جريدة الجرائد

أيام في غوانتانامو 6 - سائق بن لادن أصبح حجر الزاوية في تاريخ غوانتانامو

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


المحامي الأميركي ويفر لـ"الشرق الأوسط": معسكر دلتا لن يغلق في عهد الرئيس بوش

غوانتانامو: محمد الشافعي


غوانتانامو اسم سيذكره التاريخ طويلا وسيظل شاهدا على ادعاءات ومزاعم مثيرة للجدل حول السجن الأميركي الذي أقامته الولايات المتحدة تحت شعار مكافحة الإرهاب، وقامت بإرسال كل من قامت بإلقاء القبض عليهم في أرض المعركة من عناصر القاعدة وطالبان في أفغانستان، وتم وضع هؤلاء السجناء في مئات الزنزانات التي لا يفصل بينها إلا أمتار معدودة، ورغم ذلك فإنهم لا يتمكنون من رؤية مياه هذا المحيط ولا الشوارع الجميلة الهادئة المظللة بالاشجار على جانبي الطرق التي قام الأميركيون بشقها وتمهيدها حول المعسكر، ولن يتاح لهم زيارة محلات ستار بكس او ماكدونالدز او متاجر البحرية الضخمة التي تبيع سلعها بارخص الاسعار.

ورغم وجود 450 من سجناء القاعدة وطالبان في معسكر دلتا شديد الحراسة، الا ان هناك شخصية محورية باتت على كل لسان سواء من الحراس او ضباط القاعدة البحرية الاميركية او المحامين او نشطاء المنظمات الحقوقية الذين ينادون باغلاق المعسكر اليوم قبل الغد، والشخصية المحورية هي سليم حمدان سائق اسامة بن لادن زعيم "القاعدة" المحتجز في المعسكر الاول شديد الحراسة، واول متهم يمثل امام محكمة عسكرية اميركية، وبفضله تغيرت القوانين، ودخل المعسكر في عهد جديد وبنود تخضع لاتفاقية جنيف لحقوق الاسرى، بعد ان كسب محاموه قرارا مهما في منتصف العام الجاري في المحكمة العليا الاميركية في القضية التي تعرف باسم قضية حمدان "المدعى عليه" ضد رامسفيلد (وزير الدفاع الاميركي) "المدعي"، حيث قالت المحكمة العليا في قرارها: "لقد تجاوزت ممارسة بوش لسلطاته التنفيذية كل الحدود"، ونتيجة لهذا سوف يكون لقرار المحكمة أثر دائم في البنية الدستورية للولايات المتحدة، خصوصا بعدما اكدت المحكمة ان الرئيس بوش تجاوز صلاحياته باصدار اوامر باجراء مثل هذه المحاكمات لانها تتعارض مع اتفاقيات جنيف.





التقت "الشرق الأوسط" المحامي الاميركي روبرت ويفر "الذي يدافع عن حمدان" وزميله سام كوفمان في مطار فورت روتلديل قبل ان نستقل الطائرة الصغيرة مع مجموعة قليلة من المحققين والمترجمين الى غوانتانامو في نهاية الشهر الماضي. وفي المطار تحدث روبرت ويفر الذي يدافع عن حقوق سجينين سوريين اعتقلا في افغانستان، وارسلا الى قاعدة باغرام، ومنها الى معسكر غوانتانامو، عن حمدان الذي اصبح على كل لسان يعرف القانون، لأن قضيته ارست مبدأ مهما في تاريخ القضاء الاميركي. واشار ويفر الى ان قضية حمدان اغلقت الى الابد ملف الاساءة الى المعتقلين في غوانتانامو. وأعرب عن اعتقاده ان ملف التعذيب قد طوي من غوانتانامو بعد النصر القانوني في قضية حمدان.

وأوضح ان القضية كانت حجر الزاوية في قضية تسعة معتقلين آخرين من المقرر ان يمثلوا امام محاكم عسكرية في غوانتانامو. وقد أنشأت الحكومة الاميركية هذه المحاكم الخاصة لمحاكمة بعض المعتقلين في اطار "الحرب على الارهاب"، وهو ما جعل واشنطن تدافع عنها حتى بعد صدور قرار المحكمة العليا في نهاية يونيو (حزيران) الماضي باغلبية خمسة ضد ثلاثة اصوات، مؤكدة انها "تلعب دورا مهما في الحرب على الارهاب".

ومازلت اتذكر اجوبة الرجل الثاني في معسكر غوانتانامو الجنرال لي كوك نائب القائد العام لقوة المهام المشتركة التي تخضع لاشراف مباشر من البنتاغون، ردا على سؤال عن موعد اغلاق المعسكر النهائي، اذ قال ان الولايات المتحدة لا تزال تعتقد انه "ضروري" وان أي شخص من سجناء "القاعدة" موجود في المعسكر، يستحق ان يكون في غوانتانامو، لانه اعتقل في ارض المعركة. والشخص الوحيد الذي جاء ذكره على لسان الجنرال لي كوك هو سليم حمدان والمعتقل السعودي ياسر حمدي، الذي حوكم داخل الاراضي الاميركية، باعتباره حاملا لجنسيتها.

وقال لي كوك "عندما تقبض الولايات المتحدة على شخص في ساحة المعركة، يجب ان تكون لدينا طريقة لاعتقاله حتى لا يعود الى القتال ضدنا او ضد أصدقائنا وحلفائنا".

واليمني سليم أحمد حمدان، 34 عاما، يعتبر من المتهمين الرئيسيين، ومن التهم الموجهة اليه التآمر لارتكاب جرائم حرب، والعمل مع بن لادن عام 1996 اذ اصبح سائقه وحارسه الشخصي وقام بتسليم اسلحة والتدرب على استخدام الاسلحة. وكان حمدان يعمل سائقاً خاصاً لأسامة بن لادن. وفيما عدا التنقل برئيسه في سيارته من مكان إلى آخر وحضور الاجتماعات، فهو لم يفعل شيئاً للتحريض على هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، إلا أن قيادته للسيارة وعلمه بنيات تنظيم "القاعدة" كانت كافية بالنسبة للعسكريين لتوجيه الاتهام إليه بالانضمام إلى مؤامرة لقتل مدنيين والمشاركة في أعمال إرهابية.

وتحدث المحامي ويفر الذي عمل من قبل كمحام للحكومة لمدة 25 عاما، قبل ان ينتقل الى خندق الدفاع عن حقوق المتهمين، وهي السماح له بقدر اكبر من الحرية في التحاور لساعات طويلة مع موكليه السوريين من دون رقابة من سلطات المعسكر الاميركي.

وكشف عن كاميرات داخل الغرف التي يلتقي فيها المحامون مع موكليهم من اسرى "القاعدة" وطالبان في قاعدة غوانتانامو. ورأى ويفر ان حكم المحكمة العليا يعني ان السجناء من الان فصاعدا سيحصلون على محاكمات عادلة، ووصف القرار بانه "صفعة" للاجراءات المعتمدة و"انتصار" و"عودة الى القيم الجوهرية".

واشار الى انه زار خلال عمله مع الحكومة نحو 24 سجينا داخل الاراضي الاميركية، منها سجون شديدة الحراسة مثل سجن كلورادو الذي يحتجز فيه قادة الحركة الاصولية مثل الشيخ عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي لـ"الجماعة الاسلامية" المصرية، لكنه لا يستطيع ان يقارن معسكر غوانتانامو بتلك السجون، لانه فريد من جهة الاجراءات المتبعة باعتباره موجودا خارج الاراضي الاميركية.

وأعرب عن اعتقاده ان المعسكر لن يغلق على الاقل في عهد الرئيس الاميركي بوش، بل ربما في عهد خليفته المقبل. وضمن الذين ينتظرون المثول امام محكمة عسكرية علي حمزة احمد سليمان البهلول، المتهم بأنه الحارس الشخصي لزعيم تنظيم "القاعدة" الذي كرر اعترافه بعضويته في تنظيم "القاعدة" امام المحققين، مشددا على أن لا علاقة له بهجمات سبتمبر في نيويورك 2001.

ويتهم البهلول بالتآمر لارتكاب جرائم حرب لكونه الحارس الشخصي لابن لادن، وإعداد تسجيلات فيديو تدريبية، وفي حال إدانته قد يواجه البهلول عقوبة بالسجن مدى الحياة.

ويواجه البهلول باعتباره "مقاتلا عدوا" تهما بالتآمر لتنظيم هجمات على أهداف مدنية والتآمر لارتكاب عمل إجرامي، بينما ينفرد بتهمتي إعداد أفلام ترويجية للحث على الالتحاق بالتنظيم وإعلانه الجهاد ضد الأميركيين. ويبلغ اليمني علي حمزة البهلول، 37 عاما، واعترف في أغسطس (آب) 2004 بانتمائه الى تنظيم "القاعدة".

ويتهم بهلول بأنه عمل حارسا شخصيا لابن لادن وانه ساعد على انتاج فيديو "يروج ويمدح" هجوم "القاعدة" على المدمرة الأميركية "كول" في اليمن عام 2000. وتذكر الاتهامات ان شريط الفيديو كان الهدف منه تجنيد أعضاء جدد وحث مقاتلي "القاعدة" على مهاجمة المزيد من الاهداف الأميركية او اخرى تابعة لحلفاء واشنطن.

اما الاسترالي الطالباني ديفيد هيكس، وهو احد العشرة الذين سيمثلون امام محكمة عسكرية، فقد حارب في كوسوفو عام 1999، واعتنق الدين الاسلامي عام 2000 وانتقل الى باكستان، وهو يواجه تهمة التآمر لارتكاب جرائم حرب ومحاولة القتل ومساعدة العدو.

ومن التهم الموجهة الى هيكس ايضا انه انضم الى المجموعة الباكستانية المتشددة "عسكر طيبة" التي قاتل الى جانبها ضد القوات الهندية في كشمير. كما انه تدرب في مخيمات تابعة لـ"القاعدة" في أفغانستان واعتقل قرب مدينة بغلان في شمال أفغانستان في ديسمبر (كانون الأول) 2001.

وهناك ايضا افغاني اسمه عبد الظاهر، اتهم بالعمل مترجما ورسولا لنقل الاموال لحكام طالبان السابقين وتنظيم "القاعدة".

وأشار الادعاء الى تورطه في هجوم بقنبلة في عام 2002 اصيب فيه ثلاثة صحافيين، واعتقل في يوليو (تموز) عام 2002. ووجهت اتهامات جنائية الى عبد الظاهر بالتآمر ومساعدة العدو ومهاجمة مدنيين.

ويتهم ايضا كندي اسمه عمر خضر "من أصل مصري" وهو نجل ممول "القاعدة" احمد سعيد خضر الذي قتل في وزيرستان الحدودية عام 2003، في افغانستان لقتله جنديا اميركيا في يوليو 2002 وعائلته تعيش اليوم في تورنتو، وشقيقه الاكبر عبد الله معتقل لدى الاميركيين بتهمة تقديم دعم لوجستي لـ"القاعدة".

يذكر ان عمر خضر ولد في تورنتو وترعرع في باكستان، وقد اتهم بقتل الجندي الاميركي كريستوفر سبير وبمحاولة قتل وتقديم الدعم الى العدو.

وعلى قائمة المثول امام المحكمة العسكرية كمقاتلين اعداء ايضا والسوداني ابراهيم احمد محمود القوصي، وجبران سعيد القحطاني، وغسان عبد الله الشربي، وسفيان برهومي، وبنيامين احمد محمد، الذين يواجهون تهم التآمر لاستهداف مدنيين وتدمير منشآت. وضمن الاتهامات الموجهة الى القوصي أنه عمل "محاسبا للقاعدة"، وجاء في الاتهامات أنه انضم الى "القاعدة" عام 1989 عندما كان بن لادن يعيش في السودان، وأصبح في ما بعد محاسبا ومديرا ماليا للتنظيم.

كما ذكر قرار الاتهام ان القوصي كان يصرف الرواتب والأموال لشراء المتفجرات والأسلحة في السودان وباكستان، وكان يوقع شيكات نيابة عن بن لادن، وانه منذ عام 1996 حتى اعتقاله في ديسمبر 2001 عمل سائقا وحارسا شخصيا لابن لادن في أفغانستان. ووجهت السلطات الاميركية الى بنيامين احمد محمد، المهندس الكهربائي الذي اعتنق الاسلام في الفترة الاخيرة تهمة تلقي تدريب على المتفجرات وأرسل الى الولايات المتحدة مع خوسيه باديلا لزرع قنابل، كما تذكر وثائق قضائية.

يشار الى ان باديلا الاميركي الجنسية كان قد اعتقل في مطار شيكاغو قادماً من باكستان في مايو (ايار) وتشتبه السلطات الاميركية في انه كان يعد لشن اعتداء في الولايات المتحدة.

وجاء في الاتهام، ان هؤلاء المتهمين التقوا باثنين من كبار قادة "القاعدة"، هما سيف العدل وخالد شيخ محمد في كراتشي قبل ان يتوجهوا الى الولايات المتحدة، حيث قالوا لبنيامين محمد ان "مهمتهم تقضي باستهداف البنايات السكنية الكبيرة التي تتم التدفئة فيها بالغاز ومحطات الوقود".

وقد اعتقل بنيامين احمد محمد في مطار كراتشي في10 ابريل (نيسان)2002 لدى محاولته الصعود الى طائرة متوجهة الى لندن مستخدما جواز سفر مزورا، وتلقى تدريبا في افغانستان في سبتمبر (ايلول) 2001 مع ريتشارد ريد البريطاني الذي تمكن من الصعود الى طائرة متوجهة من باريس الى ميامي مع متفجرات كان يخفيها في حذائه في ديسمبر (كانون الاول) 2001.

اما الجزائري برهومي فقد تلقى تدريبا على الإلكترونيات والمتفجرات في احد معسكرات "القاعدة" ثم درب عناصر في هذه الشبكة الارهابية، كما تفيد الوثائق القضائية. وفي مارس (آذار) 2002، بعد سفره من أفغانستان الى باكستان، درب برهومي والشربي والقحطاني على صنع عبوات متفجرة في فيصل اباد، حيث اعتقلوا في28 مارس 2002.

وتواجه الولايات المتحدة انتقادات بالداخل والخارج حول أسلوب تعاملها مع سجناء غوانتانامو منذ وصول اول دفعة منهم من افغانستان يوم 11 يناير (كانون الثاني) 2002 وهم مقيدون وعلى أعينهم نظارات معتمة واقنعة كالتي تستخدم في العمليات الجراحية. وتأتي بعض الانتقادات لنظام المحاكمات العسكرية من المحامين العسكريين الأميركيين المعينين للدفاع عن السجناء.

* معتقل سوري يبحث عن بلد ثالث لترحيله

* قال المحامي الاميركي سام كوفمان الذي التقته "الشرق الأوسط" في معتقل غوانتانامو ان موكله الذي اشار الى انه سوري، يطلب نقله الى بلد ثالث خوفا من تعرض حياته للخطر عقب الافراج عنه من معسكر دلتا. واوضح في رسالة إلكترونية تلقتها "الشرق الأوسط" الاسبوع الماضي، ان موكله كان يعيش في العاصمة كابل حتى سقوط حركة طالبان في نهاية عام 2001، وأعرب عن اعتقاده ان موكله ربما كان يؤيد "القاعدة" او طالبان، ولكنه لم يتلق أي نوع من التدريب العسكري، ولم يحمل السلاح خلال فترة وجوده في افغاستان.

وأشار الى ان موكله بعد سقوط كابل حاول الفرار عبر الحدود، ولكن المخابرات الباكستانية اعتقلته وسلمته الى الاميركيين، الذين نقلوه بدورهم الى قاعدة باغرام الجوية، حيث تعرض للتحقيق عدة مرات. وفي ربيع عام 2002 نقل الى معسكر غوانتانامو، حيث اعتبره الاميركيون "مقاتل عدو" بحسب المحامي كوفمان. وأعرب المحامي الاميركي الذي زار معسكر دلتا عدة مرات للقاء موكله، ان عددا من السجناء سيطلق سراحهم، من الذين لم يثبت ضدهم حمل السلاح او التدريب العسكري، ومن ضمن هؤلاء سيكون موكله على أغلب الظن.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف