ما هو ذنب البارزاني؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
صالح القلاب
وكأن عقارب لسعت "حراس القومية العربية"!! ، الذين هبطوا على هذا الكار متأخرين ، لأن مسعود البارزاني على اعتبار أنه رئيس إقليم كردستان العراق أصدر قرارا بعدم رفع إلا العلم الكردي فوق الدوائر الرسمية في هذه المنطقة الى ان يتم الاتفاق على علم عراقي جديد يحظى بموافقة ومصادقة برلمان العراق الذي كان أنشأ لجنة لهذه الغاية.
بعد إسقاط نظام صدام حسين تدارس قادة وزعماء المعارضة التي غدت هي صاحبة الحكم مسألة ضرورة ان يكون للعراق علم جديد لأن أعلام العراق منذ إطاحة النظام الملكي في تموز ( يوليو ) العام 1958 كلها كانت أعلام إنقلابات عسكرية ولأن العلم الاخير أضاف إليه بخط يده الرئيس الأسبق صدام حسين جملة "الله أكبر" دون استشارة حتى مجلس قيادة ثورته ولا مجلس الشعب المنتخب بطريقة التعيين والذي كان آخر من يعلم.
إن العلم الذي مزقه انقلاب عام 1958 الدموي ، هو العلم العراقي الوحيد الذي أختير بإرادة شعبية عراقية وهو العلم الوحيد الذي صادق عليه برلمان منتخب ولقد بقي هذا العلم يشكل رمزا لوحدة العراق منذ بدايات عشرينات القرن الماضي وحتى ذلك اليوم الأسود الذي أطاح فيه الانقلابيون الحكم الملكي الذي لم يعرف العراقيون كم أنهم كانوا بحاجة إليه إلا بعد ان أكلتهم الفتن ودمرت وطنهم الانقلابات البائسة التي سميت ثورات وألحق بهم أبشع الإهانات القادة الذين اعتبروا أنفسهم مبعوثي العناية الإلهية مع أنهم كانوا في الحقيقة مبعوثي مرحلة شيطانية.
كل القوى التي كانت في المعارضة قبل إسقاط نظام صدام حسين والتي غدت في الحكم بعد ذلك اتفقت على "جاهلية" النظام الصدامي واتفقت على تغيير العلم الذي هو علم انقلاب عسكري وبقي علم انقلاب عسكري ولم يقره أي برلمان منتخب من قبل العراقيين وكان المفترض أن يكون هذا هو أول إنجاز بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة.. لكن يبدو أن "المتفدرلين" تقصدوا المماطلة والتأجيل والهدف تسهيل "فدرلة" العراق على طريق تمزيقه.
لم يكن قرار مسعود البارزاني ، المشار إليه مفاجئا ، وهو كان طالب مرارا وتكرارا بضرورة إنجاز ما أقر والإسراع بالاتفاق على علم عراقي جديد يحظى بموافقة العراقيين كلهم بدلا لعلم صدام حسين.. لكن وبعد ان شعر بأن وراء المماطلة توجهات مريبة سارع الى إعلان ما أعلنه لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم.. البرلمان والحكومة والرئاسة وكل قادة التيارات السياسية الرئيسية.
لم يقل مسعود البارزاني انه يمنع رفع علم الدولة المركزية العراقية الى جانب علم إقليم كردستان ، الذي يتمتع بالحكم الذاتي على أساس معاهدة تعود لبدايات سبعينات القرن الماضي ، إنه قال إنه يمنع رفع هذا العلم الذي اتفق الجميع على ضرورة تغييره والذي مثل حقبة سوداء من تاريخ العراق وجاء به انقلاب عسكري ليكون بديلا لعلم انقلاب عسكري سمي "ثورة تموز"!!.
إن مسعود البارزاني ، الذي أمضى كل حياته كراهب في صومعة قضية شعبه ، يعرف أن هذه المرحلة ليست مرحلة إعلان كردستان العراق دولة مستقلة على طريق إقامة الدولة القومية الكردية والسبب ليس نقص إيمان بهذا الهدف النبيل بل لأن هذه الخطوة لاتزال سابقة لأوانها ولأنه ضد القيام بأي قفزة غير محسوبة العواقب ولأنه ليس من الذين يؤمنون بسياسة حرق المراحل.
لقد كانت هناك دولة كردية في كردستان الإيرانية عرفت بجمهورية "مهاباد" وكان والد مسعود الملا مصطفى البارزاني وزير دفاع تلك الدولة التي قتلتها لعبة الأمم وهي في المهد والتي كان بالإمكان ان تكون بداية الطريق لإقامة الدولة القومية الكردية التي لابد وان تقوم ذات يوم فالشعب الكردي الذي ظلم أكثر من اللزوم من حقه ان يقرر مصيره بنفسه وهو يستحق كأمة ان تكون له هويته وثقافته وأن يكون له كيانه وأن تكون له دولته مثله مثل كل أمم وشعوب هذه المنطقة.