بوش لم يربح المعركة ... وكذلك بن لادن !!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الأربعاء: 2006.09.27
ترجمة: عدوية الهلالي
لوموند الفرنسية
"لقد خسرنا الحرب الباردة"، قال هذه العبارة كاتبان امريكيان في عام 1995 هما ريتشارد لوبو وجانيس ستن، فهل يتم ترديدها يوما في ما يتعلق بالحرب ضد الارهاب؟
بعد خمس سنوات من الحادي عشر من ايلول، ظهرت اعراض مشابهة قد تجد لها تبريراًتها برغم ان خسائر الولايات المتحدة ونقاط فشلها عديدة واهمها تلك الناتجة من غزوها العراق.
في عام 2003 اختارت امريكا ان تصنع من العراق ميداناً لمعركتها ضد الارهاب، وقد نجحت في ذلك ولكن ليست بالمعنى الذي كانت تتمناه ، فالتفجيرات متواصلة وعددها لا يحصى في العراق، كما ارتفع عدد الضحايا المدنيين من (1778) في شهر كانون الثاني الى (3149) في حزيران، اما بالنسبة لشهر تموز فقد سقط اكثر من (3438) مدنياً بينما ينظر الرئيس جلال طالباني بتفاؤل كبير الى الوضع طالما يتم نقل الملف الامني الى العراقيين في جميع المحافظات العراقية حتى نهاية العام الحالي ولقد تحول البلد فجأة الى ساحة لتدريب المقاتلين القادمين من دول اخرى كما حدث في افعانستان سابقاً حيث تدهور الوضع حين خشيت الولايات المتحدة وحلفاؤها من مضاعفة قواتها العسكرية وتجهيزاتها العسكرية بمواجهة هجمات طالبان، ورافق ذلك مضاعفة التفجيرات الانتحارية التي لم تكن موجودة في البلاد قبل عام 2005، ولكي تعمل على نشر الاستقرار في البلاد، اختارت الولايات المتحدة الاعتماد على زعماء الحرب المحلية وكانت النتيجة ان انتشرت الميليشيات ورفضت نزع اسلحتها كما ارتفع انتاج المخدرات ليبلغ ارقاما قياسية.
وفي باكستان، لم يتمكن الجيش من اذلال رجال طالبان وحمايتهم في تلك المناطق القبلية التي لم تخضع حتى الان لاي غزو كان بينما واصل المتطرفون الباشتون الذين يسعون الى تأسيس "امارة اسلامية في وزيرستان" دعم رجال طالبان بالسلاح عبر الحدود.. وبكلمة اخرى، فهم يعملون على الاستفادة من التواطؤ الباكستاني..
من جهة اخرى ، يظن البعض ان الامساك باسامة بن لادن ومساعده ايمن الظواهري سيعمل على تقليص حجم التهديد، وهو امر وارد، غير ان دائرة الاستخبارات الامريكية CIA دفعت الثمن بتدمير "محطة اليكس" وهي الوحدة الخاصة التي كانت مسؤولة منذ عام 1996 عن تعقب اثر القائد الارهابي ، اضافة الى ان اشرطة التسجيل المرسلة من قبل زعيمي القاعدة بشكل منتظم تقلل من شأن الامكانيات الغربية فهي تحافظ على اسطورة القاعدة وتشكل عاملا مهما في تعبئة اولئك الذين يجتذبهم التطرف.
ولقد حقق "الجهاديون" منذ الحادي عشر من ايلول تقدما محلوظا بزيادة مواقع الانترنت العائدة لهم من (12) موقعا في عام 2001 الى (4500) في عام 2005 وهو ما يساعد على تحول شباب مسلمين عديدين بفعل هذا التغيير الايديولوجي ليصبحوا تحت وصاية القاعدة يدفعهم الى ذلك مواعظ لرجال دين "مطورين بينما يحاول المتخصصون في الشؤون العسكرية معالجة الامر باستخدام الجيوش الغربية لكن الامر لا يجدي نفعا كما يبدو..
بالمقابل، دفعت امريكا ايضا ثمنا باهظاً لانجاح مشروعها بنشر الديمقراطية في الشرق الاوسط خاصة بعد فضائح سجن ابي غريب وانكشاف امر المعاملة السيئة لمعتقلي غوانتانامو فقد تضاءل بعدها دعم الرأي العام العالمي للحرب ضد الارهاب وتباينت النسب بين الدول فقد انخفض في المملكة المتحدة الى ما تحت 50% وفي المانيا وفرنسا كذلك وفي اليابان 26% وفي اسبانيا 19% وفي تركيا 14%.
لقد واجهت امريكا ايضا فشلا آخر في الصومال عندما حاولت دعم زعماء الحرب المحلية كما فعلت في افغانستان وبالتالي احتلت الميليشيات الاسلامية مقاديشو في حزيران.. اما في مجال الصراع ضد التخصيب النووي، فليس هناك انتصارات كبرى ايضا برغم قرار ليبيا بالتخلي عن برنامجها النووي جزئياً لخشية القذافي من مصير مشابه لمصير صدام حسين، مع ذلك لم تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها ما يمكنها من منع كوريا الشمالية وايران من متابعة برنامجيهما النوويين.
امريكا لم تربح اذن حربها ضد الارهاب ولم ينجح اعداؤها في تحقيق نصر عليها ايضا خاصة بعد اضعاف منظمة القاعدة باعتقال عدد من زعمائها وقتل آخرين كما حدث مع خالد شيخ محمد الذي نظم هجمات ايلول وابو فراج الليبي ثم ابو مصعب الزرقاوي الذي التف مقاتلو العراق حوله وتعمل المنظمة باستمرار على الادعاء بانها تنتصر في كل مساعيها كما تنسب لنفسها احيانا اعمالا ارهابية كبيرة لمجرد تحفيز المنضوين تحت لوائها وتقوية ايمانهم بها، اما زعماؤها فلا يتوقفون عبر رسائلهم الصوتية والمرئية عن الاعلان عن توسيع مسرح العمليات كما حدث في السودان مؤخراً.
وكيف يكون الحال في المستقبل اذن بعدما حدث في الحادي عشر من ايلول ؟! لقد وصفت امريكا مثلا معركتها بـ "الحرب" ضد الارهاب كما حددت هدفاً يصعب الوصول اليه وهو افشال شبكات الارهاب في عموم دول العالم كما ورد في خطاب بوش في الكونغرس في ايلول عام 2001، لكن هذه الاستراتيجية وقعت في مأزق خطر وباءت بالفشل وبالتدريج اعادت ادارة بوش حساباتها وصار همها الاول وضع حد لامكانية تطور نفوذ القاعدة فهي تعتبر حاليا ان خصمها الحقيقي هو ايديولوجية "التطرف العنيف" او "الراديكالية الاسلامية" واكتشفت امريكا ان صراع الافكار اكثر اهمية من المعارك المسلحة والاستخبارات وقوات الشرطة.
سيكون علينا اذن ان ننتظر عدة عقود اخرى لنعرف انه كانت امريكا قد ربحت الحرب ام خسرتها طالما ارتكبت اخطاء كبيرة بسبب رعونتها ويبقى عليها حالياً التركيز على اهداف معينة منها تقليص الارهاب واضعاف الاسلام ووقف تخصيب اليورانيوم لتربح المعركة وقد لا يحدث هذا في عام 2006 ولا في 2026 بل ربما 2036 واذن سيكون علينا جميعاً ان ندرك ان امريكا تعمل حاليا على خوض ما تدعوه "الحرب الطويلة".