وداع حار وحائر لتوني بلير
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الخميس: 2006.09.28
ليا فان بيكهوفن ـ إذاعة هولندا العالمية
ترجمة: حسام عبد العزيز
لم يكن خطاب توني بلير الأخير في مؤتمر حزب العمال كرئيس وزراء جيدا فحسب بل كان الأفضل بين خطاباته؛ فالكلمة التي ألقاها في المؤتمر كانت رائعة بحق لدرجة أن بعض الوفود في مانشستر تساءلوا لمَ ـ بالله ـ يطردونه من الحزب؟.
شهد المؤتمر مزيجا من العواطف الجياشة والدعابة والسياسة العملية والحقيقية، أكد توني بلير الحضور بأنه أحب الحزب ثم واصل كلامه حول كيفية تأقلم الحزب وتكيفه مع الظروف المحيطة لضمان استمراره.
كان خطابا لواحد من أفضل متحدثي أوروبا وأنجح زعماء حزب العمال على الإطلاق. وفي ختام كلمته لم يكن بلير هو الوحيد الذي حبس دموعه وكان متأثرا.
لم يكن هذا بالوداع الذي تخيله بلير لنفسه، فقد كان يفضل البقاء لعام قادم، لكنه اضطُر للتقاعد مبكرا من قِبَل الحزب الذي كان بلير قد خرج عن سياسته الخارجية.
شيء محزن
كان بلير سيسدي الخدمة الأكبر لحزبه لو كان قد عين موعدا لمغادرته بل والخدمة الوحيدة هذا العام، فعدم تحديده موعدا للرحيل يعني أن الحزب سيظل مشلولا لوقت قد يطول؛ فالحزب لا يستطيع إقالة بلير لكن من الضروري القول بأن بلير أصبح بالفعل في حكم الماضي.
ويريد رؤساء الحكومات الأجنبية الذين يرغبون في زيارة بلير أن يلتقوا خليفته جوردون براون المختلف عنه تماما بينما يدهس المرشحون الآخرون ـ خلف الأبواب المغلقة ـ بعضهم البعض في عجلة ليضعوا أيديهم على مفاتيح 10 شارع داونينج ستريت.
إنه لأمر محزن ويغضب الشعب لكن الحزب ليس بمقدوره أن يفعل شيئا حيال هذا الوضع، فالصراع على زعامة الحزب تعني حجج ومناقشات حول السياسات والمبادئ والشعبية، ومن المحتم أن تُسفك الكثير من الدماء السياسية مجازيا.
وبالنسبة لشخص كـ بلير يثق مطلقا في صحة مواقفه، وفي خطأ مواقف خصومه، فإن كلمة الوداع لابد من أن تكون ثقيلة على لسانه، ناهيك عن أنه ليس هنالك من يحب التنحي عن منصب هام وقوي كهذا. لكن ما يجعل الوداع صعبا على الزعيم العمالي التاريخي بلير هو شكوكه في قدرات الرجل ذي الفرصة الأفضل لخلافته، فالسيد بلير ليس متأكدا إذا ما كان بمقدوره أن يأتمن جوردون براون على تركته السياسية، فسلوك براون المثير للاستياء المبني على الاعتقاد بأنه وُلد ليصبح زعيما لحزب العمال، صعبت الانتقال السريع للسلطة.
قبول انتخابي؟
وكان الناشط "بونو" ـ مطرب فرقة "يو تو" الغنائية الأيرلندية ـ قد قال ذات مرة:بلير وبراون هما لينون ومكارثي السياسة البريطانية؛ فهما محركا تجربة حزب العمال الجديدة وقد حكما البلاد في تعاون وشراكة محكمتين، إذ ان براون هو وزير الخزانة الواسع النفوذ لكن هل استطاع أن يجتذب الناخبين إليه؟ وإنه لذو مغزى أن يظل براون ـ بعد تسع سنوات من وجوده على القمة السياسية ـ غير معروف على نطاق واسع.
وكان مستشارو براون الإعلاميون قد انهمكوا في الشهور الأخيرة في تلميع صورة براون القاتمة. وبينما كان بلير يبتسم كان براون يرسم تعبيرا توبيخيا ثابتا، فهو يعطي الناس الشعور بأن عليهم أن يعملوا بجد أكبر ويكونوا أكثر ظرفا ويذهبوا إلى الفراش مبكرا.
وسواء حظى براون برضا بلير أم لا فإن خليفة براون لم يعد معروفا ولا بديهيا، فبراون سيكافح من أجل زعامة الحزب.
لربما أنهى خطاب بلير مرحلة في تاريخ السياسة البريطانية، لكن رئيس الوزراء البريطاني استطاع برفضه تسمية موعد للرحيل أن يصعب الأمور على نفسه وحزبه و"جوردون براون".