساؤل الكبير الذي سيطرحه الأمريكيون على أنفسهم، وتطرحه الشعوب الأخرى عليهم، هو: ماذا تفعل قواتكم في العراق، فيما يتعرض وطنكم إلى الهجوم في عقر داره؟

وفي حال ردت إدارة بوش بتكرار معزوفتها الشهيرة حول قتال الإرهابيين ldquo;في كل مكانrdquo;، ستبرز حتماً أصوات أمريكية تذكّرها بأن حروب أفغانستان وآسيا الوسطى والعراق لم تؤد إلى استئصال شأفة تنظيم ldquo;القاعدةrdquo;، بل حولّته إلى حركات عنف لا مركزية تنبثق كالفطر في كل دولة إسلامية.

بكلمات أوضح: كشف شبكة أنفاق نيويورك (في حال ثبت حقاً كونها شبكة، لا مجرد مجموعة تتسلى ببراءة بألعاب الإنترنت!) أماط اللثام في الوقت ذاته عن الدور الخطير الذي لعبته، ولا تزال، إدارة بوش في تحويل مشكلة بوليسية قضائية إلى حرب عسكرية استراتيجية شاملة، وعن مسؤوليتها الأخطر في إشعال حروب حضارات لا مبرر لها بين الغرب والإسلام.

لقد أشار استطلاع أخير لمركز الأبحاث الأمريكي ldquo;بيوrdquo; (22 حزيران/ يونيو الماضي) إلى أن غالبية المواطنين المسلمين يضعون مسافة واضحة بينهم وبين ابن لادن، وان كل أو معظم المسلمين الأوروبيين لا يجدون أي تناقض بين إيمانهم الديني وبين متطلبات الحداثة والحياة الحديثة.

وطالما كان الأمر على هذا النحو، فلماذا هذه الضجة الكبرى التي يثيرها البوشيون حول وجود علاقة بين الإرهاب وحروب الحضارات؟ ولماذا يصّر منظّر هؤلاء البوشيين الأول، المؤرخ اليهودي برنارد لويس على الحديث، مثلاً، عن خطر تعريب أوروبا (الذي يسميه Eurabia)، برغم أن نسبة المسلمين في القارة العجوز لن تتجاوز في العام 2025 العشرة في المائة، وبرغم أن مجلة ldquo;إيكونوميستrdquo; الرزينة ردت عليه بأن الزواج السعيد بين الأوروبيين والمسلمين هو قيد التحقق الآن، حتى في ظل ldquo;حرب الحضاراتrdquo; الراهنة؟

أسئلة لن يجيب عنها لا بوش ولا لويس. لكنها يفترض أن تلح على رأسيهما الآن كالمطارق، بعد أن بينّ اكتشاف ال ldquo;إف. بي. آيrdquo; لشبكة تفجير أنفاق نيويورك مدى سهولة التصدي الأمني البوليسي لهذه الظاهرة في كل مكان، ومدى زيف شعار الحرب العسكرية العالمية ضد الإرهاب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف