جريدة الجرائد

هجوم القوات الحكومية في دارفور يأتي في وقت حرج

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك



كريغ تيمبيرغ - واشنطن بوست


يقول محللون ومتمردون ومسؤولون من بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الإفريقي إن الحكومة السودانية صعدت بشكل دراماتيكي من وتيرة الحرب في اقليم دارفور في محاولة لانهاء تمرد عنيد مضى عليه ثلاث سنوات، وذلك قبل ان يتم نشر قوات حفظ السلام هناك.

فبعد اربعة اشهر من التوصل الى ما كان قد اشيد به على اساس انه صفقة سلام رئيسية في العاصمة النيجيرية أبوجا، تتيح غارات جوية وهجمات برية شرسة تشن بشكل متزايد على القرى المجال امام القوات الحكومية لرد المتمردين على اعقابهم. كما انها تدفع بالاف المدنيين الى اللجوء الى مخيمات مكتظة اصلا.

وفي الاثناء، هددت الحكومة السودانية قوات الإشراف التابعة للاتحاد الافريقي وقوامها سبعة الاف رجل بالطرد. ومن المقرر ان تنتهي مهمة هذه القوات في دارفور في نهاية الشهر الحالي. وقد اضطرت العديد من المجموعات الانسانية العاملة في المنطقة الى الحد من حجم عملياتها هناك بسبب المخاطر التي تنجم عن القتال الجديد.

الى ذلك، تحذر مجموعات إغاثة من ان الظروف يمكن ان تتفاقم بشكل أسوأ في حال غياب الدور المعتدل الذي يضطلع به الاتحاد الافريقي ومقدرته في توفير حماية، ولو كانت محدودة، للعمليات الإنسانية، مثل تقديم الغذاء والرعاية الصحية. وعلى الرغم من وجود قوات الاتحاد الافريقي في المنطقة، فإن اثني عشر من موظفي الاغاثة قد قتلوا منذ توقيع الصفقة السلمية في الخامس من ايار - مايو، بمن فيهم ممرض من لجنة انقاذ دولية في قتال اندلع مؤخراً هناك.

وكان مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة قد أقر في الأسبوع الماضي إرسال قوة حفظ سلام تتكون من 22500 رجل للحلول محل قوات الاتحاد الافريقي، لكن الرئيس السوداني عمر حسن البشير سعى الى الحيلولة دون انتشارها. وكان طالبان اثنان قد قتلا فيما جرح عشرة اخرون في عاصمة شمال دارفور -الفاشر- في أحداث جرت يوم الاثنين الماضي حين فرقت قوات الامن بالقوة تجمعا يؤيد انتشار قوة الامم المتحدة. ومن الممكن أن تؤدي الهجمة الحكومية الجديدة سوية مع القلق الذي يغلف جهود قوات حفظ السلام الى إحداث تحول رئيسي في القتال الدائر في دارفور، حيث ادى القتال والمرض الى وفاة نحو اربعمئة وخمسين الف شخص والى تشريد مليوني شخص اخرين. ويقول موظفو اغاثة ان الاصابات بين المدنيين وجرائم الاغتصاب والسلب والنهب قد ازدادت في الاونة الاخيرة على نطاق اكثر اتساعا. وفي الغضون، لجأ عشرات الآلاف من الدارفوريين الى المخيمات، وقد صوتوا بأقدامهم ضد صفقة سلام يعتبرها الكثيرون متصدعة بعمق.

وقال زعيم المتمردين ابو بكر حميد نور الذي كان يتحدث هاتفيا من شمال دارفور "لا توجد اتفاقية سلام على الاطلاق". واضاف "بل هناك مرحلة جديدة من الاعتداءات الوحشية. وما توصلوا اليه في ابوجا لم يكن سلاما دائما". ويقول زعماء المتمردين انهم يشنون هجمات مضادة حيثما كان ذلك ممكنا. لكنهم يعترفون في الاثناء بانهم يتخلون عن بعض الاراضي لتفادي مواجهة الآلاف من القوات الحكومية الجديدة المدججة بالاسلحة، والتي حلت محل الميليشيات غير النظامية التي عملت مقاتلة بالنيابة لفترة كبيرة من النزاع. ويقاتل بعض المتمردين السابقين الان الى جانب الحكومة والميليشيات، موفرين للقوة الموحدة قوة نيران غير مسبوقة، سوية مع معرفة تفصيلية بالممرات الجبلية المخادعة.

ويقول محللون إن الهجوم المتنامي قد ترك القوات المعادية للحكومة في موقف حرج، في وقت تراجع فيه انسياب الوقود والمؤن من الجارة تشاد. وفي الغضون، قال تيد داغنا، وهو محلل متخصص في الشؤون الافريقية في وكالة الابحاث التابعة للكونغرس الاميركي من واشنطن "انهم قد يهزمون عسكريا هذه المرة، وان ميزان القوى يميل الى التحول لصالح الحكومة. وما يحتاجون اليه هو تغيير الواقع على الارض لكي يجعلوا من انتشار القوات الدولية امرا غير ذي جدوى."

وكانت واحدة فقط من اصل ثلاث مجموعات متمردة قد وقعت على صفقة السلام في ايار، فيما انضمت الاخريان اللتان تعهدتا بالاستمرار في القتال الى القوات التي تحارب الحكومة. وقد انشقت المجموعة التي وقعت، وهي بزعامة ميني ميناوي، حيث صار بعض مقاتليها يحاربون الى جانب القوات الحكومية وآخرون ضدها. كما انضم ميناوي نفسه الى القوات الحكومية محتلا منصبا رفيعا.

لقد تم انقسام مجموعات المتمردين على نطاق واسع وبشكل معقد، حتى ان اقرب المراقبين من النزاع يقولون انه لم يعد ممكنا القول من الذي يسيطر على الكثير من أجزاء الريف في شريط واسع خال من الطرق بحجم ولاية تكساس. وتسيطر على مدن دارفور كلها القوات الحكومية التي تعززت بالاف من القوات الجديدة في الاشهر القليلة الماضية كما قال اللفتنت كولومنت ايزي، المستشار العسكري لرئيس البعثة التابعة للاتحاد الافريقي في السودان. كما أن بإمكان القوات الحكومية استخدام مهبط للطائرات العمودية وعدد متزايد من سيارات الشحن المدرعة والاسلحة الثقيلة. وفي الغضون، يتم استخدام طائرات انطونوف روسية الصنع لشن غارات جوية منتظمة. وقال ايزيل ان الهجوم الحكومي الذي بدا في التاسع والعشرين من آب كان اوسع واكبر قتال دار في دارفور في السنة الماضية على الاقل. وفي نفس الوقت، يمتلك المتمردون أسلحة ثقيلة وقدرة على التحكم في المناطق المترامية الأطراف بسرعة. واضاف ايزي "انهم في موقع يمكنهم من القتال، لكن المرء لا يستطيع القول الى اي مدى".

وكانت الحكومة الأميركية قد اتهمت نظيرتها السودانية بارتكاب مذبحة لدورها في دعم الميليشيات المسلحة التي ارهبت القرى في كافة ارجاء المنطقة. وتدرس محكمة الجنايات الدولية في الاثناء احتمال توجيه تهم بارتكاب جرائم حرب في النزاع. وفي مواجهة هذا الضغظ الدولي، أصبح المسؤولون السودانيون في وضع أميل إلى الحرب بشكل متزايد، رافضين الموافقة على مهمة قوات حفظ السلام في دارفور، ومهددين بمهاجمة القوات الدولية التابعة للامم المتحدة التي ستنتشر هناك.

وكانت الحكومة قد أفصحت عن نواياها في خطة قدمت الى مجلس الامن الدولي الشهر الماضي. وتحت عنوان "السيطرة على الحالة الامنية واستعادة السلام في دارفور"، دعت الى تشكيل تدريجي لقوات حكومية قوامها 22500 جندي، بالاضافة الى 4000 عنصر من مجموعة ميناوي المتمردة السابقة، و7050 ضابط شرطة. وكانت الحكومة قد عولت في السابق على ما يسمى ميليشيات الجنجويد لمقاتلة متمردي دارفور.

وكانت رسالة من الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان التي وجهها الى الرئيس البشير في الخامس والعشرين من اب الماضي قد وصفت الخطة بانها "ابتعاد ذو مغزى" عن اتفاقية السلام في ايار، ودعته الى عدم المضي قدما فيها. واضاف انان في رسالته "لا يمكن ان يكون هناك حل عسكري للنزاع في دارفور". وكان قرارمجلس الامن الدولي في الاسبوع الماضي قد وجه دعوة للحكومة السودانية لقبوله. وقد تكهن مسؤولون اميركيون بشكل سري بان تفعل الحكومة السودانية ذلك، لكنها لم تفعل.

وفي يوم الاحد الماضي قال مسؤولون حكوميون ان الاتحاد الافريقي الذي يشترك السودان في عضويته سينهي مهمته في دارفور. لكن، ومع انتصاف نهار يوم الاثنين، خفف المسؤولون السودانيون من موقفهم قائلين ان بامكان مسؤولي الاتحاد الافريقي ان يبقوا في السودان طالما انهم لا يريدون ان يصبحوا جزءا من مجهود نشر قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة. وقال جمال ابراهيم، وهو ناطق بلسان وزارة الخارجية السودانية "اذا استمر الاتحاد الافريقي بالقيام بمهمته السابقة فلن يكون لديهم اي مشاكل".

وقال ايرك ريفس، وهو استاذ في كلية سمث يتابع الوضع في دارفور، ان الحكومة السودانية تعمل على اخلاء المنطقة من اي شهود فيما هي تجري استعدادا لخوض معركة فاصلة ضد المتمردين ومؤيديهم المدنيين. وقال ريفس الذي كان يتحدث من نورثامبتون في ولاية مساتشوستس "لن يكون هناك اتحاد إفريقي ولا مجموعات انسانية. ان ما يجري هو مذبحة مخبأة في صندوق اسود، ولن يكون لدينا اي مراقبين".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف