جريدة الجرائد

صمت مطبق للنخب الثقافية العربية في باريس إزاء ما يحدث في لبنان!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك



رغم قدرتها على التعبير عن محنة اللبنانيين لدى الرأي العام الفرنسي


باريس- "مكتب الرياض" حسان التليلي


من السهل جدا من الناحية المبدئية والأخلاقية إقناع الرأي العام الأوروبي بالعمل على التحرك على أكثر من صعيد بهدف وقف الغارات وعمليات القصف الإسرائيلية الوحشية والرعناء المستمرة على الشعب اللبناني منذ يوم الثاني عشر من الشهر الماضي. فتنظيم حزب الله الذي تتهمه إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بالوقوف وراء الأزمة الإسرائيلية اللبنانية الحالية لم يقتل قبيل الثاني عشر من الشهر الماضي ولم يأسر مدنيين إسرائيليين. كل ما في الأمر أنه أسر جنديين إسرائيليين وطالب بمبادلتهما بأسرى عرب لدى إسرائيل عبر مفاوضات غير مباشرة.
وإسرائيل لم تكتف بضرب عدد من مواقع حزب الله هذه المرة بل تجاوزت ذلك إلى أهداف لا علاقة لها من قريب أو بعيد بتنظيم حزب الله. وركزت غاراتها وعمليات القصف التي تأتيها على المنشآت المدنية وعلى المباني السكنية. ومن الأمثلة الحية التي تدل على هذه المنهجية الإسرائيلية غير الإنسانية المجزرتان اللتان اقترفتهما إسرائيل في الأيام الأخيرة في قرية قانا الواقعة في الجنوب اللبناني واللتان أتتا على العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ الذين كانوا فارين من جحيم القصف والغارات أو نائمين.

بالرغم من سهولة تلمس حجج دامغة لمحاولة إقناع الرأي العام الأوروبي بخطأ إسرائيل في تعاملها مع لبنان واللبنانيين مثلما تفعل اليوم فإن ذلك لم يحصل لحد الآن لأسباب كثيرة من أهمها غياب مثقفين أوروبيين من أصول عربية أو مثقفين عرب مقيمين في أوروبا قادرين على أصواتهم والتعبير عن آلام الشعب اللبناني الحالية.

و من المفارقات العجيبة أن الأصوات الثلاثة التي شذت عن هذه القاعدة خلال السنوات الخمس والعشرين الأخيرة في فرنسا لديها علاقة خاصة بلبنان واللبنانيين. وهي أصوات الجزائري محمد يزيد و التونسي حمادي الصيد واللبناني غسان سلامة.

أما يزيد فقد اضطلع في ثمانينات القرن الماضي باعتباره ممثل الجامعة العربية في باريس بدور أساسي في إقناع شرائح كثيرة من المجتمع الفرنسي بأن اجتياح لبنان عام اثنين وثمانين كان جريمة ترتكب ضد اللبنانيين وضد الجهود الرامية لإحلال سلام في منطقة الشرق الأوسط. لم يكن الجزائري محمد يزيد يجد أي صعوبة في عقد مؤتمرات صحافية كل أسبوع تقريبا في العاصمة الفرنسية حول موضوع اجتياح لبنان من قبل القوات الإسرائيلية عام اثنين وثمانين لأسباب كثيرة منها تمرسه من قبل بفنون الإقناع والمحاورة أيام الثورة الجزائرية التي كان يلعب فيها دور وزير الإعلام.

وكثيرا ما أثار محمد يزيد حفيظة الدبلوماسيين العرب المعتمدين في العاصمة الفرنسية لأنه كان صريحا وجريئا . ولم يكن يأنس للغة الخشب التي برع فيها العرب أيا تكن مواقعهم السياسية والاجتماعية . وكان يزيد في دفاعه عن لبنان مثقفا أكثر مما كان ممثل الجامعة العربية في فرنسا.

وقد أدار من بعده مكتب الجامعة العربية الباريسي التونسي حمادي الصيد الذي كان بارعا هو الآخر في مخاطبة الغرب بحججه ومنطقه وأساليبه. وأبدع في إيصال صوت لبنان واللبنانيين إلى الفرنسيين لاسيما وأنه كان قد قضى في بيروت سنوات طويلة ممثلا خاصا للشاذلي القليبي أمين عام الجامعة العربية السابق .

وبقدر ما أجاد محمد يزيد وحمادي الصيد الدفاع عن لبنان واللبنانيين والعرب الآخرين في باريس عندما أقاما فيها كممثلين للجامعة العربية بقدر ما نجح اللبناني غسان سلامة في هذا المسعى لاعتبارات كثيرة منها أنه جامعي مميز ومجادل بارع بالإضافة إلى كونه يعرف بشكل دقيق الملفات التي يتطرق إليها.

لقد اختطف الموت قبل سنوات محمد يزيد وحمادي الصيد وأبعد مسار غسان سلامة الشخصي والمهني هذا الصوت عن فرنسا في الأعوام الأخيرة.

وثمة اليوم رأي لدى كل الذين يقيمون في فرنسا وفي سائر البلدان الأوروبية الأخرى والذين يحترقون من الداخل وهم يرون ما يحصل في لبنان يقولون بموجبه: ما أحوج لبنان واللبنانيين إلى محمد يزيد وحمادي الصيد وغسان سلامة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف