جريدة الجرائد

غراس لن يتخلى عن نوبل رغم «عار» النازية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


الحملة عليه تتفاعل لإخفائه "السر" طوال ستين سنة
غونتر غراس لن يتخلى عن نوبل رغم "عار" النازية

عبده وازن - الحياة

لن يتخلى الروائي الألماني غونتر غراس عن جائزة نوبل للآداب التي فاز بها العام 1999، رغم الحملة التي قام ويقوم بها ضده مثقفون وكتّاب ألمان، بُعيد اعترافه اخيراً بانخراطه في صفوف النازية العام 1944 عندما كان في السابعة عشرة من العمر. هذا ما أعلنه غراس ليل الثلثاء عبر حوار أجراه معه التلفزيون الألماني. لكنه لم يتوان خلال هذا الحوار عن وصف انخراطه النازي بـ "العار" الذي صمت عنه طوال ستين سنة.

اعلان الاحتفاظ بالجائزة اكدته ايضاً الأكاديمية السويدية التي افادت بأنها لن تسحب الجائزة من صاحب رواية "الطبل الصفيح" إثر اعترافاته المثيرة. وقال ميكايل شولمان مدير الأكاديمية إن "القرارات المتعلقة بالجوائز لا يمكن التراجع عنها".

إلا ان السجال حول قضية غراس لا يزال قائماً في ألمانيا، نظراً الى الإشكالية التي اثارتها، لا سيما في اوساط المثقفين الذين يتبرأون من التاريخ الألماني النازي. ولم يأخذ هؤلاء على غراس انخراطه النازي بمقدار ما أخذوا عليه صمته الطويل عن الأمر وتجاهله إياه وترويجه انه كان في سلاح الجو. واعتبر المجلس المركزي اليهودي في ألمانيا ان غراس وقّت اعترافه هذا قبيل صدور سيرته الذاتية مطلع ايلول (سبتمبر) المقبل مروجاً لها مسبقاً.

وإن بدا إعلان غراس محافظته على جائزة نوبل أشبه بالخاتمة الأخيرة للحملة عليه، فهي ستُستعاد حتماً غداة صدور سيرته وعنوانها طريف جداً وهو "خلال تقشير البصل".

لكن غراس يعرف كيف يواجه "اعداءه" بذكاء. فـ "العار" الذي وصف به تلك الحقبة من ماضيه، يؤكد انه كان أحد ضحايا النازية التي جرفته مع ابناء جيله في الأربعينات من القرن الماضي. وقد اعترف بأنه لم يطلق رصاصة واحدة خلال العام 1944. وذكّر جمهوره بأن الأميركيين اعتقلوه بعد الهزيمة الألمانية زهاء سنتين، عانى خلالهما الكثير من الألم والعزلة.

كان غونتر غراس، كلما سئل عن عدم كتابته سيرته الذاتية، يجيب بأنه يكره المذكرات ويؤثر الكتابة عن قضايا الشعب الألماني. لكنه ارتأى اخيراً، وهو على مشارف الثمانين، ان يتخلّص من هذا "السر" الذي أرهقه طوال ستين سنة، كاتباً سيرته الذاتية من دون اي تحايل أو كذب. ولكن هل يُلام الفتى الشاب على خطيئة ارتكبها من دون ان يدري حجمها؟ هذا السؤال يطرحه غراس على نفسه ليؤكد انه لم يكن يعلم ماذا يعني ان يكون عضواً في المنظمة النازية الخطرة "وافن أس أس" اي "قوات الحماية" التي ارتكبت ابشع الجرائم والمجازر. حتماً لم يكن غراس الفتى قادراً على القتل في ذلك العمر، ولو قتل لاعترف حتماً، لأنه من أجرأ الكتّاب في العالم، ويسمى في أوروبا "الكاتب الملتزم بحق". وهو لم يُخفِ يوماً مواقفه النقدية الجريئة ضد ما يسميه "التعجرف الأميركي" و "التسلط الإسرائيلي". ولكم طالب غراس السياسيين الألمان بالتخفيف من الكلام على "الشعور القومي" والانفتاح على الإنسانية خصوصاً في زمن العولمة.

هذه الحقبة القاتمة في ماضي غراس هل تطارده حقاً؟ هذا الكاتب الذي يعد ظاهرة فريدة لا يبدو متوجساً من "الوصمة" التي اعترف بها اخيراً مخففاً عن نفسه وطأتها الشديدة. بل انه جعلها ذريعة ليكتب سيرته الذاتية التي ستكون بمثابة الحدث الأدبي والسياسي تبعاً لما تزخر به حياة هذا الكاتب الكبير من احداث ووقائع وحكايات. وهو اصلاً ليس غريباً عن مواطنه الفيلسوف هايدغر الذي ما برحت تطارده لعنة النازية حتى اليوم، ولا عن صديقه الروائي الألماني الراحل هنريش بول الذي كان جندياً عادياً في الجيش النازي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف