جريدة الجرائد

اللبنانيون والجهاد الأكبر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عبد الرحمن الراشد

قرأت كلاما حكيما لوزير الصحة اللبناني محمد جواد خليفة عن رأيه في الجدل الذي خلفته الحرب الاخيرة على لبنان، وفتحت افواها كثيرة تتحدث في اتجاهات متباينة. يقول إن الوضع الراهن إن لم يؤد الى تطوير الحياة السياسية ودفعها الى الامام، فسيؤدي الى عوائق كثيرة ثمنها كبير. ولا ادري في أي اتجاه يفكر السياسيون اللبنانيون اضافة الى طرحي تجديد او توسيع الحكومة، والشجار حول تصريف اموال المعونات. ويشتم وجود رابط كبير بين الاثنين مع أن المناسبة تتيح بالتأكيد ما هو اكثر من ذلك مثل توسيع حركة التغيير. أو فلنقل بتطوير الوضع الذي ظل مثل جثة هادمة، الا من اسهال التصريحات والنقاشات التي لم تدفع الوضع خطوة واحدة الى الامام.

ولو نظرنا لوجدنا ان الاحداث الكبيرة، لا الحوارات، هي التي دفعت الى التغيير. فاغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري غير خريطة لبنان بشكل كبير بإدخال الامم المتحدة، وخروج القوات السورية، وتقليص نفوذ دمشق، وتغيير ادارة الأمن، وظهور اجندة سياسية اكثر وضوحا وصراحة. ثم جاءت الحرب مع اسرائيل لتنفذ فكرة ارسال الجيش اللبناني الى الحدود مع اسرائيل، الفكرة التي اقترحها الراحل الحريري وانتقد كثيرا بسببها. كما وسع التدخل بتوسيع عدد ومهام القوات الدولية وتسليحها، كما وضع لبنان تحت المجهر مطارا وميناء وحدودا.

وبالتالي ما قاله الوزير خليفة صحيح، انه ما لم يدفع بالوضع السياسي الى الامام، فانه سيبقى أعرجَ كما كان. سيصبح لبنان دولة معونات وقوات دولية، ما يعني ان عليه ان ينتظر جولة مؤلمة مقبلة لخلق حراك سياسي آخر، ربما بعد عشر سنوات او اكثر.

وعندما قام الساسة اللبنانيون تطوعا بالنقاش حول دائرة مستديرة، ربما لم يكونوا يتوقعون ان تمتحن نواياهم كما ظهر لاحقا بإقدام حزب الله على قرار لوحده ادخل البلاد كلها في الحرب، ولا ربما تخيل الجميع انهم سيتضامنون جماعيا خلال الأزمة. وهي مسائل كانت على طاولة الحوار قبل الحرب، واعتبرت نظريات اقرب الى الخيال. بل ان الحوار كله كفكرة قبل الدمار كان ينظر اليه مجرد حركة نبيلة، والبعض اعتبرها مسرحا دعائيا شارك فيه كل جانب بأفكاره، بدون اشارات تثبت عزما حقيقيا على الحوار من اجل الاصلاح.

اليوم توجد امام السياسيين فرصة ثمينة خلقتها ظروف أليمة، يمكن أن تفسح المجال لنظام سياسي اكثر قوة، وحكومة ذات قدرات متجانسة وفعالية حقيقية، وأمل لكل المواطنين على اختلاف مرجعياتهم وطموحاتهم.

alrashed@asharqalawsat.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف