جريدة الجرائد

بوش العراقي.. الكأس المرة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


سعد محيو


ldquo;جميع الامريكيين يجب أن يدركوا أن معركة العراق الآن مركزية في الصراع الايديولوجي في القرن الحادي والعشرين. نحن لن نسمح للإرهابيين بإملاء مستقبل هذا القرن، ولذلك سنهزمهم في العراقrdquo;.

هكذا تحدث بالأمس جورج بوش. بلغة القوة والعنف تحدث. وبكلمات الواثق بrdquo;النصرrdquo; نطق. لكنه كان يدرك سلفاً أنه يواجه سلفاً مشكلة عويصة: الأمريكيون توقفوا عن تصديق روايته حول ارتباط معركة العراق بالحرب العالمية على الإرهاب. وهذا كان واضحاً في استطلاع الرأي الأخير الذي أجرته ldquo;نيويورك تايمز- سي.بي.إسrdquo;، والذي قالت فيه غالبية الشعب الأمريكي انها لا ترى أية علاقة بين حرب الإرهاب الأوسع وحرب العراق الأضيق.

ثم، لدى بوش مشكلة أخرى قد تكون أصعب: بدء انتقال العديد من صقور حزبه الجمهوري من موقع الدعم الكامل لحربه العراقية إلى المطالبة بإعادة النظر (على الأقل) بتوجهاته العسكرية والسياسية هناك.

بعض النماذج الخطرة:

جون ليهمان (وزير البحرية في إدارة ريغان، وعضو لجنة التحقيق بأحداث 11 سبتمبر): ldquo;امريكا لا تربح الحرب في العراق، وهذا على الجبهات الثلاث: الداخلية، والعملانية، والاستراتيجية. وهذا ما يشجع الآن إيران على المضي قدماً في تسلحها النووي، وكوريا الشمالية على التلويح بقصف الولايات المتحدة بالصواريخ، والصين على بناء أسطول من 600 سفينة حربية لملء الفراغ الذي تخلقه الأساطيل الأمريكية المتقلصةrdquo;.

النائب الجمهوري كريس شاي، الذي كان من أشد مناصري بوش في حربه العراقية: ldquo;لم يعد ثمة مفر من وضع جدول زمني لسحب قواتنا من العراق. هذه هي الطريقة الوحيدة المتوافرة لتشجيع العراقيين على تحمل مسؤوليات بلادهمrdquo; (...).

وحتى صقر جمهوري من وزن غيل غوتنيخت وجد نفسه مدفوعاً، بعد زيارته بغداد، لأن يعلن أن الأمريكيين ldquo;يفتقدون السيطرة الاستراتيجية على شوارع العاصمة العراقية، ولذا لا مناص من سحب محدود للقوات من هناكrdquo;. هذا في حين كان صقر آخر هو مايك فيتزباتريك ldquo;يبشّرrdquo; بحل وسط بين سياسة بوش الداعية إلى مواصلة الحرب، وبين دعوات الديمقراطيين لrdquo;القطع والهربrdquo; .

بالطبع، كل هذا التمرد الجمهوري العنيف، يأتي عشية الانتخابات التشريعية بعد أقل من ثلاثة أشهر، والتي سيسيطر فيها العراق مجدداً على جداول الأعمال الانتخابية لدى الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.

لكن، هل يؤدي هذا التمرد إلى ابتعاد الجمهوريين الطامحين إلى مقاعد الكونجرس بشكل نهائي عن إدارتهم؟ وأيضاً: هل يسفر ذلك عن بدء وضع مسألة الانسحاب الامريكي من العراق على نار، وإن هادئة؟

الجواب عن السؤال الأول: ربما، خاصة إذا لم يحدث تطور درامي في الشرق الاوسط لصالح إدارة بوش خلال الشهور القليلة المقبلة. والجواب على السؤال الثاني: لا قاطعة، لانه لا بوش ولا أي رئيس ديمقراطي آخر يستطيع أن يتخذ قراراً بإخلاء العراق جزئياً أو كلياً، ما لم يضمن أولاً عدم هيمنة إيران على ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم. فهذا سيكون، في حال حدوثه، بداية النهاية الحقيقية للزعامة الأمريكية نفسها في العالم.

وبالتالي، وإذا ما أراد بوش والجمهوريون إقناع الامريكيين بالتصويت لهم في الانتخابات، سيكون عليهم الاعتراف له بأنهم يخوضون في العراق حرب حياة أو موت من أجل النفط، لا من أجل منع الإرهاب من الوصول إلى شوارع واشنطن.

بيد ان هذا كأس مرّة لا يبدو أن بوش، ومعه أنصاره في شركات النفط الكبرى، مستعد لتجرعها. ولا أيضاً، بالمناسبة، الشعب الأمريكي، الذي سيرفض حتماً مقايضة قطرات دماء أبنائه بقطرات النفط.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف