جريدة الجرائد

ماذا دار في لقاء الملك عبد الله مع وفد «حزب الله»؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أردوغان يحذر من الخلاف المذهبي وانعكاسه على المنطقة كلها ... و"صلاتنا بتصرف لبنان"

"الرياض على مسافة واحدة من الجميع ... واللبنانيون أقدر من الخارج على تسوية مشاكلهم"



بعد طول انقطاع وفي تزامن لافت للانتباه، تواترت الاتصالات الرسمية والعلنية، بين كل من المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا في اتجاه قيادة "حزب الله"، إضافة الى الاطراف السياسية الاخرى، في السلطة وخارجها، في إطار التنبيه الى خطورة الوضع وضرورة حسمه بالتوافق وفي أسرع وقت ممكن.
ولعل زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، صبّت في الاتجاه نفسه، مؤكدا في لقاءاته، مع الرؤساء الثلاثة اميل لحود ونبيه بري وفؤاد السنيورة ومع رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ورئيس "اللقاء الديموقراطي" وليد جنبلاط، ان تركيا مستعدة للقيام بوساطة ما وإجراء اتصالات إقليمية ودولية تشمل العواصم الاساسية وخاصة واشنطن وطهران والرياض، من أجل مساعدة لبنان على تجاوز المحنة السياسية التي يمر بها.
وهذا "الدور التسهيلي" من قبل الجانب التركي، جاء معطوفاً على نصائح قدمها أردوغان لكل من التقاهم في بيروت، بوجوب الحذر من الخلافات المذهبية التي ستترك انعكاسات سلبية على مستوى المنطقة كلها لا بلد بعينه.
وبدت النصائح التركية مشابهة لنصائح سعودية ومصرية تلقتها قيادة "حزب الله" وخاصة من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي استقبل الاسبوع الفائت نائب الامين العام للحزب يرافقه الوزير محمد فنيش، فيما كان السفير المصري حسين ضرار يطلب موعداً عاجلاً في بيروت للقاء السيد حسن نصر الله للمرة الاولى بناء على طلب من القيادة المصرية.
غير أن اللافت للانتباه، أنه بالرغم من هذه "النصائح"، فإن رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط، واصل حملته التحريضية، فأضاف للاتهامات الاخيرة التي ساقها ضد "حزب الله" بالتورط في بعض عمليات الاغتيال، اتهامات حول ما أسماه "المشروع الايراني المجوسي" لتغيير الواقع الديموغرافي في بعض المناطق اللبنانية وصولا الى الاخلال بالتوازنات الطائفية في لبنان، مقارناً بينه وبين الاساليب الاسرائيلية في فلسطين المحتلة، داعياً الى "مقاومته"!
وقد ربط المتابعون بين "هجمة" جنبلاط المفاجئة، على "حزب الله" وايران، وبين "تبرع" بعض الجهات الدولية واللبنانية، في وضعه بأجواء الاتصالات التي قررت القيادتان السعودية والمصرية إجراءها، مباشرة، مع قيادة "حزب الله"، وكذلك استمرار سياسة القنوات المفتوحة بين الايرانيين من جهة والسعوديين من جهة ثانية، فيما يستعد وزير الخارجية الايرانية منوشهر متكي للقيام بزيارة الى لبنان "في وقت قريب".
وفي حين تركزت الاتصالات السعودية والمصرية والتركية مع "حزب الله" على محاولة استكشاف أبعاد الازمة الداخلية وإمكان "تحييدها" عن الواقع

الاقليمي، بما في ذلك الاخذ بالاعتبار "هواجس" بعض العواصم الاقليمية في موضوع المحكمة الدولية، فإن عناصر الازمة الداخلية ظلت قائمة، خاصة مع قرار رئيس الحكومة فؤاد السنيورة عقد جلسة لمجلس الوزراء، اليوم، ستكون مخصصة لبرنامج الاصلاح الاقتصادي الذي سيقدم الى مؤتمر "باريس 3" في 25 الجاري، وهي الخطوة التي اعتبرها رئيس الجمهورية اميل لحود غير دستورية وغير ميثاقية بفعل استقالة وزراء من طائفة كبرى ومعينة.


استقبال الملك عبد الله
لوفد "حزب الله"
وحسب مصادر دبلوماسية عربية في العاصمة السعودية، فإن ترتيبات قيام نائب الامين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم وعضو قيادة الحزب الوزير محمد فنيش، بزيارة المملكة العربية السعودية، قد بدأت منذ أسابيع عدة وتولاها عن الجانب السعودي رئيس الاستخبارات العامة نائب أمير منطقة مكة المكرمة الامير مقرن بن عبد العزيز بالتنسيق مع خادم الحرمين الشريفين.
وقالت المصادر لـ"السفير" إن السفير السعودي في بيروت توجه الى المملكة لأداء فريضة الحج على جاري عادته سنوياً، وهناك تبلغ باكتمال ترتيبات الزيارة ومن ثم بوصول الوفد، حيث استقبله الملك عبد الله على مدى ثلاث ساعات، بحضور وزير الخارجية سعود الفيصل والامير مقرن والسفير خوجة.
وأضافت المصادر أن اللقاء اتسم بالحرارة والصراحة والحرص المتبادل على الوحدة الاسلامية ومنع إذكاء الفتنة المذهبية وكذلك الحرص على استقرار لبنان ووحدته ومناعته في مواجهة الاخطار التي تحدق بالمنطقة كلها.
وأكدت المصادر أن الملك عبد الله قال كلاماً طيباً في المناسبة وخاصة باتجاه السيد حسن نصر الله، وتطرق الى مكانة لبنان واللبنانيين التاريخية في قلبه ووجدانه، مستذكراً بعض الذكريات الحميمة، ثم انتقل للحديث عن الوضع العام في المنطقة، بدءاً من ايران "والعلاقة الطيبة التي تربطنا بها"، مروراً بالعراق الجريح وهاجس الحفاظ على وحدته وصولاً الى فلسطين والصعوبات التي تواجه شعبها وخطر الاحتلال الاسرائيلي.
وخصّ العاهل السعودي لبنان بوقفة طويلة، مشدداً على ان المملكة لم تكن في تاريخها تتصرف على انها تتخذ موقفاً لمصلحة فئة أو طائفة في لبنان، بل كانت منذ اندلاع الفتنة في العام 1975 وطوال الازمات التي مرّ بها لبنان، تعمل على أساس انها لكل أبنائه، مسلمين ومسيحيين، وهي اليوم لا تتخذ موقفاً لمصلحة أية فئة، وهي حريصة أكثر من أي وقت مضى على وحدة لبنان واللبنانيين وخاصة المسلمين ولا تفرقة بين أحد بل نقف على مسافة واحدة من الجميع ونأمل من اللبنانيين أن يصنعوا الحلول لأزمتهم بأيديهم، لا أن ينتظروا حلولا تأتيهم من الخارج.
وقدم الملك عبد الله شرحاً للفرص المتاحة أمام لبنان للنهوض السياسي والاقتصادي والاستفادة من الفورة النفطية الحاصلة في دول الخليج، داعيا الى عدم تفويت الفرصة "وإلا فإن الاستثمارات ستذهب الى أماكن اخرى أكثر أمنا واستقرارا"، وقال مخاطبا الوفد "اذا لم يكن اللبناني حريصاً على بلده، عبثاً تنتظرون الترياق من الخارج، وأي بلد يقبل بأن تلعب به الدول، سيكون عرضة للتفتت والانقسام"، وأشاد بدور "حزب الله" وحرصه على السلم الاهلي في لبنان.
وأوضحت المصادر ان وفد "حزب الله" قدم شرحاً للمسار الذي دخله لبنان منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحتى الازمة السياسية الحالية مرورا بـ"الحلف الرباعي" والانتخابات و"حرب تموز" وموقفه الذي لم يكن في يوم من الايام إلا دوراً مسهلاً للمبادرات الهادفة الى حماية السلم الاهلي.
وشدد وفد "الحزب" على نظرته الى مسألة الوحدة الاسلامية بوصفها مسألة عقيدية مؤكداً ان الفتنة السنية الشيعية خط أحمر وان الحزب لطالما حاول لعب دور حتى خارج لبنان في إطـــار الدفع لتحصين الوحدة الاسلامية، مشددا على الانفتاح على المملكة وقـــيادتها وضرورة ان يستمر الحوار بين الجانبين في الوجهة نفسها.
وتطرق الجانبان الى موضوع المحكمة الدولية، وطلب الجانب السعودي من وفد الحزب الذي أعلن أكثر من مرة موافقته على مبدأ المحكمة وحرصه على مناقشة تفاصيلها، ان يصار الى مناقشتها بهذه الروحية المنفتحة بين الجميع واذا اقتضى الامر إدخال بعض التعديلات، في إطار التوافق اللبناني العام عليها.
وقالت المصادر نفسها ان الامير مقرن تدخل أكثر من مرة خلال اللقاء، موضحا وشارحا ومحددا نقاط الالتقاء، مشددا على استمرارية العلاقة والتواصل بين الجانبين.
وأشارت الى ان الملك عبد الله خصّ السفير خوجة أكثر من مرة بالتفاتة إشادة بدوره ومناقبيته وعمله من أجل مصلحة لبنان ووفاق اللبنانيين ووقوفه على مسافة واحدة من الجميع. وقالت ان الملك عبد الله طلب من خوجة العودة سريعا الى لبنان من أجل المشاركة في الاتصالات الهادفة الى إيجاد مخرج للازمة.
وأكدت المصادر الدبلوماسية العربية نفسها لـ"السفير" ان المشاورات التي تجريها قيادة المملكة ستشمل في المرحلة المقبلة قيادات لبنانية اخرى، بينها النائب وليد جنبلاط الذي تردد انه قد يتوجه الى الرياض هذا الاسبوع، بالاضافة الى احتمال إعادة تحريك الدعوة التي كانت وجهت الى النائب ميشال عون لزيارة المملكة وتم تأجيلها بعد الازمة السياسية الاخيرة.
ونفت المصادر علمها بأن يكون قد عقد أي لقاء بين وفد "حزب الله" والنائب سعد الحريري الذي عاد، امس، الى بيروت.
وفي بيروت، اكتفى السفير السعودي عبد العزيز خوجة بالقول لـ"السفير" ان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله استقبل وفد "حزب الله" وان أجواء اللقاء "كانت ودية وطيبة ومثمرة ومشجعة"، رافضا الخوض في التفاصيل.
ورفض أكثر من مصدر قيادي في "حزب الله" التعليق على خبر اللقاء. وقال قيادي بارز لـ"السفير" "ان الاجتماع نفسه كان مهماً وايجابياً، فضلا عن توقيته وسنتحدث عن تفاصيله في وقت لاحق".


أردوغان: إمكان وساطة تركية
من جانبه، أوضح رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان أن بلاده تبدي أهمية كبيرة للوحدة السياسية في لبنان والسلم الداخلي، مشيراً، في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره اللبناني في السرايا الكبيرة، إلى أنه أبلغ الرئيس السنيورة أن الخلافات المذهبية في لبنان ستنعكس على المنطقة ككل، مشدداً على ضرورة تحرك جميع الأطراف لحل المشكلة.
وقال اردوغان، ردا على سؤال "نحن في الحقيقة لا نقوم بوساطة انطلاقا من أنفسنا، ولكن إن كان الجميع يرغب بذلك يمكن أن نقوم بهذه الوساطة، وإنما انطلاقا من مسؤولياتنا كدولة شقيقة وصديقة في هذه المنطقة نقوم بهذه الزيارات".
وحسب مصادر وزارية لبنانية، فإن أردوغان أكد على دعم حكومة السنيورة في موضوع المحكمة الدولية التي صارت مساراً دولياً لا عودة عنه، على الرغم من الملاحظات التي تضعها بعض العواصم، وخاصة دمشق، وهي ملاحظات يمكن تفهمها، وهنا تكمن مسؤولية الحكومة اللبنانية في المساعدة على بلورة هذه التحفظات من أجل الوصول الى هدف المحكمة.
وأضافت المصادر ان أردوغان عبر عن دعمه لانعقاد مؤتمر "باريس 3" وللقرار 1701 واستعادة مزارع شبعا، وأكد انه بالامكان العودة الى التوازن السياسي الذي كان قائما في لبنان قبل "حرب تموز"، ناصحا بضرورة تشجيع أي حوار سعودي ايراني وسعودي سوري في مرحلة لاحقة.
وشدد الرئيس بري أمام أردوغان على دور تركيا التوفيقي في كسر جمود بعض العلاقات العربية العربية، وخاصة بين السعودية وسوريا، وهما البلدان اللذان تربطهما علاقات جيدة ومميزة بتركيا.
وأكدت مصادر سياسية لبنانية ان أجواء لقاءات أردوغان وخاصة مع وفد "حزب الله" برئاسة النائب محمد رعــــد "كانت إيجابية جدا ومشجعة، وبرزت خلالهـــا هواجس مشتركة، خاصة في موضوع الحذر من الفتنة السنية الشيعية".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف