جريدة الجرائد

كارتر: نهج بوش الأصولي وغير الأخلاقي عزل أمريكا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


اعتبر أن حرب إسرائيل على لبنان تفتقر إلى المشروعية


برلين - غسان أبو حمد


هاجم الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر نهج الرئيس جورج بوش واتهمه بعزل الولايات المتحدة الأمريكية عن العالم، ووصف نهج حكومته بأنه "غير أخلاقي" ومكروه من العالم، بسبب خياراتها العسكرية ونهجها "الأصولي" الرافض لإمكانية الحوار والتفاوض. واعتبر كارتر، في حديث لمجلة "درشبيجل" الألمانية (تنشره اليوم الإثنين) أن برنامج "البنود السبعة" الذي تقدّم به رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة هو برنامج عقلاني جدا، وكان بالإمكان اعتماده لوقف إطلاق النار تمهيدا لمتابعة المفاوضات وبالتالي إنقاذ لبنان والمدن الإسرائيلية من الدمار. وأكد كارتر أن حكومة جورج بوش تعاني هذه الأيام من عزلة دولية لم يسبق أن عرفها تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.

وجاءت مناسبة الحديث إلى الرئيس جيمي كارتر تعليقا على محتويات كتابه الأخير الصادر بعنوان "قيمنا المشوهة - أزمة أمريكا الأخلاقية" الذي يتهم فيه الرئيس جورج بوش بالتصرف السياسي "غير الأخلاقي"، فيقول: "إن الحكومة الأمريكية الحالية تراجعت وتخلّت، عمليا وبوعي كامل، عن جميع المبادىء والقيم التي حققتها الحكومات الأمريكية السابقة، سواء (الديمقراطية أو الجمهورية)".. ويضيف كارتر: "إن جميع الحكومات الأمريكية السابقة التزمت بخيار وواجب المحافظة على الأمن وليس بخيار وتفضيل تسعير الحروب.. لقد كنا نلجأ في الماضي مجبرين، إلى خيار الحرب عند الشعور بتهديد مباشر لأمننا ومصالحنا.. واليوم يحصل العكس. نلاحظ اليوم عدم الفصل بين الكنيسة والدولة واحتقار الحكومة الأمريكية الحالية الواضح لمبدأ المساواة الاجتماعية.. نحن لم نشهد في تاريخ الحكومات الأمريكية، ما نشهده مع الحكومة الحالية من تلاعب فاضح ومكشوف في "النظام الضرائبي" لصالح الطبقة الغنية على حساب الطبقة العاملة التي تشكل الأكثرية الساحقة من الشعب.

وردا على سؤال حول ما إذا كان كارتر يستغرب كراهية العرب المتصاعدة هذه الأيام ضد الولايات المتحدة الأمريكية بسبب الإملاءت "الديمقراطية" التي تحاول فرضها في الشرق الأوسط، قال كارتر:"أنا لا أستغرب إطلاقا تصاعد كراهية العرب للولايات المتحدة الأمريكية.. وقد ازدادت هذه الكراهية بسبب دعمنا وتشجيعنا لأعمال العنف الإسرائيلية غير المبررة على لبنان.. أنا لا أوافق على تشجيع مواصلة هذه الحرب.. إن إقدام إسرائيل على قصف وتدمير كل لبنان هو عمل يفتقر إلى المشروعية والأخلاقية.. إن إسرائيل تحتجز حرية عشرة آلاف سجين، وليس من حقّها تبرير مشروعيتها بتدمير لبنان وقتل شعبه بسبب خطف جنديين من جيشها.. هذا التصرّف ليس بإمكاني الموافقة عليه أو تبريره". ورداً على سؤال حول ما إذا كان بمقدور الولايات المتحدة الأمريكية لعب دور باتجاه حلّ سلمي لأزمة الشرق الأوسط، قال جيمي كارتر:"بكل تأكيد.. منذ قيام دولة إسرائيل انصبت جهود جميع الرؤساء الأمريكيين وآخرهم بيل كلينتون، كل على طريقته، بادر لإيجاد حلّ لأزمة الشرق الأوسط.. فقط الحكومة الأمريكية الحالية لم تسع طوال السنوات الخمس الماضية، إلى أي مبادرة لاتفاق بين إسرائيل وأي دولة من جيرانها.. حتى إنها لم تسع إلى ذلك بين إسرائيل والفلسطينيين".

وسألت "درشبيجل" الرئيس جيمي كارتر (81 عاما) وهو الأب الروحي لمعاهدات كامب - دايفيد، عما يبرّر تفاؤله اليوم بإمكانية وفعالية المساعي الدبلوماسية، وهو يشاهد بيروت وحيفا تحترقان؟.. فأجاب: "عندما تسلمت شخصيا الحكم في الولايات المتحدة كانت هناك العديد من الحروب المخيفة قد وقعت بين إسرائيل والدول العربية وكانت الأمور أيضا صعبة وبشكل خاص بسبب تسلّم مناحيم بيغن منصب رئاسة الحكومة في إسرائيل.. رغم ذلك نجحت المساعي الدبلوماسية. كذلك نجحت المفاوضات بين مصر وإسرائيل وها هي معاهدة السلام الإسرائيلية -المصرية قد نجحت منذ 27 عاما وحتى اليوم.. لا أحد بإمكانه التأكد عند بداية المفاوضات، خاصة في الظروف الصعبة، بإمكانية نجاحها، لكن بإمكان المرء أن يتأكد مسبقا بأن عدم المبادرة إلى المفاوضات بإمكانه أن يؤدي إلى الأسوأ"

وقاطعته "درشبيجل" بالسؤال: "..ولكن جميع المفاوضات الدبلوماسية لم تنجح بإبعاد النار عن بيروت وبعدم قصف حيفا؟" فأجاب كارتر: "هذا ما يزعجني حقا.. أنا أعتبر برنامج البنود السبعة الذي اقترحه رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة برنامجا عقلانيا جدا وكان بإمكان هذا البرنامج أن يؤدي إلى وقف فوري لإطلاق النار، وبعد ذلك تبدأ المفاوضات الضرورية الطويلة والبطيئة للبحث في كيفية حماية شمال إسرائيل، كذلك بالإمكان التوصل إلى أي صيغة لتبادل الأسرى.. وهذا الشكل من المفاوضات أدى في الماضي عدة مرات، إلى النجاح". وأعلن الرئيس جيمي كارتر تأييده لانتشار قوات دولية بمشاركة ألمانية على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية.

وسألت مجلة "درشبيجل" الرئيس جيمي كارتر تفسيرا لمقولة ذكرها في كتابه الجديد، حول ارتباط الحزب الجمهوري بالأصولية المسيحية ومدى انعكاس هذا "التحالف الأصولي" على فضائح "أبو غريب وحالات التعذيب في غوانتنامو"، فيجيب كارتر: "الأصوليون يعتقدون دائما بأن لهم إرتباطا خاصا بالخالق وأن أفكارهم تنبع من مبادئ الخالق، لذلك فهم يكفّرون كل من يخالفهم الرأي ويحطّون من قدر وقيمة من يعارض أفكارهم.. لذلك فإن الأصوليين يرفضون فكرة التفاوض مع الآخر على قدم المساواة.. وعند مواجهة دولة تفكر بطريقة مختلفة عما تفكّر به دولتنا، نرى أن حكومتنا ترفض الحديث معها - وبالمناسبة فإن الأصوليين لايعترفون إطلاقا بإمكانية وقوعهم في الخطأ - من هنا فإن الحكومة الأمريكية الحالية عندما فتحت أبواب أبو غريب ومارست تعذيب المعتقلين في غوانتانامو، لم يخطر ببالها أنها ترتكب خطأ".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف