التلوث البيئي سيدمر المنطقة إذا ما حدث تسرب إشعاعي من مفاعل بوشهر الإيراني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
التداعيات الاقتصادية لأي عقوبات على طهران ستكون كارثية على التنمية ورؤوس الأموال
القاهرة - السياسة
دخلت أزمة الملف النووي الايراني مرحلة جديدة مع اعلان ايران ردها, في 22 اغسطس الماضى, على صفقة "رزمة الحوافز" التي قدمتها دول مجموعة (5+1), وهي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن اضافة الى المانيا. ورغم ان هذه المرحلة اتاحت, مبدئيا, فرصة اخرى للخيار الديبلوماسي لتسوية الازمة, خصوصا بعد المباحثات "البناءة" التي اجراها سكرتير المجلس الاعلى للامن القومي الايراني علي لاريجاني والمنسق الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا في فيينا يومي 9 و10 سبتمبر الجاري, والتي المح فيها لاريجاني الى امكانية قيام ايران بتعليق عمليات تخصيب اليورانيوم بصفة موقتة تمتد لشهر او شهرين, مقابل عدم فرض عقوبات على ايران وتقديم ضمانات خاصة بمستقبل النظام الايراني, الا ان هذه المرحلة ربما لا تخلو من احتمال فرض عقوبات على ايران, ويبقي الخيار العسكري مطروحا بصفة دائمة في كل المراحل.
وتحقق اي من هذه السيناريوهات يرتبط في المقام الاول بمصالح وسياسات قوى دولية واقليمية عدة, كما ان ايا منها يواجه مجموعة من التحديات التي سيكون لها تأثير مباشر على فرص تحققه, وهو ما يمكن تناوله في التالي:
السيناريو الاول, هو سيناريو التوصل الى تسوية سياسية لازمة الملف النووي الايراني, يتم بمقتضاها اما السماح لطهران بتنفيذ عمليات محدودة لتخصيب اليورانيوم, بحيث لا يكون الايقاف شاملا, كما طلب مجلس الامن, واما تعليق طهران عمليات التخصيب بصفة مؤقتة قد تمتد شهرا او شهرين, مقابل تقديم حوافز تكنولوجية واقتصادية متميزة ودور اقليمي اكبر لطهران في المنطقة وضمانات بشأن مستقبل النظام الايراني. ورغم ان هذا السيناريو يحظي بتاييد واسع من جانب كل من روسيا والصين اللتين دعتا الى تجديد الحوار مع طهران للتوصل الى تسوية يجري التفاوض حولها, اضافة الى الدول الاوروبية التي اكدت ان "الباب مازال مفتوحا لتسوية سياسية للازمة", الا انه يحتمل ان يصطدم برفض واشنطن السماح لطهران بمواصلة عمليات تخصيب اليورانيوم, ولو بشكل محدود, واصرارها على قيام ايران بوقف عمليات التخصيب اولا قبل الدخول في مفاوضات.
اما السيناريو الثانى, هو سيناريو العقوبات, حيث تحاول واشنطن فرض عقوبات على طهران لردعها عن مواصلة برنامجها النووي. لكن هذا السيناريو يواجه بدوره عقبات عدة: اهمها, هشاشة الاجماع الدولي الذي شكلته واشنطن ضد ايران داخل مجلس الامن, وهو ما يدعم من احتمال رفض روسيا والصين, بالاضافة الى بعض الدول الاخرى فرض عقوبات على طهران. وحتى اذا نجحت واشنطن في فرض عقوبات على طهران من داخل مجلس الامن, فان ثمة معركة اخرى يتوقع ان تنشب على ضوء الخلاف الناشئ بين الولايات المتحدة من جهة وكل من روسيا والصين من جهة اخرى حول طبيعة ومدى هذه العقوبات. فقد ربطت الدولتان موقفهما من فرض عقوبات على طهران بوجود اقتناع دولي بان ايران تهدد السلم والامن الدوليين, وبتناسب العقوبات مع حجم التهديد.
حساسية الموقفين الروسي والصيني تجاه نوعية العقوبات المحتمل فرضها على ايران, دفعت واشنطن الى حصر هذه العقوبات, مبدئيا, في فرض حظر على سفر المسؤولين الايرانيين الى خارج البلاد او تجميد ارصدة ايرانية, وذلك حسب ما اكده المندوب الاميركي في مجلس الامن جون بولتون الذي قال ان "هذا النوع من العقوبات لن يكون له تأثير كبير على عامة الشعب".
لكن تأثير هذا النوع من العقوبات سيكون محدودا ايضا على الحكومة الايرانية. لانه من الصعب ان يتم تنفيذ مثل هذا النوع من العقوبات خارج الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة. الى جانب ان نجاح قيود السفر في تغيير تصميم ايران على وقف عمليات تخصيب اليورانيوم محل شك.
اما فرض عقوبات اقتصادية على طهران, فهو بديل لا يخلو بدوره من عقبات عدة, فبالاضافة الى رفض كل من روسيا والصين لهذا النوع من العقوبات, على ضوء المصالح الاقتصادية لكلتا الدولتين مع ايران, فان كثرة عدد شركاء ايران التجاريين يمثل مشكلة اخرى في مواجهة النجاح في فرض عقوبات اقتصادية عليها. فانه كان الهدف من العقوبات هو منع ايران من استيراد البضائع والخدمات, فهذا يعني في الوقت نفسه التخلص من الاسواق الرئيسية للعديد من دول العالم.
السيناريو الثالث, هو سيناريو توجيه ضربة عسكرية الى المنشات النووية الايرانية, ويرتبط هذا السيناريو بتطورين: الاول, رفض ايران لاية تسوية سياسية يمكن ان تمنعها من مواصلة عمليات تخصيب اليورانيوم. والثانى, فشل العقوبات المحتمل فرضها على ايران, في اقصاء الاخيرة عن مواصلة عمليات التخصيب.
لكن ثمة عقبات عدة تواجه هذا السيناريو ايضا اهمها, الرفض الدولي لمسالة الضربة العسكرية ضد المنشات النووية الايرانية, سواء من جانب روسيا والصين, او من جانب الدول الاوروبية خصوصا فرنسا والمانيا. اضافة الى امتلاك ايران اوراق ضغط متعددة تستطيع من خلالها رفع كلفة اية ضربة عسكرية ضدها, الى درجة الردع. فهي تستطيع استخدام سلاح النفط ليس فقط باعتبار ان طهران ثاني منتج عالمي للنفط, ولكن بالنظر لقدرتها على منع تصدير النفط ايضا من الخليج عبر غلق مضيق هرمز الذي يمر عبره 18 مليون برميل نفط يوميا الى الغرب. الى جانب تهديدها بضرب المصالح الاميركية في الخليج ومناطق العالم المختلفة, واثارة الشيعة ضد القوات الاميركية في العراق خصوصا في الجنوب.
تداعيات الازمة على دول مجلس التعاون الخليجى:
تطورات الازمة على هذا النحو تؤكد ان دول مجلس التعاون ستكون اول من سيدفع فواتيرها ايا كان سيناريو الحل المتصور. ففي حالة التسوية السلمية سيكون هناك قبول دولي بتمكين ايران من امتلاك قدرات نووية سلمية بتشغيل مفاعلاتها النووية تحت رقابة دولية مشددة, وفي هذه الحالة تتخوف دول المجلس من التلوث البيئي الذي يمكن ان يدمر المنطقة اذا ما حدث تسرب اشعاعي من مفاعل بوشهر القريب من عواصم دول خليجية اكثر قربه من طهران. ورغم ان هذا المفاعل ما زال في طور الانشاء فمن المتوقع استكمال بنائه في عام 2007, وسيترتب على هذا المفاعل وغيره من المفاعلات المخطط اقامتها وعددها 10 مفاعلات خلال السنوات العشر القادمة, تسرب نفايات نووية الى مياه الخليج وعلى الاخص باتجاه الكويت, حيث ان اغلب التيارات البحرية السفلية تجري باتجاه الكويت في اغلب ايام السنة, وهو ما يعني تلوث مياه الشرب بالمواد المشعة, حيث تعتمد اغلب دول مجلس التعاون على تحلية مياه البحر للحصول على احتياجاتها من مياه الشرب, الى جانب تلوث الثروة السمكية. ولذا كانت الاستجابة الاولي لهذه الاخطار كويتية وعلى لسان وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد الصباح الذي اكد, خلال زيارته لتركيا في 24 مايو 2006, قلق بلاده ازاء الملف النووي الايراني, مبينا ان "اكثر ما يثير القلق هو احتمال تسرب اشعاعات نووية في المنطقة".
واضاف: "ان احتمال وقوع كارثة نووية على بعد 120 كيلو مترا من الحدود الكويتية سيؤدي الى تلوث مياه الخليج, وبالتالى حرمان شعوب المنطقة من المصدر الوحيد للمياه لسنوات طويلة". واكد الشيخ محمد الصباح ان القلق ازاء الملف النووي الايراني نابع بالدرجة الاولي من احتمالات تلوث البيئة, قائلا ان "احتمال حصول ايران على السلاح النووي ليس مشكلتنا بل مشكلة المجتمع الدولي برمته". واعرب عن اعتقاده بضرورة وضع البرنامج النووي الايراني تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ومن هذا المنطلق ايضا طالبت دول مجلس التعاون الخليجى, خلال اعمال الدورة التاسعة والتسعين للمجلس الوزاري لمجلس التعاون التي استضافتها الرياض في 3 يونيو 2006, بضرورة ان يتفهم القادة الايرانيون مخاوف دول مجلس التعاون. وفي السياق ذاته, قال الشيخ عبد الله بن زايد ال نهيان وزير الخارجية الاماراتي رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزارى: "ان دول المنطقة تتابع البرنامج النووي الايراني, ولنكن صادقين هناك مخاوف بيئية عند دول المجلس نتمنى على الاخوة في ايران ان يتفهموا ذلك", واوضح ال نهيان ان "هناك الكثير من الاتصالات الدولية مع ايران حول هذا البرنامج, غير ان نظرة دول مجلس التعاون نحوه تتركز في ان يراعي المسافة الجغرافية بين دول المجلس وايران", موضحا ان "الخليج بحر شبه مغلق ودول مجلس التعاون تحلي المياه من هذا البحر وتبرد محطات الطاقة الكهربائية من مياهه, وتستخدم هذا البحر لايصال الطاقة لمختلف دول العالم, وبالتالى فان هذا البحر يعد رافدا اساسيا للمياه والاقتصاد والكهرباء, وينبغي للاخوة في ايران عند سماع مخاوف دول المجلس ان يتفهموا تخوفاتها".
اما في حالة فشل سيناريو التسوية وتطورت الازمة الى سيناريو فرض عقوبات على ايران, فان دول مجلس التعاون ستكون ضمن الاطراف المتاثرة بها, لان فرض عقوبات على ايران معناه تصعيد في حدة التوترات السياسية في المنطقة, وهو ما سيؤدي الى تباطؤ الانظمة الاقتصادية في دول مجلس التعاون, وهجرة مكثفة لراس المال, وربما يقود التصعيد في هذه الازمة اسواق المال الخليجية الى مزيد من الانهيار, حيث هبطت اسواق المال في منطقة الخليج بشدة منذ فبراير 2006, وخسرت البورصة السعودية, اكبر البورصات العربية, اكثر من نصف قيمتها السوقية, على خلفية التوترات السياسية التي تشهدها المنطقة الى جانب اعمال المضاربة. وقال مسؤول حكومي في امارة دبي ان الازمة الايرانية "ستطال اكثر من النفط واسواق المال", مضيفا: "في حال تصاعدت الازمة لاكثر من حرب التصريحات, فان قطاعي السياحة والعقارات في جميع دول الخليج سيشهدان كارثة حقيقية".
تداعيات فرض عقوبات على ايران ستكون اقتصادية في المقام الاول بالنسبة لدول مجلس التعاون, لكنها ستكون كارثية وشاملة لكل المجالات في حالة تحقق السيناريو الثالث الخاص بتوجيه ضربة عسكرية ضد المنشات النووية الايرانية, فبالاضافة الى الاثار البيئية الخطيرة الناجمة عن مثل هذه الضربة, فان دول المجلس ستكون مستهدفة من جانب ايران, التي قد تلجا الى تلغيم مياه الخليج العربى, وقد تقوم باغلاقه كلية لخلق ازمة نفطية عالمية. كما ان القواعد العسكرية الاميركية في اراضي دول المجلس وفي مياهها الاقليمية ستكون اهدافا مؤكدة لايران في وقت باتت تمتلك فيه ايران ترسانة قوية ومتطورة من الصواريخ والاسلحة البحرية.
ستتفاقم حتما الاخطار العسكرية التي يصعب حصرها, ولعل ذلك ما دفع دول المجلس طيلة الاشهر الماضية الى محاولة ضبط تطور الازمة وابعاد اشباحها عن المنطقة, وقد حرصت دول مجلس التعاون مبكرا على محاولة اقناع ايران بالتخلي عن برنامجها النووي او على الاقل الالتزام بتعليمات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ادراكا منها لخطورة التطورات المحتملة وبالذات في ظل محاولات اميركية متعددة لاقناع دول المجلس بضرورة اتخاذ مواقف قوية ضد ايران ضمن الاستعدادات الاميركية اما لفرض عقوبات او لشن ضربة عسكرية ضد ايران.
وهنا تكمن اهمية دعوة الحوار التي جاءت على لسان عبد الرحمن العطية الامين العام لمجلس التعاون الخليجي كسبيل لحل ازمة البرنامج النووي الايراني. فقد اكد العطية, امام المؤتمر حول مخاطر الانتشار النووي في الخليج عقد بالمنامة في 10 سبتمبر , ان "الازمة الحالية بين ايران والمجتمع الدولي يجب الا تشغلنا عن السعي الجاد لتعزيز المصالح المشتركة بين ضفتي الخليج والعمل على تغليب اسلوب الحوار وسياسة الوفاق الاقليمى, وان للجوار الاقليمي اصوله واحكامه التي تفرض علينا جميعا بذل المزيد من الجهد لتجاوز المشاكل الاقليمية العالقة بالطرق السلمية وعدم السماح للاطراف الخارجية باستغلالها ضد مصالحنا المشتركة".
وكان الموقف الاماراتي اكثر وضوحا في تعبيره عن القلق من القدرات النووية الايرانية, فخلال لقائه مع وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي في 10 سبتمبر , قال الشيخ عبد الله بن زايد ال نهيان وزير الخارجية انه "حتى مع الظن الحسن بنيات ايران السلمية, الا ان تنفيذ برنامج نووي سلمي يحتاج الى ضمانات واضحة وبما يتفق مع المعايير والاسس التي حددتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية", مضيفا: "ان اي شئ اقل من هذه الضمانات يجعل اصدقاء ايران في ريبة".
اما الموقف السعودي فكان اكثر ميلا الى التهدئة مع ايران, وفي هذا السياق, صرح وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل, قائلا: "اننا نامل بان ينجح الحل الديبلوماسي للأزمة وان يسمح لنا بخيار ثالث, بدلا من الخيارين السيئين, وهما امتلاك ايران اسلحة نووية او انتزاعها". مضيفا: "ايران تبحث عن دور قيادي ومن بين مسؤوليات القيادة, العمل من اجل استقرار المنطقة وامنها, وليس التسبب بعدم الاستقرار مع اضافة شؤون تؤدي الى عدم الاستقرار مثل الاسلحة النووية وانتشار السلاح".
ورغم هذا التمايز في الشعور بالخطر ازاء البرنامج النووي الايراني, فان ثمة توافقا عاما بين دول مجلس التعاون حول مبادئ عدة تحكم الموقف الخليجي من هذا الملف, خصوصا على ضوء قناعة هذه الدول بوجود ارضية مشتركة ومصلحة عليا موحدة في دعم سياسة تجريد ايران من قدراتها النووية والتدميرية الراهنة او المستقبلية الكامنة او المحتملة Actual or Potential Capabilities)) . هذا الموقف يرتكز على المبادئ التالية:
1 macr; تبني دعوة ابرام اتفاق اقليمي يشمل دول منطقة الخليج, وربما منطقة الشرق الاوسط عامة ويشمل اسرائيل بشكل خاص, هدفه ترسيخ الاسس القانونية لاعلان المنطقة "منطقة منزوعة السلاح النووي" او "منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل".
2 macr; الضغط على اسرائيل للانضمام الى معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية, واخضاع كافة منشاتها النووية لنظام التفتيش الدولي. اذ يعتبر تخلي اسرائيل عن قدراتها النووية عاملا اساسيا وشرطا ضروريا لتحقيق مبدا اقامة منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل كما طالب قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 49/71 الصادر في 15 ديسمبر عام 1994 الذي حث جميع الاطراف في منطقة الشرق الاوسط على اتخاذ الخطوات الجدية والعملية المطلوبة لتطبيق مشروع اعلان منطقة الشرق الاوسط منطقة خالية من الاسلحة النووية.
3 macr; تعتقد دول مجلس التعاون ان على اسرائيل العمل الجدي على تطبيق تعهداتها القانونية حول الالتزام بجعل منطقة الشرق الاوسط منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل التي جاءت ضمن الفقرة الرابعة من معاهدة السلام الاردنية - الاسرائيلية لعام 1994 (اتفاق وادي عربة).
وضمن الاطار العام للشعور بالحاجة الى اقامة منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل دون تاخير, فان رد الفعل الراهن لدول مجلس التعاون يتركز حول وجود موافقة ضمنية غير معلنة وغير متفق عليها بشكل مسبق على مبدا وجوب منع ايران من تطوير قدراتها النووية خارج اطار الاستخدامات السلمية. فامتلاك ايران للقدرات النووية سيعتبر تطورا جديدا ذي انعكاسات كبيرة على الاستقرار الاقليمي لمنطقة الخليج, وعلى طبيعة العلاقات الايرانية -الخليجية.
ورغم ان دول مجلس التعاون تشعر بالخطر المحدق من عامل امتلاك اسرائيل للقدرات النووية, فان الشعور العام لديها هو رفض بروز دولة نووية اخرى في المنطقة تضاعف الاخطار من احتمال حدوث حرب غير تقليدية تؤدي الى تدمير المنطقة وتعمق حالة عدم الاستقرار الاقليمي في عموم منطقة الشرق الاوسط.
ففي ميزان الحسابات الخليجية لا يعد امتلاك ايران للقدرات النووية بالضرورة عامل ردع وتوازن امام القدرات النووية الاسرائيلية, فالمصالح العليا لايران قد تلتقي في الوقت الراهن مع المصالح العربية العليا في وجوب ايجاد وسيلة للحد من احتكار اسرائيل للقدرات النووية العسكرية في المنطقة, ولكن هذه المصالح تتعارض وتتقاطع وبشكل جذري في مواقع عديدة اخرى, مما يجعل قبول مبدأ دخول ايران للنادي النووي, في الحسابات الاستراتيجية الخليجية, عامل تطور سلبي اكثر من كونه عاملا ايجابيا.
وفي ضوء هذه الحقائق يعد تطوير القدرة النووية الايرانية, في رؤية دول مجلس التعاون, عاملا سلبيا اضافيا وتطورا حاسما ستكون له تأثيرات مباشرة على الامن والاستقرار الاقليمي لا يمكن التكهن بنتائجها الانية او على المدى البعيد.