جريدة الجرائد

كاتبة تركية تواجه السجن بسبب كلمات عن مذابح الأرمن

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الأربعاء: 2006.09.20

تركيا توجه رسائل مثيرة لأوروبا حول حقوق الإنسان



الكاتبة إيليف سافاك


دوريان جونز ـ إذاعة هولندا العالمية
ترجمة: عنان أحمد

قُدم كثير من كبار الكتاب والصحفيين الأتراك ـ خلال العام الماضي ـ للمحاكمة؛ بموجب المادة301 من القانون الجنائي، التي تجرم الأحاديث والكتابات التي تشوه القومية التركية.

وفي الأسبوع المقبل ستطبق المادة301 ـ لأول مرة ـ على كاتبة ليس بسبب ما كتبت، وإنما بسبب الكلمات التي جرت على لسان شخصية قصصية في آخر رواية أصدرتها. تواجه الروائية "إيليف سافاك" حكما بالسجن لمدة ستة أشهر في حال إدانتها.

يراقب الاتحاد الأوروبي ـ عن كثب ـ مجريات تلك القضية، معبرا عن قلق متزايد إزاء تلك الإدانات .

في إحدى مقاهي وسط "إسطنبول"، وقفت "إيليف سافاك" تتلقى كلمات التأييد من رواد المقهى .
هذا وتعتبر "إيليف سافاك" واحدة من أشهر كتاب الجيل التركي الجديد، والتي تقود مظاهر التحدي لمواريث البلاد الاجتماعية، رغم ما هو مفروض عليها من قدسية.

يتضمن كتابها الأخير مزيجا ذكيا من الانتهاكات الجنسية والأحداث التاريخية المأساوية، غير أن "إيليف سافاك" تواجه الآن احتمال الزج بها في السجن؛ بسبب حديث جرى علي لسان شخصية في روايتها الأخيرة، تتهم فيه الأتراك بارتكاب مذابح جماعية ضد الأرمن منذ تسعين عاما.

تعتقد سلطات الادعاء أن تلك الرواية تشكل مخالفة للمادة 301 من القانون الجنائي التركي، التي تحرم إهانة القومية التركية،في حين ترى "سافاك" أن تلك المحاكمة تشكل خطوة أخري مثيرة للانزعاج في طريق إسكات حرية التعبير في تركيا، وتقول "سافاك" في ذلك : " أعتقد أن تلك الخطوة سخيفة جدا وغريبة جدا؛ لأننا نتحدث هنا عن عمل من أعمال الخيال ..عن رواية، لقد تم استخدام المادة 301 ـ حتي الآن ـ كسلاح لإسكات العديد من الناس، غير أن تطبيقها في حالتي غير مألوف بالمرة؛ لأنها تطبق علي رواية .إذا ما كان سيتم تطبيق تلك المادة على هذا النحو فلن نستطيع كتابة روايات أو صنع أفلام في هذا البلد بعد الآن".

حاول القوميون المتطرفون مهاجمة الروائية "بيريهان ماجدان" خلال حضورها إجراءات محاكمتها في وقت سابق من العام الحالي؛ حيث جرت محاكمة "ماجدان" ـ شأنها في ذلك شأن "سافاك" ـ؛ بسبب كتاباتها، كما قدم ثمانون كاتبا وصحفيا تركيا للمحاكمة خلال العام الأخير؛ استنادا للمادة 301 . وقد تم رفع تلك الدعاوى في جميع الحالات من قبل أفراد من المحامين المغالين في قوميتهم، وليس من قبل الدولة.

انتهت معظم الدعاوى بتبرئة ساحة المتهمين دون أن يتم الزج بأحد منهم في السجن، غير أن رفع تلك الدعاوى أدى لصدور انتقادات متزايدة عن الاتحاد الأوروبي بما جعل من ذلك تطورا شائكا لسعي تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي.

وقد وجه تقرير صدر عن البرلمان الأوروبي ـ في أوائل الشهر الحالي ـ انتقادا حادا لتركيا، كما صرح "جوست لاجينديخك" رئيس اللجنة البرلمانية الأوروبية للشئون التركية، أن علي تركيا تغيير ممارساتها، وأضاف: " إن أفضل ما يمكن للحكومة القيام به ،هو أخذ زمام المبادرة بالتقدم للبرلمان بمشروع لتعديل القانون الجنائي، وإلغاء تلك المادة كلية، غير أن المسئولين يقولون: إن النتيجة النهائية هي ما يهم؛لقد تمت تبرئة ساحة المتهمين في معظم القضايا؛ مما يعني أن هناك جدالا مستمرا حول هذا الشأن ،غير أني أحاول إقناعهم .مازالت توجد العديد من الدعاوى المرفوعة ،وسيتم فتح قضايا جديدة ،أما مسألة انتهاء القضايا بتبرئة ساحة المتهمين، فقد لا يكون هو المتوقع دائما .

هذا ومن المقرر دعوة البرلمان التركي للانعقاد ـ مبكرا ـ من عطلته الصيفية، لإجازة إصلاحات مطلوبة للاتحاد الأوروبي ،غير أن الوزير علي باباكان ـ الذي يعد من أنصار اكتساب عضوية الاتحاد الأوروبي ـ يقول: إن تغيير المادة 301 لا يعد من الأولويات المطروحة وأن علي بروكسل التحلي بالصبر؛ ويضيف قائلا في ذلك: " إننا نؤمن بقوة أن الوقت كفيل بحل تلك المشكلة؛ خاصة وأن ذلك الأمر ليس سهلا؛ لأن الإصلاحات السياسية تبدو أسهل علي الورق، فإنه من اليسير إجازة قانون في البرلمان، وإجراء التعديلات الدستورية الكفيلة بتطبيقه، غير أن واقع الحال يتطلب إجراء تعديل ذهني، ويكون التغيير الواجب علينا إحداثه تغييرا ثقافيا، وهو ما يستغرق وقتا بطبيعة الحال".

غير أن الوقت ليس في صف "سافاك"؛ حيث يتعين عليها المثول أمام المحكمة. ومن المثير للحزن أنها تترقب وضع جنينها في نفس يوم إجراء محاكمتها،غير أنها تقول: إنها ستحضر جلسات المحاكمة إذا ما استطاعت ذلك. وتعد "سافاك" نفسها لما تتوقع أن تكون أياما صعبة.

لا تعتبر المحاكمة نفسها أسوأ ما في تلك المسألة، وإنما التعصب القومي الذي يحيط بها، فبينما يمضي المتهم في طريقه إلى داخل مبنى المحكمة، ينتظر الناس خارجها مرددين شعارات ومرتكبين أعمال عنف لفظية ومادية، تفقد المتهم رباطة الجأش، وتجعله يشعر بالوحدة والضعف، ولعل ذلك هو أسوأ ما ينطوي عليه الأمر.

هذا وتشكل محاكمة "سافاك" ضربة أخرى للسجل التركي لحقوق الإنسان. ويتزايد قلق بروكسل من أن تكون تركيا قد فقدت رغبتها في إجراء الإصلاحات المرجوة. ومن المتوقع مع كل محاكمة جديدة ـ من ذلك النوع ـ أن تتزايد التساؤلات عما إذا كان من الممكن المضي قدما في إجراء المفاوضات مع تركيا بشأن عضويتها في الاتحاد الأوروبي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف