إعدام صدام... أسئلة كثيرة وأجوبة أقل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الأربعاء03 يناير2007
(1)
د. عبدالله خليفة الشايجي
كتبت في "الوطن" بتاريخ 22 ـ 10 ـ 2005 مقالا بعنوان "العدالة وليس الانتقام" رافضا عدالة المنتصر ومطالبا بعدالة الحق. وذهبنا بتلك المقالة لرفض عدالة المنتصر بل عدالة الحق ومعاقبة صدام حسين واعوانه على الجرائم التي ارتكبوها بحق العراقيين والكويتيين والايرانيين والآخرين.
ورفضت فيها التشفي ومنطق الانتقام مع تبرير ذلك، واكدنا ان المحاكمة ستكون طويلة ومثيرة للجدل ومتشعبة وشاقة، ولنا في محاكمة طاغية يوغوسلافيا ميلوسيفيتش التي استمرت اربعة اعوام قبل وفاته والجدل واللغط الذي اثارته خير دليل وعبرة... مما يثير نقاشا موضوعيا، حول كيفية محاكمة الطغاة، واثبات دورهم ومسؤوليتهم عن المجازر والانتهاكات.
وفي الثامن من نوفمبر 2006 بعد ثلاثة ايام من صدور الحكم باعدام صدام حسين شنقا حتى الموت لارتكابه القتل العمد كجريمة ضد الانسانية في مجزرة الدجيل التي ذهب ضحيتها 148 عراقيا عام 1982 كتبت مقالا في "الوطن" شارحا فيه الكثير من النقاط المهمة التي اود اعادة بعضها والاضافة عليها بعيدا عن العاطفة ولغة القلب، بعدما تم اعدام صدام جسديا صبيحة عيد الاضحى في الثلاثين من ديسمبر 2006 .
نهاية صدام حسين الرمز والقائد كانت مدوية ولم يتوقعها، صدام حسين صاحب الابتكارات التي لم يسبقه اليها احد منها الاسماء التسعة والتسعون وبناء اكبر مسجد الى بناء قوس نصر ممسكا بالسيف بقبضة يده، في جنون عظمة تفوق بها على الكثيرين من الطغاة والمهووسين بالعظمة والتفرد. صدام حسين صاحب المغامرات والنزوات والالقاب، من حامي البوابة الشرقية الى قائد ام المعارك، والمنازلات الكبرى، الى من نظم انتخابات فاز بها في اكتوبر 2002 قبل سقوط نظامه بستة اشهر وفاز بما سماه انتخابات وهي استفتاء ولا تمت للانتخابات بصلة بـ%100 من الاصوات حتى الاموات صوتوا لصدام حسين، ومن صاحب محاكمة العصر الى سقوطه المدوي في حفرة الاعدام.
لا يمكن ان يذكر التاريخ شخصية اكثر شوفينية وتراكمية في الأخطاء والحسابات منه. وعدم تعلمه من الاخطاء والهفوات، من غزوه لايران والكويت ورفضه التراجع والاقرار بالخطأ ومكابرته وركوبه رأسه. ولم يكن صدام يدري ان "حوبة" الكويت ومن يوم الثاني من اغسطس 1990 يوم غزوه للكويت شكل بداية انحدار كرة النار وبداية النهاية لنظامه وطموحه وغروره ولحياته التي توقفت في نهاية 2006 قبل ان يكمل السبعين...
انه الفصل النهائي ونهاية المطاف للطاغية، يوم سيئ ونهاية لحقبة سوداء ودرس يذكر بالتاريخ الدموي لدولة العراق ويعيد الذاكرة لاعدام نوري السعيد عام 1963 الذي هدد باستعادة الكويت. وقبله للملك فيصل والتاريخ الدموي السياسي لقادة العراق الذين يختفون عن المسرح السياسي اما قتلا او سحلا او بأسباب مجهولة تثير الريبة ومغلفة بالغموض.
التاريخ يعيد نفسه على ما يبدو مع الطغاة والقتلة، نحن نعيش التاريخ، لا شك ان صدام حسين بنظر الكثيرين من الملايين من الذين قتل ورمل ويتم وطرد واعاق من عراقيين وكويتيين وايرانيين وعرب وعجم يعتقدون وهم محقون انه يستحق اكثر من القتل لمرات عديدة، وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين. وان الله يمهل ولا يهمل، سيبقى الخامس من نوفمبر 2006 يوما سيذكره التاريخ على انه يوم نحمد الله ان أمد بأعمارنا على ان نشهده. يوم ادانة صدام حسين بالاعدام وزبانيته واعوانه. في الذكرى الحادية والستين لمحاكمات نورمبرغ التاريخية عقب الحرب العالمية الثانية، منذ ان بدأت محاكمة صدام حسين واعوانه في اكتوبر 2005 الى صدور حكم الاعدام في الخامس من نوفمبر وتنفيذه صبيحة عيد الاضحى الثلاثين من ديسمبر 2006، حيث منح صدام حسين اكثر من 40 جلسة محاكمة اكثر بكثير مما منحه لخصومه واعدائه ولمن عانوا من بطشه وديكتاتوريته واحكامه العرفية التي عاشها الشعب العراقي وخبرناها وعشناها طوال اشهر الاحتلال الطويلة والمؤلمة في الكويت، وللحديث صلة.....