محاذير العام الجديد 2- 3
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عبد الرحمن الراشد
على الأرجح أن النزاعات المذهبية ستكون هي الدليل السياسي للمنطقة في عامنا الجديد، التي نراها تطل بشكل صريح في العراق ولبنان. وهنا نجد فئتين من السياسيين لا تمانعان في ركوب المد الطائفي، ظنا انه المخلص والملجأ، أو انه المركب الأسرع إيصالا إلى السلطة. فئة تقدم نفسها شيعية أولا، حتى تستفيد من رغبة إيران في اختراق المنطقة العربية، وصارت تجد في طهران كل تأييد في ظل وجود الحكم المتشدد الحالي. والفئة الثانية سنية مضادة تعتقد، هي الأخرى، أنه بالمجاهرة بالعداوة الطائفية ستتمكن من بناء سد شعبي كبير ضد المد الإيراني، الذي تقول انه تغلغل في فلسطين عبر حماس والجهاد، وفي مصر والأردن من خلال الإخوان.
لقد بدا الاستخدام واضحا في حرب لبنان، على السواء باتهام حزب الله، وكذلك حماس في غزة، أنهما نفذا معركة ضد الإسرائيليين لصالح إيران في معركتها حول الملف النووي. وانساق الجانب الآخر بالحديث عن أموال إيران الشريفة، تشهيرا بالمساعدات الخليجية، وكذلك فعلت حكومة حماس. وبات الانحدار عميقا في الخلاف حول إعدام صدام، الذي شنق فجر السبت، الذي أعلن السنة انه يوم عيد الأضحى ورأوا القتل فيه قرارا مقززا ومهينا ومستفزا وموجها ضدهم وليس ضد شخص صدام. أو هكذا قرئ بشكل سريع، حتى جاءت صور الفيديو التي سمعت هتافاتها مثل حفلة إعدام طائفية.
في هذا الوقت البالغ الحساسية، يسهل جدا تفسير كل ما يحدث وفق منظور طائفي حتى تكبر معه الأزمة.
ومن اهم القراءات تلك التي صرح بها العاهل الأردني في السنة المنصرمة، محذرا من ظهور هلال شيعي، وكان يعني بذلك نفوذا إيرانيا يمتد من إيران إلى العراق فسوريا ولبنان. ومع أن تصريح الملك عبد الله الثاني صدم كثيرين، إلا انه مع الوقت بات نبوءة صادقة. وصار حقيقيا إذا نظرنا إلى الخريطة المشار إليها، كلها أصبحت عمليا تحت النفوذ الإيراني بدخول سورية شريكا تابعا لطهران. والتمحور الطائفي سيقود حتما إلى مراجعات، مثل الوضع في سورية، خاصة بعد إطلاق شخصيات عراقية مهمة كلاما مقلقا عن معادلة ظالمة، في إشارة اتهام إلى السنة، وبسبب هذا النفخ الطائفي تكبر الأزمة إلى ما هو ابعد مما رأيناه في عام 2006. وقد يكون السؤال الأخطر هو ما الذي يمكن أن يقود إليه النفخ الطائفي؟ الإجابة بلا تردد حروب والمزيد من الحروب. كلام خطير حقا لكن لا مفر من استقراء الخطر الذي نسير باتجاهه جميعا كالعميان، الذي سيؤدي إلى المزيد من الفوضى والدمار والحروب. وترك دعاة الطائفية يمعنون في التوجيه والدفع نحو المواجهة، وسيرمون حينها باللوم على مؤامرة دولية كالعادة بدل تحمل المسؤولية وتجريم كل ما يقود إلى النزاع الطائفي.