هل تنفجر فلسطين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الإثنين: 2006.09.25
دrlm;.rlm; محمد السيد سعيد
عاش المجتمع الفلسطيني طويلا مأساة حقيقيةrlm;,rlm; بسبب نظام الاحتلال الأشد قسوة في التاريخ العربي والعالمي المعاصرrlm;.rlm; ولكنه يتحرك الان حثيثا نحو مأساة أكبر قد تجعل الحرب الأهلية غير مستبعدة لأول مرة في التاريخ الفلسطينيrlm;.rlm; كانت الحرب الأهلية أبعد الاحتمالات بالنسبة للفلسطينيينrlm;,rlm; وأشدها كابوسيةrlm;.rlm; ولكن يخشي أن ما كان احتمالا بعيدا للغاية لم يعد كذلكrlm;.rlm; وعلامات الخطر منذرة وشديدة الوطأةrlm;.rlm;
تشمل هذه العلامات اشتداد الصراع بين حركتي فتح وحماس الي مستويات غير مسبوقة ولم تكن في الحسبانrlm;.rlm; وكان الجميع يأمل في أن تدفع فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية هذا الصراع الي التواريrlm;,rlm; من أجل التركيز علي تحقيق انجاز وطني عام ينهي الاحتلال أو علي الأقل أشد مظاهرة وحشية وألماrlm;.rlm; ولكن ما أن بدا أن الفكرة تلقي قبولا عاما حتي بدأت تتبددrlm;,rlm; ويتجدد الصراع بين التيارين الرئيسيين للوطنية الفلسطينيةrlm;,rlm; ويشتدrlm;,rlm; بما يضاعف من حالة الحيرة والفوضيrlm;,rlm; ويدفع الموقف السياسي الي مواجهات مريرةrlm;,rlm; قد تتحول في أي وقت الي العنف الجماعيrlm;.rlm;
وتشمل تلك العلامات أيضا تدهور الوضع الاجتماعي والأمني الي مستويات خطيرةrlm;,rlm; يتجسد في بدء تشكل اقتصاد للجريمة وليس فقط بعض عاداتها الذهنيةrlm;,rlm; أو انحرافاتها المجتمعيةrlm;,rlm; بل وقد يمنحها تجسدا مؤسسيا خاصا بالحالة الفلسطينيةrlm;.rlm; ولنلاحظ هنا المشابهة النوعية بين حالتي فلسطين خاصة غزة والعراقrlm;,rlm; اذ تكونت في الحالتين اقتصاديات للجريمة في سياق الاحتلال والفوضي السياسية والأمنية وصارت أحد أعراض هذه الفوضي وأحد محركاتهاrlm;.rlm; ولا تقوم هذه المشابهة اطلاقا علي الحجم والمديrlm;,rlm; فلا تزال الجريمة في غزة ظاهرة محدودة للغاية بالمقارنة بالعراقrlm;.rlm; وما يقلق ليست المشابهة في تكرارية وكثافة وانتشار الجريمة ببعديها السياسي والجنائيrlm;,rlm; وانما تشابه بعض الظروف وعلي رأسها الاحتلال وانهيار السلطة العامة والبطالة والفقرrlm;,rlm; والتماذج مع البنية العشائريةrlm;,rlm; ومع الاستقطابات السياسيةrlm;,rlm; وهيrlm;'rlm; عجينة قاتلةrlm;'rlm; لها نفس الدلالاتrlm;.rlm;
يضاعف من شدة المخاوف في غزة تحديدا وفي فلسطين بوجه عام النتائج المريعة لحملة التجويع العربية والعالمية منذ تولي حركة حماس وظائف الحكمrlm;.rlm; وقد فرض علي الشعب الفلسطيني منذ ذلك الوقت طوق حصار دولي وعربي ظالم يستهدف أساسا اسقاط حماس وتركيع الشعب الفلسطينيrlm;.rlm; وحتي الان كانت نتيجة هذا الحصار معاكسة في الاتجاه فيما يتعلق بالموقف من الصراع والتسوية مع اسرائيلrlm;.rlm; ولكن هذه النتيجة تشمل أيضا أن المجتمع الفلسطيني بدأ تحت ظروف التجويع والحصار يأكل نفسهrlm;,rlm; ويعاقب ذاته جزئيا من خلال الجريمة وما يسمي الفلتان الأمنيrlm;.rlm;
وتشمل هذه العلامات أيضا تدهور قوة وأداء السلطة العامة بل والقانون العرفي أيضا ولأول مرة في التاريخ الفلسطينيrlm;,rlm; وهو ما يعود للأزمة الاقتصادية والي ضعف الرئيس محمود عباس وضيق قاعدة الولاء الخالص لشخصه ولسياساتهrlm;,rlm; وافتقاره للموارد ولبعض القدرات التي كان الرئيس الفلسطيني الراحل أبو عمار يوظفها بنجاح يوما بيومrlm;.rlm; وساهم كل من ازدواج السلطة والصراعات الدائرة بين الحكومة والرئاسة أو بين حركتي حماس والجهاد في اضعاف التقدير والولاء الشعبي للسلطة بوجه عامrlm;,rlm; هذا فضلا عن الضعف الأصلي للسلطة بسبب الاحتلال والقيود المفروضة عليها باتفاق أوسلوrlm;,rlm; فضلا عن سوء تركيبها مؤسسيا وفنيا منذ الولادةrlm;.rlm;
وثمة عامل أخير وهو التوقف والتوقيف الواضح لحركة التسوية السياسية والسلمية للصراع الفلسطيني الاسرائيليrlm;,rlm; في الأمد المنظورrlm;.rlm; فانسداد الأمل في الاستقلال يجعل ما كان مستبعدا أمرا ضاغطا ومحتملا بما في ذلك الحرب الأهليةrlm;.rlm; فالصيغة التي تتبناها حماس ليست فقط مرفوضة اسرائيليا ودوليا بل هي أيضا سيئة الصياغةrlm;,rlm; بما لا يسهل امكانية تلطيفها عبر الفن الدبلوماسيrlm;.rlm; ولا يكاد يكون هناك فارق حقيقي بين صيغة هدنة طويلة الأمد التي تقترحها حماس من ناحية وفكرة حل مؤقت طويل المدي التي كان يتبناها شارونrlm;,rlm; من ناحية أخريrlm;,rlm; سوي أن الأولي مرفوضة اسرائيليا والثانية مرفوضة فلسطينياrlm;.rlm; ويضاعف من مشكلة توقف وتوقيف التسوية الدبلوماسية أن الكرة تبدو الان من الناحية السياسية والدبلوماسية في الملعب الفلسطينيrlm;.rlm; وكان الغرض الرئيسي من فكرة حكومة الوحدة الوطنية هو التغلب علي اعاقات عملية التسوية وانهاء الحصار المالي والاقتصادي والسياسي المضروب علي المجتمع والسلطة الفلسطينيةrlm;.rlm; وطالما أن حماس ترفض تمكين هذه الحكومة المقترحة من فرصة الاستجابة للمطالب الأوروبية فلا تكاد تكون ثمة فرصة لنجاحها في انهاء الحصار ولا في انهاء توقيف الية التسويةrlm;.rlm;
مبادرات سريعة وممكنة
كل تلك العوامل والعلامات لا تجعل الحرب الأهلية حتمية خاصة أن التراث الوطني الفلسطيني لا يزال قوياrlm;,rlm; ولا تزال حرمة الدم الفلسطيني إحدي مقدسات الحركة الوطنيةrlm;,rlm; مما يشكل عاملا ملطفا للأجواء المحتقنة في الأرض المحتلة عموماrlm;,rlm; بما فيها غزةrlm;.rlm; ومقابل طيش كثير من الكوادر القيادية في كل من فتح وحماسrlm;,rlm; فهناك كوادر قيادية أخري تتمع بقدر كبير من الاعتدال والرصانة والحرص علي ثوابت الحركة الوطنية وعلي رأسها حرمة الدم الفلسطينيrlm;.rlm;
ومع كل التقدير لهذه العوامل الملطفة فهي قد لا تصمد أمام تفاقم واشتداد الأزمة السياسية والأمنية والاجتماعية في الأرض المحتلةrlm;,rlm; وهو ما يجعلنا نقلق بشدة من احتمالات الحرب الأهليةrlm;.rlm; ولو استمرت الأزمة الحالية في الاشتداد بدون توقف أو بدون دخول عوامل ايجابية كبيرة جديدة الي الصورةrlm;,rlm; لن يكون بوسع أي عدد من العقلاء وقف اندفاع المجتمع الي هوة الحرب الأهليةrlm;,rlm; وأقصي ما يمكن أن نتوقعه هو أن تتخذ هذه الحرب شكلا خاصاrlm;.rlm; فبدلا من أن تقع تلك الحرب في شكل مواجهات عسكرية كبيرة وحاسمةrlm;,rlm; يرجح أن تتخذ شكل العنف الأهلي الزاحفrlm;,rlm; عبر توسع الجرائم السياسية خاصة الاغتيالات المتبادلةrlm;,rlm; وتصاعد ونمو اقتصاد الجريمةrlm;,rlm; واهدار القانون علي نطاق واسعrlm;,rlm; وتمزق الفصائل السياسية الكبيرة وانشقاقها أو تفلت قطاعات منها لتشكل تنظيمات مستقلة أشد تطرفا وأقل حرصا علي سلامة المجتمع وسلمه الأهلي وأقل اهتماما بالاقتراب من منطقة الاجماع الوطنيrlm;,rlm; وأكثر رغبة في القيام بعمليات انتقامية واعلامية صارخة خاصة اختطاف الأجانبrlm;.rlm;
الموقف خطير بالفعلrlm;,rlm; ويجب الانتباه والعمل بكل قوة علي نزع فتيل الأزمة مبكراrlm;.rlm;
فحتي لو تمكن المجتمع السياسي الفلسطيني من انقاذ نفسه من أسوأ الاحتمالات بقدراته الداخليةrlm;,rlm; فهو يحتاج بشدة لدور مصري وعربي أكثر قوة وشمولا بكثير لتمكينه من التجاوز الجذري لحالة الاحتقان الحاليةrlm;.rlm;
لا يمكن أن يتوقف هذا الدور عند مجرد التوسط بين الفصيلين الكبيرينrlm;:rlm; فتح وحماس لانتاج خطة عمل أو علي الأقل مقاربة بديلة تكسر جمود الموقف السياسي الخارجي والداخليrlm;.rlm; اذ لا بد قبل كل شيء من كسر الحصار وهو أمر تفكر دولة مثل النرويج في الاقدام عليه علي نقيض التوافق الأوروبي الجماعي الذي تورط في فكرة الحصارrlm;.rlm; لقد كانت مشاركة دول عربية غنية وكبيرة في الحصار المفروض علي الشعب الفلسطيني أسوأ موقف سياسي من القضية الفلسطينية علي الاطلاقrlm;.rlm; وبدون وقف مشاركتها في تجويع الشعب الفلسطيني قد لا يمكن انقاذه من الحرب الأهلية والتفسخ السياسيrlm;.rlm;
تحتاج فلسطين التي يتحجج بها الجميع الي مبادرات أكثر عمقا لاعادة بناء المجتمع السياسي في الأرض المحتلة لتمكينه من انجاز استقلال حقيقيrlm;.rlm; وربما تحيط الشكوك بامكانية أن تقوم دول عربية تعاني من نفس الأزمة الثقافية والسياسية بمد يد العون للفلسطينيين في هذا المستويrlm;.rlm; ولكن الموقف المتدهور في الوقت الحالي يحتاج أيضا الي مبادرات سريعة وفاعلة وممكنةrlm;.rlm;