جريدة الجرائد

صفقة شراء بن لادن‏!‏

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

السبت: 2006.09.16


عادل حمودة


يلمح كل من يتجول في ريف ولاية فيرجينيا اللصيقة بالعاصمة الأمريكية واشنطن لافتات خضراء عليها حروف بيضاء تشير إلي المقر الرئيسي لوكالة المخابرات المركزية الأمريكيةrlm;..rlm; وهناك أسهم ترشد إلي مقرها في منطقة تسمي لانجلي تحاصرها تلال وغاباتrlm;..rlm; ويقع علي بعد ثمانية أميال من البيت الأبيض والبنتاجونrlm;.rlm; ويستطيع مدير الوكالة أن يستمتع بمشهد ذئب يفترس قطيعا من الأرانب الجبلية من وراء نافذة حجرة طعامه الخاصة أعلي المبني قبل أن يتناول وجبة الغداءrlm;..rlm; وهو ما دفع رجال الخارجية إلي وصف عملاء الوكالة بالرجال الذين يعيشون في الأحراشrlm;..rlm; والعبارة تحمل الكثير من السخريةrlm;..rlm; والكراهية أيضاrlm;.rlm;

لكن برغم ذلك لا تزال الوكالة بمغامراتها السرية والقذرة تثير انتباه الصحفيين ليكتبوا عنهاrlm;..rlm; فهم يضمنون إقبال الناس في أربعة أنحاء الكرة الأرضية علي كتاباتهمrlm;..rlm; وآخر هؤلاء الصحفيين جيمس ريزنrlm;,rlm; الذي أصدر أكثر الكتب رواجا منذ أشهرrlm;:rlm; حالة حرب ـ التاريخ السري لوكالة المخابرات المركزية وإدارة جورج بوشrlm;.rlm; وجيمس ريزن صحفي متخصص في شئون الأمن القومي في جريدة نيويورك تايمز وكان عضوا في الفريق الفائز بجائزة بوليتزر في عامrlm;2002rlm; عن تغطية أحداث سبتمبرrlm;..rlm; وسبق أن نشر كتابا بعنوان العدو الرئيسي عن الصراع الخفي بين المخابرات الأمريكية والمخابرات السوفيتيةrlm;.rlm;

وأهم ما يميزه قدرته الفائقة علي كشف القصص المجهولة والخطيرة في عمليات المخابراتrlm;..rlm; وربما كان كتابه الأخير يتفجر بهذه القصص التي لم تنشر من قبل ومنها عملية القبض علي أسامة بن لادنrlm;,rlm; الذي كان في متناول يدهم ثم تركوه يفلت منهم ليصبح بعد ذلك علي قائمة المطلوبين من أعدائهم بعد اتهام القاعدة بتفجيرات سبتمبرrlm;.rlm; لقد اكتشفت المخابرات الأمريكية أن بن لادن ليس بالثراء الذي كانت تظنه من قبلrlm;..rlm; فهو واحد من عائلة كثيفة العددrlm;..rlm; واحد من سبعة وخمسين ابنا لمحمد بن لادنrlm;..rlm; وهو لم ينل سوي تركة صغيرة نسبيا من إمبراطورية المقاولات الكبيرة التي بناها والدهrlm;..rlm;

وفي عامrlm;2000rlm; تأكد أنه لم يحصل ـ في الفترة ما بين عاميrlm;1970rlm; وrlm;1994rlm; ـ سوي علي مليون دولار سنويا من أسرته عوضا عن الـrlm;300rlm; مليون دولار التي كانت تظن أنه يستحقهاrlm;..rlm; وفي أوائل التسعينيات الماضيةrlm;,rlm; اضطرت أسرته تحت ضغوط هائلة إلي بيع حصته في شركة المقاولات الشهيرة وجمدت الحكومة السعودية ثمن البيعrlm;..rlm; وهو ما يعني أنه لم يكن بالثراء الكافي لتمويل عمليات القاعدة التي كانت تحتاج إلي نحوrlm;30rlm; مليون دولار سنويا قبل هجمات سبتمبرrlm;..rlm; وهو ما يؤكد أن تمويل تلك العمليات جري عبر تبرعات سخية من جمعيات خيرية إسلامية في بلاد عربية ثريةrlm;,rlm; وإن فشلت المخابرات الأمريكية في إثبات ذلكrlm;.rlm; وقد قبضت محطة المخابرات الأمريكية في باكستان عامrlm;2002rlm; علي أبو زبيدة وثيق الصلة ببن لادنrlm;,rlm; ووجدت في جيوبه بطاقتين مصرفيتين لهما رصيد ضخم يسهل السحب منهما في أي مكان في العالمrlm;..rlm;

وعندما حاولت تتبع المصدر الذي يغذيهما بالمال اكتشفت أن السجلات البنكية قد اختفت بقرار من حكومة محلية في الخليجrlm;.rlm; وقبل ذلك في عامrlm;1997,rlm; قبض علي سيد طيب مدنيrlm;(rlm; المسئول المالي في تنظيم القاعدة خلال فترة وجود بن لادن في السودانrlm;)rlm; وهو يزور أحد أقربائه في دولة خليجية أخريrlm;..rlm;ولكن تلك الدولة رفضت تسليمه للمخابرات الأمريكيةrlm;..rlm; كما رفضت السماح بمقابلته علي أرضها إلا بعد هجمات سبتمبرrlm;.rlm; وكشفت وثائق مختلفة عن أن القاعدة كانت تتمتع بحرية حركة داخل دول الشرق الأوسطrlm;..rlm; وكانت أجهزة الأمن في بعض هذه الدول تساعد أعضاءها المحليين مقابل ضمان هدوئهمrlm;..rlm; بل كانت تسرب إليهم معلومات تحصل عليها من المخابرات الأمريكيةrlm;.rlm; لكنrlm;..rlm; الولايات المتحدة في الوقت نفسه لم تكن متحمسة للقبض علي بن لادنrlm;..rlm; لقد تكونت عامrlm;1998rlm; وحدة بن لادن في لانجليrlm;..rlm; وكان من السهل في ذلك الوقت القبض عليهrlm;..rlm; فقد كان يعيش حياة مستقرة نسبيا في منطقة تسمي مزارع ترانك تقع علي أطراف قندهار في أفغانستانrlm;,rlm; وينتقل في قافلة صغيرة من السيارات إلي قندهار للقاء مضيفه الملا عمرrlm;..rlm; وكان يستعمل في اتصالاته جهاز هاتف متصلا بالأقمار الصناعية سجلت وكالة الأمن القومي الأمريكي كل مكالماته عليهrlm;.rlm;

كانت خطة المخابرات الأمريكية في ذلك الوقت هي أن تشتري ذمة رجال قبائل محليين من البشتون يعملون لمصلحتها ليقبضوا عليه ويخفوه في كهف إلي حين وصول الأمريكيين لتسلمه ثم العودة به إلي واشنطن ليواجه العدالةrlm;.rlm; كانت العملية محفوفة بالمخاطرrlm;,rlm; وربما أدت إلي قتل بن لادن بدلا من اعتقالهrlm;,rlm; وهو ما يخالف الأمر السري الذي وقعه الرئيس بيل كلينتون الذي يجيز فقط أسره وليس قتلهrlm;..rlm; وفي الوقت نفسه لم يكن البنتاجون متحمسا للعمل في أفغانستانrlm;,rlm; ولم يشأ التورط هناك لسبب بدا له تافهاrlm;,rlm; وهو اعتقال زعيم القاعدةrlm;.rlm; وبوجود البنتاجون خارج اللعبةrlm;,rlm; تركت المهمة للوكالةrlm;..rlm; فطلبت المخابرات المركزية من قيادة العمليات الخاصة مراجعة الخطة التي وضعتها وأجرت عليها عدة تمارين ميدانية وأحالت الخطة إلي البيت الأبيض لمراجعتهاrlm;..rlm;

ولم يكن هناك ضمانات لنجاحهاrlm;..rlm; لكنها كانت أفضل فرصة متاحة للقبض علي بن لادن قبل أن يشكل تهديدا أكبر لهاrlm;.rlm; وسافر رئيس الوكالة جورج تينت إلي منطقة الخليج طالبا المساعدةrlm;..rlm; فوافقوا بشرط ألا يحاكم بن لادن في واشنطنrlm;..rlm; بل يترك لهمrlm;..rlm; وفي المقابل اقترحوا دفع أموال مجزية إلي طالبان ثمنا لرأسهrlm;.rlm; وطار وفد خليجي إلي أفغانستان للتفاوض مع طالبانrlm;..rlm; ولكنه فشلrlm;..rlm; وفشلت معه خطة الوكالة لاعتقالهrlm;..rlm; وأرسل جورج تينت رسالة سرية إلي ساندي برجر مستشار الأمن القومي بكل ما حدثrlm;..rlm; فكان رده الواضح القاطعrlm;:rlm; التزموا الهدوءrlm;.rlm; وبعد ثلاثة أشهر من هذا التوجيه الحاسمrlm;,rlm; فجر انتحاريون من القاعدة سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام في شرق إفريقياrlm;..rlm;

وفي الساعة الرابعة والنصف من صباح ذلك اليوم المحمومrlm;,rlm; دخل جورج تينت علي مايكل شووير رئيس وحدة بن لادن في ذلك الحين في مكتبه وأغلق وراءه الباب وهو يكاد يترنح تحت وطأة الصدمةrlm;..rlm; وسرعان ما عاد شبح القرار بإلغاء عملية القبض علي بن لادن ينتاب رئيس الوكالة الذي نظر إلي زميله الصارم قائلاrlm;:rlm; أظن أننا ارتكبنا غلطة عمرناrlm;..rlm; فرد مايكل شووير وهو يتفجر غيظا ويلوم رئيسه علي إجهاض العمليةrlm;:rlm; لا يا سيديrlm;,rlm; أظن أنك أنت من ارتكب هذه الغلطةrlm;.rlm; لكنrlm;..rlm; تلك الغلطة لم تكن الوحيدةrlm;..rlm; فقد وصلت إلي الوكالة في ربيع وصيفrlm;2001rlm; تقارير من أجهزة أمنية في الشرق الأوسط تنذرها بهجوم إرهابي من القاعدةrlm;..rlm; لكن التقارير لم تحدد مكان الهجومrlm;..rlm; وتصورت أنه سيكون ضد المصالح الأمريكية فيما وراء البحارrlm;..rlm; فراحت تستعد لمواجهته في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسياrlm;..rlm; وبينما كانت تفعل ذلك فوجئت بأن الهجوم في عقر دارهاrlm;..rlm; في قلبهاrlm;..rlm; وكان ما كانrlm;.rlm;

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف