جريدة الجرائد

هفوات حسن نصر الله والقرضاوي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


الجمعة: 2006.09.08

د. بهجت قرني


للشيوخ أو علماء الدين مكانة متميزة في مجتمعنا، فالمنطقة العربية تتميز بأنها مهد الأديان، ثم إن معاهدنا الدينية لعبت دوراً رئيسياً في النهضة الاجتماعية والسياسية على مرّ التاريخ وحافظت على هويتنا في وجه الغزو الاستعماري، ولنتذكر مؤسسات مثل الأزهر في مصر أو الزيتونة في تونس. كما كان بعض الشيوخ في مقدمة صفوف الكفاح في الداخل والخارج: الشيخ جمال الدين الأفغاني، الشيخ محمد عبده في مصر، أو الشيخ بن باديس في الجزائر، مؤسس جمعية العلماء المسلمين، وغيرهم كثيرون.
أصبح العديد من الشيوخ "بوصلة" الأمة وضميرها، وردّت لهم الشعوب هذا الجميل بأن وضعتهم في مكانة بارزة وأضفت على سلوكهم وآرائهم مصداقية لاشك يستحقها الكثيرون منهم. وهذا المثل البسيط يؤكد ما أقول: فقد دعيت منذ حوالى أربعة أعوام لمؤتمر طبي في عالمي في رحاب جامعة الأزهر بالقاهرة، وكان موضوع المناقشة هو ختان البنات، وكانت هناك بوتقة عالمية فعلاً من الأطباء وعلماء السياسة وغيرهم من المتخصصين في العلوم الاجتماعية، رجالاً ونساء. كانت المناقشة راقية على أعلى المستويات والقدرة التحليلية للمشتركين -محاضرين ومنصتين- مشرفة فعلاً. ولكن على مائدة الغداء هالني ما قالته طبيبة عربية متميزة: إنها في زياراتها الميدانية في الريف والبادية تصطحب معها عادة أحد المشايخ، حتى ولو كان ينقصها علماً بكثير، لأن مصداقيته أمام أهل البادية والريف تفوق مصداقية الطبيبة أو الطبيب.
كما نعرف، للشيخ نصرالله، مكانة سياسية بارزة ليس فقط داخل لبنان، ولكن على صعيد العربي والإسلامي، وأصبح في نظر البعض بطلاً شعبياً فعلاً بسبب تعبئة رجاله ونسائه للتصدي للعدوان الإسرائيلي على لبنان.
ولذلك فما يقوله هذا الشيخ له تأثير كبير على كل أبناء هذه الأمة -مؤيديه ومعارضيه. ولذلك هالني تصريحه الأخير بأنه لو كان يعرف من قبل نتائج خطف الجنديين الإسرائيليين، ما كان يوافق على القيام بهذا العمل. وقد يكون لهذا التصريح ما يبرره من ناحية السياسة الداخلية اللبنانية والاستراتيجية العسكرية العامة، على أساس أن ثمن هذا العمل كان باهظاً من ناحية الدمار والتشرد الذي أحاق بلبنان.
ولكن هذا التصريح في هذا التوقيت يُستغل الآن بواسطة معارضي الشيخ لإضفاء المغامرة على أفعاله ودمغها بقصر النظر والارتجالية المفرطة، وبالطبع لسنا في حاجة إلى "نبرة ندم" في هذه الآونة.
الهفوة الأخرى، هي من الشيخ د. يوسف القرضاوي، خريج جامعة الأزهر، ذو الكتب المتعددة ذائعة الصيت والعميد السابق لكلية القانون في جامعة قطر. فطبقاً لجريدة "المصري اليوم"، قام الشيخ القرضاوي في لقائه السنوي بالصحفيين الذي عقده صالون إحسان عبدالقدوس في 31 أغسطس، بمهاجمة الشيعة والشيخ نصرالله محذراً من المدّ الشيعي في مصر، منبهاً إلى أن الشيعة يحاولون اختراق مصر على أساس أنها تحب آل البيت وبها مقام الحسين والسيدة زينب. وبالرغم من أنه أعلن تأييده لـ"حزب الله" والشيخ نصرالله، إلا أنه أكد أيضاً أن "نصر الله لا يختلف عن الشيعة المتعصبين، فهو متمسك بشيعيته ومبادئه ويقول يا علي...".
وقد تكون بين المذاهب الدينية قضايا خلافية يؤمن كل جانب أنه على حق تماماً فيها، ويكون مجالها السجال العقائدي ومقارعة الحجة بالحجة بين المتخصصين، ولكننا لسنا في حاجة -في هذه الآونة بالذات- إلى جعل هذا السجال قضية عامة وتقسيم الجماهير إلى شيع وأحزاب تتناحر فيما بينها، في وقت نحن في أشد الحاجة فيه، إلى لمّ الشمل وعدم التفرقة على أساس ديني. وليستخدم رجال الدين مكانتهم لتدعيم روح المواطن بدلاً من إذكاء نار الطوأفة، فالكل يستطيع أن يرى أن طوأفة العراق أدت إلى الحرب الأهلية، والتي لا يجب أن تمتد إلى بقية الأمة العربية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف