جريدة الجرائد

صحافيون بريطانيون: إسرائيل تدخل لبنان نهاراً وتخرج ليلاً

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


لندن - من إلياس نصرالله


كشفت صحيفة "الغارديان"، أمس، عن أدلة شاهدها مراسلها جوناثان ستيل بأم عينيه في قرى جنوب لبنان الحدودية، تؤكد أن الجيش الإسرائيلي دفع ثمناً غالياً جداً لقاء غزو محدود جداً للأراضي اللبنانية, وكتبت أن المراسلين الصحافيين الذين سمحت لهم إسرائيل بالدخول إلى المناطق التي ادعت أنها أصبحت تحت سيطرتها، لم يعثروا هناك على أي وجود لقواتها، بل على العكس شاهدوا أشياء مريبة وتدل على فشل عسكري أبرزه الدبابات المحروقة التي كانت ما زالت متروكة داخل الأراضي اللبنانية من دون أن تتمكن من سحبها.

وأوردت الصحيفة الوصف الذي قدمه ستيل لمشاهداته في الرحلة ضمن مجموعة الصحافيين الأجانب داخل الأراضي اللبنانية، حيث يتبين أن الجولة لم تتوغل داخل الأراضي اللبنانية وظلت على مقربة من الحدود، حيث كانت أسطح المستوطنات تظهر بوضوح من داخل الأراضي اللبنانية, وتحدث ستيل عن مشاهدته لدبابة "ميركافا" محروقة على الطريق إلى قرية دبل متروكة بين الأشجار ومدفعها مائل ومصوب إلى أسفل, كما شاهد في أكثر من موقع جنازير حديد متروكة على الطريق، مما يشير إلى أن الدبابات صاحبة هذه الجنازير ضربت وسحبت تاركة جنازيرها خلفها، اضافة إلى جنازير سحب حديد عدة ما زالت ملقاة على جانبي الطريق تدل على أن الجيش كان منهمكاً في عمليات سحب لآلياته المصابة وأنه واجه بالفعل مقاومة شديدة من جانب مقاتلي "حزب الله".

وعلى مقربة من قرية دبل، سمع الصحافيون الأجانب صوت انفجارات وإطلاق نار شديدين تبين أن مصدرها معركة حامية كانت تدور بين الجيش والمقاتلين في قرية عيتا الشعب القريبة والتي كانت تخضع لعملية قصف مدفعي وبالطائرات أشعلت حرائق في محيط القرية شاهدها الصحافيون من المكان الذي احتموا فيه, وقال ستيل أن المعركة على عيتا الشعب كانت الدليل الوحيد الذي شاهده الصحافيون الأجانب على محاولة إسرائيل التقدم داخل الأراضي اللبنانية، مشيراً إلى أن القوات فشلت في الأسبوع الماضي في دخول بنت جبيل والسيطرة عليها ثم اضطرارها على الانسحاب بعد أن تكبدت خسائر بشرية.

وقال ستيل أن زيارة قرية دبل هي أول زيارة يُسمح بها للصحافيين الأجانب وتمت فقط بمعية قافلة للأمم المتحدة انطلقت من رأس الناقورة وكانت تحمل شحنة من المساعدات لسكان القرى المحاصرة، فيما رافقت الدبابات عن بعد من دون أن تتوقف المدفعية من داخل الأراضي الإسرائيلية عن توجيه حممها إلى داخل الأراضي اللبنانية, ومع أن القوات الإسرائيلية لم تستهدف قرية دبل لقناعتها بعدم وجود مقاتلين للحزب فيها كون معظم سكانها من المسيحيين، إلا أن المطران شكرالله الحاج الذي جاء من صور ودخل القرية بمعية القوات الأجنبية تحدث بجرأة للصحافيين، مشيراً إلى أن سكان القرية "أناس أشداء وفضلوا الصمود في قريتهم على اللجوء إلى بيروت والشمال", وأصرّ المطران الذي حضر من صور على أن تتوقف القافلة في بلدة جبين القريبة التي تتألف غالبية سكانها من المسلمين السنة لتقديم المساعدات أيضاً لأهلها الصامدين.

ونقل ستيل عن مراقبي الأمم المتحدة الذين رافقوا قافلة المساعدات أن الجنود الإسرائيليين يدخلون إلى الأراضي اللبنانية في النهار ويعودون إلى الانسحاب في المساء، فيما لا تتوقف نيران المقاومة عن استهدافهم ليل نهار, ولم يستطع المراقبون الدوليون تأكيد ادعاء إسرائيل بأنها تسيطر على مناطق في جنوب لبنان.
وقال ستيل أن أبرز دليل على عدم احتلال إسرائيل مناطق واسعة في جنوب لبنان هو إنزال مجموعة كوماندوس على الشاطئ إلى الشمال من الناقورة لضرب موقع قرب المنصوري كان يُعتقد أن "حزب الله" يستعمله لنصب منصات إطلاق الصواريخ وتبين لاحقاً أنه تابع للجيش اللبناني، حيث قتل ضابط وجرح سبعة, واعلن ستيل أنه لو كانت إسرائيل توغلت حقاً في عمق الأراضي اللبنانية لما كانت هناك حاجة لعملية إنزال الكوماندوس البحري.

من جهته، قدّم مراسل آخر لـ "الغارديان" هو روري ماكارثي دليلاً آخر على فشل العملية الإسرائيلية في لبنان، إذ شاهد مجموعة من الجنود في مدينة طبريا عادوا إلى داخل إسرائيل بعد قضاء ستة أيام في مواجهات عند الحدود الشمالية من دون جدوى، حيث اتصل أحد هؤلاء الجنود وهو ضابط يدعى روي شاليم مع عائلته في هرتسليا قرب تل أبيب الذين هرعوا إلى طبريا لملاقاته والاطمئنان عليه, وسمع ماكارثي والد الضابط شاليم وهو يقول أن "الجيش قادر على كسب الحرب، لولا الثمن الغالي الذي سيدفعه", أما دروريت والدة الضابط، فقالت "الحرب الأولى في لبنان كانت عندما تزوجنا ولم أحلم أن أبنائي سيحاربون في لبنان, إنه قدرنا, نحن نريد السلام، لكن العرب لا يريدوننا هنا".

فيما كان عدد آخر من الجنود يستريحون فوق العشب عند مدخل الفندق في طبريا في انتظار وصول عائلاتهم, وتحدث ماكارثي مع الضابط شير الذي تبين أنه قاتل في قرية العديسة, ورداً على سؤال كيف كان القتال، قال شير "كان رهيباً", وأضاف أن المقاتلين أمطروا الجنود بقنابل الهاون والقنابل اليدوية وقطعوا عنهم المساعدات، وتمنى أن تكون هذه أول وآخر حرب له, وقال جنود آخرون أنهم دخلوا العديسة ليجدوها خالية، لكن فجأة انهمرت فوقهم ضربات "حزب الله" من ضواحي البلدة.

وتحدث جنود آخرون عن أنهم حاربوا في عيتا الشعب إلى الغرب من العديسة، وقال الضابط ناحوم فاولار: "كنا مضطرين للانتقال من منزل إلى آخر, لكنهم واصلوا ضربنا بالصواريخ والقنابل من دون أن نفعل شيئاً سوى الانطراح على الأرض".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف