سمير عطا الله: مصر «الثورة» صدّرت للعالم العربي ثقافة التخوين والعمالة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مصر في حالة rsquo;rsquo; إرهاق شديد rsquo;rsquo;
ليس بين المرشحين لرئاسة مصر شخص جديّ .. خصوصاً أيمن نور!!
حوار: رانيا بدوي - rsquo;rsquo;المصري اليومrsquo;rsquo;
في اليوم الثاني مباشرة من لقائي الكاتب اللبناني سمير عطا الله فوجئت به يكتب في مقاله اليومي عن حواري معه في جريدة "الشرق الأوسط" قائلا: "وأطول حوار أجريته خلال الزيارة كان مع الزميلة رانيا بدوي من "المصري اليوم"، وسألتني إن كنت أعرف جمال مبارك شخصيا. وقلت لها "لا يا ستي ما حصليش الشرف". وسألتني إن كنت قابلت الرئيس مبارك. وقلت لها تقاليد الرئاسة تقضي بأن يقابل الرئيس رؤساء التحرير.
إذن، لماذا أؤيد مبارك في كتاباتي؟ وتكرر السؤال. وفي النهاية قلت لها: "إذا كنت تريدين مني الحصول علي نقد للرجل، فالأمر صعب. أنا لا أقول ان مصر بلد نموذجي ودولة مثالية وبها ازدهار مثير. كل ما أريد قوله إن عبد الناصر أخذ مصر إلي أقصي اليسار وأنور السادات أخذها إلي أقصي اليمين. وحسني مبارك أعادها إلي حيث يجب أن تكون".
لم أفاجأ بما كتبه سمير عطا الله فهو الكاتب الأكثر دبلوماسية مما توقعت والأقل وضوحا مما تخيلت ولكنه واحد من بين الأكثر صدقا ممن قابلت.. صدقا يغفر له غموضا لا يفتعله .. وحذرا لا يصطنعه.. ورغبة في كتمان أسرار من عاصرهم، وأحداثا كان شاهدا عليها، وربما أحد صناعها، فاحترمت حفاظه علي علاقته بكل الأطراف .. من يدقق في كلماته ربما يستشعر ما استشعرته من قلق سمير عطا الله.. قلق من أن أكون حاصرته لدرجة انفلت معها لسانه بكلمات لا يقصدها أو أن أكتب شيئا لم يكن يعنيه تماما وخانه التعبير..
فقرر المبادرة بشرح ما كان يقصد من حوار لم يكن هو المتحكم فيه - وهو المتحكم دائما في ألفاظه وتعبيراته - لذا قررت أن أبدأ حواري بما حاول الكاتب اللبناني سمير عطا الله تفسيره والدفاع عن ما لم يكن أبدا متهما به .
.. قلت في أحد مقالاتك إنه عندما ذهب البطريرك نصر الله صفير إلي وليد جنبلاط قال له إن الإخراج بالقوة أسوأ من سابقة التمديد بالإكراه.. فماذا كنت تقصد بالتمديد بالإكراه؟
- كنت أقصد مجموعة من النواب اللبنانين الذين وقعوا علي عريضة مطالبة بخروج الرئيس إميل لحود وقالوا إنهم أكرهوا علي التمديد له وبالتالي وبما أن هذه النخب أكرهت لذا فمن الطبيعي أن يكون هناك مكرهون آخرون.. وأنا في رأيي إنه فعلا لا أحد مدد لإميل لحود.
.. التمديد للحزب الوطني بانتخابات بها شبهة تزوير.. هل يقع تحت ما يسمي بالتمديد بالإكراه؟
- التمديد لمبارك ولحزبه كان نوعاً من الحلول لتحقيق الاستمرارية والاستقرار.
.. لصالح الناس أم لصالح الحاكم؟
- إلي حد كبير لصالح مصر لعدم الدخول في المجهول ثم إن المرشحين أمام مبارك ما كان بينهم شخص جدي.
.. حتي أيمن نور؟
.. خصوصا أيمن نور.
.. قلت في مقال آخر إن جمال مبارك هو أفضل المرشحين المعروفين لحكم مصر.. فهل تعرفه شخصياً؟
- لا ولم أقابله.
.. علي أي شيء حكمت؟
- علي تصرفاته.. علي كلامه فليس بسيطاً أن يكرس الإنسان نفسه للخدمة العامة، لو سألتيني هل تحب أن تكون وزيراً؟! أقول لك لا لأنها مسؤولية يتعرض حاملها للانتقاد من العامة وإن كنت أعلم أيضا أن المكافأة كبيرة لكنها تحتاج إلي شجاعة وكفاءة وأعتقد أن جمال مبارك كفء ولكن تظل مشكلته الكبري أنه نجل الرئيس مبارك .
.. هل تعرف كل الأكفاء المصريين لترشح جمال مبارك من بينهم؟
- لا ولذا قلت إنه الأفضل من بين المعروفين والمعلومين لنا.
.. إذن ومن المسؤول عن عدم ظهور ومعلومية بقية الأكفاء؟
- إنه خطأ النظام المصري .. ثم عاد واستطرد حديثه مضيفا: ولكن حتي النظام المفتوح مثل النظام اللبناني لا يفتح أيضا الباب أمام الكفاءات لتمتحن وتجرب وتظهر .
.. إذن أنت ترشح جمال لخلافة والده؟
- فأجابني بل اسأليني أولا هل تقبل مصر بالتوريث؟! حسب الظاهر الآن مصر مازالت مترددة.
.. وليست رافضة؟
- نعم ليست رافضة.
.. فعدت وسألته بشكل آخر لا يوجد بديل لمبارك من وجهة نظرك إلا جمال مبارك ؟
- فأجابني بلطف من يهرب من السؤال قائلا: "إذا كان هدفك من الأسئلة الحصول مني علي نقد للرئيس مبارك فأنا مع الرئيس مبارك وأؤيده والتاريخ يوما ما سيذكره بأنه قدم لمصرأكثر بكثير مما أخفق فيه وهناك فرق بين التمديد لإميل لحود ـ الذي كان تمديداً ضد الاستقرار ـ والتمديد لمبارك الذي يعني الاستقرار .. والدليل أنه عندما دعت مصر إلي انتخابات تحولت المسألة إلي سيرك من قبل المرشحين وأصبحت المسألة مضحكة وتقدم أشخاص مضحكون ومهرجون لترشيح انفسهم .
.. إذن، هل البديل هو التخلي عن الديمقراطية لأننا شعب لا نجيد التعامل معها؟
- لا هذا ولا ذاك، ولكن الشعوب العربية لا ينفع معها إلا الحريات المحدودة فمثلا التجارب الديمقراطية بالبحرين سارع فيها المقترع لترشيح القوي الدينية.. فأنت تعطي الحرية للناخب ليصوت لمن هو ضد الحرية.
.. ولكن الديمقراطية لا تعترف إلا بصندوق الاقتراع؟
- نعم ولكن هذا لو أن الإسلاميين يفوزون في الانتخابات لشعبيتهم إنما هم يفوزون نكاية في الطرف الآخر، نحن ننتخب الفرد خصوصا في مصر نكاية في بعضهم البعض ..المنتخبون من الإخوان كانوا نكاية في الحزب الوطني وبعض مرشحي الحزب الوطني كانوا نكاية في الإسلاميين وليس عن شعبية حقيقية نحن لا نعرف اختيار من هم أكفاء.
ثم عاد وأضاف: عبد الناصر أخذ مصر إلي اليسار المتطرف والسادات أخذ مصر إلي اليمين ومبارك جاء وأعاد التوازن ومنح الحريات للأحزاب والصحف.
.. ولكنها حريات مقيدة؟
- ما هي الحرية الكاملة من وجهة نظركم، أتريدون حرية إسقاط النظام؟ أنا أري أن هناك مشاركة في الحكم والناس بتتكلم براحتها في الصحف، ثم لو أنك تركت مظاهرات مثل مظاهرات "كفايه" الأخيرة في شوارع القاهرة بدعوي الحرية ستغلق القاهرة .
.. وهل هذا هو سبب منعها من قبل الأمن؟
- نظر إلي في حدة وكأنه ضاق بالحصار وأجاب: بالطبع لا لأن الحكومة لها حساباتها والحكومة في النهايه لها أعدائها الذين يجب أن تكون حذرة منهم.
.. هل معني ذلك أنك تعتقد في "الحرية المضبوطة" أو "حرية تحت السيطرة"؟
- لا علي الاطلاق أنا قناعاتي الداخليه ترغب في حرية ليست لها إلا حدود القانون ولكن هل أضمن في مصر أن يطبق القانون.. هل هذه الحركات المعارضة ستحترم القانون؟ بالطبع لا .. لذا إلي حين أن أجد مناخاً القانون فيه ينظم الحريات والديمقراطيات يجب أن يكون هناك حدود .. وأنا أقول هذا الكلام مكرها نظرا لما أراه من محاولات معلنة لضرب ينابيع الاقتصاد وتدميرالحياة في مصر من قبل المعارضة المتشددة فخطاب المعارضة الآن أصبح سيئاً للغاية والأسوأ منه خطاب الصحف المعارضة وهو الخطاب الذي دمرنا في لبنان من شتم وسب وتحريض والتحريض أسوأ من القتل بالرصاص والذبح بالسكين، وهذا للأسف منتشر في مصر، يوجد تحريض علي الأفراد وتحريض علي الناس بشائعات ضد الناجحين .
.. هل معني ذلك أنه ليس لدينا قانون؟
- مصر من أكثر البلاد التي تطبق القانون، وقضاؤها أعرق قضاء في العالم العربي.. يوجد قانون لكن يوجد خروج عليه من قبل بعض الجماعات .
.. إذن وبماذا تفسر أزمة القضاء الحالية؟
- الأزمه الحالية دليل حيوية القضاء .. والأزمات عموما شيء طبيعي لأن الدولة عموما بكل مؤسساتها تعاني من إرهاق شديد وهذا طبيعي في دولة عدد سكانها ٧٥ مليون نسمة مطلوب من الحكومة أن توفر لهم الصحة والرعاية والتعليم وجودة الحياة وهو أمر صعب .
.. بعض الآراء تقول إن من لا يستطيع أن يلبي احتياجات هذا الشعب فليرحل وليأت من هو قادر؟
- هذه مناكفة ومكايدة فالحاكم مطلوب منه البحث عن حلول ولكن المواطن أيضا مسؤول، فكما قال جبران خليل جبران "لا تقل ماذا أريد من وطني بل قل ماذا يريد وطني مني" المسؤولية ليست رجلاً واحداً والرئيس هو فقط مسؤول عن إدارة المسؤوليات ولكن المواطن أيضا مسؤول، فصعب أن يتزوج سائق تاكسي بسيط بثلاث نساء وينجب عشرة أطفال ويريد أن يكون مرتاحاً، طبعا لن يكون مرتاحاً.
.. من كنت تقصد بأعداء مصر والمضرين بمصالحها ؟
- الكل يعلم أن الإخوان المسلمين لديهم مشروع قديم ومعلن وهو تسلم الدولة وخلاف عبد الناصر معهم وصل إلي إعدام سيد قطب وخرج هذا المشروع من مصر إلي باقي العالم العربي فـ "بن لادن" تلميذ للظواهري الذي خرج من مصر .
.. ولكن الإخوان هنا يرفضون ربطهم بالعنف والإرهاب ويتبرأون منه؟
- أنا أحاول الفصل بين الإخوان ومن تفرع عنهم من متطرفين فيما بعد، فالظواهري كان من الإخوان في البداية وبن لادن هو تلميذ الظواهري الذي خرج من مصر .. وأنا أري مشكلة هذه الجماعات هي نظرتها للآخر فهي تلغي كل ما هو عداها كما أنها تعتبر الديمقراطية فكرة صهيونية رغم أنها فكرة أفلاطونية عمرها ٥ آلاف عام والصهيونية عمرها مائة عام وتأثر بها عدد كبير من العلماء وتأثرت بها كثير من الحضارات كما أن هذه التنظيمات تقول إن العروبة أيضا اختراع صهيوني .. يخوُنون طه حسين والظواهري بالنسبة إليهم رجل فكر.. فكيف علي أن أقبل ذلك ولتقرأوا تاريخهم الإلغائي.
.. انتقدت نظام التعليم في مصر.. فلماذا؟
- نظام التعليم في مصر منهار فقد شاهدت اليوم في محطة بنزين شباباً خريجي كلية التجارة .. من حيث المبدأ هذا شيء عظيم والإنسان يجب أن يعمل أي شيء بدلاً من أن يكون عاطلاً، وما زاد أسفي ما قاله صديق لي من أن لديه في منزله ٢ خدم "محاميتين" فالتعليم في مصر لا يؤهل الطلبة ليكونوا مطلوبين في سوق العمل، فهل يعقل أن الطبيب يتخرج في مصر ثم يذهب إلي الخليج ليجري شهادة معادلة قبل قبوله لدي هذه الدول التي كان متفوقا عليها، هذا لايصح لشعب مثل الشعب المصري، ألم يسأل أحد نفسه، لماذا أعظم طبيب قلب في العالم هو مجدي يعقوب لم يعد الأفضل في مصر؟ ولماذا لم ينطلق زويل وفاروق الباز من مصر؟ الإجابة لأنه لا يوجد إمكانيات ولأنهم تلقوا في الغرب فرص التعليم الحقيقية.
.. قلت إن نواب مجلس الشعب لايمثلون الشعب تمثيلاً حقيقياً ولكن كيف تري ممارساتهم تحت القبة؟
- مجلس الشعب المصري يقضي وقته في استنكار روبي ونانسي عجرم ويفترض أن لديه أشياء أكثر أهمية يبحث فيها .
.. الإعلام المصري الرسمي ؟
- منهار رغم التعديلات التي تجري عليه فهو متخلف وصدئ والإذاعة لم يعد لها وجود .
"الخريف الأخير في الزمالك" هو اسم الرواية الجديدة للكاتب سمير عطا الله الذي خصنا بتفاصيلها قبل ولادتها.. ورغم أن لديه ١٥ كتاباً يحملون توقيعه فإن هذه الرواية لها إحساس ومذاق مختلف فهو يحكي فيها عن العام الأخير قبل ثورة ١٩٥٢ وكيف بدأ الصراع الإنجليزي الأمريكي يزداد وخروج فرنسا نهائيا من مصر وكيف كانت حياة المصريين وكيف انهار حكم الملك وكيف كانت الحياة الاجتماعية وقتها؟!
تلك الرواية التي قرأ من أجلها عشرات من كتب التاريخ المصري التي تحكي عن هذه الحقبة، يتمني أن يضع فيها خلاصة ما قرأ عن مصر وعصارة قلبه وحبه وعشقه لهذا الوطن الذي قال عنه "مصر هي البلد التي أعشقها ..أجمل مطربة بالنسبة لي هي أم كلثوم وأجمل أغنية في عمري هي إنت عمري .. وأهم كتّاب قرأت لهم نجيب محفوظ وعبد الحليم عبد الله وأمين غراب والتاريخ المصري هو أعرق وأعمق تاريخ . ورغم كل ما قاله عن مصر التي نتمناها جميعا فإنه عاد سريعا بي إلي الواقع وصدمني بإجابته علي سؤال كنت أعرف إجابته مسبقا ولكن لم أود سماعها.
.. هل تغيرت مصركثيرا عن أول مرة زرتها فيها؟
- نعم فقد تغيرت عما كانت عليه منذ ٣٠ عاماً بل وتغيرت عن آخر مرة زرتها منذ أكثر من ٣ سنوات وأكثر شيء لفت انتباهي أن الناس تتكاثر والزحمة تزداد والضجيج يعلو والتلوث يغطي كل شيء فقد حاولت صباح اليوم مشاهدة النيل من شباك غرفتي بالفندق فلم أجد نيلاً بل وجدت غيماً. أنا عابر سبيل في مصر وضقت بالزحمة والتلوث لذا أتساءل "ازاي الناس عارفه تعيش في مصر".
.. إذن.. كيف تستمتع بها ؟
- أجاب بتلقائية بحبها بحب أهلها وناسها وتاريخها أحب الذي قدمته للعرب فلبنان نشأ علي أن يحب كل ما هو قادم من مصر.
وأنا فخور أن بلداً صغيراً مثل لبنان لعب دوراً مهماً في بلد عظيم مثل مصر فقد أسس اللبنانيون صحيفة "المقطم" و"المقتطف" و"الأهرام" وكان عدد كبير من الصحفيين الموجودين في مصرمن اللبنانيين ولولا احتضان مصر لهم لما كانوا، ففي الفن تألقت "روزاليوسف" و جورج أبيض الذي أسس المسرح ولو أن جورج زيدان ظل في لبنان لما كان سوي عامل مطبعة.. أقصد أن مصر أعطت من حجمها لهؤلاء واحتوتهم ، وطول الوقت كان يوجد علاقة عضوية بين العرب ومصر ومن ضمنها لبنان.
أذكر أن بعض اللبنانيين حضروا إلي مصر للعمل كخدم ثم أصبحوا باشوات كما حضر صحفيون وأطباء وعادوا إلي لبنان متمتعين بالتقدم والتمدن الذي أخذوه عن مصر فقد خرج منها بيت جميل وبيت قدي اللذين أصبحا سياسيين مهمين، وخرج منها جبران تويني الذي كان يعمل في مصر عاملاً بسيطاً قبل أن يعود إلي لبنان ويؤسس جريدة "النهار" ونفس الشيء بيت تكلا وبيت صروف وبيت ثابت.. مشكلتهم أنهم كانوا في العصر الملكي وعندما قامت الثوره انتهوا لأنها عاملتهم كما عاملت كل الإقطاعيين وبالطبع لم تكن تنتقيهم.
مصر هي ميزان العرب إذا اختلت اختل العرب .. مصر منبع للأفكار عندما قامت الثوره قامت التجارب الاشتراكية في الوطن العربي عندما ظهر الإخوان المسلمين ظهرت التيارات الدينية في باقي الدول العربية، عندما قام عصرالنهضة تعمم علي باقي الدول العربية.
.. هل هذا الدور مازال موجوداً؟
- أقل تاثيرا مع الأسف لأن مصر حدث بها أشياء كثيرة في ربع القرن الأخير فكامب ديفيد كانت الحدث المفترق وللأسف سارع الوطن العربي لإخراج مصر من العالم العربي تحت غطاء القومية لكن الحقيقة أن العراق كان يريد أخذ مكان مصر في الزعامة العربية وقامت جبهة الرفض وأخرجت جامعة الدول العربية من مصر الي تونس، منذ ذلك الحين بعدت مصر عن العالم العربي وحدثت فرقة دامت لفترة طويلة وعندما عادت مصر إلي العالم العربي كان قد تغير وقعت حرب الكويت ووقعت الحرب بين إيران والعراق، وأحداث أخري كبري، فلم يعد العالم العربي كما كان ولا مصر كما كانت.
.. لماذا لم تأت ولا مرة إلي مصر في عهد السادات؟
- لأنني كنت في أوروبا، ومشغولون بالحرب علي لبنان .
.. ولكن كتاباتك تحمل رفضاً لعهده؟
- عهد السادات كان مليئاً بالإضطراب الشديد والتحول والانتقال من عالم إلي عالم ومن مرحلة إلي مرحله، ثم إن السادات وضع الصحفيين بالسجون ثم نظر إلي عطاالله ولم يضف شيئا.
فسألته:
.. عبد الناصر أيضا فتح السجون والمعتقلات؟
- وهذا ما انتقدته فيه فأنا كنت معنياً بالحريات بالدرجة الأولي وإن كنت أعترف بأنني لم أنتقد الثورة إلا مؤخرا .. ولكن علينا إنصاف الرجل فالحريات ضاعت في عهده من أجل مهمة قومية جليلة ومن أجل إنصاف الفقراء .
.. وهل أنصفتهم الثورة؟
- لا أحد يستطيع أن ينصف البسطاء ولكن لنقل إنها أنصفتهم علي الأقل من حيث المبدأ .
.. السادات أم عبدالناصر؟ سؤال لم أحدد ماذا أقصد منه بالضبط ولم يمهلني - فأجاب سريعا؟
- طبعا عبد الناصر وليس هناك نسبة وتناسب.
.. هل كنت ضد كامب ديفيد؟
- نعم وأعتبرها سبب خلخلة الوطن العربي، السادات بدأ التراجع من الذروة ولم يترك مجالا للمقايضة مع إسرائيل، وقال إن مصر لم تعد قادرة علي الحروب شعبا ومالا ولكنه لو كان اختار أن يذهب إلي السلام ومعه العرب لكان سلاماً شاملاً.
.. بحسب بعض كتب التاريخ، العرب رفضوا؟
- السادات لم يمهلهم فهو عمل لمصلحة مصر ولكن هذا أدي إلي الإضرار بمصالح العرب.
- تجربة أمريكا اللاتينية وما فيها من تشابه في الخصائص مع منطقة الشرق الأوسط من فقر وظلم وأنظمة شمولية تحكمها استطاعت في لحظات تاريخية حاسمة الانقلاب وتحقيق الديمقراطية فهل ترانا قريبين أم بعيدين عن هذه التجربة؟
- أنا لا أؤمن بالجماهير في التغيير بل بالنموذج القائد مثل نهرو وغاندي وليكونيو في سنغافورة ومحمد بن راشد ومن قبله الشيخ زايد في الإمارات ذلك البلد الذي ليس فيه نفط وأصبح أجمل وأهم من منهاتن. أنا ضد التجارب الخطابية والزعيق ورغم انبهاري بسياسة شافيز في فنزويلا، فإن تجربة البرازيل تظل هي الأفضل من وجهة نظري فقد انتخبوا عامل قمامة ليحكمهم ليس لأنه عامل قمامة ولكن لأنه كفء، فنحن للأسف لا نختار الأكفاء.
الحزب الشيوعي في أوروبا لم ينهر بسبب تطلعاته الإنسانية، انظري إلي الاشتراكية في السويد والاشتراكية في ألبانيا، فالاشتراكية في السويد ـ حسب وجهة نظري ـ هي أعظم نظام علي وجه الأرض، أما الاشتراكية السوفيتية كانت قمعاً وظلماً، وهنا أقصد أنه ليست المسألة مسألة مسميات وإن كانت المسميات واحدة إلا أنها تتوقف علي التفسير والتأويل كما حدث في مصر عندما نزعت الحريات من مفهوم الاشتراكية فتحولت إلي قبضة أمنية.
.. وهل يمكن لنا أن نلحق بالإصلاح إذا ما اخترنا الكفاءات وطبقنا تجربتهم في مصر؟
هاتوا جمال مبارك.
قالها بحماسة فابتسمت لإصراره وارتشفنا القهوة.
( 2 - 2 )
"ولكننا نكون قد سجلنا في لبنان أننا نطرد دائما بالقوة والتجني والافتراء وقرع الطبول أولئك الذين لا ينتمون إلي الجشع السياسي والتواطؤ السياسي والصفقة السياسية" جملة توقفت عندها كثيرا وأنا أقرؤها في مقال يحمل عنوان "مجرد ضحية" للكاتب سمير عطا الله، قرأتها أكثر من عشر مرات لأمضغ معانيها قبل أن أذهب إليه وأسأله: هل أصبحنا نطرد كل ما هو وطني ومن هو وطني ومن ليس لديه صفقة يبيع من أجلها الوطن؟
فقال : قلت هذا الكلام للمقارنة بين ما يحصل للسنيورة الآن و ما يحدث مع أمين الحافظ الذي كان صديق عمري وكنت أعرف ماذا يعني أمين للفلسطينيين وماذا يعنون له، ومع ذلك هوجم علي أنه مهاجم للثورة الفلسطينية ، وكان هذا كذب وافتراء وأنا أعرف السنيورة أيضا منذ ربع قرن وأعرف أن كل اتهام ضده حتي وإن كان من حسن نصر الله فهو غير صحيح، وهي تهم سياسية وليست حقيقية.
.. لماذا يؤدي الصراع السياسي دائما إلي التخوين ومن ليس معنا فهو ضدنا؟
- أنا أحمل مصر الثورة هذا الأمر لأن الثورة اعتبرت أن كل من هو معارض لها خائن وعميل.
.. هل معني ذلك أننا صدرنا هذا المفهوم للعرب؟
- بل قولي ساهمتم فيه ولكن العقل العربي أيضا كان لديه استعداد لذلك ، وكان يمكن للثورة أن تحقق الإصلاح دون أن تلغي كل ما سبق.. هكذا فعلت الهند التي اعتبرتها تجربة عظيمة، فنهرو وغاندي رفضا الإنجليز واعتبرا أنهم أساءوا إلي الهند بل ودمروها ولكن اعترفا بأن الإنجليز لديهم تجارب مهمة في الحكم فأخذا عنهما تجربة الديمقراطية التي تم تطبيقها الآن علي بلد تعداده مليار نسمة رغم الفقر والازدحام ووجود مدن مازالت توأد فيها البنات، ولكن الهند التي كانت تجوع في الستينيات من القرن الماضي لم تعد تقبل المساعدات من الخارج لأنها اصبحت بلدا مصنعا ولديها زراعة.
.. ولماذا نقبل نحن المصريين المعونات رغم أننا لا نعيش حالة تجويع؟
- بلي أنتم أسوأ.. أنتم في احتياج حقيقي للمعونات ،فالهند تنتج، بينما مصر لا تنتج.. انظري إلي الصين التي خرجت من الاشتراكية المغلقة إلي الاشتراكية المنظمة المقننة حتي أصبحت تدعم اقتصاد أمريكا وتعمل علي أن تكون الدولة العظمي الوحيدة خلال الربع قرن القادم وستصير أمريكا وفرنسا وألمانيا مجرد توابع أقول هذا وأنا شديد الجهل بالعلم وأذكر الرئيس الفلسطيني أبوعمار عندما كان يتفاخر بأن لديه خريجين أكثر من إسرائيل فكنت أقول له أنت لديك خريجون بالتجارة والتاريخ والفلسفة وهم لديهم خريجون بالهندسة والهندسة الفضائية والنووية فبأي شيء تتفاخر؟!
علي التل في قريته الصغيرة بلبنان يهرب إلي منزله البسيط الذي بناه علي أرض ورثها عن والده ..هذا المنزل الذي يطل علي مدفن والديه تنساب دموعه دون أن يشعر يبكيهما يبكي أمه التي رحلت عنه وهو في سن العاشرة يبكي لبنان حبيبته وأمه وأخته ،يهرب من الناس إلي نفسه من الكتابة إلي الكتابة من حزنه إلي دموعه ليتذكر دائما أن كل شيء راحل، كل شيء إلي زوال، وأنه لا شيء مهم في الحياة.. فسألته:
.. مقال مهم في حياتك؟
- لم أكتبه بعد.
.. كتاب لم تكتبه بعد ؟
- حكايتي وحكاية أمي المرأة التي أحبها والتي ما أحببت والدي بسبب تركه وإهماله لها.
.. مذكرات؟
- لا رواية فأنا لا أفكر في كتابة مذكراتي.
.. هل هو خوف من كشف أسرار الآخرين؟
- لا أعتبر نفسي عملت أي شيء مهم ولم أكتب شيئا مهما ولكن أعتبر أن كل من عملت معهم مهمون وكل من قابلتهم مهمون وأنا متواضع في كل شيء إلا في الكتابة فأنا أعلم أنني كاتب جيد لا أدعي التواضع هنا لكن أقول إنني لم ألعب دورا سياسيا ولا صحفيا أنا كاتب يومي مجرد شاهد علي الأحداث ولست صانعا لها.
.. ما الجديد الذي ستقدمه في روايتك عنك وعن أمك؟
- الحزن ليس جديدا والفرح ليس جديدا والشيء الحلو لا يشترط أن يكون جديدا فالقديم أحيانا جميل.
.. أعجبني لمعان عينيه وخفقات قلبه الذي ينبض بين يديه فترتعش وهو يرتشف فنجان قهوته لتهتز معها مشاعري وأنا أسأله: لبنان إلي أين ؟
- سألني بطرس غالي نفس السؤال فأجبته: أنا حزين لأنني أري مشهدا لم أره من قبل وأشعر بالنفوس المتحاقدة كما لم أشعر بها من قبل، لبنان هو أجمل تجارب العالم من حيث الشكل فهو دولة صغيرة يضم ١٨ طائفة واستوعب اللاجئين الألمان الذين هربوا من المجازر التركية واستوعب اللاجئين الأكراد واستوعب السريان والآشوريين واستوعب اربعمائة وخمسين ألف فلسطيني في هذه البقعة الصغيرة.. استوعبنا وقبلنا حتي إن كل الأقليات لها مقاعد لدينا في مجلس النواب.
.. وهل ضج لبنان مؤخرا بالتعددية الفكرية والدينية والعرقية الموجودة به؟
- لا لم يضج ولم يسأم ولو أخذنا من لبنان التعددية ماذا سيكون لبنان ولكنه التدخل الخارجي الذي أوصلنا إلي هذا الحال.
.. اتهمت حكومة ميشيل عون بغير الدستورية وقلت إنه لا يعرف آداب السياسة التي تمنع تدخل طائفة في شؤون طائفة أخري؟
- أنا لست معجبا بميشيل عون ولا أطروحاته في الخطاب السياسي الإلغائي التكبري والذي يقدم نفسه علي أنه المطلق وخطابه الأخير استعلائي ولا ينتمي إلي القيم الجمهورية بل هو خطاب تحريضي، أما عن كون حكومته غير دستورية فهذا لأنها لم تضم مسلما واحدا.
.. قاطعته.. ولكن حكومة السنيورة أيضا لا يمثل فيها الشيعة؟
- نعم .. وهذا ما آخذه علي حكومة السنيورة وهي حكومة دستورية لكنها غير ميثاقية وأنا ضد أي حكومة لا تمثل فيها جميع الطوائف والأقليات.
.. بماذا تصف ملابس ميشيل عون البرتقالية التي ظهر بها في خطابه الأخير؟ وماذا كان يقصد بها من وجهة نظرك؟
-ملابسه كانت مضحكة وهو نفسه لا يعرف ماذا يقصد بها، فكل يوم يرتدي زياً وموقفاً مختلفا، ويبدو صراعه في الطريق إلي الترشيح للرئاسة أحيانا مضحكاً وأحيانا مبكياً وفي أغلب الأحيان مبكيا.
.. وبماذا تصف طبيعة خطب حسن نصر الله؟
- في أغلبها تحريضية وكنت أتمني ألا يكون هكذا وحزب الله عموما تحول من حزب قومي تحريري إلي حزب سياسي ضائع في زواريب السياسات اللبنانية وهي زواريب تؤدي في النهاية إلي العدم.
.. هل حزب الله أحرج الحكومة باتخاذه قرار الحرب ضد إسرائيل؟
- الحكومة ليست أقل وطنية من حزب الله ولكنها نظرت إلي الدمار الذي حل بلبنان وأنا نفسي ضد أن يكون لبنان ثمن ٢ عساكر إسرائيليين.
.. ما رأيك في حكومة ١٤ آذار؟
- حكومة جيدة ولكنها لم تمهل لتقدم شيئا فكل يوم ميشيل عون يهدد بالنزول للشارع.. كل يوم يلقي خطابا تهديديا.. وكل يوم المعارضة تخون الحكومة، تلك الحكومة التي تركها الوزراء الشيعة مرتين فعطلوا عملها فكيف لهذه الحكومة أن تعمل؟!
.. إذا علمت أن الكاتب سمير عطا الله مولود برج السرطان ربما يكون هذا تفسيرا لخفة الدم التي تظهر واضحة في كتاباته والجاذبية في شخصيته والإنسانيات التي تملأ قلبه هو أبو نصري وماريا هو المحب للقراءة والعاشق للمعرفة أكثر ما حرص علي اقتنائه أثناء هذه الزيارة هو مجموعة كتب عن أعالي النيل ومصر في الخمسينيات والستينيات وعدد من روايات محفوظ التي قرأها عشرات المرات وفي كل مرة يحرص علي شرائها من جديد وعن ثقافة المصريين قال:
- صدمت من حال المكتبات المصرية، لم أجد فيها كتبا جديدة أو كتبا لا أمتلكها والأغرب هي نوعية الكتب التي شاهدتها وقرأت عناوينها وصدمت عندما علمت أنها الأكثر مبيعا وهنا صدقت ما رواه الكاتب سعيد اللاوندي من أن أحد الطلاب سأل عن طه حسين فكانت إجابته هو كاتب سيناريو دعاء الكروان.
.. هكذا اختصر عطا الله حال الثقافة المصرية أو حال الشباب المصري لكني قلت: إن أول رواية قرأتها في الزيارة الماضية كانت عمارة يعقوبيان فما انطباعاتك عنها؟ وما رأيك فيما أثير حولها من ضجة؟
- أنا أول من قرأ عمارة يعقوبيان وأول من كتب عنها منذ حوالي ٤ سنوات اشتريتها بالمصادفة وبدلا من أنزل أشم الهواء في مصر جلست أقرأ الرواية فهي من حيث الصناعة تخطي مؤلفها علاء الأسواني الكاتب الكبير نجيب محفوظ وأتساءل لماذا ثار البعض لوجود شخص شاذ في الرواية وهي حقيقة موجودة في الواقع والحقيقة لا يجب أن تستنكر.
.. هل أبناؤك معجبون بكتاباتك؟
- أبنائي يعيشون في لندن ولا يقرأون "عربي".
.. ما سبب انتقادك لصديقك هيكل في سلسلة من المقالات؟
- انتقدته عندما قرر اعتزال الكتابة ولكن أعتقد أنني أعطيته حقه فهي كانت سلسلة مقالات بمثابة تقييم لهيكل.
.. ما أكثر المناطق التي انتقدته فيها؟
- المناطق التي اعتبرتها أنا تحاملا علي بعض الزعماء العرب مثل الملك فيصل بالسعودية كما أنه نسب كلاما للملك الحسن الثاني والملك حسين واعتبرته بعيداً عن التصديق.
.. وهل كنت تعرفهم؟
- كنت أعرف الملك فيصل وقابلته كثيرا بل وأجريت معه حوارا كان حديث الساحة السياسية لأهميته، وهو رجل في منتهي التواضع أما الملك الحسن والملك حسين لم أكن أعرفهما معرفة شخصية ولكن نقدي لهيكل ليس لأنني أعرف الأشخاص ولكن لبعد الروايات التي قالها عن التصديق.
.. قلت إن تواضع الملوك لا يعرفه الرؤساء؟
- الملك فيصل وأمير البحرين الشيخ عيسي بن سلمان -رحمهما الله -كانا الأكثر تواضعا بين الحكام العرب، كان يطلع الشيخ عيسي وأنا صحفي صغير يودعني حتي السيارة كان يقول لي "رحم الله امرءاً عرف حده ووقف عنده " نحن بلد صغير ليس لنا دور سياسي ولم نؤثر بالسياسة فكان تواضعه مذهلا تماما مثل الملك فيصل الذي كانت بداخله طيبة شديدة وكنت كلما طلبت مقابلته استضافني علي الفور.. هذا التواضع الذي لا تجده عند رؤساء الدول الذين تتطلب مقابلتهم بروتوكولات ومواعيد وغيرها.
.. لنعد لهيكل ودعني أسألك: هل تشاهد برنامجه "تجربة حياة" علي قناة "الجزيرة"؟
- لا أراه وأنا أفضل أن أقرأ لهيكل فهو كاتب كبير والعبارة الحلوة تضيع بالمحاضرات وهيكل ليس محاضرا ولا يستطيع أحد أن يستمع لشخص لمدة ساعة يتحدث في نفس الموضوع لذا اعتبرته أخطأ في حق نفسه.
.. كيف تبدل موقفك من إيميل لحود رغم أنه صديق أيضا؟
- أنا كنت مراهنا عليه لأنه كان جديا وغير طائفي لكن خاب أملي فيه في كل شيء، خاصة بعد أن قبل بالتمديد لأن ذلك خرق للقانون ومن وقتها انتهي بالنسبة لي.
.. علاقتك بالرئيس الحريري؟
- كنت معارضا له وبشدة في حياته وبعد وفاته سألت نفسي كيف لشخص أن يتحمل كل هذا النقد ؟! حقيقي الحريري خطف من بيننا.
.. الرئيس معمر القذافي؟
- أراه يصحح طريقة تعامله مع الدول العربية وشعبه وبدأ ينزل إلي الواقع.
.. صدام حسين؟
- لم أحاول مقابلته ولو كان أتيح لي ما كنت سأقبل.
.. محاكمته؟
- أنا ضد محاكمته لأن المحاكمة تافهة وسخيفة وأنا ضد إعدام صدام .. فكان يجب أن يعيش ليتعلم أن العفو عند المقدرة هو أسمي القيم فعندما سئل الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم عما هو أهم من العدل قال: "العفو".
.. الملك حسين؟
- لم أقابله إلا مرة واحدة صدفة في أحد مطاعم لندن، كان لي موقف سياسي منه لاعتماده الكلي علي الغرب لكنني كنت أحب أدبه.
.. وهل نفس الانتقاد موجه إلي ابنه الملك عبدالله؟
- لا أعرف الملك عبدالله ولكنني أعتقد أن سياسته هي سياسة البقاء.
.. هل استقرار الدول يتحدد بعلاقتها بأمريكا والغرب؟
- إلي حد ما فمثلا لا يمكن حل القضية الفلسطينية دون مساعدة أمريكا ولكن أنا ضد الطرح الذي قال به السادات إن ٩٩% من الأوراق بيد أمريكا.
.. الجامعة العربية؟
- كانت سيئة الحظ دائما في التعامل مع القضايا العربية ورغم قيمة كل من تولوها لكن يظل عمرو موسي هو الأكثر حيوية والثقل الشخصي لعمرو موسي الآن هو الذي يدير الجامعة وليس ثقل الجامعة فالجامعة غلبانة ولم يستطع أحد أن يحييها حتي عمرو موسي.
.. مقال تلقيت بعده تهديدا؟
- حدث ولكن لن أذكر ممن.
.. مقال تبعه عتاب؟
- الرئيس الهراوي وكنت فعلا قسيت عليه وكذلك أبوعمار لصداقتي الشديدة به.. كنت أخشي أن يشعر الناس بمبالغتي في محبته فكنت أنتقده حتي لا يقول أحد إنني لست موضوعيا معه.
.. هل كنت مع ممارساته السياسية؟
- لا أنا كنت أقدر دوره التاريخي وأنه جعل الفلسطينيين يدافعون عن حقوقهم من قلب فلسطين وليس من خارجها لكن كانت لي عليه ملاحظات كثيرة.
.. محبتك لأبو عمار هي سبب موقفك من حماس؟
- أنا ضد حماس لأن حماس ضد فتح حتي ولو كان هناك بعض الفاسدين في حركة فتح فلا يمكن أن ننكر عليها ما قدمته لفلسطين وأعتقد أن مشروع فتح هو الطرح الحقيقي لقيام دولة فلسطينية وأنا ضد ممارسات حماس بأن تخطف عسكرياً اسرائيليا فتخسر ٥٠٠ فلسطيني، وأنا عندي الفلسطيني الواحد أهم من مائة أسير.
.. ولكن حزب الله فعل نفس الشيء عندما خطف أسيرين وكان الثمن تدمير لبنان؟
- أنا أيضا ضد هذا وأن يكون دمار لبنان هو ثمن ٢ عساكر.
.. قلت في مقال "كيف تعيش ١٠٤ عام": إن السفاهة تربط بين قادة أمريكا وبعض اللبنانيين فماذا كنت تقصد؟
- قصدت وزيراً لن أذكر اسمه قال عن وليد جنبلاط لفظا لا أستطيع ذكره وقال وزيرا آخر عن بطريرك ماروني شيئا له علاقة بالنساء وهذا يعكس سفاهة بالخطاب ونحن نظن أن السفيه هو البذيء لكن السفيه هو ناقص العقل وإن كان هناك كثير من الحكام العرب يلتزمون الأدب والحكمة فهناك أيضا سفهاء لن أذكر اسماءهم، لا يختلفون كثيرا عن ناقصي العقل من قادة أمريكا.
.. صديقك بطرس غالي؟
- مصري عادل حتي النخاع ونزيه وإن ظلم من أمريكا ظلما شديدا وأنا خضت معه معركته كصحفي ضد مادلين أولبرايت تلك السيدة الفظة الوقحة وكنت أتمني أن يمدد له لأن مشروعه الذي كان يحضره للأمم المتحدة كان مشروعا عالمياً رائعا.
.. لماذا كتبت ضد المتنبي وهو الشاعر الرائع؟
- أنا أعشق المتنبي وتربيت علي شعره لكن أثارني ضده شخص تافه فسارعت بانتقاد من أحببت وعشقت وأعتقد أن هذا خطأ لن يغفر.
.. حضرت مؤتمر الاستثمار الأخير فكيف تري الاستثمار في مصر؟
- أولا أنا كنت شديد الإعجاب بمن هم حول جمال مبارك لحداثة سنهم وتعليمهم وثقافتهم واندهشت عندما علمت بكم الاستثمار الإيطالي في مصر وهو ما يعد مؤشرا جيدا ولكن علي مصر أن تعد نفسها لاستقبال عدد أكبر من المستثمرين، فالاستثمار في مصر يواجه العقبات البيروقراطية الشديدة ولا يوجد ميكانيزم للاستثمار، والانطباع الأول يبدأ من المطار فمطار القاهرة لا يليق بمصر ولا بالقاهرة ولا بالمصريين ونفس الكلام ينطبق علي السياحة ، مصر تملك تاريخا وآثارا ليست موجودة في العالم ودائما أقول إن مصر بها ٧٠ مليون مواطن ويجب أن يحضر إليها ٧٠ مليون سائح سنويا.
.. مؤكد أنك استمعت للدكتور نظيف في هذا المؤتمر فما انطباعاتك عنه؟
- شخصية الرئيس مبارك طاغية علي شخصية رؤساء الوزراء في مصر.