جريدة الجرائد

أداء عون وسائر حلفاء دمشق يزعجُ حزب الله ويحرجه

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الثلاثاء: 2006.07.011


نصرالله طرحَ "حكومة الإنقاذ" لتمثيل التيّار العوني لكنه يرفض إسقاط الحكومة التي يعتبرها "منتجة" ..
والجنرال "عصبي"بعد "لقاء حارة حريك"



نصير الأسعد - المستقبل

منذ بضعة أيام، طرحَ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تشكيل ما سمّاه "حكومة إنقاذ". وفي شرح "لـ"الفكرة" التي سبق طرحُها داخل مؤتمر الحوار الوطني، يقول قيادي بارز في الحزب أنه وبنتيجة مؤتمر الحوار في جولته العاشرة في 25 تموز الجاري، لا بد من قيام هذه الحكومة لتأخذ على عاتقها تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه، خصوصاً إذا جرى التوافق بشأن الاستراتيجية الدفاعية من جهة ولتحقيق نوع من "الصدمة الإيجابية" في الوضع السياسي الداخلي من جهة أخرى.
ولا يخفي الحزب في سياق الشرح أن المقصود بـ"حكومة الإنقاذ" حكومة تضمّ القوى الحاضرة على طاولة الحوار، أي حكومة تضمّ ممثّلين عن "التيّار الوطني الحرّ" غير الممثّل في الحكومة الحالية، وذلك بحيثُ تغدو الحكومة ممثّلة لكل الكتل السياسية في المجلس النيابي.
وعند هذا الحد ينتهي كلامُ "حزب الله". بيدَ أن إطلاق هذه "الفكرة" من قِبله، يحتاجُ الى قدر من النقاش والتوضيح.

"حزب الله" وتقويمه الإيجابي للحكومة الحالية

فمن الواضح أن الحزب لا يطرحُ إسقاط الحكومة الحالية أو تغييرها، إنما يطرح تعديلها أو توسيعها بالتفاهم مع قوى الأكثرية النيابية ـ الحكومية.
لا يطرحُ الحزب إسقاط الحكومة، وقد أكد وزراؤه في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء أن الحكومة الحالية مِن أكثر الحكومات إنجازاً وإنتاجية على الرغم من الظرف السياسي الذي يحيط بها. وفي معرض توصيف الظرف، ذكر أحدُ وزيرَي الحزب أن الخطاب السياسي أكثر حدّة من الواقع السياسي نفسه.
كذلك، ففي البيان الصادر عن لقاء السيد نصرالله برئيس "تيّار المستقبل" سعد الحريري يوم السبت الماضي، ترِد فقرةٌ لافتة تقول أنه "تم عرض الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنمائية التي تعيشها البلاد"، وإن الطرفين وجدا "ضرورة تعاون جميع الأطراف داخل الحكومة لتقديم أفضل الحلول من أجل معالجة هذه الأوضاع".
إذاً بين التنويه بإنتاجية الحكومة من ناحية وبين الكلام عن "تعاون جميع الأطراف داخل الحكومة" من ناحية ثانية، لا سبب للمطالبة بتغيير الحكومة من جانب "حزب الله". ولذلك يتمّ التمييز سياسياً بين مطالبة رئيس "تكتّل التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون برحيل الحكومة وبينَ دعوة الحزب الى "تعديلها" لتضمّ ممثلين عن عون وكتلته.. بالتفاهم مع الأكثرية.

إشكالات سياسية وعملية للتعديل الحكومي

بطبيعة الحال، ثمّة إشكالات سياسية و"عملية" يثيرها "التعديل الحكومي". وفي هذا السياق، لا يمكن لأحد أن ينسى أنه عند تشكيل الحكومة الحالية في تموز من العام الماضي، حصل تفاوضٌ مع العماد عون وعرض عليه التمثّل بأربعة وزراء فرفض آنذاك، وعليه فإن القبول اليوم بضمّه الى الحكومة، أما أن يكون نتيجة لـ"تبدّل" في مواقف عون وهذا الأمر غير حاصل، وإمّا أن يكون نتيجة لـ"تبدّل" في مواقف 14 آذار منه وهذا الأمر غير حاصل أيضاً بـ"سبب" مواقفه هو. ثم.. وعلى افتراض جرى الاتفاق على ضمّ ممثلين عن عون، فمكان مَن سيحلّ هؤلاء الممثّلون؟ وما هو مصير أكثرية الثلثين في مجلس الوزراء؟
إذاً، لعلّ "حزب الله" يدرك الصعوبات السياسية و"العملية" التي تحول دون تعديل حكومي في الظرف الراهن، ولذلك يتراوح موقفه بين عدم التفريط ببقاء الحكومة من جهة وبين المطالبة "السياسية" بالتوسيع تحت عنوان "الإنقاذ" من جهة أخرى.. وإلاّ لكان دعا وزراءه ـ أو وزيرَيه ـ الى الاستقالة من الحكومة، وهذا ما لم يُقدم عليه حتى في فترة التوتر السياسي الحادّ في الأشهر الماضية.

سبب معلن للمطالبة بالتعديل الحكومي

لماذا إذاً يطرحُ "حزب الله" في خطابه "العلني" قيام "حكومة إنقاذ" بالمعنى المشار إليه آنفاً؟
ثمّة سببٌ أول تردّده "أجواء" قيادية في الحزب، ومفادُه أن دخول الجنرال أو من يمثّله الى الحكومة، من شأنه أن يزيل التوتّرات في العلاقة بينه وبين أطراف فريق 14 آذار، كما من شأنه أن يكون واحداً من إجراءات "بناء الثقة" بينَ الجانبين، بما يؤسّس لمقاربة الاستحقاقات اللاحقة، لا سيما استحقاق رئاسة الجمهورية في مناخ من الثقة المبنيّة على الشراكة "المتكافئة" في السلطة التنفيذية.
لكن، وبحسب العديد من الأوساط المتابعة، فإن طرح "حزب الله" توسيع قاعدة الحكومة بضمّ ممثلين عن عون، ناجمٌ عن أمرين رئيسيين: الأول هو نوعٌ من "اللياقة" من جانب الحزب حيال فريق ثمّة ورقة تفاهم معه، والثاني، وهو الأهم، أن ثمّة شعوراً لدى الحزب بـ"اللبكة" التي يخلقها له عون وتيّاره بنتيجة الأداء السياسي العوني، لا سيما "الهياج" في الايام الماضية بعد لقاء الحريريshy;نصرالله والتفاهمات التي ذكر انه تم التوصل اليها في وقت يطمح الجنرال الى مسايرة من الحزب له في المسألة الحكومية تحديداً.

"لَبَكة" عون وحلفاء سوريا

وهنا، لا مفرّ من القول أن "حزب الله" يبدو منزعجاً من الأداء السياسي لعون كما من أداء حلفاء سوريا... وهم جميعاً حلفاؤه.
فالأداء العوني القائم على الاشتباك ولو من طرف واحد بينه وبين 14 آذار يؤزم الأوضاع إذ يطرح أولويات لا علاقة لها بالأولويات اللبنانية العامة. وإذا بقيَ الحزب "مضطراً" لـ"تغطية" عون، فإنه يتحمّل ما لم يقرّر بنفسه تحمّله.. لا بل أن كل هجوم سياسي من جانب فريق 14 آذار رداً على عون يصيب الحزب ولو بطريقة غير مباشرة.
أما أداء الموالين لدمشق، وسليمان فرنجية نموذجاً، فإنه محرجٌ للحزب تماماً. فلم يكن ممكناً لحزب الله إزاء حملة فرنجية التي طاولت الرئيس الشهيد رفيق الحريري و"تيّار المستقبل" ورئيسه سعد الحريري، أن يقبل بهذه الحملة أو أن يسكت عنها. ذلك أنها بالنسبة إليه، تحمّله مسؤولية مواقف حلفاء "متعِبين"، وهي، في حال عدم اعتراضه عليها، تلامس حدود الفتنة. لذا، كان الأمين العام للحزب، فضلاً عن قناعته بمكانة الرئيس الشهيد، "مضطراً" لأن يضع أمام سليمان فرنجية، النقاط على الحروف.
بكلام آخر، "يبدو" أن "حزب الله" يحاول "ضبضبة" أوضاع عون وحلفاء دمشق. ذلك أن "الهدنة" التي نشأت بين فريق 14 آذار من جهة و"حزب الله" من جهة ثانية على قاعدة "ميثاق الشرف" الذي جرى إقراره في مؤتمر الحوار، أتت ـ أي الهدنة ـ لمصلحة حركة 14 آذار، التي نجحت قواها في التصدّي لحملات عون وفرنجية، وفي تعزيز العلاقة بين مكوّنات 14 آذار المسلمة والمسيحية، وفي حصد نقاط سياسية "ضدّ" الهجوم السوري على الوضع اللبناني بـ"واسطة" عون والحلفاء الآخرين لدمشق.

سعد الحريري: التغيير الحكومي بعد التغيير الرئاسي

على أن التغيير الحكومي، تبديلاً أو تعديلاً، يستوجب نقاشاً أوسع من النقاش الذي يتمّ بالعلاقة مع مواقف "حزب الله"، أو بالنظر الى علاقات الحزب بعون والموالين لنظام دمشق.
وفي هذا الإطار، لفت ما قاله الحريري الأوساطَ السياسية المتابعة، إذ أعلن في حديث صحفي قبل أيام أن التغيير الحكومي يلي الاستحقاق الرئاسي.. أي لا تغيير حكومياً قبل تنحية الرئيس إميل لحود.
وبهذا المعنى، فإن ما طرحه سعد الحريري، يقضي بالتوافق على أمرين معاً، تنحية لحود ثم تشكيل حكومة جديدة، أي أن يبدأ التغيير بالتغيير الرئاسي. ذلك أن قوى 14 آذار التي أُجيبت على ما طرحته في مؤتمر الحوار بعدم موافقة الفريق الآخر على تنحية رئيس التمديد، لا يمكن أن تقبل بتغيير الحكومة في المقابل.
مواقف بكركي تعزّز مطالبة 14 آذار بتنحية لحود
وعلى أي حال، ثمة جديد مهمّ بالنسبة الى فريق 14 آذار، يعزّز مطالبته بتنحية إميل لحود. وهذا الجديد يتمثّل في المواقف التي أعلنها البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير قبل سفره الى الولايات المتحدة، بشأن واقع "الرئاسة" وفي ضوء عدم دعوة لحود الى مؤتمر الفرنكوفونية في رومانيا في أيلول المقبل، حيث قال البطريرك كلاماً حاسماً يحمّل مسؤولية واقع الرئاسة الحالي الى من عبث بالدستور وأدار ظهرَه للمواقف الرافضة للتمديد القسري في حينه.
كذلك يتجلّى الجديد في مقرّرات "المجمع البطريركي" الماروني التي إذ حدّدت موقع المسيحيين في العيش المشترك والطائف والدولة المدنيّة، إنما حدّدت بشكل غير مباشر، المواصفات التي يجب أن تنطبق على الرئيس المقبل، بما هو رئيس قويّ بالوفاق وبالقدرة على تحقيق الشراكة الوطنية بالتفاهم مع الآخرين، ناسفةً كل نظريّات ربط الرئاسة بالواقع المتحرّك لـ"التمثيل المسيحي".
من هنا، فإن ما عرضه سعد الحريري حولَ ربط التغيير الحكومي بالتغيير الرئاسي أولاً، يشكّل "المعادلة" التي على جميع من يطرح الوضع الحكومي، تبديلاً أو تعديلاً، أن يأخذها في الاعتبار، خصوصاً أن من أوقف التغيير الرئاسي أو اعترض عليه، لا يمكنه "القفز" الى التغيير الحكومي، في وقت فقط فريق 14 آذار يستطيع القول أن ثمة جديداً يبرّر التغيير الرئاسي بالصلة مع تطوّرات موقف الكنيسة المارونية.
"التفعيل"
إذاً، في مطالبته بإسقاط الحكومة، يبدو عون معزولاً. ذلك أن "حزب الله" و"أمل" اللذين يعرفان أنهما في عدم سيرهما بعملية تنحية لحود لا يستطيعان "تشليح" الأكثرية أكثريّتها الحكومية، وهما يسيران في ما يسمّيانه "تفعيل" العمل الحكومي، أي أنهما ينطلقان من بقاء الحكومة الحالية.. مع قناعةٍ يبديانها بالحوار وبـ"إمكان" توصّله الى تفاهمات في عدد من عناوين العمل الحكومي.. بعكس عون الذي يعتبر نفسه "رأس حربة" إنهاك توازن القوى السياسي الراهن.. وبعكس حلفاء سوريا الآخرين الساعين باستمرار الى الانقلاب على هذا التوازن، ولو بفشل ملحوظ حتى الآن.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف