نباتات «مهندسة وراثيا»... تحارب «حدائق الألغام»!
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
القاهرة -أغاريد مصطفى
"الطريق الى نوبل"... اسم أحدث مشروع علمي يغير وجه مصر وتستفيد به عدة دول عربية على رأسها الكويت، فالمشروع سيغير مساحة شاسعة من الأراضي المصرية الى الحياة بعد تحريرها من الألغام المكبلة للحركة والمزروعة منذ الحرب العالمية الثانية في صحرائها الغربية.
والجديد الذي استخدمه الفريق البحثي المصري الذي يضم باحثين من ثلاث جهات علمية بحثية، هو استخدام نباتات مهندسة وراثيا في ازالة الألغام.
"الرأي العام" التقت بالباحث في المركز القومي للبحوث في مصر ورئيس الفريق البحثي للمشروع الدكتور محيي الدين سليمان، وكان هذا الحوار:
bull; كيف بدأت فكرة هذا المشروع؟
- بدأت الفكرة من خلال مشروع بحثي يهدف الى ازالة متبقيات الألغام من المناطق التي يتم تطهيرها بالساحل الشمالي "شمال غرب مصر" ووجدت أن لدينا في مصر مليوني فدان في هذه المنطقة.
وهذه المنطقة بها ما يقرب من 20 مليون لغم بالبحث الدقيق اكتشفت أن تكلفة ازالة اللغم الواحد من خلال جهاز المهندسين العسكريين سيتكلف نحو 2000 دولار لكن هذه الطريقة كانت تزيل الألغام من مناطق معينة فقط ويتبقى في بعضها مادة الـ"T.N.T"، وهي مادة سامة وعائقة للزراعة ومسببة لمشاكل صحية وبيئية، بعد ذلك أثبتت دراسات في مصر والعالم أن بعض النباتات لها قدرة على تحليل مركب الـ "T.N.T" الذي يمثل المركب الأساسي للغم.
bull; كيف يحدث هذا؟ وكيف يمكن استغلاله؟
- اللغم عبارة عن جسم معدني بداخله مفجر ومادة الـ "T.N.T" المتفجرة وهذه المادة تتكون من مركبات عضوية نيتروجينية تتغذى عليها النباتات وبعض أنواع البكتيريا ومن هنا جاءت فكرة استخدام هذه النباتات وزراعتها في الأماكن التي يمكن أن توجد بها ألغام.
وحتى في مناطق تمت ازالة الألغام منها بالطرق التقليدية، وكذلك في المناطق التي تم تفجير ألغام بها، والحل هو زراعة هذه النباتات ذات القدرة على امتصاص النيتروجين من هذه المادة وتفقدها خواصها التفجيرية، وتساعد على تنظيف البيئة الموجودة فيها.
ولكن المشكلة التي واجهتنا هي أننا سنتحدث عن مليوني فدان من أرض مصر لا يتم استغلالها والاستفادة من خبراتها منذ الحرب العالمية الثانية وتحديدا في منطقة الساحل الشمالي التي تحتوي على كمية كبيرة من الألغام حتى أصبحت تسمى "حديقة الألغام" و"حدائق الشيطان".
وللأسف فالدول التي تسببت في هذه المأساة تركت ما فعلته دون أن تقدم وعيا ماديا أو معنويا بتطهير هذه الأماكن حتى أنها لم تقدم الخرائط الكاشفة لأماكن هذه الألغام.
bull; كيف يمكن زراعة النباتات التي لديها القدرة على ابطال مفعول الألغام دون معرفة أماكن هذه الألغام؟!
- عندما بحثنا هذه المشكلة ورصدنا مشكلة أخرى لا تقل أهمية عن مكان اللغم وهي نوع هذا اللغم فلدينا نوعان من الألغام: لغم مضاد للأفراد وآخر مضاد للدبابات وهو لا يصيب الأفراد كما قدرنا مشكلة حجم وشكل وعمق اللغم وبعده عن سطح الأرض.
فاللغم المضاد للدبابات تتم زراعته على عمق أكبر ولكن مع عوامل التعرية والمناخ أصبح مكان وعمق اللغم متميزا ما يزيد من صعوبة الأمر كما أن اللغم المضاد للدبابات أصبح بامكانه اصابة الأفراد.
bull; ما الخطوات الأساسية التي يقوم عليها المشروع؟
- المشروع يقوم على خطوات ثلاث تبدأ أولا بتحديد مكان اللغم عن طريق بعض النباتات المهندسة وراثيا والتي لديها القدرة على تغيير لونها نتيجة وجود اللغم.
فاللغم يخرج منه ثاني أكسيد النيتروجين ما يجعل لونه يتغير من الأخضر الى القرمزي وعند نشر هذه البذور، يمكن بعد فحص هذه المنطقة تحديد منطقة اللغم بعد ذلك تأتي الخطوة الثانية وهي كيفية اختيار اللغم والبحث في كيفية اختراق البكتيريا للغم وهو ما يكون عن طريق بعض أنواع البكتيريا التي لديها القدرة على تحليل الحجم المعدني.
وهي ما تسمى بـ "البكتيريا آكلة الحديد".
وهي البكتيريا التي تعمل على التخلص من مخلفات البترول وتقوم بالتكسير في اللغم واحداث ثقوب فيه وبذلك أصبحت البكتيريا قادرة على التعامل مع المادة المتفجرة.
الخطوة الثالثة في المشروع تعني بوجود بعض النباتات الطبيعية التي تحتوي على جين نيروبردكيس وهو جين يحلل مركبات الـ "T.N.T" ويحولها الى مركبات نيتروجينية بسيطة والتي تمثل عنصرا أساسيا للنبات في التغذية.
وهذه الخطوات الثلاث هي أساس المشروع وتقوم على هذه النباتات المهندسة وراثيا وكذلك البكتيريا التي تعمل عليها الهندسة الوراثية والتي لابد وأن تكون غير ضارة حتى لا تلوث المنطقة بأنواع أخرى من البكتيريا.
كما أن النباتات التي تتم زراعتها لابد أن تكون من نفس المنطقة حتى تتأقلم مع هذه النباتات على سبيل المثال فمنطقة الساحل الشمالي "شمال غرب مصر" بها نباتات تتميز بنسبة عالية من الملوحة كما أن المنطقة يسودها الجفاف وقلة الأمطار ولذلك لابد من زراعة نباتات تتأقلم مع هذه الظروف المناخية.
bull; وهل يمكن استخدام نباتات أخرى في هذا الأمر؟
- نعم، هناك نباتات معروفة مثل نبات "الدخان، الونكا، السكرات المصري، البنجر"، وغيرها من النباتات البرية وكذلك التبغ فجميعها تتحمل أي ظروف بيئية والتبغ، تحديدا، تمتد جذوره بشكل كبير ويمكن تعديل صفاته وراثيا للقيام بهذا الدور.
وللرغبة في التعامل مع الألغام بمناطق معينة علينا القيام بعمل أطلس المنطقة وطبيعتها ومناخها والأمطار ومصادر المياه فيها والنباتات الموجودة بها، بما يمكن تكييف النباتات مع ظروف المنطقة عن طريق الهندسة الوراثية بحيث يتحمل الظروف المناخية ومصر تعمل على احضار هذه النباتات من نفس المنطقة التي بها الألغام حتى يمكن التعامل معها.
bull; ما هي الجهات المشاركة في هذا المشروع؟
- مشروع البحث تشارك فيه "3" جهات بحثية هي المركز القومي للبحوث كممثل لمشروع "الطريق الى نوبل"، ويتم فيه انتاج النباتات الوراثية والبكتيريا وتتم به المراحل المختلفة اللازمة للتعامل مع اللغم.
أما الشريك الثاني فهو جامعة القاهرة، ثم مركز بحوث الصحراء وهو الشريك الثالث وقد تم تقديم المشروع لأكاديمية البحث العلمي التي تدعم هذا المشروع وستقوم بتمويله قريبا.
bull; لماذا ظهر هذا المشروع الآن؟ وهل كان هناك تجارب سابقة؟
- البحث العلمي كل يوم في تطور، كما أن الهندسة الوراثية كعلم حديث نحاول توظيفه في الاستفادة منها وحل المشاكل القومية التي تواجهنا حتى يمكننا الاستفادة من الأراضي المهملة والمساحات غير المستغلة بالاضافة الى أن الجينات أصبحت متاحة الآن وبات لدينا الخبرة والامكانات التي تؤهلنا للتعامل بها واستخدامها في الطرق السلمية المفيدة للمجتمع.
أما عن التجارب السابقة فبدأت في العام 2003 فيما توصل بعض العلماء الألمان في احدى الشركات الألمانية الى اكتشاف بعض النباتات التي لها القدرة على تحديد موقع اللغم مثل نبات "الأرابيد وبسيز" وهو نبات أخضر اللون وبمجرد تعرضه لأبخرة الـ "T.N.T" سيتحول لونه الى القرمزي أو البنفسجي.
ومن خلال نشر هذه البذور وهطول الأمطار يمكن تحديد أماكن الألغام ونحن في مصر لم نبعد كثيرا عن هذا المستوى فالدول المتقدمة بدأت منذ فترة بسيطة.
bull; ما الفائدة العائدة على مصر من هذا المشروع؟
- الفائدة الحقيقية هي استغلال مليوني فدان وهي مساحة تمثل خمس مساحة الأراضي المزروعة في مصر فضلا عن الاستفادة من المياه الجوفية بجانب الاستفادة المادية واستغلال تلك المناطق في مجالي السياحة والزراعة، وبالعمل على تطوير تلك الأماكن سيزيد العائد الاقتصادي وتعم الفائدة القومية.
شخصيا، أرى أن هذا المشروع لن يفيد مصر فقط وانما كل الدول العربية التي تعاني من نفس المشكلة وهي وجود الألغام في أراضيها بعد الحروب فالعديد من الدول التي عانت من الحروب كالكويت والعراق ولبنان ستحتاج لهذا المشروع.
bull; هل تتوقع مساندة من جهات أخرى مستقبلا؟
- هذا مشروع قومي ويفترض مشاركة مهندسين عسكريين لأن لهم دورا مهما في تحديد مكان الألغام عن طريق معداتهم وتحديد نوع اللغم ومشاركة طائراتهم في رش المناطق بالبذور والمياه وكذلك وزارة التعاون الدولي والبيئة والصحة والسياحة والبحث العلمي.
كما أن هناك شبابا لديهم خبرات مميزة في مجال الهندسة الوراثية يمكنهم انتاج أي نوع من النباتات وبأي مواصفات وتعمل باتقان في مجال التطبيق وتوفير التطعيمات والتعامل مع البكتيريا والجينات والنباتات المهندسة وراثيا.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف