صواريخ تايوان تؤجج التوتر الأمني بشمال شرق آسيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الثلاثاء: 2006.07.01
سايمون مونتليك
في الوقت الذي تواصل فيه القارة الآسيوية سباقها ومعركتها مع الخطر النووي الكوري الشمالي, إذا بها تفاجأ بمهدد عسكري آخر في منطقة مضيق تايوان, ما أثار توترها وحفيظتها العسكرية الأمنية بسبب الصواريخ المنسوبة لتايوان. ذلك أن محطة تلفزيونية خاصة أعلنت في وقت مبكر من شهر يوليو الماضي، اعتزام تايوان إجراء اختبارات تكتيكية بعيدة المدى, لها القدرة على ضرب أهداف في العمق الصيني. وعلى رغم عمومية التفاصيل التي نشرت حول هذه الصواريخ ومسارعة وزارة الدفاع التايوانية إلى نفيها على الفور, إلا أنها توافقت وآراء المراقبين والمحللين لتصاعد قلق صقور تايوان إزاء المهدد الأمني الذي تمثله لجزيرتهم القوة العسكرية الصينية الضاربة, بما فيها اتساع ونمو ترسانتها من الصواريخ البعيدة المدى.
وفي حال وجود ما يؤكد احتمال تعرض تايوان لأي ضربة أو هجوم عسكري من قبل جارتها الصين, فإنه سوف يكون من حقها توجيه ضربة استباقية لأهداف عسكرية في الصين, على حد اعتقاد "صقور" تايوان. ولذلك فإنه من الواجب تساوق تطوير هذه الصواريخ جنباً إلى جنب مع تنمية وتطوير القدرات العسكرية الأخرى للجزيرة. وتشمل هذه الخطط تطوير الصواريخ الاعتراضية المتقدمة وكذلك الطائرات الهجومية ذات الكفاءة العسكرية العالية. ومن رأي "لي وين شانغ", أن على بلاده تطوير ترسانتها الخاصة من الصواريخ المتقدمة البعيدة المدى, حتى وإن كانت تنوي شراء مجموعة من صورايخ "باترويت" الأميركية الصنع.
يجدر بالذكر أن القلق الذي يثيره برنامج الصواريخ التايوانية لا يقتصر على دول الجوار في القارة الآسيوية وحدها, إنما يمتد حتى واشنطن التي حثت تايوان مراراً على عدم المضي في طريق تطويرها. وكما جاء في التقارير التي تابعت هذا الأمر, فإن برنامج الصواريخ التايوانية يشكل مهدداً ربما يقوض الدبلوماسية الأميركية المتبعة إزاء الصين وتايوان، مع العلم أنها تقوم على ردع المارد العسكري الصيني من جهة, ولجم جماح الرئيس التايواني "شن شيو بيان" من الجهة الأخرى, خاصة ما يتصل بتهدئة قلقه على السيادة الوطنية لجزيرته. وعليه فإن تطوير تايوان لصواريخ خاصة بعيدة المدى, إنما يمكن تفسيره في الجانب الصيني على أنه علم أحمر يرمز إلى بدء المواجهة العسكرية بين الجارتين.
ومن ناحيته يرى "ديني روي" من "مركز الدراسات الأمنية لمنطقة آسيا-باسيفيك" أن هناك من مستشاري وأفراد طاقم الرئيس "شن", من يعتقد أن على جزيرته تطوير صواريخها الأرضية القادرة على ردع الصين. ويمضي "روي" مستطرداً إلى القول إن في هذا النوع من التفكير ما يثير القلق, لكونه يسبب من الزعزعة الأمنية الإقليمية أكثر مما يحقق من استقرار سواء لتايوان أم لجارتها الصين, على حد رأي الخبراء والمحللين. هذا ويشمل برنامج الصواريخ التايواني, صاروخ "كروز" البالغ مداه ألف كيلومتر, أي 621 ميلاً. إلى جانب ذلك هناك صواريخ مضادة للسفن, قادرة على ضرب أهداف في القواعد البحرية الصينية. بيد أن من رأي المحللين المختصين أنه لن يكون في وسع تايوان ضرب أية أهداف عسكرية في العمق الصيني, دون الاستعانة بتقنيات المسح والرسم الفضائي للخرائط, علاوة على نظم وتقنيات التحديد الدقيق للهدف.
وعلى رغم إحجام المسؤولين العسكريين بوزارة الدفاع عن إجراء أي لقاءات صحفية معهم, فإن وثيقة رسمية صادرة عن الحكومة التايوانية, تعرضت لذكر الصواريخ الهجومية, إضافة إلى تعرضها للحديث عن وجود سياسة دفاعية تايوانية "نشطة" على حد وصفها. إلى ذلك جاء في الوثيقة نفسها: إننا نعتزم تعزيز قدراتنا الدفاعية حتى تدرك الصين أن ثمن وخسائر أي محاولة لها لحل النزاع التايواني بالقوة, ستكون أكثر فداحة مما تتصور.
ومنذ العام 2002, ظلت آراء ومواقف الساسة التايوانيين منقسمة على نفسها, إزاء عرض تقدمت به الولايات المتحدة للجزيرة, يرمي إلى بيعها أسلحة أميركية, تتراوح قيمتها بين 10-19 مليار دولار. والهدف من هذه الصفقة هو رفع القدرات الدفاعية لتايوان, في وجه التصاعد والتحديث المتسارع للقدرات العسكرية الصينية. غير أن الذي حدث هو تعرض تلك الصفقة لانتقادات ومعارضة داخلية قوية, رأت فيها طموحاً وتكلفة أكبر مما يجب. وبسببها تصاعدت حملة سياسية هددت بإقالة الرئيس "شن" من منصبه الحالي. لكن الصين تُستهدف تايوان بنحو 800 قطعة من الصواريخ الصينية القادرة على إصابة أهدافها في الجزيرة, خلال سبع دقائق فحسب من إطلاقها! ليس ذلك فقط، بل حذر مسؤولون تايوانيون في شهر مارس الماضي, من أن الصين تحث خطى توسيع ترسانتها الصاروخية, وأن في وسعها مهاجمة تايوان بما يصل إلى 1800 صاروخ خلال أربعة أعوام من ذلك التاريخ.
لكن وعلى أية حال, فإن هناك من يرى أن من شأن هذه الاختبارات الصاروخية التكتيكية أن تستفز الولايات المتحدة الأميركية وتأتي بنتائج عكسية لما أريد منها. ويكتسب هذا الاعتبار أهمية كبيرة, بالنظر إلى أن الخطط الدفاعية التايوانية تقوم كلها على مبدأ التدخل الأميركي, فيما لو تعرضت الجزيرة لأي ضربة عسكرية من جارتها الصين. ولا يقتصر التحذير على هذا الحد فحسب, بل يقول المحللون إن الحكومة التايوانية تواجه سلفاً مصاعب كبيرة في إزالة مشاعر الإحباط الأميركي إزاء التعثر الذي طرأ على صفقة أسلحتها آنفة الذكر, وعلى فكرة الاعتماد الكلي للجزيرة على مظلة الحماية الأميركية.