حقوق الإنسان في سوريا في عهد بشار الأسد
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
المستقبل
أصدرت منظمة "فريدوم هاوس" الأميركية غير الحكومية تقريراً عن حقوق الإنسان في سوريا للعام 2005، أكدت فيه أن عزلة الرئيس السوري بشار الأسد ازدادت مع تزايد الأدلة على تورط مقربين منه في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأن المعارضة الداخلية لحكمه في سوريا تعاظمت وعلا صوتها وتوحدت.
و"فريدوم هاوس" هي منظمة مستقلة تعنى بنشر الديموقراطية ومقرها واشنطن، تنتقد الأنظمة الشمولية في العالم منذ نحو 60 عاماً. أسسها اليانور روزفلت وواندل ويلكي وأميركيون آخرون، تقدم دعماً للديموقراطيات الناشئة في العالم وتؤمن بأن للولايات المتحدة دوراً قيادياً بالنسبة لحقوق الإنسان والحرية. ويضم مجلس أمنائها رجال أعمال ومسؤولين أميركيين سابقين رفيعي المستوى وأكاديميين وكتاب وصحافيين.
وفي ما يلي النص الحرفي لتقرير المنظمة:
ازدادت عزلة الرئيس السوري بشار الأسد سنة 2005، مع تزايد الأدلة على تورط أعضاء من جماعته المقربة، في اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، فيما تعاظمت المعارضة الداخلية لحكمه، وعلا صوتها وتوحدت.
ولمحاولة تنفيس التململ في الداخل، وإظهار صورة مشرقة في الخارج، أطلق النظام مئات الأسرى السياسيين، وخفف بعض الشيء قيود الحريات المدنية، لكنه واظب على معاقبة المعارضين الذين "يجتازون خطوطه الحمر" بشدة، في أحاديثهم العلنية.
ودمشق، عاصمة سوريا التي تتوسط الهلال الخصيب، هي أقدم مدينة ظلّت مسكونة في العالم بلا توقف، وكانت تسيطر في الماضي على إمبراطورية شاسعة تمتد من أوروبا الى الهند. وقد نشأت دولة سوريا الحديثة، حين أقامها الفرنسيون بعد الحرب العالمية الأولى، ومنحوها الاستقلال رسمياً سنة 1946. وقد عملت مؤسسات سوريا الديموقراطية غير المستقرة، على نحو غير متواصل، الى أن استولى حزب البعث العربي الاشتراكي على الحكم سنة 1963، بانقلاب، وحوّل البلاد الى حكم الحزب الواحد بقانون طوارئ دائم. وفي الستينات (من القرن الماضي) انتقل الحكم في داخل الحزب من يد العقائديين المدنيين، الى مجموعة طموحة من ضباط الجيش، معظمهم ينتمي الى القلة العلوية (وهم طائفة إسلامية تضم 12% من السكان). وانتهى استيلاؤهم على الحكم بوصول الفريق حافظ الأسد الى الرئاسة سنة 1970.
وعلى الرغم من أن الحكم أنشأ قاعدة دعم في القطاع العام، بين الموظفين والفلاحين، وفي صفوف المستفيدين في القطاع الخاص المختار، في كل الطوائف والأقوام، إلا أن قبضته على السلطة ظلت في يد الطائفة العلوية وحدها، وإمساكها بالمؤسسة العسكرية الأمنية، وقمعها المعارضة. وفي سنة 1982 اجتاحت قوات الحكومة مدينة حماة الشمالية لتقضي على تمرّد الأخوان المسلمين، وتقتل نحو 20 ألف متمرّد ومدني.
وعندما توفي الأسد سنة 2000، كانت أربعة عقود من حكم البعث المستبد قد حوّلت سوريا الى إحدى أفقر دول العالم العربي.
وتعهد ابن الأسد وخليفته بشار أن يعتمد نظام تحرير سياسي واقتصادي كاسح، في خطبته الأولى. وشهدت الأشهر الستة الأولى في حكمه إطلاق مئات من المعتقلين السياسيين، وعودة معارضين منفيين عديدين، وممارسة واسعة للحريات المدنية، وأخذ الرسميون الإصلاحيون يلتقون علناً لمناقشة مشكلات البلاد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. لكن النظام أوقف فجأة في شباط/ فبراير 2001 ما سمي بربيع دمشق. وأوقف معظم كبار الإصلاحيين في البلد وصدرت فيهم أحكام سجن شديدة. أما الذين لم يحكم عليهم بالسجن فصاروا محل مراقبة دائمة وتخويف مستمر، تتولاه المخابرات (الشرطة السرية). وصرف النظر عن الإصلاح الاقتصادي، وبقيت عشرات القوانين الإصلاحية بلا تطبيق، أو طبّقت من دون حماسة حقيقية، أو افتقرت الى التغيير المساند والمنظم. ومع أن سوريا في عهد بشار الأسد تظل هامشياً أكثر تحرراً مما كانت أيام والده في معظم الوجوه (وأكثر تحرراً بكثير في القليل من الأوجه) إلا أنه أثبت مقامة لا تقل للتغيير السياسي.
لقد أدت إزاحة حكم البعث في العراق، خلال الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، الى إنعاش المعارضة السورية. فبدأ المعارضون العلمانيون والإسلاميون ينسقون ويدفعون بطلبات مشتركة، منها إطلاق جميع السجناء السياسيين، وإلغاء حال الطوارئ، وتشريع الأحزاب السياسية. وانتفضت المجموعة الكردية السورية التي ظلّت تاريخياً مجموعة مستكينة، في شغب استمر 8 أيام في آذار/ مارس 2004، مستلهمة النهوض السياسي الذي أبداه أكراد العراق، وقتل 30 شخصاً على الأقل حين قمعت قوى الأمن الشغب وأوقفت نحو ألفي شخص. واشتدت المعارضة الداخلية لدى تعاظم الغضب الدولي على سوريا لإخفاقها في منع تسلل الإرهابيين الى العراق، واستمرار احتلالها لبنان.
وفي أيلول/ سبتمبر 2004، دعا قرار مجلس الأمن 1559 دمشق بوضوح الى إنهاء الاحتلال على الفور. ونتيجة للشك على نطاق واسع، بتورط سوريا في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في شباط/ فبراير 2005، تزايد بسرعة الضغط الدولي لتنسحب سوريا من لبنان، وكذلك التظاهرات الضخمة المعادية لسوريا في بيروت.
ومع أن الأسد سحب قواته من لبنان في نيسان/ أبريل (2005) ظلت العلاقة السورية مع الغرب والحكومات العربية أيضاً متوترة، بسبب رفضه التعاون التام مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة، التي كلفت التحقيق في اغتيال الحريري. وفي 20 تشرين الأول/ اكتوبر (2005) أصدرت اللجنة تقريراً أولياً تضمن أدلة ظرفية، وشهادات شهود مكتومين، تدين صهر الأسد ضابط المخابرات العسكرية آصف شوكت ورسميين سوريين كباراً آخرين. وسرعان ما أصدر مجلس الأمن بعدئذٍ القرار 1636 الذي دعا سوريا الى التعاون بلا شرط مع التحقيق. مع التهديد باتخاذ "إجراءات أخرى".
وفي مواجهة الاعتراض الداخلي المتصاعد، أطلق النظام سراح مئات من السجناء السياسيين تلك السنة، إلا أنه لم يطلق أحداً من الأسرى الستة الباقين "من ربيع دمشق" الذين أوقفوا سنة 2001 (عارف دليله ورياض سيف ومأمون الحمصي ووليد البني وحبيب عيسى وفواز تلو). ولمح الرسميون السوريون تكراراً، الى أن إصلاحاً سياسياً كاسحاً سيُقر في مؤتمر كبير لحزب البعث في حزيران/ يونيو. وقالت وسائل الإعلام التابعة للدولة، إن زعماء الحزب وضعوا مجموعة من المقترحات الغامضة لتشريع الأحزاب السياسية وإصلاح النظام الانتخابي والسماح بحرية صحافة أوسع وحلحلة قانون الطوارئ، لكن لم تتخذ أي إجراءات فعلية لتطبيق هذه المقترحات.
ومع أن الحكومة سمحت للناشطين من أجل الديموقراطية بحرية الكلام مع وسائل الإعلام الدولية، وهذا أمر كان نادراً جداً قبل سنوات فإن أولئك الذين اتصلوا علناً بالاخوان المسلمين واجهوا الخطر. وفي أيار/ مايو خطف الشيخ الكردي المرموق محمد مسحوق الخزنوي وعذب حتى الموت، بعدما كان التقى زعيم الاخوان المسلمين علي صدر الدين البيانوني في بلجيكا، ودعا علناً الى دمج المجموعة في الحياة السياسية السورية.
وبعد أسابيع قليلة، أوقفت قوى الأمن تسعة أعضاء من منتدى جمال الأتاسي للحوار الديموقراطي، وهو مجلس سياسي علماني قومي، بعد تصريح للبيانوني كرر فيه تعهد الاخوان المسلمين نبذ العنف واعتماد الديموقرطية، وهو تصريح تلي بصوت عالٍ في أحد اجتماعات المنتدى (وأطلق سراح معظم هؤلاء بعد أشهر، ولكن حين تعهد هؤلاء وقف الاتصال مع الاخوان).
إلا أن عناد الحكومة، بدل أن ييئس المعارضة ويحول دون توحدها، أدى في الحقيقة الى تشجيع المعارضين العلمانيين الليبراليين والأكراد والإسلاميين، على العمل معاً. وفي تشرين الأول/ اكتوبر وقع ممثلو التيارات المعارضة الثلاثة إعلان دمشق للتغيير الديموقراطي الوطني، ودعوا فيه صراحة الى تنحي النظام. وأعلنوا مجموعة عريضة من المبادئ الديموقراطية الليبرالية.
الحقوق السياسية والحريات المدنية
لا يستطيع المواطنون السوريون تغيير حكومتهم بالوسائل الديموقراطية. فدستور 1973 ينص على أن حزب البعث الحاكم يختار الرئيس، الذي يثبته استفتاء شعبي. وفي الحقيقة يرتب النظام هذا الاستفتاء، مثلما يرتب انتخاب أعضاء مجلس الشعب المئتين والخمسين، الذين لا يملكون سوى القليل من سلطة التشريع. أما الأحزاب الشرعية الوحيدة فهي حزب البعث وشركاؤه الستة الصغار في الجبهة الوطنية التقدمية الحاكمة. وقد فاز مرشحو الجبهة المئة والسبعة والستين جميعاً في انتخابات 2003 النيابية. وفاز بالمقاعد الثلاثة والثمانين الباقية مرشحون مستقلون فحصت أوضاعهم بدقة.
وتعهد الحزب الحاكم أن يشرع الأحزاب السياسية غير المؤسسة على أساس الهوية الدينية أو القومية (وهذان شرطان يستبعدان الاخوان المسلمين والمجموعات الكردية المعارضة)، في مؤتمره في حزيران/ يونيو 2005، لكن القانون الذي يشرع هذا الأمر لم يصدر أبداً.
ويحتكر مسؤولو النظام الكبار وأولادهم كثيراً من مواقع سوق الاستيراد المجزية، ويستفيدون من عدد آخر من أوجه النشاط الاقتصادي غير القانوني، وقد احتلت سوريا المكانة السبعين بين 159 دولة، وفق المعايير الدولية للشفافية والفساد لسنة 2005. وحرية القول مقيدة بشدة.
فالنصوص القانونية الغامضة في القانون الجنائي وقانون الطوارئ ونظم 2001 للصحافة، تجرم نشر أي مادة تضر بالوحدة الوطنية وتشوه صورة الدولة أو تهدد "أهداف الثورة". وهكذا أوقف محمد رعدون، رئيس فرع سوريا في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في أيار/ مايو 2005 واحتجز نحو 6 أشهر بتهمة "نشر أخبار كاذبة" عن قمع الحكومة الإسلاميين. وأوقف حبيب صالح، وهو أحد سجناء ربيع دمشق الذين أفرج عنهم في أيلول/ سبتمبر 2004، من جديد في أيار/ مايو، بعدما كتب مقالتين على الشبكة الدولية "الانترنت"، تنتقدان الحكومة. وبقي محبوساً بقية السنة. وأوقف شخص آخر كان قد أفرج عنه، وهو الناشط كمال اللبواني، في تشرين الثاني/ نوفمبر بتهمة نشر معلومات "ضارة بالوحدة الوطنية"، بعد اجتماعه بمسؤول أميركي في واشنطن.
وباستثناء حفنة صغيرة من الاذاعات التي لا تبث أخباراً، تملك الدولة كل وسائل البث. إلا أن صحون القنوات الفضائية منتشرة انتشاراً جيداً. وتعطي السوريين مضمون ما يبث من أخبار في الخارج، وفرضت أكثر من عشر صحف ومجلات خاصة في السنوات الأخيرة، إلا أن واحدة منها فقط (ويملكها ابن وزير الدفاع السوري) يسمح لها بنشر نقد جاد للحكومة. ويسمح قانون الإعلام الذي صدر سنة 2001، للسلطة أن تمنع أو تسحب اذن النشر، وقد أبطل 4 اذون على الأقل سنة 2005، ويجبر وسائل النشر الخاصة بعرض كل المادة على مراقبي الحكومة.
ولا يسمح للسوريين بتصفح "الانترنت" إلا من خلال خوادم تديرها الدولة، التي تمنع دخول طيف واسع من المواقع. ويقال إن البريد الالكتروني مراقب، لدى المخابرات.
ومع أن الدستور يقضي أن يكون الرئيس مسلماً، فليس للدولة دين في سوريا، وحرية العبادة مصونة في العموم. وتسيطر الطائفة العلوية على قوى الجيش والأمن. وتراقب الحكومة من كثب المساجد وتهيمن على تعيين الأئمة المسلمين. وقد وقع حادثا عنف كبيرين بين العلويين والاسماعيليين (وهم طائفة شيعية تعدادها نحو 1 في المئة من السوريين)، في بلدتي قدموس ومصياف في أواسط عام 2005. أما الحرية الأكاديمية فمقيدة بقوة. فكثيراً ما طرد أساتذة من جامعات الدولة لإعرابهم عن الاعتراض، وسجن بعضهم. وحرية الاجتماع محظورة بقوة أيضاً والتظاهر غير شرعي من دون إذن يمنحه وزير الداخلية، وهو يمنحه فقط للمنظمات المؤيدة للحكومة. وقد فرقت بالقوة تظاهرات غير مصرح لها، سنة 2005، مع أن القليل منها لم يواجه تدخلاً من السلطة. وزاد اعتماد الدولة على عملاء بثياب مدنية لإرهاب الناشطين. وفي شباط/ فبراير، جرى تفريق ناشطين معتصمين في دمشق. ولم تضربهم الشرطة، بل مئات من المتظاهرين المؤيدين للحكومة المنتمين الى أندية منظمة. وحين نشب اضطراب في المناطق الكردية بعد موت الخزنوي، وقف رجال الشرطة جانباً، فيما تولى رجال قبائل عربية نهب المحال التي يملكها أكرداً.
وتقمع الحكومة بشدة حرية الانتظام. فجميع الجمعيات الأهلية يجب أن يسجل لدى الحكومة، وهي في المعتاد ترفض تسجيل الجماعات الإصلاحية. ومع أن قليلاً من جمعيات حقوق الإنسان غير المرخص لها، قد سُمح لها أن تنتظم، إلا أن السلطة لا تسمح لها بالنشر داخل سوريا. وهي توضع تحت رقابة شديدة (وظاهرة في الغالب)، الى درجة أن المواطنين الذين يشكون سوء معاملة السلطات، يمتنعون عن الاتصال بها.
وقد سُجن رؤساء هذه الجمعيات تكراراً بسبب نشرهم مقالات عن انتهاك الحكومة حقوق الإنسان. وقد أقفلت الحكومة مشروع الثورة، وهو مشروع أهلي يركز على حقوق الأقليات في المنطقة، في تشرين الأول/ اكتوبر. وفي تشرين الأول/ اكتوبر ضُرب أنور البني وهو محامٍ معروف يعمل في مجال حقوق الإنسان، ضربه مهاجمان مجهولان.
وعلى كل النقابات أن تنضم الى الاتحاد العام لنقابات العمال. ومع أن الاتحاد مستقل، إلا أن الحكومة تستخدمه لتهيمن على كل النشاط النقابي في سوريا. والإضرابات في القطاعات غير الزراعية مباحة، إلا أنها نادراً ما تحدث. وفيما تعمل المحاكم الجنائية والمدنية بشيء من الاستقلال، وتحمي في العموم حقوق المدّعين، إلا أن القضايا الحساسة سياسياً تحال عادة على محكمة أمن الدولة العليا، وهي محكمة خاصة أنشئت بموجب حال الطوارئ، ولا يحتمل حكمها الاستئناف، ولا تتيح مجالاً واسعاً للاستشارة القانونية، وتنظر كثيراً من القضايا وراء أبواب موصدة، وتقبل في المعتاد اعترافاً تحت التعذيب، على أنه دليل.
ويعطي نظام الطوارئ المعتمد منذ العام 1963 وكالات الأمن سلطة غير محدودة لاعتقال المشتبه فيهم وحجزهم مدة طويلة من دون تهمة. وكثير من السجناء السياسيين الباقين، وعددهم بين 2500 و3000 سجين، لم يحاكَموا يوماً بأي تهمة. وغالباً ما تستخلص وكالات الأمن، المستقلة عن أي سلطة قضائية، الاعتراف بتعذيب المشتبه فيهم، وباعتقال بعض أفراد عائلاتهم. وثمة عدد كبير من التقارير التي يوثق بها، والتي تشير الى استخدام وكالات الأمن أساليب التعذيب سنة 2005.
وتقول مجموعات حقوق الإنسان المحلية إن عشرات من الإسلاميين المشتبه فيهم، الذين عادوا من المنفى سنة 2005، أوقفوا واحتجزوا عند وصولهم. وأوقف ما لا يقل عن 40 طالباً في جامعة تشرين في اللاذقية، بين شباط/ فبراير ونيسان/ إبريل 2005، لإنشائهم تنظيماً سرياً إسلامياً سمّي "صناع الحياة". وتواجه القلة الكردية في سوريا قيوداً قاسية على تعبيرها الثقافي واللغوي. ويفرض قانون الصحافة الذي صدر سنة 2001 على صاحب الصحيفة ورئيس تحريرها أن يكونا عربيين. ويحرم نحو 200 ألف كردي سوري من المواطنة، ولا يمكنهم استخراج جواز سفر ولا بطاقات هوية ولا شهادات ولادة. وهذا بدوره يحرمهم من امتلاك أرض أو التوظّف في الحكومة أو التصويت في الانتخابات. ويطرد الناشطون الأكراد، اشتباهاً، من المدارس ووظائف القطاع العام. وقد ليّنت السلطات القيود الثقافية واللغوية بعد شغب سنة 2004.
وفيما كانت بعض أوجه النشاط الثقافي غير ممكنة في الماضي، مثل بث موسيقى كردية في السيارات أو الاحتفال علناً بالأعياد الكردية، فإن هذا لم يلفت كثيراً انتباه السلطات سنة 2005. وفي آذار/ مارس، أطلقت الحكومة 312 كردياً كانوا محتجزين منذ شغب 2004، لكن أبقت احتجاز عشرات من أعضاء حزب العمال الكردي، وأوقفت مئات من الناشطين الأكراد الآخرين خلال السنة. واعتقل 60 كردياً على الأقل ممن اشتركوا في تظاهرة 5 حزيران/ يونيو، استنكاراً لقتل الخزنوي، شهرين على الأقل، بتهمة "الإعداد لشغب وفتنة طائفية". وفي 15 أيلول/ سبتمبر، ضُربت إمرأة كردية حتى الموت في اشتباك بين الشرطة ومتظاهرين حاولوا وقف تدمير منازل مبنية على نحو غير قانوني، ومعظمها لأكراد، في الديماس، غرب دمشق. وحكمت محكمة أمن الدولة العليا على سبعة ناشطين أكراد في 2005 بالسجن سنتين أو أكثر، بسبب نشاط سياسي مسالم. وبدأت الدولة تحصي الأكراد المكتومين (غير المسجلين) في أوائل 2005، لكنها لم تتخذ إجراءات من أجل تسجيلهم.
ومع أن معظم السوريين لا قيود على سفرهم، إلا أن المعارضين البارزين وذوي المعارضين المنفيين، يُحظر سفرهم الى الخارج في كل مرة، أما الأكراد المكتومون فلا يملكون الوثائق التي تتيح لهم مغادرة البلاد. ولم يعد للفرص المتساوية من وجود من جراء تعاظم انتشار الفساد.
وشجعت الحكومة على المساواة بين المرأة والرجل بتعيين نساء في مراكز عالية، وإتاحة التعليم للجميع، لكن كثيراً من القوانين الباقية تنطوي على التمييز. فالزوج يستطيع أن يطلب من وزارة الداخلية أن تحول دون سفر زوجته الى الخارج. وتمنَع النساء عادة من مغادرة البلاد مع أولادهن، إلا إذا أثبتن موافقة الوالد. والعنف ضد المرأة ليس نادراً، لا سيما في الأرياف. وينص القانون السوري على أن المغتصب يبرّأ إذا تزوّج من الفتاة التي اغتصبها. وفي القانون أسباب تخفيفية في "جرائم الشرف"، التي يرتكبها رجال بنساء من أقاربهم، لدى ارتكابهن الزنى.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف