جريدة الجرائد

جهود في البنتاغون لتطوير تقنيات كشف القنابل المخفية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الثلاثاء: 2006.07.01

بدأت معركة روبرت بيرفير ضد المتمردين في العراق بشاحنة "إيماكس" التي صنعتها شركة "ديبيز آر. سي. ورلد" في شيزابيك بولاية فيرجينيا، وهي لعبة يبلغ سعرها 335 دولاراً حوّلها بيرفير إلى سلاح للقوات الأميركية لمواجهة القنابل التي تزرع على حافة الطريق، حيث قام هذا المهندس ابن الرابعة والعشرين عاماً باستبدال نحو 80 في المئة من الأجزاء البلاستيكية في اللعبة بالألومينيوم، وثبت عليها كاميرتين صغيرتين للمراقبة، وترك حيزاً لوضع مادة متفجرة يمكنها تفجير المواد المشتبه فيها على بعد مئات الأقدام.
ويقول بيرفير، الذي ساهم في صناعة النموذج الأول لهذه الشاحنة لفائدة شركة "أبلايد مارين تكنولوجي"، وهي شركة متعاقدة مع وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" أعلنت أنها تتوقع البدء في تلقي طلبات الشراء العسكرية اعتباراً من شهر سبتمبر: "أتقاضى راتبي مقابل اللعب بسيارات التحكم عن بعد، وقد كان هذا مشروعاً هاماً لأنه يقوم على تطوير وسيلة ستمكن من إنقاذ عدة أرواح قريباً".
وبالفعل، فبعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب في العراق، ما زالت القنابل التي توضع على حافة الطريق تمثل التهديد الأول الذي تواجهه القوات الأميركية هناك. وقد أضحت مواجهتها واحدة من المشاكل التكنولوجية الرئيسية التي تشغل بال المسؤولين العسكريين، حيث أنفق "البنتاغون" عشرات الملايين من الدولارات على أبسط الحلول من قبيل تزويد المركبات بالأذرع الواقية واستعمال أجهزة التشويش لصد إشارات الراديو المستعملة في تفجير القنابل. غير أن المتمردين لا يتوانون بدورهم عن تطوير قنابل أكبر حجما وأكثر تعقيداً، يخفونها بطرق جيدة ويفجرونها باستعمال الهواتف النقالة وأجهزة فتح المرآب اللاسلكية وغيرها من الطرق. وأمام هذه المعضلة، اضطر الجنود الأميركيون إلى تطوير حلول بأنفسهم، حيث زودوا عدة مركبات من نوع "هامفي" في العراق مثلا بوسيلة معدنية في حجم عصا الهوكي يمكنها اكتشاف حبال التشغيل أو رصد القنابل التي توضع على حافة الطريق.
أما اليوم فقد أنيطت مهمة إيجاد حل لهذه القنابل بوكالة تابعة للبنتاغون، بميزانية تبلغ 3.3 مليار دولار وموظفين عددهم 300 شخص، عليها تسخير صناعة الدفاع لمواجهة هذه المشكلة. والواقع أن المهمة لم تغر شركات صناعة السلاح الكبرى في البلاد فحسب، وإنما أيضاً شركات صغيرة من قبيل "إي إيم تي آي"، وجميعها شركات تسعى للترويج لسلسلة من الحلول.
فقد شكلت شركة "لوكهيد مارتن" فريقاً رصدت له ميزانية قدرها 22 مليون دولار، حسب وثائق اطلعت عليها واشنطن بوست، مهمته تطوير تكنولوجيا ناجعة. أما شركة "إنترناشيونال بيزنيس مشينز" فلديها نظام تقول إنه يخلق صورة رقمية للطرق التي ترتادها القوات كثيراً، وينبه الجنود إلى التغيرات التي تشير إلى وجود قنابل مخفية في القمامة أو الصخور أو جثث الحيوانات. ومن جهتها، طورت شركة "جنرال دايناميكس" نظاما ليزرياً استُنبط من تكنولوجيا إسرائيلية، تقول الشركة إنه يستطيع مسح القمامة التي كثيراً ما تُستعمل لإخفاء القنابل. كما يدرس "معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا" ما إن كانت ثمة طريقة لرصد القنابل بأجهزة إلكترونية تحاكي قدرة الكلب على الشم.
وحتى الآن يتعدى التهديد الذي تطرحه القنابلُ الإبداعَ التقني للصناعة الأميركية، وهو ما دفع البنتاغون اليوم إلى اعتبار هذه القنابل مشكلة طويلة المدى. وفي هذا الإطار، يقول مسؤولو البنتاغون إن البحث لا يروم إيجاد حل ناجع ونهائي بقدر ما يروم إيجاد وتطوير مجموعة من الأدوات والوسائل التي يمكن للقوات الأميركية استعمالها.
ولهذا الغرض، زار مسؤولون من الوكالة المكلفة بإيجاد حل للمشكلة كلا من مدينتي باريس ولندن الشهر المنصرم من أجل دراسة التكنولوجيا التي يجري تطويرها من قبل شركات أجنبية. كما يخططون لعقد مؤتمر لقطاع صناعة الأسلحة في واشنطن في سبتمبر المقبل. وحسب متحدث باسم الوكالة، فقد التقت "خلية القدرات الصاعدة" التابعة للمكتب مع عدة شركات من منطقة واشنطن في مايو ويونيو الماضيين.
ويمكن القول إن البنتاغون أحرز بعض التقدم، حيث يفيد المسؤولون بارتفاع في عدد القنابل التي تم رصدها قبل أن تنفجر، غير أنهم لم يقدموا أرقاماً تدعم أقوالهم. ومع ذلك، يستمر عدد الهجمات في الارتفاع، وتظل القنابل التي تزرع على حافة الطريق أكثر الأسلحة فتكا بالقوات الأميركية في العراق، حيث أفادت القيادة المركزية الأميركية بحدوث 11242 هجوماً باستعمال القنابل التي توضع على حافة الطريق إلى يونيو من هذه السنة، مقارنة مع 5607 في 2004، و10953 في 2005.
ونتيجة لذلك، تعتبر هذه القنابل السبب الأول للإصابات في صفوف الجنود الأميركيين، إذ تمثل حسب "مؤسسة بروكينغز" نحو 33 في المئة من حالات الوفاة. وقد رفض المسؤولون العسكريون الحديث بالتفصيل عن التكنولوجيا التي يعتمدونها حتى الآن، خشية أن يخدم ذلك المتمردين، كما رفضوا الإفصاح عن تاريخ دخول هذه التكنولوجيات الجديدة الخدمة في الميدان.
وحسب مسؤولين عسكريين وآخرين في قطاع صناعة السلاح، فإن التحدي الكبير يتمثل في القدرة على رصد القنابل على بعد يكون فيه الجنود خارج مدى الانفجار. وفي هذا السياق، يقول فيليم بيتر، الأستاذ بكلية كولورادوا للمعادن، إن المسافة الآمنة تتوقف على حجم الجهاز ونوعيته. أما في حال استعمال مادة متفجرة تزن 100 باوند مثلا، فربما ينبغي على الجندي أن يكون على بعد 50 ياردة للإفلات من الموت، وأكثر من نصف ميل للإفلات من إصابة خطيرة جراء الانفجار وشظايا القنبلة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف