إيران الشغل الشاغل لأميركا حتى نهاية ولاية بوش
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الخميس: 2006.09.28
في واشنطن هذه الأيام، تشكل ايران هاجسا لجميع المسؤولين، ومع بقاء القضايا الاخرى على شاشة رادار الادارة الاميركية، إلا انها كلها صارت مرتبطة بإيران. وقد يكون الوضع في العراق الاكثر ارتباطا، يليه الوضع في لبنان، اما مسار عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين فرغم بروزه بين وقت وآخر على شاشة الرادار الاميركي، الا ان اسرائيل بعد حربها مع "حزب الله" في لبنان، ترفض اعادة طرحه او بحثه، قبل ان تعود وتثبت نفسها بأنها القوة العسكرية الاقوى في المنطقة. يصاب زائر العاصمة الاميركية بكثير من الارتباك لدى سماعه ما يطرح حول معالجة المسألة الايرانية، ولا يخف هذا الارتباك في لقاءات مع مسؤولين في دوائر او وزارات مختلفة. بنظر واشنطن لم تعد مشاكل المنطقة مرتبطة بحل القضية الفلسطينية، هي صارت اكثر ارتباطا بتطور الوضع في إيران.
عدد من الاصوات في واشنطن يقول، ان الادارة تسير في الحل الديبلوماسي من اجل اقناع الرأي العام الاميركي والعالمي بأنها استنفدت كل الوسائل، قبل ان تقرر شن هجمات على المنشآت النووية الايرانية في فترة تسبق انهاء الرئيس جورج دبليو بوش ولاية حكمه الثانية والاخيرة. وتعتمد هذه الاصوات في ذلك على ما قاله الرئيس بوش اخيرا لمجموعة من الصحافيين اليمينيين: "من المهم جدا ان يرى الشعب الاميركي ان الرئيس حاول حل المشكلة الايرانية ديبلوماسيا قبل لجوئه الى القوة العسكرية". وكان الكولونيل المتقاعد سام غاردينر قد ذكر ان خطط الحرب على ايران انتقلت من وزارة الدفاع الى البيت الابيض، وهو صرح لشبكة "سي. إن. إن": "ان عمليات عسكرية اميركية داخل ايران تجري منذ اكثر من 18 شهرا، وتركز على جمع المعلومات".
من جهة اخرى، يؤكد عدد من المحللين الاميركيين السياسيين ان الادارة الاميركية تخلت عن الخيار العسكري ضد ايران وتميل الى اعتماد استراتيجية الاحتواء، بحيث تقلص من النفوذ الايراني، وتؤخر قدر المستطاع حصول طهران على القدرة العسكرية النووية.
هؤلاء يعتمدون على المقابلة التي اجراها المعلق الاختصاصي في شؤون الشرق الاوسط دايفيد اغناطيوس مع الرئيس الاميركي لصحيفة "الواشنطن بوست"، حيث كان واضحا ان الادارة تريد حلا ديبلوماسيا للبرنامج النووي الايراني، مقابل وعد باعتراف اميركي بدور ايران كدولة مهمة في الشرق الاوسط.
هناك ايضا، سماح الرئيس شخصيا لوزير الخارجية الاميركي السابق جيمس بيكر الذي تولى حديثا رئاسة مجموعة "تاسك فورس" للعراق، عينها الكونغرس، ان يلتقي مع ممثل رفيع المستوى للحكومة الايرانية بهدف ايجاد حل سلمي للأزمة الايرانية.
احد الذين التقيتهم في واشنطن، قال ان اعتماد المسؤولين في الادارة مسارين مختلفين سيدفع بطهران الى اساءة حساباتها، فهي ايضا ستصاب بالارتباك من جراء مناورات وتخمينات السياسيين في واشنطن، وقد يكون هذا ما تعمل عليه المؤسسة الاميركية.
ان التركيز على ايران لم يلغ الاهتمام بلبنان، حيث يكثر البعض من الحديث عن "جولة ثانية تثبت خلالها اسرائيل استعادتها لقوتها العسكرية المتفوقة في المنطقة". وفي لقاء مع مسؤول اميركي كبير قال: "ان موقف الولايات المتحدة واضح جدا، لقد عملنا على القرار 1701، واتخذنا القرار الصعب بعدم العمل على وقف سريع لاطلاق النار، وعلى عدم اعتماد حل يؤدي الى انفجار الصراع مجددا بعد ستة اشهر. لا نستطيع الادعاء بأن الوضع لن ينفجر، ولكن لا نرى سببا لذلك، ونعتقد ان الجيش اللبناني مع القوات الدولية في جنوب لبنان "اليونيفيل" والجهود للسيطرة على تدفق السلاح لـ "حزب الله" من شأن ذلك كله ان يقف حائلا دون ذلك. ومع التساؤل عما سيفعل "حزب الله" بهذه الأسلحة حتى لو ظلت تصل اليه، لأنه من الصعب التخيل بأنه سيعمل على تفجير الوضع مجددا بعد المآسي التي حلت بلبنان، نحن لا نعرف المنطق من الانفجار مجددا، لا نعرف لماذا قد يعمد "حزب الله" او اسرائيل الى ذلك، من هنا علينا ان نعمل على اسس القرار 1701، نقوي السلام، ونحاول دفع كل الاطراف في لبنان الى ضم "حزب الله" والتركيز على حل لبناني لمشاكلهم، وليس ان يكون لبنان "بيدقا" للبلاد التي اخترعت الشطرنج (ايران).
ويضيف المسؤول الاميركي: "خارجيا يتمتع رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة بدعم دولي كبير، ولا يوجد مسؤول لبناني آخر الآن يمكنه منافسة السنيورة. اما في ما يتعلق بوضعه الداخلي، فإنه لا يمكنني تقدير ذلك". لكن، يضيف "كي تثبت الحكومة انها الطرف الاقوى عليها نشر 15 ألف جندي في الجنوب، ونشر 8 آلاف جندي على الحدود اللبنانية ـ السورية، ثم انها ستحصل على مليارات الدولارات لاعادة البناء وعليها التنسيق بشكل فعال في ما يتعلق بكيفية اعادة البناء، لانه ليس من دولة مانحة ستقبل بأن تصل اموالها الى "حزب الله" ونحن سنطالب بالشفافية والمحاسبة في كيفية صرف هذه الاموال، لكننا لسنا متأكدين من النتيجة". ويوضح المسؤول الاميركي هذه النقطة بالقول: "انا متأكد من اننا سنطالب بالشفافية، ومتأكد من اننا سنتلقى ضمانات لذلك، ومتأكد من اننا سنختبر هذه الضمانات، لكنني لست متأكدا من اننا في النهاية لن نصاب بخيبة أمل".
وعن نشر 8 آلاف جندي على الحدود مع سوريا، يقول المسؤول الاميركي الكبير: "لقد ذهب الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الى دمشق وابلغه السوريون انهم سيدعمون القرار 1701، ولا اعرف ما اذا كان هذا الموقف حقيقيا. هم هددوا باغلاق الحدود، لكنهم لم يفعلوا، لانه لم تنتشر قوات دولية على الحدود، وعلينا ايجاد طرق للجيش اللبناني والجمارك للسيطرة على تدفق السلاح. واذا فشلوا في ذلك، فان اسرائيل ستحتج. واذا احتجت فعلى المجموعة الدولية ان تتصرف، لاننا نرى ان منع وصول الاسلحة الهجومية الثقيلة الى "حزب الله" امر اساسي لتثبيت السلام، كما نص القرار 1701".
ويشير المسؤول الاميركي الى ان القرارات الدولية 1559 و1610 و1701 دعت كلها الى نزع سلاح "حزب الله"، لكن المشكلة ان السلاح منتشر في دول المنطقة. خلال الحرب الاخيرة، تم تدمير عدد كبير من صواريخ "حزب الله"، لذلك علينا منع وصول صواريخ جديدة للحزب. هناك عدة طرق لنزع السلاح، كما جرى في ايرلندا الشمالية".
واسأل المسؤول الاميركي عما اذا كانت بلاده مستعدة للتحادث مع "حزب الله" فيقول: "ان "حزب الله" منظمة ارهابية، واميركا لا تحاور منظمة ارهابية، لكن اذا بدّل "حزب الله" من توجهه، واصبح قوة سياسية، عندها سندرس اهدافه السياسية ونتأكد ما اذا كان تخلى عن الارهاب".
ولماذا لا تطلب واشنطن من الروس والصينيين الذين يرغبون في ارسال قوات الى لبنان، والذين على علاقات جيدة مع ايران باقناعها في وقف ارسال السلاح الى "حزب الله"، يجيب المسؤول الاميركي الكبير: "اننا نبذل جهدنا كي يدرك الجميع ان القرار 1701 يجب ان يطبق، وان "حزب الله" لم يصنع الاسلحة، بل جاءته من ايران وسوريا، وهذه الاسلحة لم تصنع في سوريا او ايران، بل جاءت من دول اخرى ونحن نعمل مع هذه الدول، ولن اكشف عن اتصالات ديبلوماسية بالغة الحساسية، والوقت سيكشف ربما عما توصلنا إليه".
ونحن كما ذكرنا، نريد ان نرى قوات دولية قوية، ونريد مشاركة الكثير من الدول فيها، وضمن هذا المفهوم فاننا نرحب بمشاركة الروس والصينيين".
واسأل المسؤول الاميركي: "لماذا تفعلون كل هذا الشيء للبنان؟" يجيب: "ان ما حدث كان تحديا كبيرا للمجموعة الدولية وللسلام في الشرق الاوسط، لقد رأينا كيف ان العالم العربي كله توتر، وكم تضايقت اسرائيل، ما حدث كان تحديا كبيراً للحكومة الاسرائيلية ولمعادلة: الارض مقابل السلام".
"لقد شعرنا ان على الولايات المتحدة ان تقود رعاية صفقة لاننا الدولة الوحيدة التي ترتبط بعلاقات جيدة مع كافة الاطراف، نتعامل بشكل جيد مع حكومة لبنان، وكذلك الامر مع حكومة اسرائيل، وشعرنا باننا سندفع الثمن لو ان مشكلة لبنان توسعت".
اذ ان لدينا قوات (140 ألفاً) في العراق، و20 ألفاً في افغانستان و30 ألفاً في الخليج، وحوالي ألف جندي في سيناء، ونحن معنيون بأمن المنطقة، ثم ان قواتنا معرضة، وفي كل مرة نواجه تحدياً للامن الدولي وان هناك قوات تنوي نشر الفوضى في "الشرق الاوسط" فاننا نتحرك ونجري الاتصالات مع اصدقائنا لايجاد حل ديبلوماسي. ونحن فخورون بما فعلناه مع الاوروبيين ومع الحكومة اللبنانية والاسرائيليين ومع الآخرين".
ولا تفكر واشنطن في ارسال قوات اميركية او مستشارين الى لبنان في الوقت الحاضر، وهي اذا كانت تعتبر نفسها الطرف الافضل المخول للتفاوض، فانها ليست الطرف الافضل لارسال قوات عسكرية، وهي مكتفية بانها سلحت وتسلح الجيش اللبناني، وسوف تشارك في تسليحه وتدريبه مستقبلا، لكن لن ترسل قوات، فهي فعلت في الماضي.
وكما يقول المسؤول الاميركي "الكل يعرف ما تعرضت له قوات المارينز". واسأله: "هل تتعقبون الذين كانوا وراء تفجير مقر المارينز؟" يجيب: "اننا وباستمرار نتعقب كل من ارتكب عملاً ارهابيا ضدنا".
في الاسبوع المقبل نتحدث عن : النظرة الاميركية إلى سوريا